حاتم السر يكتب وداعًا (أم أيمن) يا ست الكل
غيّب الموت اليوم الخميس ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٢م الموافق الثاني من شهر ربيع ١٤٤٤ سيدة جليلة فاضلة هي المرحومة شريفة (أم أيمن) حرم المرحوم البروفيسور الطبيب العلامة عثمان عبده أخصائي الأمراض النفسية والعصبية المعروف… فكان لرحيلها أثر بالغ وشديد في نفس كل من عرفها.
أكتب هذه الكلمات، وفي العين دمعة، وفي القلب غصة، إذ عرفت الراحلة الكبيرة منذ زمن بعيد، فكانت جارة «الهناء والرضاء» أحبها بصدق كل من عرفها… فهي صاحبة الخير والعون والمشورة الصادقة… وهي الإنسانة التي ما عرفت إلا التضحية والعطاء.
يا «أم أيمن»… يعزّ عليّ كثيراً أن أكتب كلمات الرثاء، لأنني أعلم ان هذه الكلمات قاصرة عن اعطائك «حقك».كما يعزّ عليّ يا جارتنا العزيزة أن أمرّ من أمام بيتك، الذي كان مفتوحاً أمام الجميع، فلا أسمع صوتك، ولا أتفاءل بطلتك البهيّة وتغيب ابتسامتك الوضيئة التي كانت لا تختفي من وجهك الصبوح .
لعلي لا أبالغ إذا قلت بأنني التقيت في حياتي بنساء عظيمات ومميزات، لكنني وبكل صدق لم أرَي مثيلا للفقيدة العزيزة شريفة (أم أيمن) التي لم تبخل يوماً على محتاج أو مسكين ولم تتأخر يوما عن نجدة ملهوف، ولم تتراجع عن تخفيف آلام
الجيران…ومعظم سكان الصافية يعرفونها ويحترمونها غاية الاحترام.
عندما تكون الفقيدة شريفة (أم أيمن) يكون الحزن مقيما، ويكون الأسي رفيقا، ويكون الفقد كبيرًا ،ويكون المصاب جللًا ،وتكون
الخسارة جسيمة ،ويكون الألم مفجعًا.
وداعا ايتها الطاهرة الشريفة (شريفة).
لقد تعرفت علي الفقيدة شريفة وزوجها المرحوم البروفسير عثمان عبده منذ عشرات السنين بحكم انهما جيران خالنا المغفور له باذن الله الاستاذ احمد عبدالعظيم عبدالرحمن بالصافية وكان عثمان وشريفة يمثلان أفضل نموذج يحتذي للزوجين المثاليين
المتحابين الذين جمعت بينهما المودة والمحبة والرحمة والوفاء ويشهد كل من عرف الفقيدة شريفة بانها كانت نعم الزوجة البارة بزوحها ،ونعم الأم الرؤوم بأولادها وبنتها الوحيدة، ونعم الاخت الحنينة باخوانها واخواتها، ونعم الجارة الوفية بجيرانها
.كانت دارها مقصدا لأهلها ومعارفها وجيرانها وما عرف الناس عنها الا كرم الاخلاق ،وحسن الجوار ،وطيب المعشر ،وصلة الرحم، ورجاحة العقل، وحسن التدبير، وحضور البشاشة، ودوام التفاؤل.
اتصلت اليوم هاتفيا بزوجتي وعندما فتح خط الهاتف تناهي الي سمعي في الخلفية صوت بكاء وصراخ ونواح وجاءني صوتها باكيا وحزينا فادركت ان أمرًا جللًا قد وقع فقالت لي شريفة ماتت يا حاتم !! وانتهت المكالمة عند هذا الحد !! وبدأت أنا
مفجوعًا أواجه صعوبة الحزن علي الفراق، وألم مغادرة إنسان تحبه ولم تشارك في وداعه!! رحلت اليوم الطيبة جارتنا (شريفة) وهي في الواقع كانت منذ يوم الثلاثاء ١٢ مايو ٢٠١٥ تعيش بيننا بجسدها فقط لان روحها كانت هناك مع شريك
حياتها ورفيق دربها وتوأم روحها البروفيسور عثمان عبده الذي انتقل الي جوار ربه راضيًا مرضيًا عنه في التاريخ أعلاه .وكلاهما عزيز علينا، فهم جيران خالنا المرحوم الاستاذ أحمد عبدالعظيم عبدالرحمن في الصافية منذ السبعينيات وهم (أهل) وليسوا
جيرانا فقط، ولهم في نفوسنا ذكريات (جيرة طيبة) وعشرة لا تنسى وذكريات غالية في لندن والخرطوم.ولهم عندنا منزلة وحق الجوار والعشرة، فلقد أوصى الله عز وجل بالإحسان إلى الجار كما في جاء سورة النساء في قوله تعالى: (واعبدوا الله
ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم).واوصي الرسول صلى الله عليه وسلم بإكرام الجار، وذلك بقوله: (من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه).
يطول الحديث ولا ينتهي عن الفقيدة العزيزة شريفة صاحبة الشرف اسما علي مسمي وصاحبة الحياء التي لا تسمع لها
صوتا، صاحبة النفس الكريمة، السخية المعطاءة، التي كانت تعاملنا كأننا أبنائها، دون تفرقة، المرأة التي كان من صفاتها الاعتماد على نفسها في كل شؤونها، وتمقت كثيراً الاتكالية والكسل.رحمها الله رحمة واسعة وغفر لها ونتقدم لبنتها الوحيدة
الدكتورة جيهان عثمان عبده ولابنائها أيمن وأكرم وأحمد والدكتور أشرف (أبو يوسف) ولشقيقاتها واشقائها ولاهلها وذويها نتقدم لهم بخالص العزاء وصادق المواساة ،سائلين الله تعالي أن يصبرهم علي هذا المصاب الجلل والفقد الأليم كما نسأله
تعالي أن يتقبل الفقيدة العزيزة قبولا حسنا ،اللهم يمّن كتابها ، ويسّر حسابها ، وثقّل بالحسنات ميزانها، وثبّت على الصراط أقدامها، وأسكنها في أعلى الجنات، في جوار نبيّك ومصطفاك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . انا لله وانا اليه راجعون.