الأخبارالثقافيةالسودان

حكايات ابو رهام البغدادي خنقة .. قسمة ونصيب ..

حكايات ابو رهام البغدادي.. خنقة .. قسمة ونصيب ..

لا تضحك على قبل أن أكمل القصة فقد تعرضت لخنقة كادت تسل روحي ولم أكن سببا فيها . إذا كان هناك زحام واقتحمته بمحض إرادتك فأنت مخطيء وتتحمل ما يجري لك . لكن أن يهجم الزحام عليك فهذا هو القدر بعينه .
كان موقف البصات جوار جامع الخرطوم الكبير وفي الحقيقة لم تكن البصات تقف لأن الموقف مزدحم بالركاب في انتظار وصول أي بص فيتدافع الناس بالمناكب ويقفز الشباب بالنوافذ إلى داخله ويحدث زحام وصراع عنيف في الأبواب وتنسد المداخل لأن النازلين يصارعون أيضا للنزول .
كنت واقفا وحدي في طرف الموقف حائرا وقد كنت عائدا من مقابلة مع شخصية مهمة أرتدي بدلة أنيقة وكرافتة زاهية الألوان وأحمل حقيبتي السوداء الجميلة . لكن سائق بص لعين أظنه اراد تفادي الوقوف قرب زحام الركاب حتي ينزل من في البص فتوقف قبالتي بالضبط لأجد نفسي فى مواجهة الباب . وفي ثانية واحدة هجم خلق الله جميعا في موجة سكانية عارمة حملتني حملا نحو الباب لاواجه بسيل النازلين يصارعون الصاعدين فاختلط الحابلون بالنابلين والحابلات بالنابلات . أحد النازلين شاب قوي البنية يبدو أنه نجار يحمل كيسا من الخيش فيه عدة عمله . لكن الإزميل اللعين ذا الرأس الحاد إخترق الكيس وبينما الرجل نازل إخترق الإزميل الكرافتة واشتبك فيها . الشاب يصارع بقوة هائلة وهو نازل وكلما تقدم انشدت الكرافتة حول عنقي النحيل . ومع ضغط الصاعدين على ظهري ودفع النازلين في صدري وبطني واستمرار صاحب الإزميل في شد الكيس كادت روحي تخرج . لحسن الحظ اكرمتني الكرافتة بأن تمزقت ونزل صاحب الإزميل وقد جرح يد أحد النازلين وامتلأ البص من النوافذ ومن الذين يزيحونني يمنة ويسرة أو ينحشرون من تحتي .. وانتهت محاولات الصاعدين بإكتظاظ الباب والسلالم .فوجدت نفسي واقفا على الأرض بعين يتقاطر منها دمع المخنوق وقد سال انفي وتحشرج صوتي .
شابان كانا ينظران إلي ويضحكان ولسان حالهما يقول : بدلةشنو دي البدافرو بيها في البصات .

ابو رهام البغدادي

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى