مقالات

د. أيمن لطيف يكتب : طواعين العصر !!..

د. أيمن لطيف يكتب : طواعين العصر !!..

نفَّــــــــاج:
#قبل أيام قلائل كشفت إدارة مكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسياً بوزارة الصحة ولاية الخرطوم عن زيادة عدد الحالات المصابة بالإيدز وسط الشباب والمراهقين عالمياً، وذلك للعوامل المساعدة لإنتشاره منها المخدرات والحدود المفتوحة بين الدول فضلاً عن الحركة السكانية المتزايدة بجانب قلة التوعية والتثقيف بالمرض

كما أكد وزير الصحة (في اليوم العالمي لمكافحة الإيدز)- الموافق الأول من ديسمبر- أن “الإيدز” لايزال من أخطر المهدِّدات الصحية مؤكداً بأنه تم تسجيل أكثر من (41) ألف حالة إصابةبالمرض
لم أجد أفضل من هذا المدخل الذي تصدَّر هذا المقال -والذي يمكن أن نصفه بالتقرير “الضافي” – الذي قدمه السيد

محمدعوض ممثل إدارة مكافحة الإيدز والتثقيف والإتصال بولاية الخرطوم لدى مخاطبته ورشة تدريب الإعلاميين في مجال الإعلام والتثقيف والإتصال- حول مكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسياً-
لم أجد أفضل منه- لأبدأ به هذا المقال الذي يتعلَّق بأخطر الأمراض التي يجلبها الإنسان “لنفسه” إما بسلوكه الخاطيء أو بـ”جهله” بمفهوميه المتعدِّد و “المتعدِّي”..

ولعل هذه رسالة نبعث بها لكل من يهمهم الأمر- وعلى رأس المعنيين (أولياء الأمور)- بجانب المسؤولين بالدولة “البعيدة أصلاً” عن هموم المواطن-
ونخص بالرسالة (أرباب الأُسر) من الآباء والأمهات – لأن التقارير الصحية تؤكِّد بأن أعلى معدلات الإصابة بالإيدز يتم تسجيلها وسط المراهقين والشباب دون سن الخامسة والعشرين؛؛

~ولعلنا نكتب مستصحبين حقيقة أننا في عصر “التكنلوجيا وتفكُّك النسيج الأُسري” – حيث بلغ التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة أضعف حالاته- بتحوَّله الى “تواصل وهمي” وأنتقاله من الواقع والمعايشة اليومية- الى (عالم إفتراضي) – فأصبح السلوك الأُسري العام “للآباء والأمهات” أبعد مايكون عن متابعة ومراقبة سلوك الأبناء ونُصحهم وإرشادهم- حيث تم ترك الحبل على الغارب- لكثير من الشباب والفتيات في أخطر مراحل العمر “وتحديداً فترة المتوسطة و الثانوية والجامعة”-

ونأخذ هذه المراحل لإرتباطها بتعاطي “المخدرات”- لنوضِّح أولاً ماهو الرابط الأساسي بين المخدرات وزيادة معدلات الإصابة بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة (AIDS)-
Acquired Immunodeficiency Syndrome
حيث نجد بأن الإصابة بهذا المرض تزداد وسط فئة “مستخدمي المخدرات” بصورة أكبر نسبة لفقدانهم الوعي والإدراك اللازمين بجانب إبتعادهم عن الإلتزام الديني والأخلاقي – مما يجعلهم أقرب من غيرهم للوقوع فريسة لشهواتهم ورغباتهم- وفي الغالب يتم ذلك دون وعي أو تمييز أو إنتباه لمخاطر ومآلات ذلك الفعل- فتكون النهاية هي الإصابة بمتلازمة (نقص المناعة المكتسبة)..

هذا من جانب ..
أما الجانب الآخر والذي يُعد السبب الأكبر في إنتشار الإيدز وسط فئة الشباب “متعاطي المخدرات” فهو يتمثل في إستخدام “الحُقن المخدرة” وتبادُلها بين المستخدمين مما يُعد سبباً رئيساً ومباشراً لنقل الڤيروي عبر “الدم” في حال وجود شخص

مصاب في حلقة “المتعاطين” ؛، وهنا يكمن الخطر الأكبر لأن الشاب “مدمن المخدرات” هو في الأساس مُعرَّض للضعف والوهن الجسدي العام و ضعف المقاومة ونقصان المناعة
Immunodeficiency
فما بالك عندما يُضيف لذلك “مرض” يعتمد بالأساس على إستهداف المناعة وإضعافها حتى يتمكن من صرع من يُصيبه وإيراده موارد الهلاك؛؛

وهنا لابد كذلك من الإشارة الى أن الفهم السائد بأن مرض فقدان المناعة المكتسبة “وصمة عار” – هو أكبر أسباب إستفحال المرض و وصوله الى مراحل لايمكن تداركها- حيث يجب تغيير هذا المفهوم الخاطيء- بحيث يتم التعامل الجدِّي معه كمرض يستحق المصاب به الإهتمام وعدم “نبذه أو عزله”- كما يحتاج الوصول لمراكز الإختصاص ونيل الرعاية الصحية اللازمة – لأنه

-أي الإيدز- لايرتبط إنتقاله “بالممارسة الجنسية غير الشرعية فقط”- كما ساد بين عامة الناس- فهناك طُرُق كثيرة يمكن أن تكون عوامل إصابة مباشرة- يكون المصاب فيها “ضحية” وليس “جاني”- على رأسها نقل دم مُلوَّث بڤيروس الـ HIV –
human immunodeficiency virus
عبر الحقن أو النقل المباشر-
Injection or

Contaminated blood transfusion
كما أن هناك فئة أخرى تُصاب بالمرض “دون ذنب”- حيث نجد بأن 90% من حالات العدوى بين الأطفال والرُضَّع تكون بسبب الإنتقال الرأسي من الأُم “المصابة” الى الجنين ..
~ولابُد من التنويه الى أن هناك كثير من الوفيات بسبب “الإيدز” تحدث بين “المتعايشين” معه دون الوصول الى مراكز الرعاية لتلقي مايمكن من علاجات يمكن أن تقلل حدة الخطورة وتقلِّل نسبة الڤيروس في الدم- وتحافظ على مستوى معقول من المناعة في مواجهة هذا الڤيروس؛

مع التأكيد على أهمية “الفحص” لكل من تظهر عليه بعض المؤشرات والعلامات المرضية التي يُمكن أن يعتقد بأن لها علاقة “بالمتلازمة” -قبل أن يستفحل “الڤيروس” في الجسم ويصل الى مراحل يصعب التعامل معها- لأن نسبة 50% من المصابين تظهر عليهم العلامات “شديدة الحِدَّة” مابين (5-10 سنوات) من الإصابة وهذا عامل خطورة آخر يجب الإنتباه له بإنتهاج الفحص الروتيني ؛ أو المسح الڤيروسي

Viral Screening
خاصةً في حالة وجود “بادرة شك” لدى الشخص المعني، بعيداً عن نظرة “وصمة العار” التي تقود صاحبها في نهاية الأمر الى مصير واحد وهو إستفحال المرض وتمكنه من الجسم وتدمير جهاز المناعة بالكامل مايؤدي الى “الوفاة”؛؛
Lead to death
▪️وقُبيل أن أختم هذا المقال لابُد من الإشارة الى أن (السودان)- ومع الإنتشار الملحوظ لظاهرة تعاطي المخدرات وسط فئة الشباب “دون الخامسة والعشرين”- والذي يُعتبر السبب الرئيس في تفشي وزيادة الإصابات بالإيدز – الا أننا لم نصل “بعد” لمرحلة الوضع الوبائي –
Epidemic
*حيث تُشير الإحصاءات العالمية الى أكثر من {17 ألف} حالة إصابة يومياً على مستوى العالم بواقع {11إصابة} في الدقيقة-

وهذه أرقام مهولة ومُخيفة يجب أن ننتبه لها وندُق نواقيس الخطر، و “نكتب” ونعمل حتى لا نصل الى قائمة “الدول الموبوءة”..
*لأن الحذر إن لم يحضُر ولم ينتبه أولو الأمر على المستوى العام (الدولة) والمستوى الخاص (الأسرة) فإن السودان مُهدَّد بمصير من سبقوه في هذا الإتجاه لعدة عوامل أبرزها الوضع الجغرافي للبلاد ومجاورته لدول حزام الإيدز التي بها معدلات إنتشار عالية و “متنامية”، بجانب إرتفاع نسبة متعاطي المخدرات ممايُسهِّل ويزيد فُرص إنتقال وأنتشار المرض وسط فئة الشباب تحديداً؛

وهناك عامل آخر -لاينتبه له أحد حتى من أعلى رأس الدولة- وهو تزايد عدد المهاجرين -عبر السودان- واللاجئين إليه “من غير المسجلين” في مفوضية اللاجئين -وبالتالي غير المتوفر عنهم معلومات وبيانات صحية- مايعني إمكانية حملهم ونشرهم لڤيروس المرض- خاصة وأن السواد الأعظم من “اللاجئين” الى السودان ينحدرون من دول “حزام الإيدز”؛؛

▪️ونختم بالقول أن (الإيدز) و (المُخدِّرات) هي الطواعين التي تُهدِّد بيوتنا و هي (زخَّات) الموت البطيء التي تنخر في عظام الأُسر دون أن نُلقي لها بالا-
فهل نعمل لنحمي أنفسنا ونقاوِم ونسلم من شرٍّ مُحدِق- أم ننتظر حتى يُفاجئنا (الخريف)؟!!!

نهــاية المـــداد :
~ «ويسألونك عن الرُّوح قُل الرُّوحُ من أمرِ ربِّي وما أوتيتُم من العلمِ الا قليلا» ..
#اللّٰهُم أرحم روحاً أغلىٰ من روحي#
Dr.Ayman.A.latif
ديسمبر 2022

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى