الأخبارالسودان

جمعهما نشاط الجامعة ومواجهة عسكر السودان.. من هما “ود الفكي” و”سلك”؟

جمعهما نشاط الجامعة ومواجهة عسكر السودان.. من هما “ود الفكي” و”سلك”؟

أحمد فضل

الخرطوم – لفت كل من عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد الفكي سليمان ووزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف الأنظار في السودان عندما تصدرا الصراع مع العسكريين مستدعين روح أركان النقاش في جامعة الخرطوم بكل عنفوانها.

وعرفت أروقة الجامعات السودانية محمد الفكي -الشهير بـ”ود الفكي”- وخالد عمر -الشهير بـ”سلك”- في أحلك سني نظام البشير، إذ كانا من نجوم أركان النقاش في جامعة الخرطوم.

وصادف أن كلا من ود الفكي وخالد سلك ولدا عام 1979، ودخلا عش الزوجية سنة 2005، ورزقا من الذرية بالبنات من دون البنين، وترافقا في الدراسة والعمل السياسي بجامعة الخرطوم. وها هي الأقدار تضعهما مجددا معا في مواجهة المكون العسكري في السلطة الانتقالية، في أزمة تصعيد تكاد تعصف بشراكة حكومة الانتقال بالسودان.

ووجد الشابان نفسهيما في واجهة التصدي وسط اتهامات للعسكر بالسعي لانقلاب أبيض، يحول دون انتقال رئاسة المجلس السيادي للمدنيين بحسب ما نصت الوثيقة الدستورية.

فوق البروتوكول

بعد خطابين ناريين لرئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه بالمجلس وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، هاجما فيه شركاءهم المدنيين، برز خالد متحديا بقوله “مستعدون للمواجهة”.

ثم ظهر ود الفكي -وهو أيضا الرئيس المناوب للجنة إزالة تمكين نظام البشير- في لقاء تلفزيوني ليرد على البرهان بأنه ليس وصيا على السودانيين، وأنهم -باعتبارهم مكونا مدنيا- ارتضوا من أجل مصلحة البلاد الجلوس مع عسكري مجلس السيادة، مما خصم من تاريخهم النضالي.

وأثارت هذه التصريحات البرهان وحميدتي مجددا ورد الأول “بأنه لا يتشرف بأن يجلس مع ناشط أو شخص يشكك في ولائه للوطن، أو يقول إننا نخصم من رصيده الشعبي”، ليسحب العسكر بعدها الحراسة الشخصية من ود الفكي، وقوة الجيش من مقار لجنة تفكيك النظام السابق والأصول التي استردتها.

ومثلت خطوة سحب قوات التأمين التابعة للاستخبارات العسكرية ذروة التصعيد، ليجد الشابان نفسيهما مضطرين لاستخدام خبرات المواجهة في أحلك الأوقات المكتسبة من صراع الجامعات السياسي.

وهذه المرة ظهر ود الفكي وخالد سلك معا أمام حشد من الأنصار في مقر لجنة التفكيك، وكأنهما في جامعة الخرطوم فغابت بروتوكولات القصر الرئاسي ومجلس الوزراء في تحد لما يصفونهم بالانقلابيين وسط الهتافات المدوية. فمن هما “ود الفكي” و”سلك”؟

ضد الوصاية

ربما تحول ود الفكي إلى بطل في نظر الكثير من الأنصار، عندما آثر وحده -من بين كل المكون المدني في مجلس السيادة- التصدي للعسكر، في حين اعتبر مناوئون أن طريقة رده أقرب لأركان النقاش أكثر منها لرجل الدولة.

وانتقد رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل -في تغريدة على تويتر- محمد الفكي وقارن بينه وبين عضوية مجلس السيادة منذ الاستقلال من ناحية المكانة الاجتماعية والمهنية والسياسية.

وبحسب الصحفي علي الدالي، فإن ود الفكي خاض صراعا طويلا ضد الوصاية؛ ففي بداية الألفية قاد الشاب -ضمن آخرين من قيادة حزبه الاتحادي الديمقراطي- صراعا ضد هيمنة زعيم الحزب ومرشد الطائفة الختمية محمد عثمان الميرغني. ونتج عن ذلك الصراع مفاصلات حادة؛ كان أبرزها تلك التي قادها ما عرف بتيار الهيئة العامة المناهض لمشاركة الحزب في حكومة البشير عام 2010.

ووقتها برز نجم ود الفكي أمينا عاما لمركزية الطلاب الاتحاديين بالجامعات التي اختارت مناهضة هيمنة الميرغني ونظام البشير. وفي الفترة ذاتها، كان قدر ود الفكي، مع آخرين منهم زميله في مجلس السيادة محمد الحسن التعايشي ووزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، أن يكون على عاتقهم استعادة اتحاد جامعة الخرطوم.

ولاحقا، كان هذا الجيل ضمن قادة الثورة التي أطاحت بالمشير البشير بعد 30 عاما من انفراده بالحكم، في تجل للصراع التاريخي في السودان بين خريجي الكلية الحربية وجامعة الخرطوم.

سياسي وقاص

التحق محمد الفكي المتحدر من أسرة سكنت أم روابة (شمالي كردفان) -وتعود جذورها إلى جزيرة “أولي” (شمالي السودان)- برابطة الطلاب الاتحاديين بجامعة الخرطوم 1998 وترقى فيها حتى منصب أمين عام مركزية الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين على مستوى القطر. ورغم أن خصوم ود الفكي في الجامعات دائما ما أطلقوا عليه لقب “الفتى المتفلت”، فإنه كان بالنسبة لآخرين يعبر عن حال جيل وأحلامه.

ويقول مأمون فاروق المقرب من ود الفكي إنه “شخص ملتزم بالعمل المؤسسي وروح الفريق ولديه مقدرة كبيرة للعمل تحت الضغط وفي أصعب الظروف؛ مما يمكنه من اتخاذ القرار السليم”. وبحسب فاروق، فإن ود الفكي على أنه مصادم، لكن شخصيته لا تخلو من ود وهدوء واحترام لكل الآراء المنتقدة حتى في اللحظات الصعبة التي يتعرض فيها للهجوم.

وحصل الفكي على بكالوريوس وماجستير في العلوم السياسية من جامعة الخرطوم. وتزوج سنة 2005، وهو أب لطفلة (لين). وعمل بالصحافة السودانية قبل أن يهاجر إلى قطر ليعمل بصحيفة العرب القطرية. وهو كاتب وقاص لديه كتب منشورة، منها “صباحات زاهي.. مساء الجنرالات” و”تحديات بناء الدولة السودانية”.

ربيب الاعتقالات

وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، الشهير بـ”سلك”، كان أول من تصدى لخطاب البرهان، فمن على شاشة قناة الجزيرة تحدى العسكريين قائلا “جاهزون للمواجهة، إذا كان المكون العسكري لا يرغب في الشراكة”.

وهذه المواجهة التي صدع بها خالد تعود عليها منذ أولى خطواته على منابر أركان النقاش بجامعة الخرطوم منافحا عن مؤتمر الطلاب المستقلين، الذراع الطلابي لحزب المؤتمر السوداني في الجامعات السودانية، كما يقول مناصروه.

وحتى وهو وزير لشؤون مجلس الوزراء درج على الظهور في بث حي على فيسبوك لتلقي الأسئلة والاستفسارات عن الشأن السياسي والتنفيذي، رغم حساسية المرحلة التي يمر بها السودان.

ودائما ما تعرض خالد للاعتقال في أوقات الأزمات بين المعارضة ونظام البشير فاعتقل في ديسمبر/كانون الأول عام 2016، وفي الشهر ذاته من عام 2017 وفي يناير/كانون الثاني عام 2018.

ويروي القيادي في حزب المؤتمر السوداني محمد حسن عربي أنه عندما اشتدت المواجهة مع نظام البشير، تم نقل خالد عمر إلى مكان آمن. وفي أحد الأيام اضطر لوضعه في حقيبة السيارة؛ حتى يتمكن من لقاء زوجته (أميمة) وطفلاته الثلاث (ريان وريم ورنان) ليلا في منطقة نائية جنوبي الخرطوم. وعندما قرر حزب المؤتمر السوداني مناهضة إعادة ترشح البشير في انتخابات 2020، كان خالد أحد القادة الذين كلفوا بمقاومة رغبة البشير في الترشح.

تواصل فعال

ولج خالد عمر مؤتمر الطلاب المستقلين عن طريق ابن خاله القيادي بحزب المؤتمر السوداني مالك أبو الحسن. ويتحدر خالد ومالك من بلدة فداسي (ولاية الجزيرة) في أواسط السودان. وعبر خالد عمر عن رؤية حزبه في الجامعة بما يمتلكه من وضوح في التعبير، وهي المهارة ذاتها التي مكنته من التصدي لهجمة العسكر المفاجئة الأسبوع الماضي.

وبحسب مالك أبو الحسن، فإن خالد يمتلك مهارتين مهمتين في العمل السياسي، هما التواصل الفعال والتفكير النقدي، وهو ما يمكنه من تقديم حجج مقنعة “حتى ولو استخدم معلومات غير صحيحة وأحيانا يفعل ذلك”.

ويتابع “خالد لا يتواضع على أن ما يراه قد يكون خطأ ولو بنسبة قليلة، لذلك يعجز عن قراءة الموقف الآخر. هو لا يجيد العمل في فريق، يريد أن يكون رأس الحربة والمدافع ولا يترك الفريق يلعب معه.”

ولد خالد بالسعودية ودرس 3 سنوات هناك قبل أن يعود للسودان برفقة والده المهندس عمر يوسف الأمين ووالدته خريجة كلية العلوم جامعة الخرطوم زهور محمد عبد الله الوالي، شقيقة جمال الوالي الإسلامي والرياضي المعروف.

المصدر : الجزيرة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى