حركة طالبان.. النشأة والفكر والتنظيم
حركة طالبان.. النشأة والفكر والتنظيم
نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية، المعروفة باسم طالبان، في ولاية قندهار (جنوب غربي أفغانستان) على الحدود مع باكستان عام 1994.
بعد أسابيع قليلة من التحركات العسكرية، نجحت حركة طالبان -الأحد 15 أغسطس/آب 2021- في السيطرة على العاصمة الأفغانية كابل ودخول القصر الرئاسي، بعد هروب الرئيس أشرف غني إلى خارج البلاد.
فما حركة طالبان التي ظهرت على الساحة قبل 27 عاما؟ وكيف تكونت؟ وما انتماءاتها العرقية وخلفياتها الفكرية؟ وما طبيعة هيكلها التنظيمي؟
النشأة
نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم طالبان (جمع كلمة طالب في لغة البشتو) في ولاية قندهار (جنوب غربي أفغانستان) على الحدود مع باكستان عام 1994، على يد الملا محمد عمر مجاهد (1959-2013)، إذ رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي، وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994.
الانتماء العرقي
ينتمي معظم أفراد حركة طالبان إلى القومية البشتونية التي يتركز معظم أبنائها في شرق وجنوب البلاد، ويمثلون نحو 38% من تعداد الأفغان، البالغ نحو 39 مليون نسمة.
الإطار الفكري
طالبان حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفي، وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان -حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها- واجبا دينيا لا مفر من تنفيذه.
تعلم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية (نسبة إلى قرية ديوبند في الهند)، وتأثروا بالمناهج الدراسية لهذه المدارس؛ الأمر الذي انعكس على أسلوبهم في الحكم.
ركزت تلك المدارس على العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث والسيرة، إضافة إلى بعض العلوم العصرية التي تدرس بطريقة تقليدية قديمة.
يتدرج الطالب في هذه المدارس من مرحلة إلى أخرى، فيبدأ بالمرحلة الابتدائية ثم المتوسطة فالعليا والتكميلية، وفي الأخير يقضي الطالب عاما يتخصص فيه في دراسة علوم الحديث، وتسمى “دورة الحديث”.
أثناء دراسة الطالب تتغير مرتبته العلمية من مرحلة إلى أخرى، فيطلق عليه لفظ “طالب” الذي يجمع في لغة البشتو على “طالبان”، وهو كل من يدخل المدرسة ويبدأ التحصيل العلمي، ثم “ملا”، وهو الذي قطع شوطا في المنهج ولم يتخرج بعد، وأخيرا “مولوي”، وهو الذي أكمل المنهج وتخرج من دورة الحديث، ووضعت على رأسه العمامة وحصل على إجازة في التدريس.
التنظيم والقيادة
لا تتمتع حركة طالبان بتنظيم قوي، فليس عندها هيكل إداري واضح ولا لوائح تنظم شؤونها الداخلية وبرامجها، ولا برامج لتربية أعضائها، ولا حتى بطاقات عضوية توزع على الأعضاء لتسجيلهم.
وتقول طالبان إنهم ليسوا حزبا مثل الأحزاب الأخرى فلا يهتمون بالنظام الإداري التنظيمي، بل يريدون أن يخدموا الشعب كله عن طريق تفعيل الدوائر الحكومية. ومع ذلك فإن لهم هيكلا شبه تنظيمي يتمثل في:
أمير المؤمنين
وهو الملا (حاليا هو هبة الله هبة الله آخوند زاده)، ويتمتع بصلاحيات واسعة، ويلقب بأمير المؤمنين، وله حقوق شرعية فلا تجوز مخالفة أمره، كما لا يجوز عزله إلا إذا خالف التعليمات الدينية، أو عجز عن القيام بمسؤولياته، ويبقى في منصبه حتى الموت.
مجلس الشورى المركزي للحركة
ليس لهذا المجلس عدد ثابت وأعضاء معينون، وإن كانت الحركة في بداية تشكيله أعلنت أنه يضم 70 عضوا.
مجلس الشورى العالي لحركة طالبان
تعد كل القيادات المعروفة داخل الحركة أعضاء في هذا المجلس، ولا يوجد أعضاء محددون له.
دار الإفتاء المركزية
وتضم عددا من العلماء لاستفتائهم في الأمور الشرعية، ومقرها قندهار، الموطن الأصلي لحركة طالبان ومقر إقامة الملا أمير المؤمنين.
مجالس الشورى في الولايات
منح الملا صلاحيات واسعة للولاة، وشكل كل وال مجلس شورى له تناقش فيه الأمور المتعلقة بإدارة حكومة الولاية وحركة طالبان.
طريقة اتخاذ القرار
رغم مجالس الشورى الكثيرة التي أنشأتها الحركة فإنها تؤمن بأن الشورى معلمة وليست ملزمة؛ فالقرارات المهمة يتخذها الملا بالاستئناس بآراء أهل الشورى، وله الحرية الكاملة في الأخذ بآراء مجلس الشورى أو رفضه.
عوامل التماسك الداخلي في حركة طالبان
ليست لحركة طالبان لائحة داخلية تنظم شؤونها، ولا يوجد لديها نظام للعضوية، ومع ذلك فهي حركة متماسكة من الداخل، ويرجع ذلك إلى الخلفية الفكرية الموحدة لعناصرها، إذ إن معظمهم تخرج في مدارس دينية واحدة تنتمي إلى المدارس الديوبندية التي تعارض التيارات الفكرية التجديدية.
كما أنهم مخلصون لفكرتهم ومقتنعون بها، ويرون العمل من أجلها جهادا في سبيل الله.
ويتمتع أمير الحركة بنوع من السيطرة الروحية على الأفراد الذين يعدون مخالفته معصية شرعية، وكان لعدم وجود شخصيات محورية ذات نفوذ قوي في الحركة أثر في استقرارها الداخلي، وساعد في ذلك أيضا قيام الحركة بعقوبات فورية للمخالفين، وتغيير مستمر في المناصب حتى لا تتشكل جيوب داخلية في الحركة أو مراكز قوى، كما أنهم لا يقبلون أفراد الأحزاب الأفغانية الأخرى، خاصة في المناصب الكبيرة ومراكز اتخاذ القرار.
الفكر السياسي للحركة
ترفض طالبان استعمال لفظ الديمقراطية، لأنها “تمنح حق التشريع للشعب وليس لله”. ولا ترى الحركة أهمية لوضع دستور أو لائحة لتنظيم شؤون الدولة، وترى أن القرآن والسنة هما دستور الدولة الإسلامية.
وتعتبر الحركة أمير المؤمنين بمثابة الخليفة، ينتخبه أهل الحل والعقد، ولا توجد مدة محددة لتولي منصب أمير المؤمنين، ويتم عزله فقط في حالة العجز أو الموت أو إذا أتي ما يخالف الدين. والشورى كما تؤمن بها الحركة معلمة فقط وليست ملزمة، وتهتم الحركة اهتماما كبيرا بالمظهر الإسلامي كما تتصوره، فتأمر الرجال بإطلاق اللحى ولبس العمامة، وتمنع إطالة الشعر وتحرم الموسيقى والغناء والصور، وتمنع عمل المرأة خارج بيتها، وتشرف على تنفيذ ذلك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولا تسمح الحركة بتشكيل أحزاب سياسية جديدة، ولا تقبل الأحزاب الموجودة، ويقول زعيم الحركة في ذلك إنه رفضها لأنها “تقوم على أسس عرقية وقبلية ولغوية، وهي نوع من العصبيات الجاهلية، الأمر الذي تسبب في مشاكل وعداء وفرقة بين الناس”.
الموقف من الدول المجاورة
يتفاوت موقف حركة طالبان من الدول المجاورة، فبالنسبة لإيران تميزت العلاقة بينهما بالتوتر الشديد، فالحركة تتهم إيران بالعمل على تصدير المذهب الشيعي إلى أفغانستان ودعم أحزاب المعارضة، في حين تتهمها إيران باضطهاد الأقلية الشيعية الموجودة هناك.
أما بالنسبة للموقف من الهند وروسيا وبعض دول آسيا الوسطى، فإن هذه الدول لا تخفي قلقها تجاه طالبان، وتعمل على دعم المعارضة؛ فالهند ترى أن طالبان تشكل عمقا إستراتيجيا لباكستان، وتفتح أمامها أسواق آسيا الوسطى، في حين تخاف روسيا وحلفاؤها في آسيا الوسطى من نفوذ حركة طالبان والإسلام المتشدد، وطالبان بدورها لا تخفي عداءها لهذه الدول.
وبالنسبة لباكستان، فقد كانت الحركة تنظر إليها على أنها أقرب الدول إليها وأكثرها صداقة لها، حتى أعلنت إسلام آباد موافقتها على التعاون مع الولايات المتحدة في حربها ضد أفغانستان عقب تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر/أيلول 2001.
منجزات الحركة ومآخذها
حركة طالبان شأنها شأن بقية أنظمة الحكم حققت بعض الإيجابيات، ولكنها في الوقت نفسه تعاني من بعض السلبيات.
أولا: المنجزات:
- إعادة الأمن والاستقرار.
- توحيد الأراضي الأفغانية.
- القضاء على الفساد الإداري والمحسوبية.
- مقاومة الفساد الخلقي.
- جمع الأسلحة.
- القضاء على طبقة أثرياء الحرب.
- إنشاء المحاكم وإيجاد نظام إداري في الولايات.
ثانيا: المآخذ:
- تقديم صورة مشوهة للنموذج الإسلامي في الحكم.
- التعصب للرأي.
- عدم وجود أفراد مؤهلين.
- قلة الاهتمام بالتعليم العصري.
طالبان والحرب مع أميركا
مثّل يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 يوما فاصلا في تاريخ حركة طالبان، إذ اعتبرت الولايات المتحدة أفغانستان وحركة طالبان هدفا أوليا لانتقامها، بعد رفض الحركة تسليم أسامة بن لادن لعدم تقديم الأدلة التي تثبت تورطه.
من وراء طالبان؟
كثرت التحليلات التي تناولت الجهات الخارجية التي كانت وراء إنشاء حركة طالبان وبروزها على مسرح الأحداث، بعضها ينسب النشأة إلى المخابرات الباكستانية، والأخرى تنسبها إلى المخابرات الأميركية إبان الحرب الأفغانية السوفياتية، لكن الحركة تنفي عن نفسها كل ذلك، وتحكي على لسان مؤسسها الملا محمد عمر كيف نشأت وتطورت.
والذين ينسبون قيام الحركة إلى باكستان يستندون إلى الجولة التي قام بها وزير الداخلية الباكستاني آنذاك الجنرال نصير الله بابر في جنوب وغرب أفغانستان في أكتوبر/تشرين الأول 1994، حيث التقى خلالها القادة والمسؤولين في ولايتي قندهار (معقل الحركة) وهيرات، وأرسل قافلة إغاثية مكونة من 30 حافلة تحت قيادة كولونيل من المخابرات الباكستانية، واستطاعت طالبان إنقاذها بعد أن حاولت جماعة “جيلاني” بزعامة منصور آغا اعتراضها، وبرز اسم طالبان في الإعلام العالمي منذ ذلك اليوم، الذي كان يتابع أنباء الاستيلاء على تلك القافلة.
لكن الثابت أن حركة طالبان كانت بدأت نشاطها قبل ذلك بـ4 أشهر على الأقل، وجاء ظهورها متواكبا مع رغبة باكستان في الحصول على تأييد حركة شعبية بمثل حجم طالبان التي بدأت تكسب تأييد الشعب الأفغاني يوما بعد يوم.
ويرى آخرون أن المولوي فضل الرحمن أمير جمعية علماء الإسلام في باكستان، الذي كان يرأس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الباكستاني في حكومة بنظير بوتو هو الذي طرح فكرة إنشاء حركة طالبان واستشار في ذلك برهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف، ووافقا على إنشائها على اعتبار أنها ستوجه ضربة قوية لقوات حكمتيار عدوهما اللدود حينذاك.
ويرى بعض المحللين أن المولوي فضل الرحمن لم يكن الشخصية المؤثرة في ما كان يجري في أفغانستان ولم يكن في استطاعته إنشاء حركة مثل طالبان.
أما مؤسس الحركة الملا محمد عمر فيقول إن الفكرة نبعت في ذهنه بعد أن فكر في الفساد المستشري في ولاية قندهار، حيث كان يتلقى علومه الدينية، ورأى أنه لا بد من وضع حد لهذا الفساد الذي أشاع الفوضى والإخلال بالأمن في ربوع البلاد، ودعا بعض طلاب المدارس الدينية فوافقوا على العمل للقضاء على هذا الفساد وبايعوه أميرا لهم في الثالث من أبريل/نيسان 1996.
الصفات النفسية لأفراد الحركة
يتميز أفراد الحركة بعدة صفات نفسية، أهمها العناد والصلابة وتحمل المشاق، شأنهم في ذلك شأن الأفغان عموما وسكان ولاية قندهار التي نشأت حركتهم بها على وجه الخصوص.
ولعل في المسابقة الشعبية المشهورة في ولاية قندهار، التي يطلق عليها “إطفاء الجمر”، ما يعطي إشارة إلى ذلك؛ فالمسابقة تتلخص في حمل اللاعبين جمرا مشتعلا بأيديهم لمدة طويلة حتى تنطفئ، ويكون الفائز في هذه المسابقة هو من لا يتحرك أو يتأوه.
كما يتميز أفراد هذه الحركة بالقدرة على تحمل الخشونة وشظف العيش، واحترامهم علماء الدين، إضافة إلى الإخلاص لفكرتهم والعمل الجاد على تنفيذها، والبساطة التي تميز حياتهم.
عوامل بروز الحركة
ساعدت على سرعة انتشار الحركة وإقبال الأفغان عليها في العديد من الولايات، خاصة الجنوبية والشرقية، عدة عوامل داخلية وخارجية، منها:
أولا العوامل الداخلية:
- الحروب الأهلية
أوقعت الحروب الأهلية الطاحنة التي نشبت بين فصائل المعارضة الأفغانية بسبب الصراع على السلطة، وإيمان كل طرف بأنه الأحق بالحكم؛ عددا كبيرا من الخسائر البشرية، بلغت أكثر من 40 ألفا، إضافة إلى خسائر مادية جسيمة.
ولم ينجح الوسطاء الدوليون في وضع حد لهذه الحروب، وكان لذلك دور مهم في إقبال قطاعات كبيرة من الأفغان على حركة طالبان التي رأوا فيها وسيلة لتخليص أفغانستان من ويلات تلك الحروب وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.
- الفوضى وانعدام النظام
دبت الفوضى في الجسد الأفغاني بعد دحر قوات الاحتلال السوفياتي، وانقسمت أفغانستان بين الجماعات والفرق المتصارعة، وأصبحت وحدة البلاد مهددة نتيجة ذلك، ولم يكن أمام السكان قوة موحدة تجبرهم على احترام القوانين والتقيد بالقرارات الصادرة.
وإبان ظهور الحركة كانت حكومة رباني ومسعود تسيطر على 7 ولايات فقط في شمال ووسط أفغانستان، في حين يسيطر القائد الشيوعي السابق رشيد دوستم على 6 ولايات في الشمال، وكانت “شورى ننجرهار” تحكم 3 ولايات في الشرق، وإدارة إسماعيل خان تتحكم في غرب أفغانستان، إضافة إلى العديد من الولايات التي كانت من دون أي نوع من الإدارة، فكانت حركة طالبان أملا للشعب الأفغاني في المحافظة على وحدة البلاد ومنع انشطارها الداخلي.
- الفساد الأخلاقي
استشرى الفساد نتيجة رواسب الحقبة الشيوعية التي عاشتها أفغانستان وتحكم القائد الشيوعي رشيد دوستم في بعض الولايات والفوضى الإدارية التي جعلت من الصعوبة على جهة معينة محاربة الرذائل التي انتشرت في المجتمع الأفغاني المحافظ بطبيعته، فلقيت حركة طالبان -التي أخذت على عاتقها محاربة مثل هذه المظاهر- صدى طيبا في نفوس الأفغان.
- الاضطرابات الأمنية
عانت أفغانستان كثيرا من انفلات الوضع الأمني، الذي تمثل في اختطاف السيارات، خاصة التابعة للمؤسسات الإغاثية، وأعمال السلب والاشتباكات المسلحة التي كانت تقع بين المجموعات المسلحة داخل الأماكن المزدحمة، مما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. كما نتج عن ذلك ابتزاز الأموال وفرض أنواع من الإتاوات؛ لذلك رغب الناس في أية سلطة تعيد الأمن وتفرض الاستقرار وتمنع هذه الانتهاكات، مما مهد الطريق أمام طالبان، التي استطاعت التعامل بفاعلية مع هذا الأمر حتى تخلصت أفغانستان من آثاره.
- طبقة أثرياء الحرب
هي طبقة ظهرت عليها علامات الثراء السريع بعد انتهاء الحرب الأفغانية السوفياتية بسبب تجارة المعادن والأحجار الكريمة والأسلحة والذخيرة وأكوام الحديد الخردة التي خلفتها الحرب، إضافة إلى تحكم بعض أصحاب المناصب في الأموال الناتجة عن الجمارك والضرائب الحدودية، فأصبحت هناك طبقة ثرية وسط شعب يعد من أفقر شعوب العالم، مما أوجد مشاعر من الحنق على هؤلاء، ورغبوا في أن تخلصهم طالبان من هذه الطبقة، وتعمل على إعادة توزيع الثروة في البلاد بطريقة عادلة.
ثانيا العوامل الخارجية:
أما العوامل الخارجية فقد تضافر العديد منها في وقت واحد على المستويين الدولي والإقليمي وهيأت المجال أمام حركة طالبان، ومنها:
- باكستان
كانت باكستان تسعى إلى التعاون مع حكومة صديقة في أفغانستان لتسهيل عمليات التبادل التجاري بينها وبين جمهوريات آسيا الوسطى، ولم تجد بغيتها في حكومة رباني ومسعود التي اتهمتها بالتعاون مع الهند، وحاولت الإطاحة بتلك الحكومة عن طريق حكمتيار ودوستم، لكنها فشلت في ذلك، فلما ظهرت طالبان سارعت باكستان إلى دعهما والتعاون معها.
- الولايات المتحدة
أما الولايات المتحدة فقد تقاطعت مصالحها مع مصالح طالبان، فلم تمنع ظهورها في بداية الأمر، ثم سرعان ما اختلفت المصالح بعد ذلك فانقلب الوضع وأصبحت من ألد أعدائها.
في البداية، رغبت الولايات المتحدة في ضرب الأصولية الأفغانية بأصولية أشد منها حتى تخلو الساحة لجماعة أصولية واحدة تستطيع تطويعها في فلك السياسية الأميركية بعد ذلك.
ورغبت واشنطن كذلك في تشديد الحصار على النفوذ الإيراني ومنعه من التوغل تجاه الشرق، خاصة جمهوريات آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين، التي تحوي أكبر ثاني احتياطي نفطي في العالم بعد الخليج العربي؛ لذلك لم تمانع الولايات المتحدة ولم تقف حجر عثرة أمام تقدم طالبان.
أهداف الحركة
أعلنت طالبان على لسان الناطق الرسمي باسمها الملا عبد المنان نيازي في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 1994، بعد أن استولوا على مديرية سبين بولدك، أن هدف حركتهم هو استعادة الأمن والاستقرار وجمع الأسلحة من جميع الأطراف، إضافة إلى إزالة مراكز جمع الإتاوات من الطرق العامة التي سلبت الناس أموالهم وانتهكت أعراضهم.
لكن بعد أن استولت الحركة على عدد من الولايات ولقيت قبولا مبدئيا لدى قطاعات عريضة من الشعب الأفغاني الذي أنهكته الحرب الأهلية، طورت أهدافها، لتصبح إقامة حكومة إسلامية، كما صرح بذلك الملا محمد عمر في كلمته التي ألقاها أمام العلماء في قندهار في الرابع من أبريل/نيسان 1996. ونشرت الحركة أهدافها على النحو التالي:
- إقامة الحكومة الإسلامية على نهج الخلافة الراشدة.
- أن يكون الإسلام دين الشعب والحكومة جميعا.
- أن يكون قانون الدولة مستمدا من الشريعة الإسلامية.
- اختيار العلماء والملتزمين بالإسلام للمناصب المهمة في الحكومة.
- قلع جذور العصبيات القومية والقبلية.
- حفظ أهل الذمة والمستأمنين وصيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ورعاية حقوقهم المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية.
- توثيق العلاقات مع جميع الدول والمنظمات الإٍسلامية.
- تحسين العلاقات السياسية مع جميع الدول الإسلامية وفق القواعد الشرعية.
- التركيز على الحجاب الشرعي للمرأة وإلزامها به في جميع المجالات.
- تعيين هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع أنحاء الدولة.
- قمع الجرائم الأخلاقية ومكافحة المخدرات والصور والأفلام المحرمة.
- استقلال المحاكم الشرعية وفوقيتها على جميع الإدارات الحكومية.
- إعداد جيش مدرب لحفظ الدولة الإسلامية من الاعتداءات الخارجية.
- اختيار منهج إسلامي شامل لجميع المدارس والجامعات وتدريس العلوم العصرية.
- التحاكم في جميع القضايا السياسية والدولية إلى الكتاب والسنة.
- أسلمة اقتصاد الدولة والاهتمام بالتنمية في جميع المجالات.
- طلب المساعدات من الدول الإسلامية لإعمار أفغانستان.
- جمع الزكاة والعشر وغيرهما وصرفها في المشاريع والمرافق العامة.
المصدر : الجزيرة