الأخبارتقارير

تقرير خاص.. أم درمان… مدينة النور والصمود

في زمن العتمة، لم يُضيء أم درمان سوى قلوب أهلها… فكانت النور قبل عودة الكهرباء

تقرير خاص .. أم درمان… مدينة النور والصمود

“في زمن العتمة، لم يُضيء أم درمان سوى قلوب أهلها… فكانت النور قبل عودة الكهرباء.”

تقرير خاص – أم درمان

عاشت مدينة أم درمان، العاصمة الوطنية، وأجزاء واسعة من ولاية الخرطوم، فترة صعبة تميزت بانقطاع تام للكهرباء لمدة عشرة أيام. خلال هذه الأيام، كانت المدينة غارقة في الظلام، لكن النور الحقيقي كان ينبعث من قلوب أهلها الذين صمدوا في مواجهة هذا التحدي، وتحملوا معاناة استثنائية بشجاعة وإصرار.

لكن بعد عشرة أيام من العتمة، عادت الأنوار لتضيء البيوت والشوارع، ليعيدوا الحياة إلى المدينة ويبعثوا الأمل في نفوس المواطنين. ولم تكن هذه العودة حدثاً عابراً، بل كانت نتيجة جهد كبير بذله موظفو الكهرباء من مهندسين وفنيين وعمال بمحطة المرخيات الحرارية. هؤلاء الأبطال واجهوا التحديات بأقصى درجات المهنية، حيث عملوا في ظروف صعبة وسهروا الليالي لتجاوز العقبات الفنية واللوجستية.

تضامن وتعاون المجتمع

في خضم هذه الأزمة، تجلت صور رائعة من التكافل الاجتماعي والتعاون بين أبناء المدينة. قدم أصحاب المخابز، الصيدليات، والمحلات التجارية دعمهم للمجتمع، حيث مدوا خطوط الكهرباء وخراطيم المياه للمحتاجين دون تردد. كما عملوا كمشاركين حقيقيين في المسؤولية الاجتماعية، مما ساعد في التخفيف من آثار الأزمة على الأسر.

ولا يمكن أن نغفل الدور البطولي للمواطنين، الذين أظهروا معدناً أصيلاً من خلال تشغيل المولدات الخاصة وإمداد الجيران بالماء. كانت بيوتهم محطات إغاثة مفتوحة، تفيض إنسانية وكرماً. ولم تقتصر المساعدات على المواطنين فقط، فقد قامت بعض المقار العسكرية بفتح أبوابها وتوفير المياه للناس، لتضخ شريان الحياة من قلب المؤسسة الوطنية إلى المدينة المتعبة.

أم درمان… صمود لا ينكسر

مدينة أم درمان، التي شهدت الصمود منذ أيام الحرب، ظلت وستظل قبلة للجميع وملاذاً للآلاف من سكان ولاية الخرطوم. قدمت دروساً عظيمة في التكافل والتراحم، وأكدت مرة أخرى أنها العاصمة الحقيقية لجميع السودانيين.

لقد أثبتت هذه الأزمة أن أهل أم درمان لا يعرفون اليأس، وأن الروح التعاونية لديهم قادرة على تحويل المحن إلى فرص للمحبة والوحدة. كما سلطت الضوء على أهمية البنية التحتية، ودعت إلى مراجعة شاملة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل.

أصوات من الميدان: كيف عاش المواطنون الأزمة؟

د. خالدة صالح – من سكان حي الإسكان، الحارة 71:
“عشنا معاناة حقيقية خلال فترة انقطاع الكهرباء، لكن الأصعب كان انعدام مياه الشرب، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة ودخول فصل الصيف. اضطر الكثيرون لاستخدام مياه غير معالجة مباشرة من النيل، وهو ما أدى إلى ظهور حالات صحية مزعجة وزاد من عبء الحياة اليومية على الأسر.”

الرشيد جمعة – شرطي متقاعد من أم درمان:
“حماية البنية التحتية للبلاد مسؤولية جماعية وواجب وطني لا يقتصر على جهة بعينها. على المواطنين أن يكونوا شركاء في حماية الممتلكات العامة، فدورهم لا يقل أهمية عن دور القوات النظامية أو الحكومة، بل هو مكمل لها من أجل استقرار الخدمات وتخفيف المعاناة.”

أبوذر – صاحب مخبز في أم درمان:
“توفّر المياه كان التحدي الأكبر في استمرار عمل المخابز. كثير من المخابز اضطرت لإغلاق أبوابها، ومن استمر بالعمل لجأ إلى تشغيل المولدات وتحمل تكاليف باهظة، واضطر إلى تقليص ساعات الإنتاج بدلاً من العمل على مدار الساعة. كانت فترة صعبة للجميع، لكننا حاولنا قدر المستطاع تلبية حاجة الناس.”

ختاماً، عادت الكهرباء وعاد النور، ولكن الأهم من ذلك أن نور القلوب وتلاحم الناس لم ينقطع يوماً. دامت أم درمان رمزاً للصبر والعطاء، ودام السودان بخير.

 

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى