السودانمقالات

جوهر الأفكار الدبلوماسية المئوية لتاسيس الحزب الشيوعي الصيني

جوهر الأفكار الدبلوماسية المئوية لتاسيس الحزب الشيوعي الصيني

السفير الصينى لدى السودان ما شينمين

يصادف اليوم عيد الميلاد المئوي للحزب الشيوعي الصيني. و استرجاع التاريخ المئوي المجيد لتأسيس الحزب، فإن الحزب الشيوعي الصيني تحت قيادة اللجنة المركزية للحزب ونواتها كل من السيد ماو تسي تونغ والسيد دنغ شياو بينغ والسيد جيانغ زيمين والسيد هوجينتاو والسيد شي جينبينغ، وقد تم صياغة الأفكار الدبلوماسية المتميزة بالخصائص الصينية للدول الكبرى تدريجيا من خلال الممارسات العظيمة المتمثلة في الثورة والبناء والإصلاح والاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والأمر الذي يرشد الدبلوماسية الصينية مواجهة كل التحديات وتحقيق المنجزات اللامعة.

أولا، التزام بالاستقلال. إن الاستقلال هو حجر الزاوية للأفكار الدبلوماسية للحزب الشيوعي الصيني. وقد إتخذ الحزب منذ تأسيسه خوض النضال من أجل الاستقلال والتحرير الوطني كمسؤوليته، ومعارضة الامبريالية وتحقيق استقلال الأمة الصينية كأهداف كفاحه. وبعد تأسيس الصين الجديدة، كان الحزب الشيوعي الصيني بصفته الحزب الحاكم ترك السياسة الدبلوماسية من السلطات الصينية القديمة الى جانب، ويسعى إلى إقامة العلاقات الخارجية على قدم المساواة في السيادة، ويتبنى سياسة ” البدء من جديد“ و” ترتيب المنزل قبل دعوة الضيوف “ ، حيث تم إلغاء المعاهدات غير المتكافئة التي فرضتها القوى الغربية على الصين وامتيازاتها في الصين، مما أنهى التاريخ الدبلوماسي المهين للسلطات الصينية القديمة الذي امتد أكثر من مائة عام وأرسى حجر الأساس للدبلوماسية المستقلة للصين الجديدة.

ظل يلتزم الحزب الشيوعي الصيني بسياسة خارجية مستقلة ، ويتمسك بالمبادئ المتمثلة في المساواة السيادية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، ويضع الحفاظ على الاستقلال والسيادة والأمن والكرامة الوطنية في المقام الأول، بينما يعارض الامبريالية والاستعمارية والهيمنية وسياسة القوى والتدخل غير الشرعي، حيث حصل على الانتصارالعظيم لحرب مقاومة العدوان الأمريكي ومساعدة كوريا الشمالية وطرح إبداعيا سياسة ” دولة واحدة ونظامان “ لاستئناف السيادة على هونج كونج وماكاو. يحارب بكل حزم كل أقوال وأفعال من القوى الخارجية للتدخل في الشؤون الداخلية الصينية أو إضرار المصالح الصينية باستغلال القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية الصينية المتمثلة في تايوان وهونج كونج وشينجيانغ والتبت وبحر الصين والحقوق الإنسانية وإلخ.

وتم التزام الحزب الشيوعي الصيني بالاحترام المتبادل ومراعاة المصالح الجوهرية والاهتمامات البالغة للجانبين واحترام حق كل الدولة لاختيار الطريق التنموي والنظام الاجتماعي بشكل مستقل خلال معالجته العلاقات الدولية. وبالنسبة إلى الشؤون الدولية، ظل يحدد الحزب مواقفه وسياساته انطلاقا من مصالح شعب الصين وشعوب العالم وبناء على الصواب والخطأ للقضية، ولن يخضع لأي ضغوط خارجية أبدا.

ثانيا، ممارسة التنمية السلمية. إن السير في طريق التنمية السلمية هو الاتجاه الأساسي لدبلوماسية الصين. قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني إلى خلق طريق جديد للتنمية السلمية يتسم بالقوة بدلا من الهيمنة. فهو لم يغير منطق التنمية عبر توسيع الهيمنة للقوى العظمى في الماضي فحسب، بل يغير المصير التاريخي بالسعي إلى الهيمنة للقوى العظمى بعد صعودها، بما يقدم العطاء الصيني لحماية السلام العالمي. خلال حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، قاد الحزب الشيوعي الصيني الصينيين لكسب الانتصار العظيم في معركة دموية لمدة 14 عامًا وقدم مساهمات كبيرة في حماية السلام العالمي. منذ تأسيس الصين الجديدة، دافع الحزب الشيوعي الصيني بكل وضوح عن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي وتمسك بها، وكما حدد سياسة الخارجية السلمية واتبعها وأدرجها إلى دستور الحزب ودستور الدولة.
يصر الحزب الشيوعي الصيني على التعايش السلمي مع جميع الدول والأحزاب سواء كانت كبيرة أوصغيرة، قوية أوضعيفة، غنية أوفقيرة، متبعا سياسة الحوار بدلا من المواجهة والشراكة بدلا من الانحياز، ولا يقف إلى الصفوف انطلاقا من الأيديولوجية، حيث يعمل على بناء شراكات تغطي العالم وأقام اتصالات مع أكثر من 600 حزب ومنظمة سياسية في 160 دولة و إقليم. تصر الصين على التعامل مع نزاعات الحقوق والمصالح الإقليمية والبحرية مع الدول المجاورة من خلال المفاوضات والتشاور، وقد حلت سلميا القضايا الحدودية مع 12 من جيرانها البرية البالغ عددها 14.
ينتهج الحزب الشيوعي الصيني سياسة الدفاع الوطني الدفاعية. خلال 72 عامًا في السلطة، لم يبادر إلى إثارة أي حرب أو صراع، ولا يشارك في أي سباق تسلح أو كتلة عسكرية. ويصر على عدم السعي إلى الهيمنة أو التوسع أو الإكراه، أو السعي إلى مناطق نفوذ، بل يعتبر دائما قوة مهمة لحماية السلام العالمي.
يظل الحزب الشيوعي الصيني دائما باني السلام العالمي. تشارك الصين بنشاط في حل القضايا الساخنة الكبرى إقليميا ودوليا، وتنصح أطراف النزاعات بالتصالح وتحثها على التفاوض، وتدعو إلى إيجاد حل للنزاعات عبر الحوار والتفاوض والتشاور وغيرها من الوسائل السياسية. تعارض الصين الاستخدام غير المشروع للقوة أو التهديد باستخدام القوة، وتعارض الاستخدام المتكرر للعقوبات الأحادية الجانب. هي تدعم الأمم المتحدة في الاضطلاع بدور ريادي في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
تدعم الصين بثبات عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة دائما وتشارك فيها بنشاط. وبصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، شاركت الصين حتى الآن في 29 عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة وأرسلت مجموعات أكثر من 50000 شخص، وهي الدولة التي بعثت أكثر عدد من الجنود بين الأعضاء الدائمة لمجلس الأمن وثاني أكبر دولة في تحمل تكلفة حفظ السلام في الأمم المتحدة، وتلعب دورًا بناء في حفظ السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ثالثا، التمسك بالتعاون والكسب المشترك. إن تعزيز بناء نوع جديد من العلاقات الدولية المتمثلة في التعاون والكسب المشترك هو المبدأ الأساسي للدبلوماسية الصينية في العصر الجديد، الذي يتجاوز النظرية الغربية للعلاقات الدولية القائمة على الألعاب الصفرية، حيث يستبدل المواجهة بالتعاون والاحتكار بالكسب المشترك من أجل تحقيق المصالح والأهداف المشتركة بين البلدان، وفتح نموذج جديد للعلاقات الدولية.
يلتزم الحزب الشيوعي الصيني باستراتيجية الانفتاح المتمثلة في المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، ويركز على توحيد التنمية الداخلية والانفتاح نحو الخارج، وربط التنمية الصينية بالتنمية العالمية، والجمع بين المصالح المشتركة للشعب الصيني والشعوب العالمية، والدعوة إلى المبادرة للتشارك في بناء “الحزام والطريق”، والعمل في دفع تواصل السياسة والاتصال والتجارة والمال والشعب. وطرح مفهوم الدبلوماسية للدول المجاورة والدول الأفريقية المتمثل في الإخلاص والتسامح، مما يعزز التنمية والازدهار المشتركة بين الدول المجاورة والدول النامية. أصبحت الصين الدولة الأولى في تاريخ البشرية التي لا تسعى الى تحقيق نهضة الأمة بصفة ناهب ومتفوق حضاري، ومشي في طريق التنمية و النهضة المختلف عن القوى الغربية.

رابعا، التمسك بالعدالة والإنصاف. يعد العدالة والإنصاف هو الهدف وراء قيمة الدبلوماسية الصينية. يلتزم الحزب الشيوعي الصيني بالعدالة والإنصاف في العلاقات الدولية، ويتخذ دائما تعزيز التضامن والتعاون مع الدول النامية كنقطة الوقوف للسياسة الخارجية، ودعم القضية العادلة لعدد كبير من الدول النامية للحصول على الاستقلال القومي والحفاظ عليه، ودعم المشاركة المتساوية للدول النامية في الشؤون الدولية، وحماية الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية، وتفعيل دائما كالصديق الموثوق بها والشراكة الحميمة للدول النامية.
يلتزم الحزب الشيوعي الصيني بإنشاء نظام سياسي واقتصادي دولي جديد عادل ومعقول، والعمل مع الدول الأخرى لتعزيز العلاقات الدولية نحو النموذج المعقول والدمقراطي والقانوني. ويلتزم بمفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في التشاور والتعاون والتقاسم، والحفاظ بنشاط على بناء وإصلاح نظام الحوكمة العالمية والمشاركة فيه، وتعزيز صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لزيادة التمثيل والصوت لدول الأسواق الناشئة والدول النامية.
يدافع الحزب الشيوعي الصيني دائما عن النظام الدولي، ويرفع علم تعددية الأطراف عاليا، ويؤيد بقوة الدور المحوري للأمم المتحدة في الشؤون الدولية، ويحافظ بحزم عن النظام الدولي ونواته الأمم المتحدة، ويحافظ عن القانون الدولي والنظام الدولي على أساس ميثاق الأمم المتحدة، ويدافع بثبات عن العولمة الاقتصادية والنظام التجاري المتعدد الأطراف القائم على منظمة التجارة العالمية، ويعارض الآحادية الجانب والحمائية و”الولاية القضائية طويلة المدى”، ويدعو إلى رؤية حضارية للانفتاح والتسامح والتعلم والاستفادة المتبادلة ومتابعة رؤية صحيحة متمثلة في التوازن بين المصلحة و الواجب والواجب في المرتبة الأولى.

الخامس، الدعوة إلى بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. إن تعزيز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية هو الهدف العام للدبلوماسية الصينية في العصر الجديد. وإن الحزب الشيوعي الصيني هو حزب سياسي يعتبر تحرير البشرية كرسالته، ويتخذ تقديم مساهمات أكبر للبشرية كهدفه. كان الحزب الشيوعي الصيني يكن مشاعر “أخذ مسؤولية العالم على كتفه” منذ تأسيسه. وخلال فترة ثورة الاشتراكية، قال الرفيق ماو تسي تونغ: “يتعين على الصين تقديم مساهمة أكبر للبشرية”. وخلال فترة البناء الاشتراكي، لم تتردد الصين في مساعدة دول العالم الثالث بإخلاص على الرغم من الظروف الاقتصادية المحدودة.

طالما يربط الحزب الشيوعي الصيني مصير النهضة الوطنية بقضية التقدم البشري عن كثب، ويشارك في مصير جميع دول العالم. تجاه التحديات والمشاكل العالمية، وقف زعيم الحزب الشيوعي الصيني في مستوى المصالح العامة للبشرية، واقترح مفهوم بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، ودعا إلى بناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن العام والازدهار المشترك والانفتاح والتسامح والنظافة والجمال. ويتجاوز هذا المفهوم النطاق الضيق والبسيط للمصالح الوطنية، فهويركز على حماية المصالح العامة للمجتمع الدولي والقيم المشتركة للبشرية جمعاء. وهو لا يحمي مصالح الناس المعاصرين فقط، بل يفيد الأجيال القادمة أيضا، ويجعل الدبلوماسية الصينية تقف على القمة الأخلاقية لتنمية وتقدم المجتمع البشري ومصير ومستقبل المجتمع البشري، ويحدد اتجاه التنمية والمستقبل للمجتمع البشري.

وإزاء التهديدات من جائحة الوباء للصحة العامة العالمية، يلتزم الحزب الشيوعي الصيني بمفهوم مجتمع صحة مشترك للبشرية، ويساعد دول العالم بعضها البعض وتكاتفوا لمكافحة الوباء، حيث تم تقديم اللقاح إلى 88 دولة بما في ذلك السودان و4 منظمات دولية، وتصدير اللقاح إلى 43 دولة، ودعم اعفاء حقوق الملكية الفكرية للقاح، وتعزيز التوزيع العادل والمعقول للقاحات والمواد ضد الوباء في العالم، وعودة بالخير على العالم. وإزاء التحدي العالمي المتمثل في تغير المناخ، يلتزم الحزب الشيوعي الصيني بالتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، ويدعو إلى التنمية الخضراء من أجل الإنسان، ويتعهد رسميًا بأن الصين ستسعى جاهدة لتحقيق ذروة الكربون بحلول عام 2030 وحيادية الكربون بحلول عام 2060.

ظل ينطلق الحزب الشيوعي الصيني من المصالح المشتركة للشعب الصيني وشعوب العالم، ويجمع ما بين حفظ مصالح البلاد و مصالح الدول الأخرى والمصالح المشتركة لشعوب العالم، ويعقد العزم على أن يكون عامر السلام العالمي ومساهمًا في التنمية العالمية، ومدافعا عن النظام الدولي، وعاملا لدفع تنوع الحضارات، وممارسا للتعاون والكسب المشترك. تتماشى الافكار والمفاهيم الدبلوماسية للحزب الشيوعي الصيني مع تيار العصر، وتتماشى مع الاتجاه العام لتنمية العالم.، ومن المؤكد أنها ستكسب المزيد والمزيد من الفهم والدعم في المجتمع الدولي، وستصبح صوتا قويا عصريا للوحدة والتعاون، وستجمع القوة العظيمة لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وستخلق غدا أفضل للمجتمع البشري.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى