بعد فيديو يطالبه بالاعتذار شاهده الملايين.. هل يتوجب على مدير فايزر طلب الصفح عن “عدم فعالية” لقاح كورونا؟
بينما كان مدير شركة فايزر الدوائية ألبرت بورلا يمشي في أحد شوارع مدينة دافوس السويسرية، طالبه صحافيان بالاعتذار عن عدم فعالية لقاح الشركة في منع عدوى كورونا، في فيديو حقق أكثر من 17 مليون مشاهدة منذ نشره يوم الأربعاء 18 يناير/كانون الثاني 2023.
بورلا الذي كان في دافوس لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي، اكتفى بالإجابة: “شكرا جزيلا لك”، ثم تمنى للصحافي يوما جميلا.
وبعد انتشار الفيديو، تبيّن أن الصحافيين اللذين طالبا بورلا بالاعتذار عن عدم فعالية لقاح بيونتك الذي تنتجه فايزر، يعملان لموقع “ريبيل نيوز” (Rebel News) الكندي الذي يوصف بأنه يميني.
عزرا ليفانت -أحد صحافيي ريبيل نيوز- قال: “سيد بورلا، هل يمكنني أن أسألك متى علمت أن اللقاحات لا توقف انتقال فيروس كورونا؟ إلى متى ظللت تعرف ذلك قبل أن تقوله علنا؟”.
ثم طرح ليفانت سؤالا بشأن احتفاظ فايزر بسر بشأن اللقاحات: “قلت إنها فعالة بنسبة 100%، ثم 90%، ثم 80%، ثم 70%، لكننا نعلم الآن أن اللقاحات لا توقف انتقال العدوى. لماذا تحتفظ بهذا السر؟”.
أما الصحافي الآخر آفي يميني، فقال “هل حان الوقت للاعتذار للعالم يا سيدي؟ لإعادة المبالغ إلى البلدان التي اقترضت أموالها لشراء لقاح لا يعمل. لقاح غير فعال. ألا تخجل مما فعلته في آخر عامين؟ سنين؟”.
كما وجه ليفانت أسئلة لبورلا حول العلاقة بين اللقاح والتهاب عضلة القلب.
هل خدعت فايزر العالم فعلا؟
بالعودة إلى الدراسات العلمية، نحاول الإجابة عن مزاعم الصحافيين:
أولاً: اللقاحات ومنع انتشار العدوى
لم تدّعِ شركة فايزر أو أي من الشركات المنتجة للقاحات كورونا، أن لقاحاتها تمنع انتشار العدوى. فبحسب تقرير لوكالة رويترز للأنباء، فإن إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لم تطلب من تجارب اللقاحات بيانات بشأن التأثير على انتقال الفيروس، إذ أشار متحدث باسم فايزر أن المنظمين لم يطلبوا إجابة عن السؤال حول انتشار العدوى في التجارب الأصلية للقاح.
أما وكالة الأدوية الأوروبية، فلم تطلب أيضا معطيات بشأن انتقال العدوى، عندما وضعت شروط الحصول على تصريح تسويق مشروط للقاح كوفيد.
مع ذلك، وفي غضون أشهر من طرح اللقاحات في السوق، وجد باحثون في المملكة المتحدة أن بعض اللقاحات -ومنها فايزر- يقلل من انتقال الفيروس.
واستمرت في الظهور عام 2021 الأدلة على أن اللقاحات القائمة على تقنية الرنا المرسال -مثل لقاحي فايزر ومودرنا- منعت العدوى وانتقال الفيروس، ولكن مع ظهور سلالة “دلتا” لفيروس كورونا في ذلك العام، بالإضافة إلى تضاؤل المناعة من اللقاحات التي تمّ تسليمها في بداية العام، لوحظ انخفاض الحماية ضد العدوى وانتقالها، على الرغم من عدم القضاء عليه.
ثانيا: فعالية اللقاح
وزعم الصحافي أن فايزر ادّعت أن لقاحاتها “فعالة بنسبة 100%، ثم 90%، ثم 80%، ثم 70%”، إلا أن الشركة الدوائية -كشركات اللقاحات الأخرى- قدّمت نسبا مغايرة، فلقاح شركة فايزر وفقا لمعطيات تجاربها كان فعالا بنسبة 95%.
ثالثا: هل يعدّ اللقاح غير فعّال حقيقة؟
لقاح فايزر -كبعض اللقاحات الأخرى- فعّال للغاية، فمنذ طرحه، قلّت نسبة الوفيات لدى المصابين بكورونا بشكل كبير، كما انخفضت نسبة دخول المستشفى نتيجة مضاعفات الفيروس.
ووفقا لدراسة نشرت في مجلة “لانسيت للأمراض المعدية” (The Lancet Infectious Diseases) في يونيو/حزيران 2022، وجد الباحثون أن لقاحات كورونا منعت 19.8 مليون وفاة ناجمة عن كورونا في 185 دولة ومنطقة بين 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، و8 ديسمبر/كانون الأول 2021.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن الحصول على التطعيم المضاد لكورونا يمكن أن ينقذ حياتك. وتوفر اللقاحات حماية قوية من الأمراض الخطيرة، ودخول المستشفى، والوفاة. وتوجد أيضا بعض الأدلة على أن الحصول على التطعيم يقلل من احتمال نقل الفيروس للآخرين، ويعني ذلك أن قرارك الحصول على اللقاح يحمي أيضا مَن حولك.
رابعا: اللقاحات والتهاب عضلة القلب
التهاب عضلة القلب (myocarditis) من الآثار الجانبية النادرة بعد تلقي لقاح كورونا، لكن احتماليته هي أقل من احتمالية حدوث التهاب عضلة القلب بعد الإصابة بكورونا.
فوفقا لجمعية القلب الأميركية، أظهرت دراسة كبيرة في إنجلترا أن الخطر الإجمالي للإصابة بالتهاب عضلة القلب أعلى بشكل كبير فور الإصابة بـ”كوفيد-19″، مقارنة بالأسابيع التي أعقبت التطعيم ضد فيروس كورونا.
ونُشرت الدراسة التي شملت نحو 43 مليونا، في دورية جمعية القلب الأميركية (Circulation) في أغسطس/آب 2022.
وقالت الباحثة مارتينا باتون، وهي عالمة إحصائية في جامعة أكسفورد، “وجدنا أنه عبر مجموعة البيانات الكبيرة هذه، فإن جميع سكان إنجلترا الذين تم تطعيمهم ضد كوفيد-19 خلال فترة مدتها 12 شهرا من الوباء، عندما أصبحت لقاحات كوفيد-19 متاحة لأول مرة، كان خطر إصابتهم بالتهاب عضلة القلب بعد التطعيم ضد كوفيد-19 صغيرا مقارنة بخطر إصابتهم به بعد الإصابة بكوفيد-19”.