تميمة حظ فرنسا ومهندس أمجادها.. ديشامب يتجنب الأضواء رغم اقترابه من إنجاز تاريخي
الخرطوم|العهد اونلاين
تميمة حظ فرنسا ومهندس أمجادها.. ديشامب يتجنب الأضواء رغم اقترابه من إنجاز تاريخي
لم يسبق لأي مدرب أن فاز بكأس العالم لكرة القدم مرتين فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكن مدرب فرنسا ديدييه ديشامب يفصله فوز واحد لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية، عند مواجهة الأرجنتين بالنهائي الأحد على ملعب لوسيل بالعاصمة الدوحة.
وفي حال إحرازه اللقب، سيكون ديشامب (البالغ 54 عاما) الوحيد في العالم الذي يتوج بهذه الكأس مرة واحدة لاعبا (عام 1998) ومرتين مدربا بعد أن كان قاد “الديوك” للقب مونديال “روسيا 2018” في حين كان البرازيلي ماريو زاغالو حقق الإنجاز ذاته ولكن في مناسبتين لاعبا (عامي 1958 و1962) وفي مناسبة واحدة مدربا (عام 1970).
ورغم اقتراب فرصته لإعادة كتابة التاريخ كأول من يفوز بكأس العالم مرتين مدربا ومرة لاعبا، أبعد ديشامب نفسه عن دائرة الضوء، وسمح لتشكيلته المحببة بأن تخطف الأنظار مكانه.
وقال ديشامب معلقا “لست أهم شيء هنا، الفريق أهم بالطبع، أنا فخور وندرك أن هناك فرصة للدفاع عن لقبنا في النهائي، هذا إنجاز كبير بالفعل، سنفعل أي شيء ممكن لنكون أكثر سعادة يوم الأحد، لا أفكر في نفسي حقا، أنا سعيد بما حققناه من نجاح”.
رحلة البحث عن المجد
ونجح هذا المدرب في أن يخط مسيرة ناجحة “للديوك” في كأس العالم “روسيا 2018” ثم النسخة الحالية من المونديال في قطر، عندما خسر مباراة واحدة من أصل 13 مباراة حتى الآن في كلتا النسختين، وكانت أمام تونس بختام دور المجموعات (1ـ0) بعد أن ضمن تأهله للدور الثاني.
ويعد ديشامب رابع مدرب يقود منتخبا إلى نهائيين متتاليين بكأس العالم بعد فيتوريو بوتسو (إيطاليا) وكارلوس بيلاردو (الأرجنتين) وفرانتس بيكنباور (ألمانيا الغربية) وخسر الأخيران النهائي الثاني، لكن بصمته الكبرى كانت بينة في إعادة توحيد منتخب فرنسا الذي كان ممزقا في السابق، قبل أن يبني تشكيلة تعرف كيف تذهب بعيدا في البطولات الكبيرة.
وكان ديشامب قائدا لجيل فرنسا الذهبي الفائز بكأس العالم 1998 وبطولة أوروبا 2000، لكنه الآن يطوي النجاحات ويقود جيلا ذهبيا آخر بالعقد الأخير وتحديدا منذ أن تسلم مفاتيح قيادة منتخب “الديوك” من زميله السابق في تتويج عام 1998 لوران بلان.
وفي مسيرته التدريبية، قاد ديشامب فرنسا إلى نهائي بطولة أوروبا على أرضها عام 2016 لكنه خسر من البرتغال بفارق هدف بعد وقت إضافي، ثم توج بكأس العالم 2018 حين سحق كرواتيا (4 ـ2) والآن ينتظر مواجهة كبرى أخرى في قطر ستجمعه بمنتخب الأرجنتين.
يقول باتريس إيفرا لاعب فرنسا السابق عن ديشامب “نلقبه بتميمة الحظ، لكن أكبر مميزاته القدرة على بناء فريق” وتابع “أحيانا لا يختار أفضل اللاعبين لأنه يحبذ قاعدة (الفريق هو النجم) ويمكنه بناء تشكيلة قادرة على الفوز بالألقاب”.
وأضاف إيفرا “هو مدرب مذهل ومتواضع للغاية، بالنسبة لي هو أفضل مدرب فرنسي”.
وما يميز ديشامب أيضا الثقة في اللاعبين الشبان رغم وفرة المواهب لديه، وبدا ذلك خلال الدفع بثنائي في وسط الملعب يفتقر للخبرة، يوسف فوفانا وأوريلين تشواميني (لعبا إجمالي 25 مباراة دولية) في قبل نهائي كأس العالم.
ويعلق ديشامب بالقول “الخبرة ليست كل شيء، فوفانا وتشواميني يتمتعان بقدرات هائلة ويلعبان بأندية كبيرة، ربما يحتاجان لخبرة ترشدهما لكنهما يملكان الجودة بالفعل ولا أشك في وضعهما بالتشكيلة”.
كما يتمتع هذا المدرب بالمرونة دون اتباع فلسفة أو فرض هوية محددة، رغم أن ذلك يميز منتخبات كبرى أخرى، بل يتأقلم حسب الظروف وطبيعة المنافسين، ويمكن لفريق ديشامب أن يهيمن على الاستحواذ تارة، وقد يعتمد على الهجمات المرتدة تارة أخرى مثلما حدث أمام المغرب في الدور قبل النهائي.
بدوره، أكد مدرب منتخب المغرب وليد الركراكي “عندما تعتقد أنك قريب من الفوز على فرنسا، ففي الواقع أنت بعيد جدا، أثبت ديشامب أنه أفضل مدرب في العالم في آخر 10 سنوات”.
بدايات تدريبية واعدة
ويجر ديشامب خلفه مسيرة تدريبية زاخرة بالإنجازات، ولم يجلس إلا على دكة احتياط 4 فرق طوال مسيرته التدريبية الطويلة والتي بدأت مطلع القرن الحالي بتولي تدريب فريق موناكو، لكنه حقق نجاحا كبيرا خاصة مع المنتخب وعرف المجد والبطولة قبل ذلك بكثير.
وعام 2001 تولى ديشامب تدريب موناكو وعمره آنذاك 33 عاما فقط، بعد أشهر فقط من اعتزاله اللعب، ليقوده عام 2003 لإحراز لقب كأس الرابطة الفرنسية، لكن الإنجاز الأكبر كان موسم 2003 ـ2004 عندما بلغ به نهائي دوري أبطال اوروبا قبل الخسارة أمام بورتو بقيادة جوزي مورينهو.
ودرب ديشامب عام 2006 يوفنتوس الإيطالي الذي عرف معه الأمجاد عندما كان لاعبا (1994ـ 1999) وقاده موسم 2007 للعودة لدوري الدرجة الأولى، قبل أن يدرب أولمبيك مرسيليا ويقوده للتتويج بطلا لفرنسا عام 2010.
وتواصلت المسيرة الناجحة حتى 2012 عندما تسلم ديشامب مقاليد تدريب فرنسا، ونجح في قيادتها لإحراز كأس العالم 2018 وهو اللقب الثاني في تاريخ البلاد.
أما مسيرته كلاعب فانطلقت عام 1985 مع نادي نانت، قبل أن ينتقل إلى أولمبيك مرسيليا ويتوج معه باللقب الأوروبي الوحيد بمسيرته، وكأس أوروبا للأندية البطلة عام 1993، كما حمل ديشامب ألوان يوفنتوس وقاده لإحراز دوري أبطال أوروبا عام 1996 وبلوغ النهائي عامي 1997 و1998 وبطولة إيطاليا أعوام 1995 و1997 و1998.
وخاض ديشامب تجربتين مع تشلسي الإنجليزي وفالنسيا الإسباني بين عامي 1999 و2001 تاريخ اعتزاله اللعب.
أما مع فرنسا فقد خاض ديشامب 103 مباريات (وفي سجله التهديفي 4 أهداف) بين عامي 1989 و2000، وتوج بكأس العالم 1998 وكأس أمم أوروبا 2000.