بعد واقعة بسنت المؤلمة.. كيف يمكن التعامل مع الابتزاز؟
لا تزال مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، تمر بحالة من الغضب والجدل بعد حادثة الفتاة بسنت خالد، التي انتحرت إثر ابتزاز شابين لها في محافظة الغربية.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انتشر وسم “حق بسنت لازم يرجع”، فيما أوضح الخبراء في علم النفس الاجتماعي وبحوث الجريمة كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات.
وقال الدكتور فتحي قناوي، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر، لموقع سكاي نيوز عربية، إنه عند التعرض لأي ابتزاز أو تهديد إلكتروني يجب التوجه مباشرة لمباحث الإنترنت الموجودة في كل مكان على مستوى الدولة، وتحرير محضر، مشيرا إلى أن السلطات المصرية لها القدرة على الوصول لأي شخص من هؤلاء الذين يمارسون الابتزاز في أي مكان.
إبلاغ الأهل ضروري
وأضاف أن الحقيقة هي أفضل وسيل للدفاع عن النفس وتصرف الفتاة بإبلاغ أهلها كان سليما، لأن الأهل مهما حدث سيساعدونها، لكن المشكلة هنا أن طبيعة الفتاة والمكان كان لهما تأثير على تصرفها، فصفة الثبات الانفعالي ليست موجودة في كل البشر، وليس من الطبيعي الانتحار مع التعرض لأزمات حتى لو كانت في منتهى الصعوبة.
عدم تجاهل مشاكل الأبناء
وأوضح الدكتور فتحي أنه: “يجب متابعة الأبناء، وعدم تجاهل مشاعرهم حتى لو أظهروا لنا الصمت أمام بعض الأزمات التي يتعرضون لها، لأن الكتمان في بعض الحالات يجعل الابن ينفجر فجأة بشكل قد يؤدي لفقدانه، كما جرى مع حالة بسنت، والأفضل أن يتابع الأهل أبنائهم من البداية حتى لا يصل الأمر لهذا الحد”.
ولفت أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية إلى أهمية الانتباه لخطورة مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يجب التعامل مع أي شخص إلا إن كنا نعرفه جيدا، ونتأكد من هويته، ونعرف الدائرة المحيطة به والأشخاص المشتركين بيننا، قبل إجراء حوار معه، حتى لا نتحول إلى فريسة سهلة أمام مثل هؤلاء الأشخاص الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم ويصبحون مثل الشيطان المتخفي، وفي حال عدم معرفة الشخص الذي نتواصل معه بشكل جيد فإن إغلاق الباب من البداية هو التصرف السليم.
القانون رادع والإبلاغ ضروري
وبين أنه “يجب الحرص الشديد عند وضع أي صور شخصية على أي حساب من حسابات التواصل الاجتماعي، لأن مثل هؤلاء “الشياطين” يمكنهم استخدامها بشكل مسيء، فهناك من يتنكرون على مواقع التواصل الاجتماعي وينتحلون صفات أطباء، أو خبراء تجميل، أو ملابس أو غيره”.
وشدد على أن القانون رادع في التعامل مع الابتزاز الإلكتروني، لكن أولا يجب التحرك والتقدم بإبلاغ الجهات المعنية، لأن تردد البعض في الإبلاغ عن الابتزاز والتحرش الإلكتروني يحمي هؤلاء المجرمين.
من جانبها قالت الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها لـسكاي نيوز عربية، إن أول خطوة يجب على الفتيات الانتباه لها هي عدم وضع أي صور خاصة على الهاتف المحمول، فهناك من يضعن صور لهن على الهاتف معتقدين أن أحدا لن يراها وهذا غير صحيح، كما لا يجب إعطاء الثقة لأي أحد، وعدم الخوف طالما لم نرتكب أخطاء وأي خوف نتغلب عليه بالقوة الشخصية أو العناصر التي يمكن أن تدعمنا حتى في حالة ارتكاب الخطأ.
وأوضحت أن المبتز يعتمد على ضعف الضحية أو استسلامها، وهنا حال تعرض فتاة للابتزاز يجب عليها أن نستمد قوتها من شخصيتها إن استطاعت، بردع المبتز وتهديده بالإبلاغ عنه، أو إبلاغ الأهل والاستقواء بهم، وهنا أنصح الأهل بمساعدة أبنائهم عند وقوعهم في مشكلة قبل حسابهم ولا يبدؤون بالحساب مباشرة.
وبينت أن: “أي ضحية بشكل عام تتعرض في أي وقت للابتزاز يجب عليها التعامل بقوة لإثبات براءتها، وفي حال كانت أخطأت يجب أن تواجه الخطأ وتعترف به ومن ناحية أخرى يجب أن يرحمهم المجتمع في التعامل مع مثل هذه الحالات”.
دور الأسرة وضعف خبرة الصغار
وشددت على أن: “الأسرة يجب أن تحتوي الأبناء وتبني حوارا معهم، وتضع محاذير وخطوط حمراء، فالحرية المفرطة تؤدي لسلبيات بالنسبة للأبناء، لأنهم يعانون من ضعف الخبرة، وضعف المهارة، وصغر السن، وهي عوامل تلعب أدوارا كبيرة، وهنا يجب على الوالدين عدم ترك أدوارهم وإدراك أهمية الاقتراب منهم، ومتى يمكن الاستعانة بشخص يكون قناة اتصال بيننا وبين أولادنا حتى نسهل التفاهم معهم”.
دور المجتمع
وحول دور المجتمع أوضحت الدكتورة هالة أنه يتعين على كل شخص أن يلعب دوره، ففي حالة بسنت كان من الواجب على المحيطين بها دعمها سواء في المدرسة أو الأسرة.
وأشارت إلى أن “المجتمع غالبا لا يرحم الضحية، ويتعامل بحالة من الأنانية الشديدة حيث لا يقوم أحد بتخيل نفسه في ذات الموقف”.
وبشأن القانون شددت على أن القانون هدفه خدمة المجتمع وعلى الهيئة التشريعية الانتباه لكل مستحدثات الجرائم وأن تعيد صياغة القانون والتشريعات بما يتفق مع المتغيرات الجديدة للجريمة، فالمطلوب الردع والحماية ولو كان هناك مشكلة في هذين الجانبين في القانون فيجب تطويره وفق المتغيرات اللازمة.
وكانت النيابة العامة قد أمرت بحبس متهمين اثنين احتياطيا على ذمة التحقيقات، في قضية وفاة الفتاة بسنت خالد بكفر الزيات.
وجاء قرار النيابة لاتهام أحدهما بهتك عرضها حال كونها طفلة، لم تبلغ 18 سنة، باستطالته لعموم جسدها، وتهديدها بإفشاء صور فوتوغرافية ومقطع مصور منسوبين لها حصل عليهما خلسة، بنشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، واتهام الاثنين باعتدائهما على حرمة حياة المجني عليها الخاصة، وإذاعتهما علنا تلك الصور والمقطع، واستعمالهما بغير رضائها، وتعديهما بذلك على المبادئ والقيم الأسرية بالمجتمع المصري.