تعرف على سلالة كورونا الجديدة بي 1.640.2 التي ظهرت في فرنسا وتحمل 46 طفرة
بينما العالم يخوض حربا مع سلالة “أوميكرون” (Omicron) شديدة العدوى من كورونا، حدد العلماء في فرنسا سلالة جديدة، فما اسمها؟ وما مواصفاتها؟ وهل تشكل خطرا؟ الإجابات في هذا التقرير الشامل مع أسئلة أخرى حول جائحة كورونا.
وتحدث عن السلالة الجديدة عدة مصادر مثل “إندبندنت” (independent) و”ديلي ميل” (dailymail) و”صوت أميركا” (Voice of America) و“ميرور” (mirror) و”بيزنس إنسايدر إنديا” (businessinsider) و”روسيا اليوم” وغيرها.
من اكتشف السلالة الجديدة؟
كشف المتحور الجديد من كورونا علماء من معهد البحر المتوسط للأمراض المعدية في فرنسا institute Mediterranean Infection، في ورقة بحثية نشرت في موقع ميدأركيف medRxiv. والدراسة لم تخضع لمراجعة الأقران، أي لم يراجعها علماء آخرون ولم تقبل للنشر في مجلة علمية محكمة بعد.
ما اسمها؟
رمز السلالة الجديدة هو “بي 1.640.2” (B.1.640.2) وأطلق عليه العلماء اسم “آي إتش يو” (IHU).
كم عدد المصابين بسلالة “بي 1.640.2″؟
وفقا للدراسة أصاب متحور “آي إتش يو” حتى الآن 12 شخصا يعيشون جنوب شرق فرنسا قرب مارسيليا. وقال الباحثون إن الحالة الأولى مرتبطة بشخص له تاريخ سفر إلى الكاميرون غرب أفريقيا، وتم تشخيص الحالات في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال العلماء الفرنسيون إنهم حددوا 46 طفرة في المتغير الجديد، والذي يمكن أن يجعله أكثر مقاومة للقاحات وأكثر عدوى من الفيروس الأصلي، وفقا لموقع “صوت أميركا”.
ماذا يميز سلالة “بي 1.640.2″؟
وجد المؤلفون 46 طفرة، وتظهر الاختبارات المعملية أن السلالة تحمل طفرة “إي 484 كيه” (E484K) التي يعتقد أنها تجعلها أكثر مقاومة للقاحات.
كما تحتوي طفرة “إن 501 واي” (N501Y) التي شوهدت لأول مرة في متغير ألفا، ويعتقد بعض الخبراء أنها يمكن أن تجعلها أكثر قابلية للانتقال، وذلك وفقا لـ “ديلي ميل”.
هل تثير القلق؟
وفقا للعديد من الخبراء، فإن مجرد اكتشاف متغير جديد لا يعني بالضرورة سيكون أكثر عدوى أو خطرا.
المعطيات الحالية تدعو للاطمئنان، فلم يتم اكتشاف سلالة “بي 1.640.2” في بلدان أخرى، ولم يتم تصنيفها على أنها “متغير مثير للقلق” من قبل منظمة الصحة العالمية.
وقال الدكتور توماس بيكوك، عالم الفيروسات في إمبريال كوليدج لندن، في تصريحات لـ ديلي ميل “لقد حظي هذا الفيروس بفرصة جيدة للتسبب في المتاعب، لكنه لم يتجسد حقا بقدر ما نستطيع أن نقول”.
وأضاف أنه من المؤكد أنه “لا يستحق أن نقلق بشأنه كثيرا” الوقت الحالي.
من جهته قال البروفيسور فرانسيس بالو، عالم الوراثة في جامعة كوليدج لندن، إن المتغير ليس مرتبطا بارتفاع حاد في الحالات أو الاستشفاء في فرنسا، ودعا الناس إلى “الاسترخاء”.
هل تؤذن سلالة أوميكرون بنهاية الجائحة؟
هل يمكن لموجة أوميكرون أن تنذر بنهاية جائحة كوفيد-19 من خلال اكتساب سكان العالم مناعة جماعية؟ يأمل البعض ذلك، ولكن لا يزال هناك حذر شديد لأن السيناريوهات مستقبلا لا تزال غير معروفة، وفقا لتقرير وكالة الصحافة الفرنسية.
“هذه الموجة الخامسة قد تكون الأخيرة”. هل التفاؤل الذي أبداه وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران نهاية الأسبوع مبرر حقا؟ فهو يعتقد أن المتحورة الجديدة التي صارت مهيمنة في العديد من البلدان شديدة العدوى لدرجة أنها “ستؤدي إلى إيجاد مناعة معززة” في العالم “سنكون جميعا بحال أفضل من بعدها”.
وأمام النواب يوم الاثنين أبدى وزير الصحة الفرنسي تفاؤلا حذرا، وتوقع خروجا محتملا من الأزمة. وكرر تصريحاته لـ “فرانس إنتر” اليوم نفسه مع بعض الحذر قائلا “كل شيء يدور حول ربما”.
ومع ذلك، يبدو أن هذا السيناريو المتفائل يتقاسمه عدد من الخبراء. فقد أعلن آلان فيشر المسؤول عن برنامج التطعيم الفرنسي لقناة “بي إف إم تي في” الاثنين أنه مع متحورة جديدة “أكثر قابلية للانتقال (من سابقاتها لكن أقل خطورة) ربما نشهد بداية التطور نحو فيروس أكثر شيوعا على غرار فيروسات أخرى”.
بعبارة أخرى، فإن فيروسا أشد عدوى وأقل خطورة من شأنه أن يسمح بالحصول على مناعة طبيعية إضافة إلى المناعة التي يمنحها اللقاح، مما يعني الدخول في مرحلة أقل خطورة من الوباء.
ونهاية الأسبوع، أعلن عالم الأوبئة الفرنسي أرنو فونتانيه “في النهاية هناك أمل.. سينضم فيروس كورونا إلى الفيروسات التاجية البشرية الموسمية الأخرى التي تسبب نزلات البرد والتهاب اللوزتين كل شتاء”.
وقال “لم نصل إلى هذه المرحلة بعد. يمكننا أن نتوقع ظهور متحورات جديدة ولكن بسبب تقوية مناعتنا مع مرور الوقت إما من خلال العدوى الطبيعية أو جرعات معززة من اللقاح، فإن قدرتها على التسبب بحالات خطيرة ستتراجع”.
سيناريوهان محتملان
ولكن حتى مع فيروس أقل خطورة، يمكن أن تكون العواقب وخيمة جماعيا، حيث من المحتمل أن يؤدي ارتفاع الحالات إلى زيادة عدد المرضى في المستشفيات. ولا أحد يعلم متى يمكن أن تتحقق هذه المناعة الجماعية.
وأكد مؤخرا جوليان تانغ عالم الفيروسات والأستاذ بجامعة ليستر -حسب ما نقلت عنه منظمة “ساينس ميديا سنتر” البريطانية- أنه لا يزال لديه أمل في أن يصبح الفيروس نهاية المطاف مثل فيروسات البرد الأخرى، ربما خلال العام أو العامين المقبلين، من خلال الاستمرار في أخذ اللقاحات ووضع الكمامة والتزام التباعد الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفا “كما نفعل تماما مع الإنفلونزا كل عام”.
بعد عامين على ظهور كوفيد-19 وبروز عدة متحورات وتطورات غالبا ما أحبطت جميع التوقعات، يرفض البعض التكهن الآن.
يقول عالم الأوبئة أنطوان فلاهو لوكالة الصحافة الفرنسية “إذا أردنا البدء في استخلاص دروس الماضي القريب لهذا الوباء، فلنتذكر أنه لا يمكن التنبؤ بتطوره”.
وأوضح أن مفهوم المناعة الجماعية “نظري بحت”. ويقول “يبدو أن المناعة التي يعطيها اللقاح تحمي بشكل فعال من الأشكال الخطيرة للمرض ولكن هذا لا ينطبق على جميع الملقحين”.
بالإضافة إلى ذلك “يبدو أن المناعة المكتسبة بشكل طبيعي من خلال الإصابة بفيروس كورونا توفر أيضا أحد أشكال الحماية لا سيما ضد الحالات الخطيرة، ولكن لا شيء من هذا واضحا تماما”.
وحسب مدير معهد الصحة العالمية بجنيف تظل جميع السيناريوهات مطروحة على الطاولة اليوم من الأكثر تفاؤلا -الذي تحدث عنه فيران- إلى الأكثر تشاؤما وينطوي على سبيل المثال على صعوبة كبيرة في تجاوز ذروة المتحورة أوميكرون وعجز الأنظمة الصحية على مواجهة الحالات أو ظهور متحورة جديدة.
والأحد، أعلن البروفيسور إريك كوم الرئيس السابق لقسم الأمراض المعدية بمستشفى بيتييه سالبيتريار في باريس “أنا مقتنع بأن هذه الموجة لن تكون الأخيرة”. وأضاف “لكنها قد تكون الأخيرة بهذه القوة”.
ماذا بعد أوميكرون؟
من جهته، يرى الكاتب كلايف كوكسن أنه رغم التهديد الذي تمثله متحورة أوميكرون الجديد على الصحة العالمية، فإن العلماء متفائلون بأن تأثير الفيروس سيضمحل عام 2022، وذلك في تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times).
وقال إن متحور أوميكرون يهدد باندلاع أزمة صحية أخرى خلال الأشهر القليلة المقبلة، إلا أن السيناريوهات الأكثر ترجيحا تظهر انفراجا مستقبليا كبيرا للأزمة بفضل تزايد المناعة الجماعية لسكان العالم الأمر الذي من شأنه تقليل تأثيرات الفيروس على الصحة.
أما السير جيرمي بارار، مدير مركز “ويلكوم ترست” للبحث الطبي فيقول “نسق الإصابات بمتحور أوميكرون في أوروبا وأميركا الشمالية ارتفع بشكل سريع للغاية، وقد نشهد تراجعا بنفس السرعة خلال الشهر أو الشهرين المقبلين”. وأوضح “بعد انتهاء موجة عدوى أوميكرون، من المرجح أن تمنحنا المناعة التي اكتسبناها فترة من الاستقرار، ولكن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن يحدث بها ذلك”.
وذكر الكاتب أن أولى بوادر الأمل ظهرت الخميس عندما رفعت جنوب أفريقيا القيود المفروضة على التنقل. وجاء في بيان صادر عن مجلس الوزراء أن “جميع المؤشرات تشير إلى أن البلاد ربما تكون قد تجاوزت ذروة الموجة الرابعة” في إشارة إلى الارتفاع السابق في حالات الإصابة بالمتحورة الجديدة.
يقول تيم كولبورن أستاذ علم الأوبئة في كلية لندن الجامعية “من المنطقي التفكير في احتمال التخفيف من عبء فيروس كوفيد بنسبة 95% عام 2022، وبذلك لن يكون الفيروس على قائمة أكثر القضايا الصحية إلحاحا. وسيكون ذلك هدفا معقولا لإنهاء الوباء”.
وتظهر الاختبارات المعملية أن الطفرات المتعددة لمتحور أوميكرون جعلته أكثر عدوى من المتحورات السابقة بالجيوب الأنفية والجهاز التنفسي العلوي، ولكنه في المقابل لا يشكل خطرا على الرئتين. وتعني حقيقة أن أوميكرون شديد العدوى إمكانية تسجيل حوالي 3 مليارات إصابة على مستوى العالم خلال الشهرين المقبلين، مثلما حدث العامين الأولين من تفشي الوباء، وذلك وفقا للنمذجة التي أجراها معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن.
وحسب كريس موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم بجامعة واشنطن، فإن “هذه الزيادة الهائلة في عدد الإصابات ستترجم إلى تراجع في حالات الدخول إلى المستشفى مقارنة بموجة متحورة دلتا أو طفرة الإصابات خلال الشتاء الماضي على المستوى العالمي”.
وتشير الدلائل حتى الآن إلى أن أوميكرون سوف يصبح المتحورة الأكثر انتشارا في معظم أنحاء العالم، تماما كما تجاوزت متحورة دلتا السلالات السابقة. وقال فارار “أنا مطمئن بخصوص هذا الاحتمال. ولكن سأكون أكثر قلقا إذا ظهرت متحورات أخرى في نفس الوقت، لأن هذا يعني أنها كانت تستغل أنماط بيئية مختلفة، وسينتهي بنا الأمر بديناميكية خطيرة محتملة من تفاعل السلالات المتعددة”.
ونقل الكاتب عن جينيفر رون، عالمة بيولوجيا الخلية والأستاذة بكلية لندن الجامعية، أنه “يمكن تخيل ظهور متحور جديد أكثر فتكا وأشد عدوى وأكثر ضررا أيضا، لكن لا أعرف ما إذا كان ذلك ممكنا بالنسبة لهذا الفيروس”.
ويناقش العلماء حقيقة ما إذا كانت مسببات الأمراض الجديدة تميل إلى أن تصبح أكثر اعتدالا بمرور الوقت عندما تلتحم مع الخلايا البشرية. ولكن بول هانتر، أستاذ الطب بجامعة إيست أنجليا، مقتنع بأن هذا الأمر ينطبق على فيروسات كورونا.
وأضاف هانتر “متحورات فيروس كورونا ستستمر في الظهور إلى الأبد، ولكن مناعتنا الخلوية ستبني حصنا يحمينا من الأمراض الشديدة كل مرة نصاب فيها. وفي النهاية سنتوقف عن القلق بشأن الفيروس”.