خالد البصير يكتب :رمضان في مصر.. متعه الطقوس
رمضان في مصر.. متعه الطقوس
كتب خالد الصادق البصير
لقد هيأت لي الظروف أن اصادف شهر رمضان الكريم في بعض الدول العربية، وكيف ينقضي بها، ولكن ماوجدته في مصر من حسن إستقبال وحفاوة للشهر الكريم، أعتقد جازما بأن ليس هنالك دوله تضاهيها، وكما هو معلوم فإن رمضان في مشارق الأرض ومغاربها.. تكثر فيه العباده والمحافظة على الصلوات في جماعه والقيام والتهجد والإكثار من تلاوة القرآن وحلقات الذكر ودروس الفقه والسيرة والتكافل والصدقات وصلة الأرحام. وهذا هو القاسم المشترك بين مسلمي العالم.
ولكن الإحتفال في مصر بالشهر الفضيل يحمل في ثناياه الإحتفال علي نعمة الإسلام ونعمه القرآن ومولد الحبيب المصطفى صلى الله، والاحتفاء بالانبياء والرسل الذين عاشوا على أرض مصر، والأولياء والصالحين من بقية آل البيت الذين اكرم مصر بهم، واكرمهم بمصر رضوان الله عليهم. وأيضاً يأتي الإحتفال بالأزهر الشريف، قبلة العلم وعلماء العالم الإسلامي ويأتي الإحتفال أيضا بالتاريخ الإسلامي والحضارات المتعاقبة على أرض الكنانه.
ومن مظاهر الفرح بقدوم الضيف الكريم هو تزيين مصر وكأنها عروس مجدليه، مزينه بابهي حلل الجمال في ليلة زفافها وتزدان لياليها بالفرح والحيوية والأنس والسمر، ويقوم الشباب بتزيين الطرق والحواري والمساجد. بأوراق الزينه وقصاصات الأقمشة الخياميه المزركشه بالزخارف الإسلاميه الجميله وتعليقها علي الشرفات ووضع الفوانيس وانارتها. كما تتزين المساجد والمحال التجاريه وكثيراً من المرافق العامة والخاصة، ويسيطر الفانوس الرمز والموروث الشعبي علي المشهد العام.
ويعيش الشعب المصري عيدا تطول أيامه ثلاثون يوماً غير ايام العيد المعروفه ويأتي العيد امتداداً للافراح، ولا اغالي إذا قلت بأن المصريين هم الشعب الوحيد الذي يعز عليه فراقه ومبارحته، ويتمنون أن لا تتسارع وتيرته وخطواته، وأن لايعجل بالرحيل قدر المستطاع، وذلك للفرح الذي يسكنهم طيلة أيام بقائه. لأن رمضان حاجه ايجابيه تضخ في الصائمين طاقه روحيه وجسديه. كما أن علاقاتهم الإجتماعيه تستنفر كل قواها وتتجلي فى أبهى صورها.
وما أجمل الحارات في مصر فهي لا تستكين ولا تتثاءب فالأرض في كل شبر تختزن أسرار الحضارات وتحكي عن اساطيرها، وجغرافية الامكنه تثير كوامن النفس فتبوح بسؤال إثر سؤال والفضول يدفع الإنسان إلي مزيد من البحث والفضول لاكتشاف المزيد، والتاريخ فيها من يطوي أسرار تلك الحضارات المتعاقبة عليها، أما المساجد العتيقة منها والحديثة.. فإنها لاتهدأ. وتزدحم بالمصلين رغماً عن كثرتها وبراحتها ورحابتها، وتكثر فيها حلقات الذكر والتلاوه ومراكز للصدقات العلنية والخفيه. وأصبحت المساجد مراكز توزيع الافطارات للفقراء والمساكين بعد تعذر قيام الخيام والموائد الرمضانيه بسبب جائحة كرونا.
وأيضاً يرابط الشباب في الطرقات وهم يصنعون العصائر ويعبونها ويوزعونها على الماره في مشهد يحكي عن روعة التكافل والإحسان.
كما تنشط حركة التجاره والسلع بجميع انواعها بصوره ملفته. كما تشكل صناعة الحلويات والفطائر حضورا مميزاً مثل الكنافة والقطائف لأن الطلب يكثر عليها في هذا الشهر الفضيل.
كما تنشط المنتزهات والملاهي والحدائق العامه والتي تستقبل الجميع وخاصه الأطفال ليظل رمضان مرتبطاً في وجدانهم وعالق في أذهانهم بالفرح والخير والجمال والرفاهية وتجسيدا للنسيج الإجتماعي الماثل أمامهم بالترابط الأسرى.
وأكثر مايدل على حيوية المجتمع المصري هو الحراك الثقافي الضخم والتي تقام فعالياته الثقافيه والفنيه والفكرية في هذا الشهر بكثافة، والأنشطة والامسيات بالقصور الثقافيه وبيوتات الشباب والأندية الثقافيه والمسارح والحدائق والأماكن العامة والمفتوحه، كما تقام الندوات وورش العمل ومعارض الكتب ومعارض الفنون التشكيلية. كما تقام الفعاليات والمسابقات التي من شأنها إكتشاف المواهب وميولهم والتي تعني بكل ضروب الفنون. كما تنشط فعاليات الفنون الشعبية وليالي الإنشاد الديني، والأسواق الخيريه.
ومن أعظم الصور التكافلية والتباري في العمل المجتمعي هو التنافس المحموم للمنظمات والشركات والجمعيات الخيرية والمؤسسات العامة والخاصة في أضخم حراك مجتمعي لتوزيع المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية للأسر الفقيرة والمحتاجه.
هذه ملامح عابرة عايشتها ولكن الصوره أعظم وأروع مما اسلفت.
وختاماً : كيف لمصر ألا تحتفل وتفتخر وقد عاش على أرضها بعض الأنبياء والرسل والصالحين وذكرها الله في كتابه الكريم في عدة مواضع.
كاتب صحفي _ الخرطوم
Kaledalbaser29@gmail.Com