خُرُوقات البعثات.. تعاطفٌ مع الثورة أم رهبةٌ سياديةٌ؟!
الأوضاع المضطربة التي تعيش فيها البلاد في اعقاب تداعيات اجراءات الخامس والعشرين، احدثت هزة في كل دولاب الدولة وانعكس ذلك بدوره على مجمل العلاقات الخارجية، الاقليمية . ومضت الامور باتجاه تقلبات في المواقف ازاء الثورة السودانية والمشهد العام في تعامل الحكومة الحالية باعتبار ان بعض القوى دعمت ثورة ديسمبر المجيدة وساندتها، بل ان بعض القوى الدولية اظهرت انبهارها بالثورة ، بالتالي ترى ان الحكومة الحالية غير شرعية هذا من جانب ، اما من الجانب الآخر، فإن الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية والمؤسسات ذات الصلة باتت تنظر لبعض الأنشطة المرتبطة ببعض البعثات المعتمدة بالسودان وطواقمها بنظرة ربما تنطوي على قدر من الريبة والشك وترى فيما تقوم به من انشطة واعمال يمثل خرقاً لسيادة الوطن وتدخلاً في شؤونه الداخلية . ويأتي كل هذا في ظل تحركات مكثفة يقوم بها رئيس البعثة الاممية الخاصة في عملية الانتقال “يونيتامس” فولكر بيرتس بين الأطراف والقوى السياسية و الحكومة بغرض بلورة رؤية تسهم في فك الأفق المسدود و الوصول بالفترة الانتقالية لمرحلة الانتخاب وقيام حكومة شرعية مُنتخبة.
قلق السيادي
خلال الاسبوع المنصرم، افصح المجلس السيادي للعلن عن قلقه إزاء ما اسماه بنشاط “بعض” البعثات الدبلوماسية الأجنبية لدى الخرطوم، والتي اعتبرها “مخالفة للأعراف الدبلوماسية ومنتهكة لسيادة البلاد”، وجاء توصيف المجلس السيادي لانشطة البعثات الخارجية المعتمدة و التي (لم يحددها) وانما نبه في المجمل ، عقب سماعه لتقرير من وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق و تضمين التقرير لنشاط مخالف رصدته الوزارة لبعض البعثات الخارجية المعتمدة بالسودان، وذلك في سياق مجمل للنشاط الخارجي. المجلس اظهر قلقه لكنه لم يشر لاي اجراء يمكن ان يتخذ. وحسب مراقبين ربما اراد لفت نظر البعثات المعنية برسالة بأن ما تقوم به معلوم لدى الحكومة.
ردة فعل
مصادر اعتبرت اظهار قلق السيادي وإعلانه لنشاط مخالف لبعض الدول خاصة الغربية ربما يكون ناتجا عن ردة فعل ازاء الانتقادات التي طالت الحكومة خاصة الشق العسكري بسبب اجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر، خاصة بإعلان حالة الطوارئ والمُطالبة بعودة الحكومة المدنية ، فضلاً عن حالة العنف الذي تواجه به الحكومة التظاهرات السلمية المطالبة بالعودة الى الحكم المدني . وفق رؤية المراقبين الدوليين ، مصادر مطلعة اشارت لـ”الصيحة” الى ان بعض البعثات ربما سعت لمساعدة بعض السودانيين الذين يحملون جوازات سفر تتبع لتلك الدول عقب إجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، فضلاً عن تحركات وتصريحات رأت الحكومة أنها تندرج تحت لائحة التدخل في الشأن الداخلي للدولة وانتهاك للسيادة الوطنية.
خلط أدوار
دبلوماسي فضّل حجب اسمه تحدث لـ”الصيحة” يرى في التصريحات التي تطلقها المجلس السيادي مخالفة للأعراف الدبلوماسية وفقاً لاتفاق فيينا، ويشير الى ان التحركات الخاصة بالبعثات وكل الانشطة بالبلد ترصدها الأجهزة الأمنية وكان ينبغي ان يتم اخطار وزارة الخارجية صاحبة الشأن والتخصص لاتخاذ الخطوات المطلوبة وفقاً للأعراف الدبلوماسية، وذكر أن أي نشاط مخالف لأي بعثة دبلوماسية دولية او اقليمية، الإجراء الطبيعي ان يتم ابلاغ وزارة الخارجية و التي بدورها تستدعي السفير او رئيس البعثة او المنظمة ومن ثم اصدار بيان يوضح الملابسات والخروقات التي ارتكبتها البعثة او المنظومة او منسوبوهم، الخطوات التي اتخذت تجاه الفعل، وقال ان المجلس السيادي دوره الاشراف على العمل الخارجي و التوجيه، كما يشرف على باقي الاجهزة بالدولة و ليس اتخاذ الفعل و الذي ينبغي ان تتخذه الجهة المتخصصة و المخولة من قبل ذات الحكومة.
تجاوزٌ ومحاسبةٌ:
لفت نظر البعثات الدبلوماسية المعتمدة في اي بلد في العالم يتم عبر وزارة الخارجية الجهة المنوط بها الفعل هذا في مثل هكذا خروقات إن وُجدت ، هذا ما يراه الدكتور صلاح الدومة استاذ العلاقات الدولية بالجامعات، ويضيف ان ما قام به المجلس السيادي يأتي في اطار حالة الفوضى التي تعم البلاد عقب اجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر وحالة تداخل الاختصاصات والمهام، و أشار لـ”الصيحة” الى ان لفت نظر البعثات الدبلوماسية و الإعلان بشأن اي خطوة يُمكن أن تتخذ هو من صميم عمل وزارة الخارجية وليس أي جهة أخرى، وكان على السيادي أن ينبه الخارجية لتقوم بدورها فقط.
المصدر : الصيحة