مقالات

جمال عبدالفضيل الكناني يكتب: من كهوف الصين إلى ذاكرة السودان: دروس في حرب الشعب والمقاومة الوطنية

 جمال عبدالفضيل الكناني يكتب: من كهوف الصين إلى ذاكرة السودان: دروس في حرب الشعب والمقاومة الوطنية

 

 

يشكل المقال بعنوان “قوة تشكلت في الكهوف.. كيف قاد الحزب الشيوعي الصيني حرب المقاومة الشعبية ضد العدوان الياباني”، والذي تم نشره في 30 اغسطس 2025 في صحيفة العهد أونلاين نافذة تاريخية ومعرفية مهمة تربط القارئ السوداني بإحدى أبرز مراحل الكفاح الإنساني ضد الفاشية والعدوان، من خلال استعراض الدور المحوري الذي لعبه الحزب الشيوعي الصيني في قيادة المقاومة الشعبية ضد الغزو الياباني.

فالمادة لم تكتف بسرد وقائع تاريخية، بل قدمت قراءة إنسانية وسياسية للمقاومة الصينية، بوصفها قوة تشكلت من رحم الكهوف، واعتمدت على تلاحم الشعب والجيش، وإرادة لا تلين في مواجهة الاحتلال.

تكمن أهمية المقال بالنسبة للقارئ السوداني في أنه يعيد تسليط الضوء على مفهوم “حرب الشعب” التي لا تقوم على التفوق العسكري وحده، بل على وحدة الإرادة الوطنية، وتنظيم المجتمع، والتفاف المدنيين حول قوات المقاومة، وهو مفهوم يجد صداه عميقاً في الذاكرة السودانية، التي عرفت بدورها نماذج رائدة في مقاومة الاستعمار البريطاني والحكم الثنائي، حيث تضافرت الإرادة الشعبية مع القيادة الوطنية لولادة حركات تحرر شكلت منعطفاً في تاريخ أفريقيا.

كما يبرز المقال كيف استطاعت الصين تحويل ظروفها القاسية آنذاك – المتمثلة في الفقر والعزلة واتساع الريف – إلى عناصر قوة شكلت قاعدة لحرب العصابات وحرب المقاومة طويلة الأمد. هذا النموذج، بما فيه من صبر واستنزاف للمحتل، يجد تشابهاً مع تجارب المقاومة في السودان، التي اعتمدت على الريف والحاضنة الشعبية في بناء قواعد الكفاح ضد الاحتلال.

من جهة أخرى، يحمل المقال بعداً وجدانياً، إذ يعرض قصص المحاربين العجزة، وتجارب الفلاحين الذين تحولوا إلى مقاتلين، وتفاصيل حرب استمرت 14 عاماً دفع فيها الصينيون ثمناً باهظاً من الدماء والصمود. هذا البعد الإنساني من شأنه أن يوقظ في وجدان القارئ السوداني مشاعر الفخر والحنين إلى تضحيات الأجداد في ميادين شيكان وكرري وتوشكي، ويذكر بأن إرادة الشعوب قادرة على صناعة التحولات التاريخية مهما بدت المنازل الطينية والكهوف البسيطة بدايةً متواضعة.

إن نشر مثل هذا المقال في الإعلام السوداني، وبتضمينه صوراً تاريخية نادرة، يعزز الوعي بالتاريخ العالمي المشترك للنضال، ويتيح مقاربة جديدة لفهم الصين ليس من زاوية القوة الاقتصادية المعاصرة فحسب، بل كأمة عاشت المقاومة، وذاقت مرارات الاحتلال، وخاضت حرباً وجودية شكلت هويتها الحديثة. كما يسهم في دعم جسور الفهم الثقافي بين الشعبين، ويمنح السودانيين فرصة للتأمل في كيفية تحويل الكفاح إلى نهضة، والمقاومة إلى مشروع دولة.

بكلمات أخرى، هذا المقال لا يحكي عن الصين فقط، بل يحكي عن كل شعب آمن بأن الحرية تُنتزع ولا تُمنح، وعن الإنسان عندما يقرر أن الكهوف يمكن أن تتحول إلى مقرات قيادة، وأن الشعوب حين تتوحد، تصبح أقوى من الجيوش.

 

جمال الكناني
صحيفة العهد أونلاين

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى