تاء التأنيث تسيطر على الدراما الرمضانية بمصر
حضور الممثلات في الموسم الرمضاني الحالي لا يقتصر فقط على البطولة المطلقة التي حصل عليها معظمهن في السنوات الأخيرة، إذ لم تعد المرأة مجرّد سندٍ للبطل أو مغلوبة على أمرها وقليلة الحيلة.
هناك الكثير من النقاط المضيئة التي تشهدها الدراما التلفزيونية هذا العام بمناقشة قضايا نسائية مختلفة، منها ما يُقدَّم للمرة الأولى، إلى جانب القصص الاجتماعية والكوميديا، بعد سنوات من استحواذ الممثلين الذكور على بطولة هذا النوع من الأعمال.
قضايا نسائية شائكة
وفي هذا السياق، تواصل نيللي كريم تبنيها القصص النسائية التي بدأتها منذ تجربتها في مسلسل “ذات” و”سجن النسا”، مرورا بأعمال مثل “تحت السيطرة” و”فاتن أمل حربي”. لكنها هذا العام تتبنى مع صانعي مسلسل “عملة نادرة” قضية مهمة، وهي حقوق النساء في صعيد مصر، ورفض الكثيرين توريثهن الأراضي، وإصرارهم على تجريدهن من حقوقهن.
وجسّدت نيللي كريم ذلك في شخصية “نادرة” الصعيدية التي تضطر إلى خوض حرب شرسة مع عائلة زوجها بعد وفاته، وترفض الاستسلام لحرمانها من الميراث، فتخوض حربا من أجل الحصول على حقوقها.
وقد نجح السيناريست مدحت العدل مع المخرج ماندو العدل في تقديم القضية بعيدا عن الاستفزاز أو المبالغة، إلى جانب الإلمام بكل التفاصيل التي تخص هذه المناطق في صعيد مصر. ويشارك في بطولة المسلسل كلٌّ من جمال سليمان وجومانة مراد وندى موسى.
في 2021، قدمت منى زكي “لعبة نيوتن”، لكنها اختارت في رمضان 2023 أن تناقش قضية نسائية شائكة تهم شريحة كبيرة من النساء المهمّشات، في عمل تلفزيوني بعنوان “تحت الوصاية”، من 15 حلقة.
ويتناول المسلسل قانون الوصاية الذي تعاني منه النساء بعد وفاة الأب أو الزوج، من خلال شخصية حنان، وهي أم لطفلة رضيعة وابن في التاسعة من عمره، تواجه صعوبات قانونية مع أهل الزوج المتوفى.
المسلسل من تأليف خالد وشيرين دياب، وإخراج محمد شاكر خضير. ويشارك في بطولته -إلى جانب منى زكي- مجموعة من الممثلين، مثل: أحمد خالد صالح ورشدي الشامي ومها نصار، ومن المقرر عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان.
وفي الإطار ذاته، تدور أحداث مسلسل “ستهم” للفنانة روجينا التي تواصل للعام الثاني على التوالي تقديم بطولة مطلقة، وتجتهد في أن تجد لنفسها مكانة إلى جوار الممثلات اللواتي اعتدن تقديم قضايا نسائية مختلفة، فتقدم شخصية “ستهم” التي تقرر التنكّر في زي رجل كي تتمكن من العمل لرعاية أبنائها، وسط رفض الأسرة الأمر، شكلا ومضمونا، فتتحول إلى رجل وترتدي ثوب الرجال.
وعن تمكين المرأة من الوصول إلى مراتب قيادية، تأتي قصة مسلسل “حضرة العمدة” الذي تقدم فيه روبي شخصية “صفية الفارس”، أستاذة علم النفس في الجامعة، والتي تترشح لمنصب العمودية في بلدها كي لا يخرج ميراث العمودية من عائلتها. المسلسل من تأليف إبراهيم عيسى وإخراج عادل أديب، ويشارك في بطولته سميحة أيوب وأحمد بدير وأحمد رزق.
المرأة الشعبية ابنة البلد المكافحة، لم تغب أيضا من البطولة النسائية، ففي “ضرب نار” تقدم ياسمين عبد العزيز شخصية “مهرة”، الفتاة الشعبية التي تعيش قصة حب مع رجل صعيدي، ويكبر الثنائي فى العمل سويا حتى يظهر رجل أعمال شرير يجسد دوره ماجد المصري، يحاربهما ويدخل معهما في صراعات كبيرة. المسلسل من تأليف ناصر عبد الرحمن وإخراج مصطفى فكري، ومن بطولة هدى الإتربي ودنيا المصري وإيمان السيد.
وفي مسلسل “جميلة”، تقدم ريهام حجاج نموذجا نسائيا مختلفا أيضا: “جميلة” التي تعمل في النيابة الإدارية وتحارب الفساد لتثبت أن المرأة لا تختلف عن الرجال في هذا النوع من المناصب.
ويحاول صانعو العمل أن يبرهنوا كيف يمكن للمرأة أن تجمع بين رغبتها في تحقيق نجاح مهني، جنبا إلى جنب مع حياتها الزوجية. المسلسل من تأليف أيمن سلامة وإخراج سامح عبد العزيز، وبطولة يسرا اللوزي وأحمد وفيق وعبير صبري وهاني عادل.
أما حنان مطاوع، فتقدم في مسلسلها “وعود سخية” شخصية سخية التي تتحوّل إلى امرأة قوية بعد تعرضها للظلم والقهر.
وفي مسلسل “تلت التلاتة”، المقرر عرضه في النصف الثاني من رمضان، تقدم غادة عبد الرازق نماذج لثلاث نساء مختلفات، لكل منهن قصة وقضية مختلفة.
كوميديا نسائية
التنوع والاختلاف أيضا، يأتي في حصول الكثير من الممثلات على فرص بطولة أعمال كوميدية، بعد سنوات اختفت خلالها البطلة “الكوميديانة” من الأعمال، باستثناءات قليلة للغاية لبعض فنانات الصف الثاني.
في هذا السياق، تقدّم يسرا -من خلال مسلسلها الجديد “1000 حمد لله على السلامة”- أزمات الأمومة من خلال رحلة أم مع أبنائها بعد عودتهم من الخارج، فتبدأ اكتشاف ذاتها، وكيف تتعامل مع الأبناء المراهقين في أزماتهم. وتقدم يسرا هذه القضية للمرة الثانية على التوالي، لكن في إطار كوميدي بعد تجربتها الكوميدية العام الماضي في “أحلام سعيدة”.
وبعد غياب لأربع سنوات، تعود دنيا سمير غانم مرة أخرى إلى الدراما التلفزيونية، عبر مسلسلها “جت سليمة” الذي من المفترض عرضه في النصف الثاني من رمضان، لتقدم فيه الكثير من الاسكتشات الكوميدية من خلال العبور في الأزمنة المختلفة. المسلسل من تأليف كريم يوسف وإخراج إسلام خيري، وبطولة محمد سلام وهالة فاخر وبيومي فؤاد.
وتغيّر دينا الشربيني جلدها في “كامل العدد” الذي أجادت فيه اللون الكوميدي الخفيف لشخصية أم لأربع أبناء، بينهما مراهقان. وتناقش يسر طاهر، مؤلفة العمل، من خلال القصة حق الأمهات في الحصول على حياة هانئة إلى جانب رعاية الأبناء.
ابتعاد عن الصورة النمطية
وعن الحضور القوي للمرأة على مستوى البطولات والقضايا المطروحة والابتعاد عن الصورة النمطية السائدة، يقول الناقد الفني إيهاب التركي للجزيرة نت إن “ما يحدث توجه عظيم للدراما، لأن المجتمع مليء بالعلل وبحكايات بطلتها المرأة، منها حكايات تستحق أن تُروى”.
ويوضح أن إيجابية الأمر تكمن في مستويين اثنين: الأول، أن كتّاب الدراما يفسحون المجال لقضايا المرأة بشكل أوسع وأعمق من حكايات المشكلات الزوجية النمطية. والثاني، أن شركات الإنتاج أصبحت تمنح الممثلات بطولة هذا النوع من الأعمال، فهناك عدد كبير من المسلسلات المهمة من بطولة نسائية متنوعة، مما يُفسح المجال أمام بروز مواهب الممثلات على اختلاف أجيالهن، فضلاً عن إثراء الأعمال الدرامية عموماً.