الأخبارالإقتصاديةالسودانتقارير

تطبيق السودان للنظام المصرفي المزدوج ) .. قرار سياسي ام اقتصادي … ؟

(تطبيق السودان للنظام المصرفي المزدوج ) .. قرار سياسي ام اقتصادي … ؟

تقرير : سنهوري عيسى

يات في حكم المؤكد أن يتم تطبيق النظام المصرفي المزدوج في يناير المقبل تنفيذا لسياسات النقدية والتمويلية لبنك السودان المركزي للعام 2022م والتى نصت على ذلك.
وكان بنك السودان المركزي قد وجه البنوك في سياساته النقدية والتمويلية للعام 2021م بالتهيؤ والتجهيز لتطبيق النظام المصرفي المزدوج (إسلامي وتقليدي) ، بينما شرعت في تنفيذ وضع الترتيبات اللازمة لتنفيذ توجيهات البنك بتدريب الكوادر والاستفادة من الخبرات المصرفية التي عملت بالبنوك أبان فترة التعامل بالنظام التقليدي بالبنوك السودانية قبيل اسلمة الجهاز المصرفي بالإضافة إلى الاستفادة من تجربة تطبيق النظام المصرفي المزدوج أبان فترة تطبيق اتفاقية نيفاشا السلام في العام 2005م والتى نصت على تطبيق النظام المصرفي الإسلامي في الشمال والنظام التقليدي بالجنوب.
وكان اتحاد المصارف السوداني قد كون لجنة مصرفية من عدد من مديري البنوك للنظر في كيفية تطبيق النظام المصرفي المزدوج، وكيفية سن التشريعات ووضع الضوابط اللازمة لتطبيق النظام التقليدي بالسودان مع الاستهداء بالتجارب العالمية.

قرار سياسي

وتباينت ردود افعال واراء خبراء المصارف والاقتصاد حول تطبيق النظام المصرفي المزدوج والمكاسب الاقتصادية لتطبيقه.
ووصف دكتور محمد سرالختم مدير معهد الدراسات المصرفية الأسبق ، قرار العودة إلى التعامل بالنظام المصرفي التقليدي بالبنوك السودانية بعد اسلمة العمل المصرفي بأنه قرار سياسي، وليست اقتصادي وهو نوع من التحول السياسي الذي حدث بالبلاد.
وأشار إلى أن القرار يأتي في وقت اتجهت فيه الدول الأوروبية إلي فتح نوافذ للتعامل بالنظام المصرفي الإسلامي بعد أن أثبت جدواه وصلاحيته الطرفين المتعاملين لأنه يحمل الطرفين المسؤلية.

حدوث ربكة

وتوقع دكتور سرالختم أن يحدث قرار العودة إلى التعامل بالنظام المصرفي التقليدي بالبنوك السودانية ربكة لأنه غالبية اهل السودان مسلمين ويرفضون الربا و التعامل بالنظام الربوي.
وحول مطلوبات التهيؤ للتعامل بالنظام المصرفي المزدوج قال دكتور سرالختم، أن التهيؤ يتطلب تعديل المسار الاداري وتوزيع الوحدات في البنوك للتعامل بنافذيتن مصرفيتين إسلامية وتقليدية ، وزيادة راسمال البنوك وسن التشريعات ووضع الضوابط المنظمة لعمل النافذتين وتدريب الكوادر.

المكاسب الاقتصادية

وحول المكاسب الاقتصادية لتطبيق النظام المصرفي المزدوج قال دكتور سرالختم ، لا توجد خطة أو مشاريع جاهزة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لاستغلال الفرص والميزات النسبية ، كما لاتوجد مشاريع تنموية جاهزة حتى تحظي بتمويل خارجي فضلا عن أن السودانيون سيتمسكون بالنظام المصرفي الإسلامي والبعد عن الربا ، إلا بعض الشذوذ منهم ، كما سيجد الاجانب والمنظمات الأجنبية فرصة للتعامل بالنظام المصرفي المزدوج.

تأخر تطبيق النظام التقليدي

ويري الاستاذ محمد نور كركساوي الخبير الاقتصادي، ان سياسات بنك السودان المركزى النقدية والتمويلية قد تأخرت كثيرا بخصوص فتح النافذة التقليدية جنبا الى جنب مع النافذة الإسلامية الموجودة منذ عهد الانقاذ البائد ، وذلك بناءا على توصيات المؤتمر الاقتصادى الاول فى سبتمبر ٢٠٢٠ م.
واضاف: حسب ظنى فقد كانت هنالك فترة كافية لتطبيق نظام النافذة التقليدية خلال الربع الاول من ميزانية ٢٠٢١ ، فلا تفسير لذلك سوى التشاكسات الايدولوجية، هذا بالإضافة إلى البيروقراطية الديوانية.

قرار حكيم

ووصف كركساوي قرار فتح نظام النافذة التقليدية بالينوك السودانية بأنه قرار حكيم يفتح الباب واسعا امام المستثمرين المحليين والأجانب نظرا الي انخفاض معدل نسبة الفائدة التمويلية مقارنة بنسبة النظام الإسلامي بالإضافة إلى التعقيدات الاخري ، كما أن النظام الاسلامى لا يؤمن بالتمويل النقدى المباشر مثل نظام النافذة التقليدية، بل يفرض على العميل التمويل السلعى مما يفاقم معدل خسارته التى قد تصل الى قرابة ٤٠% أحيانا ، او يفرض على العميل الدخول فى نظام شراكة يكون هو الطرف الممول وبالتالى يحق له التدخل الادارى ، كما نظام النافذة التقليدية يخفض اسعار مدخلات الانتاج بنوعيه الزراعى والصناعى نظرا لانخفاض نسبة الفائدة (12-18%) ، بعكس نظام المرابحة او التمويل الاسلامى (35-40%) ويساهم فى رفع اسعار مدخلات الانتاج وبالتالى ينعكس على ارتفاع أسعار المنتجات المنتجة ، اما نظام النافذة التقليدية فهو تمويل مباشر مبسط يعتمد على ضمانة استرجاع حقوقه مع الفوايد اخر المدة المتفق عليها حسب شروط السداد.

خفض أسعار المدخلات

ونوه كركساوي إلى نظام النافذة التقليدية يخفض اسعار مدخلات الانتاج بنوعيه الزراعى والصناعى نظرا لانخفاض نسبة الفائدة (12-18%) ، بعكس نظام المرابحة او التمويل الاسلامى (35-40%) ويساهم فى رفع اسعار مدخلات الانتاج وبالتالى ينعكس على ارتفاع أسعار المنتجات المنتجة محليا

مزايا النظام المصرفي الإسلامي

وفي السياق يري دكتور هيثم محمد فتحي الباحث الاقتصادي، أن هنالك مزايا عديدة للتعامل بالنظام المصرفي الإسلامي بالسودان في مقدمتها، أن هامش الربح على التمويل منخفض جدا مقارنة بمعدل التضخم المرتفع في السودان، كما أن من أهم العقبات هي التمويل الموجود في البنوك الذي أخذه المستثمرون عبر النظام الإسلامي وكيفية التعامل معه.
في حال الحصول على تمويل من المصارف الإسلامية حتى لو تأخر العميل فى السداد لايكون عليه سعر فائدة بعكس النظام التقليدي.
واضاف : كذلك تكلفة الودائع في النظام الإسلامي البنك لا يدفع فائدة لكن في التقليدي يقوم بسداد فائدة للعميل مقابل الودائع.

الخيار للعميل

ويري هيثم بأن الخيار والقرار النهائي للعميل للتعامل بالنظام المصرفي المزدوج، وتوقع أن تقبل بعض البنوك التجارية علي تنفيذ النظام ولكنه استبعد ان يقبل جمهور العلماء بذلك، لاسيما ان اللعنة في الربا تعم كاتبه وقد استقر رأي المجامع الفقهية بحرمة الفائدة خاصة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف والتي نص على حرمتها على جميع انواع القروض.

تاثيرات النظام التقليدي

ويري دكتور هيثم ان الرجوع للنظام التقليدي يؤثر على الودائع بالبنوك التي هي اصلا تعاني من خلل حيث ان أكثر من 90% من الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي وهذا سيؤدي لسحب النقود من قبل الذين يخافون من الوقوع في الربا، و أموالهم من المصارف والتعامل معها مما يزيد من نسبة الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي وانعدام الثقة في المصارف .

مطلوبات نجاح النظام المزدوج

ومضي دكتور هيثم إلى القول بأن نجاح تطبيق  نظام مصرفي  مزدوج  يتوقف  علي تبني رؤية  تاخذ  في الاعتبار  مختلف الجوانب المرتبطة  بالاطراف  الاساسية  والمساعدة والمشاركة .
واضاف: تطبيق النظام المزدوج يعاني من تعقيدات وتحديات كبيرة ترتبط بالأنظمة التقنية والبشرية وقد يتطلب التحول إليه عدة سنوات.

انشاء بنوك تقليدية

وتوقع دكتور هيثم استمرار البنوك الإسلامية في تطوير منتجاتها مع إنشاء بنوك تقليدية جديدة موازية للبنوك الإسلامية.
واعتبر تبني بنك السودان التحول إلى النظام المصرفي المزدوج بانه يأتي في إطار اعادة الانفتاح الاقتصادي للسودان في النظام العالمي، مما يساعد في دخول بنوك أجنبية للبلاد أو إنشاء بنوك جديدة في ظل التوجه الجديد للسودان وإلغاء كثير من القوانين.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى