تصاعد الاحتجاجات الشعبية في السودان .. سيناريوهات وتداعيات مفتوحة
مطالب بتنحي حمدوك وتكوين حكومة تكنوقراط
الثلاثين من يونيو .. هل تكون الضربة القاضية على الإنتقالية ؟
تقرير : العهد اونلاين
أشعل صحفيون ونجوم مجتمع و كرة قدم وفنانون في السودان وتيرة الإحتجاجات والسخط الشعبي ضد حكومة الفترة الانتقالية المكونة من المجلس العسكري وقوي الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح علي خلفية نداءات اعلامية غاضبة علي الحكومة وسياساتها الباطشة بعثها الناشطون علي مدوناتهم الالكترونية وصفحاتهم الشخصية بوسائل التواصل الاجتماعي في السوشال ميديا و شهد السودان يوم الخميس العاشر من سسبتمبر موجة احتجاجات جديدة وغير مسبوقة في العاصمة الخرطوم التي تعد حاضنة رئيسية لكل القوى السياسية المتنفذة في السودان، والحركات المسلحة المتحالفة مع الحكومة .
المحتجون اجمعوا في مطالبهم علي إسقاط الحكومة التي فشلت في كل شئ وبتجاوز القوي السياسية المتحالفة , معظم الذين رصدهم التقرير يلتفون بالهوية الوطنية السودانية وينددون بأحزاب اليسار التي وصفوها بالفشل وعملاء ومنسوبي المنظمات الدولية .
وفي ولاية الخرطوم دشن ناشطون ومواطنون يوم الخميس 10 يونيو حملة توقيعات مليونية أطلقوا عليها إسم ( الحملة السودانية لوقف الانهيار) هدفها اقالة الحكومة الانتقالية الحالية لفشلها في تحقيق مطلوبات الانتقال وتكوين حكومة كفاءات غير حزبية تدير البلاد وتمهد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة وتقديم البديل الديمقراطية في مدة أقصاها سنة من الآن , وقد تصاعدت مع حملة التوقيعات وتيرة الاحتجاجات الشعبية بطريقة غير مسبوقة على مستوى البلاد منذ وصول عبد الله حمدوك وحكومته للسلطة قبل عامين، وبات النظام السياسي بالسودان في مواجهة صعبة مع نمط جديد من رفض ما يوصف بـ(سياسات المحاصصة والفساد والحكم بدون تفويض )، تقوده بشكل أساسي فئات الشباب وثوار ديسمبر في الخرطوم ومعظم ولايات البلاد من غير أن يكون لأي حزب أو تيار سياسي أو ديني أو اجتماعي دور في قيادة هذه الاحتجاجات أو المشاركة فيها لكن مع تسارع وتيرتها وحركتها متوقع تلحق بها تيارات سياسية وكتل شبابية ومنظمات مجتمع مدني .
موجة جديدة للاحتجات بأحياء الخرطوم
عقب قرارات وزارة المالية بخروج الحكومة عن دعم الوقود انطلقت الموجة الاعنف من الاحتجاجات في أحياء امدرمان وشملت شارع الثورة بالنص نظمته تنسيقية لجان الثورة الحارة الثانية وتنسيقية لجان الثورة الحارة الأولي وتنسيقية لجان الثورة الحارة الثامنة الي جانب تنسيقية لجان حي الشاطئ بامدرمان حيث (ترس) المحتجون شارع النيل بامدرمان وشارع الاربعين ومعظم شوارع الثورات وغرب الحارات فضلا عن حراك واسع نظمته تنسيقية لجان مقاومة الفتيحاب وقامت بإغلاق الطرق جنوبي امدرمان , وفي الخرطوم أشعل محتجون الاطارات واغلقوا شوارع الصحافات والسجانة ومنطقة ابو حمامة والكلاكلات وجبل الاولياء وإستمرت موجة الاحتجاجات حتي دخول الليل , ومن ما يشير إليه مراقبون انه لا توجد اي علاقة بأي كيان سياسي، أو مرجعية أيديولوجية ، كما أن المحتجين ومطلقوا مبادرة التوقيعات لم يُظهروا قيادة أو متحدثًا باسمهم حتي هذه اللحظة , وبسبب ذلك إنحصرت مطالب المتظاهرين الحقيقية في تحسين معاش الناس وخفض الاسعار ورفع المعاناة عن كاهل المواطن المغلوب علي امره وتحقيق العدالة .
وظهرت مطالب سياسية واضحة تمثلت في الاصرار على الحكومة بالتنحي تحت شعار هاشتاق ( أختونا ـ خلاص ) وهو هاشتاق تصدر صفحات ناشطون واعلاميون ورموز مجتمعية فاعلة ثم الحقت به بيانات سياسية من قوي سياسية معتبرة ومحترفة , وعلي الرغم من انه حتي اليوم لم تظهر هيئة المبادرة ولا لجنتها المنظمة فهي بذلك نشاط تلقائي وعفوي نابع من نبض الجماهير وقواهم الحية ولم تبن عنه اي تفاصيل سوي بيانات وإفادات متفرقة لشباب مشاركين في التظاهرات يفيدون بان ثورتهم قد سرقت وحادت عن اهدافها الي اهداف فرعية مضرة بالدولة والمجتمع السوداني .
حاولت الحكومة الانتقالية الترويج لوعود بإصلاح فشلها في تقديم الخدمات وابسط مقومات الحياة كما فعلت الحكومة لجان برنامج ثمرات محاولة منها لتهدئة الجماهير الغاضبة ضعف المعالجات المخصصة لذوي الدخل المحدود من المواطنين وعلي الرغم من لا احد يتنبأ بحدود التغييرات التي ستفرضها الاحتجاجات الدائرة حاليا على بنية النظام الحاكم في السودان لكن متظاهرون قالوا انها القاضية علي نظام القحاتة .
هذه المرة ليس هناك اشارات لتعسف الشرطة مع المحتجين ولا التدخل الامني العنيف الذي ربما يتسبب في وقوع خسائر من الضحايا حال حدوثه حيث نشرت الشرطة السودانية بيانا طالبت فيه بإستحقاقات علي الحكومة وهدد افرادها بالاضراب عن العمل حال عدم الايفاء بمطالبهم وفي المقابل لم تبرأ الحكومة السودانية نفسها من هذا القصور والعجز وفشلت في تقديم رواية اعلامية متماسكة لدحض الشعارات التي نادي بها الثوار والاهالي الساخطون عليها والمنددون من عدم توفر المواصلات التي تقلهم من والي مواقع عملهم وفي نفس الوقت توارت الاحزاب المؤيدة للحكومة خلف ستار الصمت بينما حاول بعضهم وعلي راسهم الحزب الشيوعي تبني الحراك والتحريض ضد الحكومة والعمل على اسقاطها .
الضربة القاضية .. ثلاثين يونيو
حافظ المحتجون علي سلمية الاحتجاج والمواكب ووصلت الاحتجاجات الراهنة ذروة الرفض الشعبي للحكومة الانتقالية في السودان و للسياسات المتبعة من قبل مكوناتها السياسية التي اهتمت بالمحصصات وتقسيم كيكة السلطة وتركت المواطن وهمومه وهو يعاني القصر وغياب الخدمات الاساسية , و السودان يعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة برغم أنه من بين البلدان الأغنى بالنفط والزراعة والمعادن ، وعزى خبراء إقتصاديون هذا الخلل الي الصراع السياسي والفساد وسوء الادارة والهدر المالي الذي ميز الحكومة الحالية منذ قدومها وقد تدرجت المطالب .
وبحسب هذه البيانات والتصريحات التي صدرت في بداية الموجة الحالية للاحتجاجات فانه ( من حق الشباب في العمل وحل مشكلاتهم و تحسين مستويات العيش وهيكلة منظومة القضاء ومحاربة الفساد ) بيد ان الإحتجاجات وصلت الآن إلى سقف مرتفع يتمثل في تغيير شامل للنظام السياسي الراهن، يتضمن حل الحكومة أو استقالتها وتعديل الوثيقة الدستورية والعودة للعمل بدستور 2005 ، الي جانب وضع قانون جديد ومفوضية مستقلة ونزيهة للانتخابات ، وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف دولي وقضائي مستقل .
وطالب مشاركون كثر في مظاهرات الخميس بمنع الطبقة السياسية الحاكمة بالكامل من المشاركة في ترتيبات اي فترة انتقالية قادمة بينما يضمن لهم المشاركة في اي ترتيبات سياسية وانتخابات تاتي عقب المرحبة الانتقالية ، وأفادت المتابعات ان المتظاهرون أكدوا أن الطبقة السياسية الراهنة في الحكومة الانتقالية فشلت في إدارة البلاد، وأهدرت موارده ، وعطلت فرص التنمية، وفرضت نظامًا سياسيًّا إقصائيا غير منتخب عمد علي تقسِّيم الدولة والمجتمع، ولذلك هؤلاء غير جديرين بالاستمرار وينبغي تسليم الحكم لطبقة من التكنوقراط غير المسيسين القادرين على استغلال ثروات النفط في برامج التنمية وبناء مستقبل البلاد بها .