بعد توقيع برنامج جديد لمدة(3) سنوات…قيادي بالحزب الشيوعي يصف علاقة السودان بصندوق النقد بـ(التبعية)
بعد توقيع برنامج جديد لمدة(3) سنوات
(السودان وصندوق النقد) .. حصاد الورشتات القاسية
قيادي بالحزب الشيوعي يصف علاقة السودان بصندوق النقد بـ(التبعية)
تقرير: سنهوري عيسى
علاقات السودان بصندوق النقد الدولي شهدت حالة من (المد والجزر) طيلة فترة الحكومات المتعاقبة على حكم السودان منذ استقلاله في العام 1956م الى ان انقطعت العلاقات بين الطرفين في العام 1984 أبان حكم المشير جعفر نميري ، لتعود العلاقات في العام 1998م أبان حكم المشير عمر البشير على مستوي العلاقات الفنية فقط دون الحصول على دعم مالي من الصندوق.
وشهدت فترة حكم الرئيس البشير تطبيق اكثر من (14) برنامجا اصلاحيا وفقاً لوصفات وورشتات صندوق النقد الدولي ودون دعم منه، بينما وقعت حكومة الفترة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك اتفاقين لتنفيذ برنامجين للإصلاح الاقتصادي والهيكلي مع صندوق النقد الدولي مدة الاول نحو 12 شهرا انتهت في يونيو الماضي، بينما تبلغ مدة البرنامج الثاني (6) سنوات اعتبارا من يونيو 2012م .
ووصف خبراء اقتصاديون ورشتات صندوق النقد الدولي بـ(القاسية) والمكلفة سياسياً وأدت الى خروج الناس للشارع في عهد نظام البشير، بينما زادت من معاناة الناس والفقر والبطالة والتضخم في عهد حكومة الثورة، فيما وصف البعض علاقة السودان بصندوق النقد بـ(التبعية)، ولن تحقق الاصلاح الاقتصادي، بل زادت الفقر والبطالة والتضخم.
البرنامج الاول للإصلاح
وفى يونيو من العام 2020م وقع صندوق النقد الدولي اتفاقا مع حكومة الفترة الانتقالية لتنفيذ إصلاحات هيكلية لاقتصاد السودان، الذي يواجه تحديات مالية ونقدية أثرت على أدائه الاقتصادي، والوضع المعيشي للمواطنين.
وجاء في بيان للصندوق ، أن السلطات السودانية طلبت تنفيذ برنامج الإصلاح لمدة 12 شهرا المقبلة تحت رقابته اعتبارا من يونيو 2020م، لدعم جهود استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، ووضع الأساس لنمو قوي وشامل.
ويهدف البرنامج كذلك إلى تعبئة التمويل الخارجي، وإحراز تقدم نحو تخفيف عبء الديون للدولة الفقيرة المثقلة بالديون (مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون)، وكذلك التعامل مع تأثير فيروس كورونا.
وتزامن البرنامج مع تحديات يواجها الاقتصاد السوداني، دفعت لانكماش النمو بنسبة 2.5 % في 2019.
برنامج جديد للإصلاح
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على اتفاق جديد مدته 39 شهرا يستفيد بموجبه السودان من التسهيل الائتماني الممدد” (ECF) في حدود 1,733,051 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 2,472,7 مليون دولار أمريكي).
وستدعم الحزمة التمويلية البالغة مدتها 3 سنوات تنفيذ جدول أعمال السلطات المعني بالإصلاحات التحويلية ، مما يتيح ركيزة للإصلاحات في الفترة الفاصلة بين نقطة اتخاذ القرار ونقطة الإنجاز للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك)، وهي الإصلاحات اللازمة لدعم النمو الاحتوائي والحد من الفقر.
وستركز الإصلاحات على مواصلة تعزيز المالية العامة وشبكة الأمان الاجتماعي، وإدخال تحسينات على الحوكمة لتشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص، وزيادة استقلالية البنك المركزي ووضع إطار لسياسة نقدية فعالة.
ويهدف الاتفاق إلى دعم السلطات في تنفيذ جدول أعمالها الإصلاحي الطموح وتحفيز التمويل الميسر من المانحين.
ومن شأن هذا أن يساعد السودان على بناء مزيد من الصلابة الاقتصادية، وتشجيع التوصل إلى نمو أعلى وأكثر احتواءً للجميع، والحد من الفقر، ورفع مستويات المعيشة، وسيتيح قرار المجلس التنفيذي للسودان صرف مبلغ فوري يعادل 991,551 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 1414,7 مليون دولار أمريكي).
بلوغ نقطة اتخاذ القرار
وأكدت السيدة كريستالينا غورغييفا، المدير العام للصندوق ومدير المجلس بالنيابة، ان السودان بلغ نقطة اتخاذ القرار في مبادرة “هيبيك” بفضل التزام السلطات المستمر بالإصلاح في ظل بيئة سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الصعوبة، وتم استكمال مراجعة الأداء الثانية في ظل البرنامج الذي يتابعه خبراء الصندوق، والذي وافقت عليه إدارة الصندوق العليا وأقره المجلس التنفيذي باعتباره مستوفيا لمعايير شرطية الشريحة الائتمانية العليا، واستوفت السلطات الإجراء المسبق الذي يتطلبه عقد اتفاق جديد مدته 39 شهرا للاستفادة من “التسهيل الائتماني الممدد”. وقد ساعد التزام السلطات القوي بالسياسات المطلوبة على تدعيم المالية العامة مع توجيه المساعدات إلى أكثر الفئات ضعفا؛ وتقليص التشوهات بالانتقال إلى نظام لسعر الصرف القائم على قوى السوق؛ وتحسين الحوكمة، كذلك استكملت السلطات تقريرا عن استراتيجية الحد من الفقر (PRSP) يعكس الرؤية المشتركة للأطراف المعنية الأساسية بشأن خارطة طريق قومية لتخفيف وطأة الفقر وتحديد القطاعات ذات الأولوية لتحقيق هذا الهدف.
آخر التطورات الاقتصادية
ووفقا لتقرير صندوق النقد فان السلطات السودانية أحرزت تقدما صوب تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ولكن هناك تحديات كبيرة لا تزال قائمة، فقد انكمش الاقتصاد للسنة الثالثة على التوالي في 2020، وإن كان بدرجة أقل مما أشارت إليه التوقعات، ومن المتوقع أن يتحسن النمو بالتدريج اعتبارا من 2021 مع استعادة الاستقرار الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، انخفض عجز المالية العامة ومن المتوقع أن يزداد انخفاضا في 2021م، مما يسهل انخفاض التضخم، وإن ظل كل من عجز المالية العامة وعجز الحساب الجاري كبيرين، والتضخم في مستوى بالغ الارتفاع (379% على أساس سنوي في مايو 2021)، والتنافسية ضعيفة، وفي ديسمبر 2020، تم إلغاء الدعم على أسعار تجزئة البنزين ومعظم أنواع الوقود، كما تمت زيادة تعريفات الكهرباء، وإحراز تقدم في اختبارات تحمل الضغوط لدى البنوك وعمليات التفتيش المعنية بإجراءات البنوك لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ملخص البرنامج
وتم تنسيق أولويات الإصلاح الواردة في اتفاق “التسهيل الائتماني الممدد” تنسيقا دقيقا مع المانحين الآخرين وهي بمثابة عنصر مكمل للمسوِّغات المقترحة للوصول إلى نقطة الإنجاز غير محددة التوقيت في ظل مبادرة “هيبيك” والتي تحدد على وجه الدقة متى يستطيع السودان بلوغ نقطة الإنجاز.
وستركز هذه الأولويات على الاستدامة المالية عن طريق زيادة تعبئة الإيرادات المحلية وتخفيض الإنفاق على دعم الطاقة التنازلي؛ زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الضرورية لتحسين مستويات المعيشة ورفع معدل النمو طويل الأجل؛ ودعم مرونة سعر الصرف واعتماد نظم لاستهداف الاحتياطي النقدي؛ وزيادة استقلالية البنك المركزي، وتقوية القطاع المالي عن طريق تنفيذ نظام مزدوج للصيرفة، وإصلاح نظام تسوية أوضاع البنوك المتعثرة؛ وتعزيز الحوكمة والشفافية، وخاصة في قطاع المؤسسات المملوكة للدولة.
أهمية صندوق النقد الدولي
ويري د.عزالدين ابراهيم الخبير الاقتصادي ووزير الدولة بوزارة المالية الاسبق، ان صندوق النقد الدولي له أهمية في ما يصدره ويمنحه من شهادات عن الاوضاع الاقتصادية بالدول باعتباره جهة محايدة، وتقاريره اكثر صدقية من التقارير التي تصدرها الحكومات عن اداء اقتصاد بلدان ، وبالتالي تشجع تقارير صندوق النقد على تدفق الاستثمارات ورؤوس الاموال لاستغلال الفرص المتاحة ، بجانب ان صندوق النقد الدولي مصدر لتمويل موازين المدفوعات للدول الاعضاء بالصندوق ، كما ظهرت اهمية الصندوق للسودان في الحراك الاخير حول اعفاء ديونه والضغط على الدول الدائنة لاعفاء ديونها على السودان، وتدريب العاملين بوزارة المالية وبنك السودان في مجال المالية العامة، والسياسات المالية والنقدية وميزان المدفوعات، واعداد مرشد عن ميزان المدفوعات ، واصدار تقارير عن الاداء الاقتصادي واحصائيات مقارنة عن التضخم وميزان المدفوعات) .
الاستفادة من صندوق النقد
ويري د.عزالدين ابراهيم، ان السودان استفاد من علاقته وتعاونه مع صندوق النقد الدولي، وفي السبعينات عندما تم رفع سعر برميل البترول الى (11) دولاراً قدم صندوق النقد دعم للسودان بمنح تسهيلات ، كما قدم دعم لمعالجة اختلالات ميزان المدفوعات وأردف : ( ولكن السودان عجز عن سداد ديون صندوق النقد الدولي واصبح الدولة الاكثر ديوناً للصندوق مما اضطر الصندوق لقطع العلاقات مع السودان في العام 1984م ، ولم تعد تلك العلاقات، إلا في العام 1998م بالتوصل لاتفاق على جدولة ديونه، وتم اصدار شهادة من صندوق النقد الدولي، بان السودان دولة متعاونة وتدفقت بالتالي المنح والقروض على السودان مؤسسات التمويل الاقليمية خاصة العربية لتمويل مشاريع التنمية الكبرى، ولكن عادت علاقة مع صندوق النقد في مجال العون الفني فقط والدعم المالي واستمر الحال الى ما بعد قيام ثورة ديسمبر ليوقع الصندوق برنامجا للاصلاح مدته عام، ويصل الى تسوية لمعالجة ديونه بقرض تجسيري ، بل وقدم الصندوق منح وتسهيلات مالية هذا العام والاتفاق على برنامج جديد للإصلاح مدته ثلاث سنوات ) .
حصاد ورشتات الصندوق
وحول ما أستفاده السودان من ورشتات ووصفات صندوق النقد الاصلاحية واوضح د.عزالدين ابراهيم، ان صندوق النقد الدولي لا يعرض وصفاته على الدول، وانما هذه الدول التي تعرض عليها رؤيتها للتدخل لإصلاحات اقتصاداتها، فمثلا عند أزمة النمور الاسيوية معظم الدول لجأت الى صندوق النقد الدولي باستثناء ماليزيا التي طبقتها رؤيتها لوحدها لاصلاح اقتصادها) .
وصفات قاسية
واضاف : على مستوي السودان طلبت حكومة الانقاذ وصفات من صندوق النقد الدولي وطبقتها بدون دعم منه، كما طبقت بطريقة تراعي الكلفة السياسية لسياسات الاصلاح ولا تفاقم الاعباء على المواطنين رغم رفض هذه السياسات من المواطنين وخروجهم للشارع في سبتمبر من العام 2013م، أما الآن تم تطبيق وصفات وورشتات صندوق النقد بحزافيرها وبصورة قاسية وبسرعة بشهادة صندوق النقد الدولي نفسه ، بل تم التطبيق لوصفات الاصلاح على طريقة (اليموت يموت واليعيش يعيش) كأنه ما في طريقة اخري لاجراء الاصلاح الاقتصادي .
طرق الاصلاح
وحول طرق الاصلاح الاقتصادي الاخرى غير السياسات القاسية التي طبقتها الحكومة بالتعاون مع الصندوق الدولي قال د.عزالدين : طرق الاصلاح كثيرة ولكن الحكومة اختارت الطريق القصير والاسهل ، بينما كان بإمكانها ان تطبق اصلاح اقتصادي يراعي احوال الناس والكلفة السياسية وينهض بالاقتصاد عبر حشد الموارد الداخلية وزيادة الانتاج للصادر ومعالجة عجز الميزانية وارتفاع التضخم) .
وصفات الصندوق سبب الازمات
وفى السياق يري الاستاذ كمال كرار عضو اللجنة الاقتصادية بقوي الحرية والتغيير ، ان وصفات صندوق النقد الدولي سبب فى الازمات الاقتصادية والسياسية والامنية التى يعيشها السودان ، واضاف: الوصفات لم تحقق الاصلاح بل زادت الفقر واالبطالة والتضخم والاعباء المواطنين بارتفاع اسعار السلع والخدمات، كما انها لم تخلق نهضة او تطور واستنهاض للإنتاج او أي عائد واردف: ( الفائدة من التعاون مع صندوق النقد (صفر على الشمال) ووصفاته سبب الازمات التي تعاني منها البلاد.
علاقة تبعية
ووصف كمال كرار علاقة السودان بصندوق النقد الدولي بانها علاقة تبعية، واضاف : السودان لم يستفيد من علاقته بصندوق النقد الدولي، بل هنالك قلة لديها مصالح من تطبيق وصفات الصندوق واستفادت هذه الفئة من العلاقة مع الصندوق وهذه السياسات القاسية على الشعب لتحقيق مصالحها الذاتية، بل اصبحوا وكلاء لصندوق النقد الدولي).