مقالات

د .أيمن لـطــيف  يكتب : (الشيطان) يفتك بالسودان ..

بالقلـم الأسـمر

د .أيمن لـطــيف  يكتب : (الشيطان) يفتك بالسودان ..

*الآيـس:*
سهل التحضير سريع التدمير
____________________

في خواتيم العام الماضي وتحديداً في مطلع “ديسمبر” كتبت مقالاً تحت عنوان:
(رسالة الى من يهمه الأمر)..
طواعين العصر (المخدرات والإيدز)..

تم نشر ذلك المقال بعدد من المواقع والصحف السيارة ، تحدثت فيه عن “أرقام وآلام” وحذرنا وقتها من مآلات الحال….

~ولكن .. لأن “جُل” أرباب الأُسر مشغولون بـ “لُقمة العيش” ؛ ولأن (المسؤولين) في بلادي مشغولون مع “التسوية” و تأطير إتفاقاتها ..

فقد ضربتُ كفاً بكف ولسان حالي يقول:
لقد أسمعت إذ ناديت حياً
ولكن لاحياة لمن تُنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفُـخُ في رمادِ….
واليوم نعود لطرق ذات الموضوع ولكن بصورة أكثر “تحديداً” وتدقيقاً-

وحتى لانتباكى على مافات ولندرك ماهو آت، وحتى نضع الأمور في نصابها الصحيح- فإننا نعود لتأكيد حقيقة أن المسؤولية في أي إختلال مجتمعي هي مسؤولية (جماعية) بالمقام الأول؛ فلا أحد يمكنه أن ينال صك

البراءة مما يحدث من إختلالات أخلاقية ونفسية في المجتمع السوداني خلال عقد ونيف من الزمان “إن جاز التحديد”-و في آخر ثلاث الى خمس سنوات- إن شئنا أن نكون أكثر دقة؛

والمسؤولية المجتمعية فيما يتعلق بالشباب -تحديداً- “في سن المراهقة وأعتاب الثلاثين” دائماً تكون هرمية التوزيع من أسفل الى أعلى حيث تبدأ بالأسرة الصغيرة ثم المؤسسة التعليمية “مدرسة أو جامعة” ثم الحكومة بكل مؤسساتها من وزارات “ذات صلة”؛ و أجهزة أمنية وغيرها،

ومابين هذا وذاك يتشكَّل “الشارع العام” الذي يتراوح دوره مابين النصح والمناصحة والرقابة والتقويم – وللأسف فإن من نافلة القول أننا فقدنا كل هذه “الميزات” التي كان يختص بها “الشارع السوداني” الذي نراه الآن في أوهن حالاته ولسان حال “أي زول” يقول: نفسي نفسي؛؛

وتبعاً لكل تلك العوامل- فقد بات مجتمعنا “السوداني” مهدداً بكثير من المخاطر التي تتنامى يوماً بعد يوم،
~ولعل أكبر “خطر” داهم مجتمعنا في الآونة الآخيرة- هو مُخدِّر (الآيس) أو مايعرف “بالشيطان” أو كريستال ميث، وهو مخدِّر فتَّاك يتميز عن غيره من أنواع المخدرات بأنه

سهل التركيب والتحضير “حيث يمكن أن تصبح غرفة النوم معملاً لتحضير الآيس” متى ماتوافرت المواد والمحاليل الكيميائية المطلوبة؛؛

وتجدر الإشارة الى أن سعر الجرام الواحد من هذا المخدر يتراوح مابين (20 الى 30 ألف جنيه)- “مايعادل 50 دولار أمريكي”- ولنا أن نعلم بأن الجرام الواحد يكفي لثلاث جُرعات يتم إستهلاكها في أقل من إسبوع؛؛

كذلك فإن أكبر عوامل الخطورة في هذا المخدر القاتل تتمثل في أنه لايمر بمراحل التأثير الزمنية المعروفة من تعاطي ثم تعوُّد ثم إدمان (Addiction) بل إنه قابل للإدمان من الجرعة الأولى، و يبلغ متعاطي “الآيس” ذروة الإدمان التي لافكاك منها ببلوغه تسع جرعات فقط-

لذا فمخدر (الشيطان) يمكن تصنيفه بأنه أخطر من “الكوكايين” لأنه يفوقه في سرعة الإدمان بثلاثة أضعاف،،
~ومما يزيد خطورة إدمان (الآيس) أن متعاطيه يصبح “كالمجنون” تماماً حين يحتاج لجرعة ولايحصل عليها-

حيث يمكنه فعل أي شيء “كذب ، سرقة ، إعتداء أو حتى قتل” في سبيل حصوله على الجرعة أو المال اللازم لتوفيرها،

وبالجانب الآخر فإن “جرعة زائدة” من الآيس يمكن أن تقود متعاطيها الى الدخول في إغماء أو كومة يمكن أن تمتد الى عدة أيام، وربما تنتهي تلك “الكومة” بالوفاة …
وبالنظر الى سرعة إنتشار تعاطي وترويج هذا “الشيطان”

فالأمر يعود الى سهولة تحضيره والحصول عليه في ظل “التفكُّك المجتمعي” والسيولة الأمنية التي يشهدها السودان حالياً- وقد ساعد ذلك في إنتشاره بصورة سريعة وسط فئة الشباب حيث ينتشر تعاطيه بين الفئة

العمرية (13 الى 23 سنة) لذا فإننا نلحظ بأن ترويج هذا المخدر إنتشر على مستوى “المدارس” التي يبدو بأن الكثير منها -مابين إهمال الأُسر و “إضراب المعلمين” وغياب الدولة بوزارتها و وزراءها وموجهيها قد تحولت الى “معامل وأوكار لشياطين الآيس” ،،

ومن المُلفِت والأكثر خطورة في هذا (الشيطان) أن مدمنه يُعاني من نوبات من الأعراض الحادة Severe Symptoms
مثل ضعف الشهية للأكل وربما فقدانها..

anorexia
مما يولِّد آلام حادة وضعف في الجسد وإنهاك عام General exhaustion
بجانب آلام في العضلات والفكِّين
muscle & Jaw pain

مصحوباً ذلك بموجات من تقلُّب المزاج والدخول في حالة من القلق والتوتر
anxiety
وتمضي الأعراض ليعاني المدمن من الأرق الشديد insomnia

حتى يصل الأمر لمرحلة الإنهاك النفسي، وأنعدام الإرادة واليأس من الحياة،
فينتهي الأمر بمدمن “الآيس” الى التفكير في إيذاء النفس ومحاولة الإنتحار ..

وإذا ما أستصحبنا كل هذه الأعراض المدمِّرة مع حقيقة تدني معدلات الشفاء من إدمان “الآيس” التي تصل الى حالة واحدة من بين كل 10 حالات- فإننا لابد أن نطلق صافرات الإنذار لإدراك من وقع في فخ (الشيطان)

وحماية و وقاية من تبقى من شبابنا- لعلنا ننقذ مايمكن إنقاذه؛؛
~ولا يقتصر النداء هنا على جهة دون الأخرى- بل يجب على الدولة ممثلة في رئيس مجلس السيادة ونائبه (بجيشهما وقوات دعمهما)؛ وأجهزة الشرطة والأمن-

بجانب الحركات المسلحة “بكل منسوبيها ومجنديها وقادتها”؛ و قوى الحرية والتغيير “بأجنحتها المتشاكسة”؛ والأحزاب السياسية “بأجندتها المتنافرة” ، وكل قطاعات المجتمع المدني ومنظماته الطوعية وكل “أرباب الأُسر” آباء وأمهات- وكل خطباء وأئمة المساجد؛ وكل الإتحادات والأندية الرياضية..

يجب على كل هذه المكونات على المستويين الرسمي و “الأهلي”- من رأس الهرم الى أسفل القاعدة أن تتضافر وتتكاتف، وتوحِّد هدفها وتكثِّف مجهوداتها “ليس لمناقشة إتفاق إطاري” أو البحث عن توزيع كيكة السلطة

“المحتكرة” والثروة “المُهدرة”- بل لإدراك ثروة الوطن الحقيقية وإنقاذ مايمكن إنقاذه من “مستقبل السودان” المتمثل في الشباب الذي يُمثِّل زهاء ثلثي التركيبة السكانية للسودان .

ويجب أن نُدرك أن أمر مكافحة هذا “السرطان المدمِّر” المسمى بـ”الآيس” إذا ماتُرِك لجهة دون الأخرى ، وإذا مضى “المسؤلون” في البلاد على ذات الطريق كأنهم يعيشون بأرض غير الأرض، ويتحدثون بلسان شعب غير الشعب السوداني؛ فإن فترة عامين قادمين -كأقصى

تقدير- من إستفحال مخدِّر (الشيطان) كافية تماماً للقضاء على وطن إسمه (السودان) وعندها لن ينفعنا “إتفاق إطاري” ولن تنقذنا “تسوية سياسية” لأن شباب السودان سيكون قد إستوى في بطون “اللحود”

ومستقبلنا قد هوى تحت القبور وأصبح سوداننا أرضاً بور…
الا هل بلغت اللَّهُم فأشهد..
نهـاية المـداد :
السودان لازال “دولة شابة” إما أن ننقذها- أو ينتهي العزاء بإدمان “الشيطان” .

اللَّهُم أرحم من كان آخر كلامها من الدنيا:
(لا إله الا الله)..
~ونلتقي إن كان بالقلم بقية ..

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى