Uncategorized

حفريات ذاكرة الحوت

🌷كتاب الاسبوع🌷

♦رواية (حفريات ذاكرة الحوت)
لمحمد عثمان الجعلي…………

الأدب السوداني يفتقر كثيرا الي الركائز الأساسية للمعرفة، ليضاهي عالمية الأدب في فن الراوية والقصص-رغم ذاك الافتقار البين الواضح جاءت بعض الروايات قوية فاقت الأدب الإقليمي المجاور لكنها لم تجد المكانة العالمية لضعف النشر والاستهلاك -ان صح ذاك التعبير –
فالقصد من الاستهلاك هو إنخفاض معدل بيع الروايات والقصص وكساد سوقها داخل سواننا الحبيب ويعزي ذلك ايضا لضعف الإطلاع والتثقف فلم يجد الراو او القاص ريعا اوربحا ليبذل جهدا للخوض في تجربة لا تنجح ( من جرب المجرب حلت به الندامة )

برغم أنف تلك التحديات جاءت رواية حفريات ذاكرة الحوت للأديب السوداني د. محمد عثمان الجعلي كرواية عالمية قفزت فوق هامة المستحيل لتكتب خلود الرواية السودانية وتسجل رقما قياسيا لجودة العمل والضبط الرائع للناتج الرواي والقصصي تحديا للعقبات وتجاوزا للعائقات وعدم النظر للعائدات المادية، فكان جمال الرواية، وروعة الحكاية

وسر الخلود في حبك وسبك القصة التي فاقت الخيال، في نص حاز الكمال….

رواية (حفريات ذاكرة الحوت)
رواية ممتعة شيقة بمذاق سوداني اصيل وطعم إفريقي جميل

في حقبة جميلة من تاريخ السودان كانت الأحداث عاصفة في الثلاثينيات والاربعينيات

زمانها كان قبيل الإستقلال ، مكان الرواية كانت مدينة الخرطوم بحري، تحديدا في الديوم والدناقلة وحلة حمد وحلة خوجلي والأملاك وحي السوق في تلك المنطقة كانت أحداث تلك الرواية الشيقة …..

إختار الراوي أماكن ذات خصوصية وتميز غريب وعجيب.!
حيث امتزاج كل الأعراق ودخول كل الأعراف لربوع مدينة بحري الجميلة….

إستطاع الراوي ان ينقل الزمان الينا كاننا فيه وانتقل المكان بيراعه الأنيق الينا كأننا عليه…

ووصف الشخوص كأنهم منا وفينا أو كأنهم معنا حقيقة لا خيالا

إختار الكاتب ( ال الطاهر) كأسرة سودانية إنتقلت من مصر الي أوطانها بعد ان عاشت فترة هناك فتغيرت أحوالها وتبدل نمط حياتها. لتجد واقعا غير واقعها القديم، وخليط من الناس حولها. بثقافات مختلفة تحاول الإلتحاق بالركب الحضاري الجديد في ظل الإستعمار المهيمن عليها ….

ان كانت السمات النفسية لبطل القصة تحمل جينات الفساد والفسوق هناك ايضا جبنات وراثية أخرى تظهر فيها الشجاعة والشهامة والنخوة، ظل البطل في نزاع بين الخير والشر متنقلا بينهما في تفسخ و تعهر تارة وفي التدين والزهد تارة أخرى. حتي نهاية الرواية

في حبك وسبك رواي رائع وفي سرد قصصي شيق . قفز الكاتب إلى قمة العطاء الأدبي ليقدم فنا جديدا جميلا

توغل الكاتب في اللهجة السودانية حتي الثمالة علي لسان الشخوص والابطال
وسرد الفصحي حتي تخاله امتلك مقود اللغة العربية دون منازع، وابدع في التصوير كأنه آلة فتوغرافية للتصوير الدقيق للأشخاص والأماكن بلغة عالية الذوق سليمة المعاني
..

أدخل الكاتب الروعة والحلاوة في لهجة النساء فأتي بلهجتهن كأنه يحمل آلة تسجيل خطيرة في مجلسهن. فكانت مفردات النساء
مفردات خاصة ذات طابع مميز في الرواية تعطيك المتعة والتشويق. كأنك معهن في مجلسهن

اجاد الكاتب لغة السوق والسوقة. ادخل مفردات لم تدخل من قبل في الرواية السودانية إلا بمعية الأديب الالمعي الطيب صالح فكانت ملح الراوية وطعمها الجديد ولونها الرائع الفريد

تمكن الكاتب من سرد حقائق تاريخية توارت أكثر القصص خجلا من ذكرها فتراءت لنا واضحة في روايته حيث غفلها التاريخ واضمرت في نفوس الأجيال سرا وضغينة تحملها تلك الأجيال كوصمة عار في جباهها…..

الرواية رسمت الجانب التاريخي والإجتماعي والسياسي بوضوح مفضوح لتلك الحقبة حيث كان التدين صفة نادرة في ذاك الزمان

كاتب الرواية الدكتور محمدعثمان الجعلي رحمه الله رحمة واسعة
كان موسوعي المعرفة غزير العلم بحر زاخر بتاريخ الامة. قدم للأدب السوداني اجمل رواية عرفتها الأجيال كتب لنفسه الخلود في دنيا الأدب والفنون ونقل لنا صفحة التاريخ بفنونها وجنونها ومجونها.
وصور لنا الأشخاص بشجونهم وظنونهم بطبقاتهم الاجتماعية المختلفة والمؤتلفة …..

رحم الله الأديب الاريب الحبيب محمد عثمان الجعلي وجعل الله هذا العلم النافع في ميزان حسناته يوم القيامة

والله المستعان

عبدالشكور حسن احمد

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى