الأخبارتقارير

ديزني لاند.. مدينة من البلاستيك أم عمل فني عظيم؟

ديزني لاند.. مدينة من البلاستيك أم عمل فني عظيم؟

تكمن أهمية وفرادة ديزني لاند بكاليفورنيا في أنها قدمت تغييرا جذريا وخروجا عن المألوف في مدن الملاهي، وتطورت أهميتها لتصل إلى مكانة العواصم الثقافية والشعبية.

وسام السيد

تحظى “ديزني لاند” (Disneyland) -الموجودة في كاليفورنيا وفروعها المنتشرة حول العالم- بتقدير كبير ومتزايد بسبب تصميمها، ويتساءل باحثون: هل ديزني لاند أحد أهم الأعمال الفنية الأميركية؟ أو هي رمز للاستهلاكية المطلقة؟ أو كلاهما؟

تقول الحكمة “في الفن نفقد أنفسنا، ونجد أنفسنا”، إذ من الصعب التفكير في مكان يجسد هذا المعنى أفضل من “ديزني لاند”، التي تحولت إلى شعار الثقافة الأميركية التي يفقد الزوار فيها أنفسهم منذ 6 عقود وحتى الآن.

وتسمح “ديزني لاند” للزوار بالانغماس في أرض خيالية، كما أنها نافذة كاشفة لرؤية أميركا نفسها والعالم، ويشبه التجول فيها دخول قصص أميركية صميمة.

هل ديزني لاند عمل فني؟

هناك رغبة متزايدة في الآونة الأخيرة في رؤيتها عملا فنيا أميركيا متفردا، ولكن من المهم إدراك الأهمية الثقافية الكبرى لديزني لاند، وملاحظة عدد الزوار الذي يصل إلى نحو 17 مليون زائر سنويا. إضافة إلى كونها الحديقة الوحيدة ضمن حدائق ديزني في العالم التي صنعها “والت ديزني” بنفسه.

وظهرت مؤخرا سلسلة وثائقية جديدة بعنوان “ما وراء الجاذبية” (Behind the attraction) تسلط الضوء على البراعة التكنولوجية والفنية التي توجد في أشهر ألعاب “ديزني”.

وتتبع السلسلة تاريخ المتنزه، والأسباب التي تجعل منه علامة متفردة، فعلى مر عقود كان ينظر إلى “ديزني لاند” على أنها مرادف للمرح والترفيه، والآن يتمنى محبوها أن ينظر إليها بطريق أكثر عمقا.

نظرة فنية للمتنزه العملاق

ليست الرغبة في النظر إلى ديزني لاند بوصفها عملا فنيا ضخما رغبة جديدة؛ فبنظرة خاطفة إلى تاريخ المتنزه نستكشف جذورا فنية قوية، وفي تاريخ إنشائها (أوائل الخمسينيات) نجدها فكرة ثورية.

وأشاد كثير من المعماريين والمخططين الحضريين بالتصميم الإشعاعي لديزني لاند، إذ يوجد مركز يتفرع منه كل شيء، وعدها البعض نموذجا أوليا لكيفية بناء المدن الجديدة؛ إذ اشترى “والت ديزني” قطعة أرض تبلغ ضعف مساحة مانهاتن ليقيم مشروعه الثوري عليها، وعندما توفي بسرطان الرئة عام 1966 قرر مديرو الشركة أن المشروع محفوف بالمخاطر من دون وجوده، وبناء على ذلك قاموا بتوجيه بعض عناصر المشروع إلى حديقة ترفيهية جديدة في فلوريدا.

وفي أعقاب وفاة ديزني والتغيرات الثقافية التي ظهرت على المجتمع الأميركي، بدأت النظرة الكبرى إلى ديزني لاند في التلاشي قليلا، وموجات السخرية من كل شيء تظهر في المجتمع الأميركي، وبعد حرب فيتنام انقلب المجتمع على المثل العليا به بشكل كبير، وبحلول التسعينيات كان التحول إلى الأسوأ قد وصل إلى قمته داخل أميركا.

وأثارت الهيمنة الثقافية لشركة “ديزني” على مدى العقد الماضي موجة جديدة من المشاعر المناهضة لها، التي تمتد من شركة “بيكسار” (Pixar) إلى المتنزه العملاق.

ويقول النقاد إن مشتريات “ديزني” من عالم “مارفل” (Marvel) وفوكس (Fox) حوّلت “هاوس ماوس” (House mouse) إلى احتكار ثقافي، وهو انطباع مدعوم بحقيقة أن الأستوديو كانت لديه 6 أفلام حققت أكثر من مليار دولار في شباك التذاكر عام 2019، ورغم هذه الإيرادات المذهلة التي حققتها المتنزهات والأفلام وخدمات البث الجديدة قبل ظهور كوفيد-19، فإنه بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2020 سرحت الإدارة 32 ألف موظف من المتنزه، وفي الوقت نفسه أعيدت رواتب المديرين التنفيذيين إلى مستوياتها ما قبل الوباء، في إشارة إلى إجحاف الرأسمالية ضد صغار الموظفين.

ومع ذلك، هناك وجهة نظر تقول إنه يمكن فصل الفن والفنانين عن سياسة الشركة الأكبر، لأن الفنانين والنحاتين والمصممين كانت وظيفتهم تنفيذ رؤيتهم بأفضل طريقة ممكنة بعيدا عن السياسة الرأسمالية.

مدينة من البلاستيك أو الفن المتفرد؟

وتكمن أهمية وفرادة ديزني لاند بكاليفورنيا في أنها قدمت تغييرا جذريا، وخرجت عن تقاليد مدينة الملاهي، وتطورت أهميتها لتصل إلى مكانة العواصم الثقافية والشعبية.

وبسبب تلك الأهمية الكبرى، كان لها نصيبها الملفت من الهجوم الشعبي على الأماكن النخبوية أو غير الأصيلة، مثل الاتهام الشهير لديزني لاند بأنها مدينة من البلاستيك.

أما من حيث التفاصيل، فنجد أن كل تفصيل يعزز القصة المحيطة به، وحسب تفاصيل القصة فإنك تجد اختلافا في الدهانات وأشكال المباني وبلاط الأرضيات، ناهيك عن النباتات والصناديق وأشكال الممرات التي لها هويات جمالية مختلفة، وهذا كله يعتمد على مكان وجودها داخل المدينة، لتتناسب تماما مع الحالة المزاجية للأرض التي توضع فيها.

مع كل هذا الجدل، هناك سؤال رئيسي يفرض نفسه حول ديزني لاند في الوقت الحالي، وهو يرتبط بشكل مباشر بفن المتنزه، ويتعلق بكيفية نظرتنا إليه.

ففي يوليو/تموز الماضي، عرضت الحديقة نسخة محدثة هي “جنغل كروس” (Jungle cruise)، وهي إحدى مناطق الجذب في الحديقة، بالتزامن مع عرض فيلم “دوين جونسون” الجديد “ذا روك”، الذي أنتجته ديزني، بعد أن تخلصت القصة من التلميحات العنصرية ضد السكان الأفريقيين وكونهم آكلي لحوم البشر، في إشارة إلى محاولات إصلاح جوهرية من قبل الشركة لتواكب المفاهيم الإنسانية والاجتماعية المتغيرة.

المصدر : مواقع إلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى