الأخبارالولايات

حاكم النيل الازرق من البنادق والخنادق الى رجل الدولة

حاكم النيل الازرق من البنادق والخنادق الى رجل الدولة
(مظاهر التحول من العمل المسلح الي رحاب الحياة المدنية )
الدمازين : محمد عبدالله الشيخ

في جو سياسي يشبه لحد كبير الجو الطبيعي السائد في ولاية النيل الازرق حيث الغيوم والسحب الكثيفة والعواصفوماتحمل من نزر وبشريات تتطابق حالة الجو الطبيعي مع الظرف والجو والسياسي حيث الامل المنعقد على خريف هذا العام لاصحاب الزرع والماشية هو ذات التطلع لمقدم حاكم الاقليم الجديد سعادة الفريق أحمد العمدة
الا أن ذات المخاوف من موسم الأمطار مابين امطار فوق المعدل وسيول جارفة للزرع هنالك مخاوف سياسية في ذاكرة مواطن النيل الازرق باجترار بعض ذكريات الشراكة في الحكومة السابقة وما شهدت من تشاكس طفح على واقع الشارع وإيقاع الحياة اليومية الا أن هذه الحالة من الترقب والحذر والتي استشعرتها الحركة الشعبية من خلال متابعتها للوضع في الولاية لا استبعد أن يكون جرى تحليل وقراءة متأنية لها والاجابة على كل الاسئله وتطمين المخاوف كما بدأ من خلال الخطاب الجماهيري للحاكم والذي مثل دون شك نقلة في استراتيجية الحركة الشعبية في التعاطي مع الواقع بلغة اكثر مواءمه ونعومه واكثر عقلانية بالاعتراف بالآخر خاصة الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية “الحرية والتغيير ” والهمس الذي كان يدور بنذر خلاف بينهما فقد نجح الخطاب بامتياز بتجاوز هذه العقدة بل وحولها الى مكسب وردت عليه الحاضنة التحية باحسن منها حيث ابدى رئيسها من خلال كلمته في مهرجان الاستقبال الاستاذ احمد الحاج المحامي تاكيده على التعاون مع الوالي والعمل على العبور بالولاية الى بر الامان هكذا ضمن الحاكم وكسب اول رهان حيث إزالة الهمس عن مصير العلاقة بالحاضنة السياسية بل ومضى خطاب الوالي الذي اعتبره مراقبون خطاب رجل دولة في مرحلة تحتاج لهكذا خطاب فقد عبر بشمول عن القدرة على السعي لرتق النسيج الاجتماعي ولعل الإشارة الأهم في حديثه الايجابي عن العلاقة مع القوات النظامية والتي لم تكن على ما يرام في الحكومة السابقة حيث امتازت بالتوتر والشد والجذب مما جعل منها بؤرة اندلعت منها شرارة الحرب لياتي تطمين الحاكم بردا وسلاما على الجميع بان السلام الذي تم توقيعه هو سلام لكل السودانيين قاطعا العزم بالاستفادة من كل ايجابياته كما لم يبخس الحاكم دور الاخرين ومساهماتهم في تحقيق السلام عبر الوسائل المدينة والكلمة هذا مع تاكيده على ما اتاحتة الإتفاقية من فرصة لاعادة هيكلة الدولة على اسس المشاركة العادلة في السلطة والمساواة في الحقوق والواجبات على اساس المواطنة المتساوية فوق هذا فقد اكد الحاكم عزمه على المضي قدما فيما بدأه سلفة المرحوم عبدالرحمن نور الدائم في ارثاء نموذج للحكم الرشيد وتحقيق طموحات شعب الولاية
وتأتي اهم التأكيدات باشراك كل مكونات شعب النيل الازرق الشيء الذي ياتي على خلفية تاكيدات الفريق مالك عقار رئس الحركة الشعبيه شمال الموقعة على إتفاق سلام جوبا وغيره من قادة الجبهة الثورية بخصوص المصالحات الشاملة في إشارة لامكانية المصالحة مع الإسلاميين ولم يكن مستبعدا ان تنطلق هذه المصالحات من اقليم النيل الازرق لجهة أن الخصومة بين الاسلاميين ومكونات الثورة في النيل الازرق لم تكن بمستوى العدوانية والمواجهات ولم يغب عن خطاب الحاكم الظرف الماثل بالولاية واللبلاد ومحيطها قاطعا بتجفيف بؤر الصراع واسترداد الاوضاع المضطربة كاولوية في برنامج حكومته التي تحرص على استيعاب القوى الحية ومحاربة الفساد وازالة التمكين والفساد عبر الطرق القانونية لتتجه الحكومة الى وتخفيف الضائقة المعيشية واعمار ما دمرته الحرب
ويمضي الحاكم قدما نحو الاهتمام بالخدمات الاساسية في الصحة والتعليم ومياه الشرب كما لم ي غفل الخطاب واحدة من اهم القضايا التي ظلت تمثل صراع دائم وملف مرحل عبر كل الحقب والحكومات
ومضى خطاب الحاكم الى ام القضايا الجوهرية وما نصت عليه اتفاقية سلام جوبا فيما يلي السلطة والمشاركة التي حددت بنسبة ٣٠٪ على المستويين التشريعي والتنفيذي واجلى الخطاب بشكل واضح وصريح اقتصار الحكم الإقليمي بالنيل الازرق على المحافظات “المحليات” السبعة القائمة اصلا الشيء الذي كان يمثل مصدر للاجتهاد
وقطع الحاكم الأمر في تعيين المفوضيات التي نص عليها اتفاق السلام وفقا للكفاءة مما ياتي تأكيدا على حديثه اعلاه بالإعتماد على الكفاءة دون اقصاء
واما مشكلة الأراضي وصفها وما يقال حولها من لقط ومشاكل والتي وصفها وما يثار حولها من لقط ومشاكل والتي وصفها الخطاب باحد اسباب الحرب حيث جاء التأكيد بمراجعة عقوداتها من مشاريع زراعية ومشاريع تعدين قاطعا العزم بتعويض لكل من تضرر من سياسات نزع الأراضي مع ايلولة سلطتها لحكومة الاقليم هذا علاوة على التأكيد لارجاع كل الممتلكات المنهوبة والمصادرة والتي اتلفت ليمضي خطاب الحاكم نحو الاهتمام بشريحة اللاجئين والنازحين بوضت خطة لعودتهم الى مناطقهم والعمل على تعميرها وتوفير الخدمات الضرورية

إزالة اللبس :

اكثر ما كان يشكل ويلتبس في امر اتفاقية جوبا للسلام بين الحركة الشعبية شمال جناح مالك عقار وحكومة الفترة الانتقالية هو قضية الحكم الذاتي حيث أجلى الخطاب اللبس والغموض بالتاكيد على وحدة السودان شعبا وارضا وفق سلطات حصرية مشتركة منصوص عليها

الوالي خاطب بلغة رجل الدولة منبها على الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتق المواطن والمجتمع ومنظماته المدنية حتى يتم التحول من مجتمع متأثر بالحرب الى مجتمع مدني مسالم بالتسامي فوق الجراح وعمل مصالحات والتعافي وطي صفحة الحرب ومراراتها والتعايش السلمي والتراضي الاجتماعي والحد من النعرات العنصرية والقبيلة ونبذ الثار والانتقام ولعل هذه الفقرة تعتبر الاكثر اهمية والتي يتوقف عليها نجاح الحكومة وعبور الولاية الى بر الامان وتأتي قضية الترتيبات الامنية ذات ارتباط مباشر يتوقف عليها تنفيذ الاتفاق السياسي والاصلاح الاقتصادي لذا تصبح الترتيبات الامنية قضية مفصلية لها ارتباط بكل محاور الاتفاق وبتنفيذها يكون ضمان نجاح كامل لاتفاقية السلام وهذا لا يتم الا بتوافر صدق النوايا والارادة السياسية لطرفي الاتفاق
اذا أن مجمل القول في خطاب الفريق الحمد العمدة او بالأحرى خطاب الحركة الشعبية يمثل نقلة كبيرة و تحول في بنية الحركة الشعبية قيادة مالك عقار وبرؤيه جديدة اكثر انفتاحا على المجتمع واكبر رغبة في التعاطي مع الاخر بل بعد مراجعة دقيقة لكل المواقف السابقة للحركة بعيدا عن اللغة الخشنة ولم يدع الخطاب سؤالا الا واجاب عليه دون مواربة اوغموض  ولم يدع سبيلا للمخاوف والمحاذير في التعامل مع الاخر السياسي او القبلي والجهوي
واما على مستوى الحاكم فقد بدا أن الحركة الشعبية قدمت رجلا يحمل سمات وميزات رجل الدولة والمرحلة وان ما تم من حشد وحضور على اعلى مستويات السلطة في البلاد على المستوى السيادي ممثلا في نائب رئيس المجلس السيادي الفريق حميدتي وعضو السيادي الفريق عقار وبقية الوفد الاتحادي عالى المستوى من شركاء الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية كان حق مستحق لمثل هذه المناسبة والتي تمثل اعادة صياغة وتغيير كامل للمشهد والمسرح السياسي يتقدمه رجل من داخل الخنادق والبنادق برؤية رجل دولة يملك رؤية وجرءة لادارة المرحلة .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى