الأخبارالإقتصاديةالعالميةتحقيقات

تسهم في الاحتباس الحراري.. الملابس هي الأخطر على البيئة بعد البلاستيك

تسهم في الاحتباس الحراري.. الملابس هي الأخطر على البيئة بعد البلاستيك

ثلاث أولويات يتعين على منتجي الملابس ومستهلكيها العمل عليها للحد من تأثيرها في المستقبل على التغير المناخي والتلوث البيئي

ما الذي يلحق ضررا بالغا بالبيئة بعد البلاستيك؟ قد يتفاجأ الكثيرون إذا علموا أنها الملابس التي نرتديها. ومع تزايد استهلاكها، رصدت العديد من التقارير المخاطر البيئية لعمليات الإنتاج وتلك الناتجة عن نفايات الملابس القديمة في غياب إعادة التدوير.

عند شراء قطعة ملابس جديدة لا يفكر المرء عادة في الكلفة البيئية لهذا المنتج، كم استهلك من الموارد؟ وما كمية الملوثات التي ألقي بها في الطبيعة أثناء عمليات النسج والصبغ والخياطة؟ وما تأثيرها على البيئة إذا ألقيت في صندوق القمامة؟

قد لا يكون لقطعة واحدة تأثير بيئي كبير. لكن ماذا عن تأثير ما بين 100 و150 مليار قطعة ملابس تنتجها المصانع سنويا، وفق تقرير إحصائي منشور على موقع “فاشون يونايتد” (Fashion United).

عدد كبير المواد المستخدمة في صباغة المنسوجات سامة (غيتي)
72 مادة كيميائية سامة في المياه المستخدمة في صباغة المنسوجات (غيتي)

صناعة ملوثة ومستنزفة للموارد

تتسبب الكميات الهائلة من الملابس المنتجة في العالم في أضرار كبيرة لكوكب الأرض والكائنات الحية التي تعيش عليه، لا سيما وأن هذه الصناعة تعتبر من بين أكثر الصناعات استنزافا للموارد الطبيعية والأكثر تلويثا للبيئة، إضافة إلى العبء الذي تسببه الملابس المستهلكة على البيئة بسبب تدني نسبة إعادة التدوير.

يشير تقرير نشر على موقع “مدرسة كولومبيا للمناخ” (Columbia Climate School) إلى أن صناعة الأقمشة والملابس العالمية تستنزف الكثير من الموارد الطبيعية، فهي تستهلك على سبيل المثال 93 مليار متر مكعب من المياه النظيفة كل عام. ولتلبية حاجتها من الأقمشة، يتم قطع 70 مليون طن من الأشجار كل عام. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2034، مما يزيد من تدمير الغابات في العالم.

وتعد صباغة الأقمشة، التي تستخدم مواد كيميائية سامة، مسؤولة عن 17% إلى 20% من تلوث الصرف الصحي، وقد تم العثور على 72 مادة كيميائية سامة في المياه المستخدمة في صباغة المنسوجات.

كما يحتوي حوالي 65% من جميع الملابس على مادة البوليستر، وهو نوع من البلاستيك مصنع من الوقود الأحفوري، يستهلك إنتاجه ما يقارب 70 مليون برميل من النفط كل عام. وتقدر بعض المصادر أن صناعة الملابس تسهم في زيادة الاحتباس الحراري لكونها مسؤولة عن 10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان.

أكثر من 80% من الملابس المُنتجة تنتهي في مقالب القمامة حيث تتحلل أو تُحرق (شترستوك)
أكثر من 80% من الملابس المُنتجة تنتهي في مكبات القمامة حيث تتحلل أو تُحرق (شترستوك)

الملابس القديمة معضلة بيئية كبيرة

يتواصل التأثير السلبي للملابس على البيئة حتى بعد استهلاكها والتخلص منها، وبحسب تقرير نشر على موقع “بانابريوم” (Panaprium) المختصص في قضايا البيئة والاستدامة نقلا عن أجندة الأزياء العالمية (Global fashion agenda)، فإن أكثر من 80% من الملابس المُنتجة تنتهي في مكبات القمامة حيث تتحلل أو تُحرق. وأثناء التحلل أو الحرق، تنبعث من الملابس كميات كبيرة من الكربون والغازات السامة في الغلاف الجوي للأرض، مما يسهم بدوره في التلوث والاحتباس الحراري.

وبما أن نسبة إعادة التدوير لا تتجاوز 1% عالميا وأن الدول المتقدمة التي تنتج وتستهلك النسبة الكبرى من هذه الملابس تمنع قوانينها الإضرار ببيئتها، فإنها تتخلص من الملابس القديمة بتصديرها إلى البلدان النامية والفقيرة التي لا تتوفر فيها قوانين بيئية صارمة، حيث تبدأ حلقة جديدة من التلوث.

وقد تتبع تقرير نشرته صحيفة “لوباريزيان” (Le Parisien) الفرنسية مسار الملابس المستخدمة بدءا بعملية إيداعها في نقاط التجميع في جميع أنحاء فرنسا، حتى إعادة بيعها بآلاف الأطنان في غانا والعديد من البلدان الأفريقية الأخرى، حيث تتراكم قطع الملابس التي لا تجد لها مشتريا في مكبات النفايات التي تلوث تربة الأرض والبحر.

وبحسب التقرير، فإن دولة غانا تستقبل وحدها حوالي 15 مليون قطعة ملابس مستعملة كل أسبوع، 40% منها غير قابلة للبيع، ومن ثم تلقى مباشرة في مكبات النفايات.

وأفادت الصحيفة الفرنسية بأن مكبات النفايات ليست المستقر النهائي لتلك الملابس القديمة، فمع تساقط الأمطار تنجرف الأقمشة مع الماء، لينقلها التيار إلى المحيط الأطلسي، وهناك تطلق هذه الملابس المواد الكيميائية التي تحتويها قبل أن ينتهي بها الأمر في شباك الصيادين، إذا لم يقم المد بإعادتها مرة أخرى إلى الشاطئ مشكلة جدرانا من القمامة بارتفاع 3 أمتار، مثل تلك التي تراكمت على الشواطئ القريبة من العاصمة الغانية أكرا.

وأكد كاتب تقرير لوباريزيان أن بعض الدول الأفريقية مثل تنزانيا وأوغندا ورواندا وجنوب أفريقيا وحتى كينيا، حاولت حظر استيراد الملابس المستعملة، لكن بعضها، مثل كينيا، انسحب من هذه المقاطعة، في مواجهة ضغوط من الولايات المتحدة التي تتخلص سنويا من حوالي 16 مليون طن من الملابس المستعملة.

العمل على زيادة إعادة التدوير والتجميع لتقليل النفايات يخفف من الأثر البيئي لصناعة الملابس (شترستوك)
زيادة إعادة التدوير والتجميع لتقليل النفايات تخفف من الأثر البيئي لصناعة الملابس (شترستوك)

حلول

وفي تقرير حول الموضة والمناخ صدر عام 2022، وضعت مؤسسة ماكنزي الاستشارية 3 أولويات يتعين على منتجي الملابس ومستهلكيها العمل عليها للحد من تأثيرها في المستقبل على التغير المناخي والتلوث البيئي.

تأتي على رأس هذه الأولويات خفض انبعاثات الكربون خلال إنتاج المواد الأولية للملابس ومعالجتها، وتقليل نفايات الإنتاج والتصنيع مع الاعتماد أكثر على الطاقات المتجددة. كما دعا التقرير المصنعين إلى زيادة نسبة المواد المعاد تدويرها في إنتاج الملابس الجديدة، واستخدام عبوات أخف من مواد معاد تدويرها أيضا.

وحث تقرير مؤسسة ماكنزي على تشجيع السلوك المستدام عبر اعتماد نهج أكثر وعيا لاستهلاك الملابس أثناء الاستخدام وإعادة الاستخدام، مثل استئجار الملابس وإعادة بيعها وإصلاحها وتجديدها مع زيادة إعادة التدوير والتجميع لتقليل النفايات وتوجيه الصناعة نحو نموذج تشغيلي قائم على إعادة التدوير ذات الحلقة المغلقة.

المصدر : لوباريزيان + مواقع إلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى