الأخبارالإقتصاديةالسودان

تبعات اقتصادية لقطع الإنترنت.. قطاعات تُعاني الخسائر!!

تبعات اقتصادية لقطع الإنترنت.. قطاعات تُعاني الخسائر!!

أدّى استمرار قطع خدمة الإنترنت بالبلاد للأسبوع الثاني لتوقيف إجباري لعدد من قطاعات الأعمال وأدخلها في خسائر كبيرة، وفق ما يقول اصحاب اعمال تعتمد على شبكة الإنترنت. وفي سياق مواز يرى مختصون أن قطع الشبكة يعني خسائر للاقتصاد بملايين الدولارات, لا سيما وان شركات الاتصالات العاملة تقدر حجم أعمالها في السودان بحوالي 2 مليار دولار، مع تأثر القطاعات المصرفية والتحويلات الخارجية وتراجع الحركة التجارية تزامناً مع تراجع حركتي الاستيراد والصادر نتيجة لعدم وجود خدمة إنترنت كانت تتبعها المؤسسات والشركات عبر الهواتف النقّالة.
سوابق
وليس جديداً أن تعمد السلطات لقطع الإنترنت، ولا تعد هذه المرة الأولى, حيث شهد العام 2019م قطع خطوط الإنترنت الأرضية بعد اسبوع من توقف الخدمة على الهواتف المحمولة, على خلفية عصيان مدني شامل دعت إليه المعارضة بعد أحداث فض الاعتصام، كما شهد العام 2013 مظاهرات عمت مدنا متعددة في السودان احتجاجاً على رفع الحكومة الدعم عن المحروقات أدت الى قطع خدمة الإنترنت عن البلاد.
خسائر متعددة
لا تنحصر الخسائر الاقتصادية لقطع خدمة الإنترنت على القطاعات الرسمية المتعارف عليها مثل أنظمة المصارف والتحويلات المالية وحجوزات قطاع الطيران أو حتى الدفعيات الحكومية، بل تتجاوزها لأنشطة حديثة بدأت أعمالها في البلاد باعتمادها الكلي على الإنترنت، وهي أنشطة وعلى محدودية تعاملاتها بيد أنها تضم قطاعات عريضة من المتعاملين وهم “المُسوِّقون”.
تسويق عبر الإنترنت
يقول أحمد النور، وهو عامل توصيل طلبات متنوعة، إن عمل المُسوِّقين لا يقتصر على سلعة معينة، بيد انهم مرتبطون بشبكة واسعة من المتاجر والعملاء ويقومون بتوصيل مشتريات الزبائن لأصحابها نظير أجر التوصيل، لافتاً الى أن هذا العمل توقف كليًا خلال الفترة التي توقف فيها الإنترنت.
وأوضح أحمد لـ”الصيحة” أن العمل في قطاع التسويق لا ينبغي الاستهانة به، مشيراً إلى انه قطاع ينمو بقوة في السودان ويضم عدداً كبيراً من العمالة وأغلبهم يتعاملون مع اصحاب وملاك المتاجر ويملكون سيارات او درّاجات نارية لتوصيل المُشتريات, وهو ما يخفف رهق المشوار ويقلل الوقت والجهد وتوفير تكلفة التنقل للزيون, على أن يأتيه ما يطلبه في موقعه بضمان المحل التجاري، وليست هنالك مخاطرة في السلع كما يقول, لأن المحل معروف والُمسوِّق أيضاً يعمل بالمحل.
خسائر لقطاع السياحة
وكشف خبير قطاع الطيران مرتضى حسن جمعة لـ”الصيحة” الذي يدير وكالة سفر وسياحة, عن تضرر مصالح اصحاب الوكالات والعملاء على السواء من انقطاع الإنترنت, مُشيراً إلى أن العمل في معظمه يعتمد على الشبكة العنكبوتية إلكترونياً, خاصةً قطع تذاكر الطيران والحجز وتحيد مواعيد الرحلات والتواصل مع العملاء, كاشفاً عن جانب آخر للضرر وهو صُعوبة التواصل مع الجهات خارج البلاد, حيث إنّ قطاع الطيران يرتبط بنظام معلوماتي يعتمد بالدرجة الأولى على خدمة الإنترنت, مشيراً الى أضرار كبيرة على توقف خدمة الإنترنت.
خسائر الناتج الإجمالي
الخبير الاقتصادي عادل عبد المنعم قال لـ”الصيحة”, إنّ قطع الخدمة تأثّرت به كل القطاعات الاقتصادية كما شركات الاتصالات التي تُساهم في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 5% ما جعله إنفاقاً اقتصادياً سلبياً في الوقت الراهن، وأوضح أن حجم أعمال شركات الاتصالات يصل إلى 2 مليار دولار يصل الى 6 ملايين دولار في اليوم بتقديرات 30 مليون دولار في الشهر, كما ان التواصل بين الناس والمعاملات التجارية والاقتصادية افقدت من محتواها الأساسي, وبذلك تسببت في عوامل نفسية واجتماعية خطيرة، واضاف: له مردود سالب من ناحية نقدية في بلد يعاني اقتصادها, وانعكس بذلك سلباً على الاستثمار, فالعالم اصبح قرية صغيرة والاتصالات أصبحت ضرورة، وقال إنه رغم الرسالة السالبة التي أحدثها قطع الإنترنت, إلا أنه للأسف أصبح قطع الإنترنت جُزءاً من المشكلة السياسية وجُزءاً من معادلة الصراع السياسي.
ضغط
يقول مسؤولٌ حكوميٌّ سابقٌ في مجال الاتصالات تحدّث لـ”الصيحة” مُفضِّلاً حجب هويته, إنه لأول مرة في تاريخ السودان يتم قطع الإنترنت كلياً عن المواطنين، مبيناً ان فترة النظام السابق لم يتم قطع الإنترنت عن الخدمة كلياً, بل تم قطعها عن الوسائط فقط ويمكن استخدام وسائل اخرى للدخول اليها مثل المراسلات عبر الإيميل، إلا أن الوضع الراهن شهد قطع الإنترنت بشكل كلي إلى أن تم تخفيف القيود عليه عبر “الكوابل الأرضية والفايبر والألياف الضوئية” لأجل استخدامات السفارات والبنوك والوزارات والطيران، وأضاف: كل ذلك أدى إلى تدافع المواطنين والشركات للكوابل الأرضية ما أدى إلى ضغط على الشبكة وعدم استقرار وحدوث انقطاع متكرر خلال اليوم الواحد.
وأشار إلى التأثير السالب على القطاعات الاقتصادية, وقال “هذا دمار اقتصادي شامل” تأثرت خدمات البنوك وشركات الطيران، وقال لا بد من محاسبة من تسبّبوا في ذلك, لأن هذه الطريقة “دمار للبنية الاقتصادية السودانية” ربما تخلق تشوهاً اقتصادياً يصعب مُعالجته في القريب العاجل, وقال هذا نموذج آخر لدمار البنية الاقتصادية الهشّة، منوها إلى أن التدافع الكبير للحصول على خطوط إنترنت ثابتة شكّل ضغطاً على الكوابل وأضعف قدرة الإنترنت نتيجة لوجود زيادة في الاستهلاك مع ضعف السعة الموجودة.
تأثر مصرفي
ويرى المصرفي طه حسين ان النظام المصرفي تأثر بشكل مباشر, كما تأثرت شركات النقل الخاصة وفقدت كثيراً من إيراداتها خلال الفترة الماضية، وأحدثت شللاً في الحركة التجارية، وقال حتى شركات التقنية المتعددة توقفت أعمالها كلياً، وأشار إلى ضعف سعة الإنترنت الأرضي عبر “الكيبل” للطلب الكبير عليه، وقال هنالك 12 مليون مستخدم للهاتف النقال توقفت أعمالهم التجارية من جملة 29 مليون سوداني يستخدمون الهاتف النقال ليست لهم علاقة بالهاتف الأرضي، وأضاف: من الطبيعي أن تُشكِّل تلك التّحوُّلات ضغطاً على شبكة الكوابل الأرضية وتضعف الشبكة, وأوضح حسين أن حركة التجارة البينية تأثّرت سلباً من الإجراء الأخير خاصة وان معظمها تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، فتوقفت حركة البيع في العقارات والاراضي والمعاملات المالية الأخرى، كما تعطلت سياسة بنك السودان التي تقضي بتفعيل وتغذية الحسابات المصرفية وزاد الطلب على النقود “كاش”, وقال: هذا يعني تعطيل دولاب العمل في الدولة والرجوع الى المربع الاول, ولا بد من معرفة أن طبيعة حركة الاقتصاد العالمي تغيّرت تماماً وأصبحت تعتمد على الإنترنت بشكلٍ كبيرٍ، حيث عمد قطع الإنترنت في السودان إلى تأثر كميات مبيعات الشركات لعدم وصول المعلومة بصورة سريعة.
ويرى الاقتصادي الفاتح عثمان ان الآثار السالبة ليست بالبسيطة ولا يمكن الاستهانة بها, مبيناً أن الأمر ينقسم إلى قسمين, أحدهما يشمل معظم الشركات الكبيرة والمؤسسات المالية والحكومية التي يجب أن يضمن لها تمرير أعمالها عبر شبكة الخطوط اللا سلكية كما توجد أخرى عبر الهواتف النقالة توقّفت فيها الخدمة. وأردف، مع ذلك يمكن القول ان الخسائر ليست قليلة, خاصة وان شركات الاتصالات ظلت تتكبّد خسائر شهرية تصل الى 50 مليون دولار لأنها تعتمد على خدمات الإنترنت بأكثر من اعتمادها على الاتصالات الهاتفية، مضيفاً ان هنالك اكثر من 10 ملايين مُستخدم لشبكة الإنترنت، وقال: اذا لم يستمر قطع الخدمة لأشهر فالأمر مقدورٌ عليه، ويمكن تدارك الخسائر بأقل تكلفة، ولكن إذا تطاولت, فإن الخسائر ستكون بحجم كبير تُكلِّف الاقتصاد كثيراً.

المصدر : الصيحة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى