حقائق صادمة عن مكونات مكياجك اللامع
على الرغم من أن صناعة مستحضرات التجميل قد تبنت بعض الممارسات الأخلاقية والصديقة للبيئة في السنوات الأخيرة، فإن معظم الشركات المصنعة تواصل استخدام المكونات الضارة في منتجاتها، إحداها هي “الميكا” التي تجعل أحمر الشفاه وأقلام التحديد تلمع وتتألق على بشرتك.
ما الميكا؟
هذا المكون الشائع والمثير للجدل ليس مادة كيميائية، بل معدنا. في الواقع، إنه مجموعة من المعادن المتلألئة التي تُستخدم في تصنيع جميع أنواع مستحضرات التجميل والسيارات وحتى صناعات البناء.
تسمح تركيبة الميكا بطحنها إلى مسحوق ناعم من دون أي مواد كيميائية مضافة، كما أنها لا تحتوي على لون أو تدرج محدد. وعند العثور عليها في شكلها الطبيعي، يمكن أن يكون لها مجموعة من الألوان، مثل الأبيض والفضي والذهبي، وما إلى ذلك.
كل نوع من الميكا له خصائص مختلفة وفريدة، لكن السمة الرئيسية التي تشترك فيها جميعا هي أنها مورد طبيعي، لذلك فإنها عنصر يستخدم بكثرة في المكياج الطبيعي والخالي من القسوة (Cruelty Free)، أي الذي لا يحتوي على مكونات حيوانية أو مشتقات حيوانية.
مناجم الميكا
تكشف مناجم الميكا غير القانونية في الهند عن المأساة التي يعيشها الأطفال العاملون فيها، والأهوال التي يتعرضون إليها، بدءا من العظام المكسورة والأمراض الرئوية، ووصولا إلى الأجور الزهيدة.
في تقريرها الذي نشرته صحيفة “تلغراف” البريطانية، تقول الكاتبة نيكول موبراي إن الحصول على بشرة لامعة كانت معيارًا للجمال في العقد الماضي، من خلال استعمال كل شيء بداية من مراهم الترطيب إلى أحمر الخدود والبرونز وأحمر الشفاه، لأن ذلك يجعل بشرتنا تبدو “صحيّة أكثر”، كما أنه يخفي الخطوط الدقيقة ويصرف الانتباه عن عيوبنا، فيما يمثّل قطاع العناية بالبشرة والمكياج أكبر قطاعين في سوق التجميل العالمي الذي تبلغ قيمته 532 مليار دولار.
وبينما يتحقق الكثير من الناس من مكونات الأطعمة والمشروبات قبل استهلاكها، ربما يجب أيضا التحقق من المكونات الموجودة في المنتجات التي تضعينها على وجهك كل يوم، فإذا كنت تستخدمين أي شيء متعدد الألوان أو لامع، فمن المحتمل أنه يحتوي على شكل من أشكال الميكا، التي تتكوّن من 37 معدنًا توجد في الغالب في الهند، كما توجد أيضًا بكميات كبيرة في مدغشقر والبرازيل والقارة الأفريقية.
وأضافت الكاتبة أن الميكا الطبيعية تأتي في عدة “ألوان”، من الأبيض إلى البني، ولها العديد من الاستعمالات، إذ يمكن استخدامها لمقاومة درجات الحرارة المرتفعة للغاية، إلى جانب إضافة لمعان للدهانات والمراهم والمساحيق، ويُعرف النوع الموجود في مساحيق التجميل باسم الميكا البيضاء؛ حيث تقدر جمعية مستحضرات التجميل وأدوات الزينة والعطور في المملكة المتحدة أن 18% من كامل كمية الميكا المستخرجة تستخدم في مستحضرات التجميل.
كل هذا قد يبدو غير ضار في البداية، حتى نكتشف أن هناك أطفالا تقل أعمارهم عن 5 سنوات يعملون في مناجم الميكا غير القانونية، مع وفاة عدد غير معروف منهم في هذه العملية، وتمثّل الجماجم المحطمة والأضلع المكسورة ومشاكل التنفس جزءًا من واقع حياة العديد من الأطفال في ولاية جهارخاند بشرق الهند، المعروفة بمواردها الغنية بالمعادن، والذين ليس أمام أسرهم المنكوبة بالفقر خيار سوى إرسالهم للعمل في المناجم.
ويقدر الخبراء أن حوالي 70% من إنتاج الميكا في الهند يأتي من التعدين غير القانوني في الغابات والمناجم التي يفترض أنها مهجورة، وتديرها “مافيا الميكا”.
ويعمل البالغون أيضًا في استخراج الميكا، ولكن هناك حاجة إلى أيدٍ صغيرة لفرز واختيار المعادن، وأجسام صغيرة لتدخل الثقوب الصغيرة والعميقة والمظلمة التي تنهار بشكل متكرر وتحبس الناس داخلها، حيث يمكن أن يصل عمق المناجم إلى عدة أمتار، ويقضي الأطفال ما يصل إلى 8 ساعات يوميًا تحت الأرض، ويكسرون التربة المتلألئة بمطرقة وإزميل.
شركات عالمية تستخدم الميكا
وذكرت الكاتبة أن عدد شركات مستحضرات التجميل التي تستخدم معدن الميكا لا يُحصى، ويبدو أن ارتباط تعدين الميكا غير القانوني بعمالة الأطفال أمرٌ غير مهم بالنسبة لعمالقة مستحضرات التجميل.
وفي الواقع، فإن شركات “شانيل” و”لوريال” و”كوتي” و”كلارينز” و”نايتشر آند كو”، إلى جانب أكثر من 70 شركة أخرى، بما في ذلك شركات تصنيع السيارات والشركات الكيميائية؛ تموّل مبادرة الميكا المسؤولة التي تأسست عام 2017 لإنشاء “سلسلة توريد ميكا مسؤولة ومستدامة في الهند خالية من عمالة الأطفال”.
مع ذلك، لا تزال العديد من الشركات المنخرطة في هذه المبادرة تستخدم معدن الميكا. وعلى الرغم من أنهم قد يبذلون قصارى جهدهم للحصول على الميكا الأخلاقية، فإن مبادرة الميكا المسؤولة تعترف بأن هناك فرصة ضئيلة لأن يعرفوا حقًا كيف تم تعدينها ومن قام بذلك.
تستخدم لوريال الميكا في منتجاتها، ولكن من خلال “مبادرة الميكا المسؤولة” تتخذ إجراءات للتأكد من أن مصادرها مسؤولة وآمنة، كما تلتزم لوريال بالبقاء في الهند وضمان إمكانية مراقبة سلسلة التوريد الخاصة بها وشفافيتها.
وتوضح شركة “ذا بودي شوب” أن هدفها يتمثل في الحصول على ميكا مراقبة بنسبة 100% أو معتمدة بحلول عام 2025، وتقول الشركة “لدينا مجموعة محددة من موردي مكونات الميكا الهندية الذين يتخذون خطوات إضافية لضمان عدم وجود عمالة أطفال ضمن سلاسل التوريد، كما يجب على المورّدين إثبات أنهم يعملون حصريًا مع المناجم القانونية، وعدم شراء الميكا التي تم جمعها بشكل غير رسمي، وإجراء عمليات تدقيق مستقلة والاستثمار في أنشطة تنموية في المناطق التي يعملون فيها”. وقد رددت كل من شركة إستي لودر وشانيل صدى هذه التصريحات.
في عام 2014، تعهدت شركة لش بالتوقف عن استخدام الميكا الطبيعية. وبحسب غابي لودولف، منسق المشتريات العالمي للعلامة التجارية، فقد “تم استبدال هذه المادة بفلور فلوجوبيت اصطناعي، وهي عبارة عن ميكا اصطناعية، مصنعة في المختبر بمستوى نقاء أعلى مع توفير لمعان أكثر إشراقا وحيوية”.
لكن الخبراء، بما في ذلك المستشارون والمنظمات غير الحكومية، يحذرون ببساطة من أن التوقف عن استخدام الميكا لا يحل المشاكل الناجمة عن عمل الأطفال والبالغين في المناجم، بل يمكن أن يجعل الوضع أسوأ.