.خالد أحمد الحاج يكتب : عندما يموت الضمير
تحبير
د.خالد أحمد الحاج يكتب : عندما يموت الضمير
* من المخزي أن تتردى أخلاق الناس إلى هذا الدرك الأخلاقي والذي أرى أنه ناتج عن موت ضمائرهم، بحيث لا يفرقون بين الذي فيه صلاح أمرهم، أو الذي فيه ضرر لهم ولسواهم، مثل هؤلاء تستوي عندهم الأشياء بالخير أو بالشر.
* فلا تستغرب حين تسمع أن فلانا قد فعل كذا وكذا، ومعلوم لديه أن أن ما قام تصرف يعد بمثابة فعل
غير كريم، أو أنه لا يمت للخلق القويم بشيء، إلا أنه يصر عليه !!.
* جريمة القتل النكراء التي وقعت بضاحية بري بالخرطوم قبل أيام من الآن وراح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم، واحدة من الجرائم التي لم يعتد عليها الشعب السوداني، فهي فظيعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى،
أسرة بكاملها يقدر بها بهذه الطريقة، وفي ظروف غامضة يقتلون، يا لها من بشاعة !! قضية قد وضعت أجهزة الشرطة، والأجهزة العدلية أمام تحد كبير لكشف غموضها.
* ما اكتسبته أجهزة الشرطة والنيابة من خبرات تراكمية، وقدرات عالية على سبر الأغوار يجعلني واثقا من أنها
ستصل للحقيقة قريبا جداً مهما كان المجرم ذكيا.
* وددت الكتابة من هذا المنطلق، من واقع أن القضية قد شكلت رأيا عاما، مع العلم بأن الشعب السوداني قد جبل على إتيان ما فيه الخير، ما يؤلم فعلا أن القتل في بلادنا
بات يتم بدم بارد، وأن قيم ديننا السمحة التي حالت دون أن يقع المجتمع في أي فعل محرم قد صارت منتهكة.
* فما بال الإنسان يقتل أخاه الإنسان لأجل متاع زائل، أو لرغبة في الانتقام، في حين أن القاعدة الذهبية تقول (لو صبر القاتل لمات المقتول)،
انتشار الجريمة في المجتمع مرده لضعف الوازع الديني، وموت الضمير، وافتقاد المجرم للقيم الطيبة التي تحول بينه وارتكاب الموبقات، وكل ما يمكن أن يعرضه للمساءلة القانونية، وإنزال العقوبة به حال ثبت ضلوعه.
* لماذا تردت أخلاق بعضنا لهذه الدرجة ؟ وبيننا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد قال عنا المولى عز وجل في محكم التنزيل:(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف، وتنهون عن
المنكر)، وما التصقت بنا هذه الصفات إلا لأن قيمة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر تأصلت فينا، وأضحت بمثابة ضمير حي يحرك بداخلنا كل شيء.
* ضعف ثقافة المساءلة والعقاب هي الذي جعلت البعض يتجرأ على الأعراف والمثل والأخلاق ويفعل ما يحلو له دون أن يسأل نفسه عن حسن فعله، أو أي منكر وقع فيه، من المسئول عن تردي الأخلاق، واختلاط حابل المسئولية بنابل اللامبالاة ؟
* أضحت الجرائم أشكال وأنواع، وتتم بطرق مختلفة تجعلك تسأل نفسك مرات ومرات كيف خطر على بال هذا الشخص أن يتحايل على القانون بهذه الطريقة التي تنم عن فطنة وعبقرية لكنها استخدمت في غير محلها ؟
* إصلاح المجتمع يحتاج إلى برنامج بمقدوره الإسهام في عزل الجريمة عن المجتمع، وعن كل فعل يتعارض مع المبادئ والأخلاق الكريمة.
* وتقع على عاتق المؤسسات التعليمية والإعلامية مسئوليات جسام على مستوى التربية والتنشئة الاجتماعية، ومن خلال نشر الثقافة القانونية وسط كافة قطاعات المجتمع، وبذلك يمكن أن نغير السلوك الخاطيء لنجعل من أفراد المجتمع كتلة واحدة تحركها المبادئ الكريمة لا المطامع الزائلة.
* في أحد أرياف بلادنا الوادعة وقعت جريمة نكراء نسبت إلى معلم قيل إنه تجرد من كل القيم التي عرف بها “المعلم”هزت هذه الجريمة أركان المجتمع، حيث وقع طالب بريئ فريسة بين يديه نتيجة لشهوة حيوانية
تمكنت منه، إن كان المعلم الذي يفترض به نشر الوعي، والحث على دماثة الخلق باعتبار أنه قدوة حسنة، وشمعة تحترق لأجل الآخرين قد صار خطرا داهما على المجتمع، فكيف نأمن على أبنائنا من الذئاب البشرية التي باتت لا
تتورع عن ارتكاب جرائم كافة الأعراف والقوانين الدولية قد شددت على خطورتها، ووجهت بضرورة ردع مرتكبيها؟
* لابد من معالجة هذا الخلل قبل أن تستفحل الأمور، ارتفاع معدل الجريمة يؤكد أن هناك خلل في التربية والسلوك يحتاج إلى تقويم، من ظن بأن ذكاءه سيحول
دون الإيقاع به في يد العدالة إن ارتكب جرما ما، فهو واهم، لأن عناية المولى عز وجل فوق أي مكر،(ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله).