بعد إجراءات البرهان الأخيرة… أين موقع قِوى الحرية والتغيير؟
الإجراءات التي اتخذها رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بحل الحكومة المدنية والمجلس السيادي وتعطيل بعض المواد المتعلقة بالشراكة بين المدنيين والعسكريين, طرح سؤال مهم فيما يتعلق بقِوى الحرية والتغيير ووجودها في السابق كحاضنة للحكومة التنفيذية, ولكن بعد حل الحكومة وتعطيل مواد في الوثيقة متعلقة بالشراكة, يتساءل البعض اين تقع قِوى الحرية وموقعها من الإعراب؟ خاصةً في ظل الخطوات التي تتم بشأن تشكيل المجلس السيادي ثم مجلس الوزراء. من العلم بالضرورة أن قوى الحرية والتغيير تُشكِّل في السابق مرجعية للحكومة التنفيذية وحاضنة لها وتُستشار فيما يتعلّق بتعيينات الحكومة. إذن أين موقع قوى الحرية والتغيير في الفترة المُقبلة؟ هل ستظل حاضنة أم تنصرف لمهام أخرى؟
حاضنة منقسمة
ويصور القيادي باللجنة المركزية بالحزب الشيوعي كمال كرار, المشهد أمام قوى الحرية والتغيير بالغامض والقاتم, ويقول لـ(الصيحة) إن الحاضنة التي كانت قبل الإجراءات التي اتخذها الفريق اول البرهان رئيس المجلس السيادي بأنها حاضنة منقسمة على نفسها, فيها جزء مواقف حتى على تلك الإجراءات التي اُتّخذت بحل الحكومة والمجلس السيادي وهي داعمة لها وأخرى تقف رافضة لتلك الخطوات, مَا أضعف دورها, ويرى أن الحاضنة الأولى يمكن ان تكون جزءاً من المشهد القادم خاصة بعد الإبقاء على بعض الوزراء في الحكومة المقبلة. أما (قحت) الثانية هي مُستبعدة من المشهد السياسي بحكم أنها عارضت الاجراءات التي قام بها رئيس المجلس السيادي وبالتالي تلك الإجراءات بالتأكيد سوف تطوي صفحة قوى الحرية والتغيير وكل ما يترتّب عليه خلال الفترة الانتقالية, بالإضافة إلى لجان المُقاومة ولجان الخدمات والتغيير، وقال إنّ تلك الخطوات ترجعنا إلى ما قبل الثورة فترة دولة البشير والمؤتمر الوطني. وأقرّ بوجود تسويات تُجرى الآن من تحت الطربيزة مع بعض قوى الحرية والتغيير لتليين موقفها. وأكد ان الحكومة المقبلة ستأتي ببرنامج مُختلف عن التي كانت من قبل في الحكومة السابقة. غير أنه لفت إلى معركة الشارع السوداني الذي يريد أن تكون هنالك حكومة مدنية بنسبة (100%).
قيم الثورة
لأن رب ضارة نافعة, فإن الإجراءات التي اتخذها الفريق أول البرهان أعادت الحاضنة السياسية لكي تنظر الى نفسها مرة ومرتين لتعيد حساباتها التي تبعثرت بفعل الخلافات والانقسامات ما بين (قحت 1_2), وأكثر من مرة نبه فيه رئيس الحكومة المحلولة د. عبد الله حمدوك من خطورة الانقسامات التي تُحيط بقوى الحرية والتغيير, وقال إنها عطلت الكثير من العمل السياسي والتنفيذي وقيام المؤسسات السياسية للدولة.
ويرى مصدر بقوى الحرية والتغيير طلب عدم ذكر اسمه لـ(الصيحة) أن الحاضنة بشكلها القديم كرّست لتلك الإجراءات, التي قال إنها كانت فرصة لكي تتم. بيد انه رأي أن قوى الحرية والتغيير متحدة الآن حول قيم الثورة وملتفة حول ضرورة التحول الديمقراطي, واستبعد بشدة استمالة البعض للإغراءات أو التسويات التي تتم, واكد ان المهم في الفترة المقبلة وحدة تلك القوى خلف شعارات الثورة والاصطفاف, وتابع: إن قوى الحرية والتغيير ستكون موجودة في الشارع رغم الإجراءات التي طالت قيادات منها, واضاف أنّ هنالك ضرورة لوحدتها وتوسعتها وإضافة الذين كانوا في الخارج.
اصطفافٌ سياسيٌّ
توقّع القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير، رئيس المكتب السياسي لحزب حشد الوحدوي، صديق أبو فواز، حدوث اصطفاف سياسي جديدٍ في الساحة داخل قِوى الثورة المكوّنة للحكومة. وقال أبو فواز وفق صحيفة (الحداثة) في وقت سابق، إن (الاصطفاف سنّة الحياة السياسية، والتحالفات تتغيّر من وضع إلى آخر إذا حدث خلاف مبدئي مع أيّ تحالف قديم), وأشار إلى أنّ الاصطفاف داخل الحرية والتغيير بدأ منذ فترة وهو في طور التخلّق الآن، وسيخرج إلى العلن قريبًا – بحسب ما ذكر, وأعاب أبو فواز على رئيس الوزراء حمدوك (عدم استفادته من وجود حاضنة سياسية)، واعتبر أنّ (الحكومة وتحالف قوى الحرية والتغيير فشلا معًا في الاستفادة من الحاضنة الحقيقية وهي الحاضنة الجماهيرية) – على حد وصفه.
وفاق وطني
البعض يرى أن السودان مُقبلٌ على تغييرات سياسية كبيرة خلال الفترة القادمة، وهي تتراوح بين إعادة إنتاج نُموذج المصري أو التونسي، وما بين جهود تأسيس مشروع وفاق وطني جامع يُشكِّل فيه قوى الحرية والتغيير جزءاً أساسياً فيه, غير أن المحل السياسي ابراهيم محمد آدم يرهن استمرار الشراكة العسكرية المدنية لتحقيق أهداف الفترة الانتقالية بتوسيع قاعدة المُشاركة وسرعة تشكيل مؤسسات الدولة بالإضافة إلى ضرورة استقلال القضاء والعدل ومراجعة القرارات التعسفية في الفصل ومُصادرات الأموال وتحقيق الوفاق الوطني هو الحل الوحيد لإنقاذ الفترة الانتقالية. ولكن فيما يتعلّق بقوى الحرية والتغيير, أكد انها ستتجه الى معالجة الاختلالات السابقة واعادة هيكلتها ووحدتها وتوسيع قاعدتها في إطار يضم كل قِوى الثورة الحَيّة, وتظل رقيبا على الحكومة, ولكنه قال لـ(الصيحة) لا أعلم أين تتجه, وجزم بأنّها ستلجأ إلى الشارع في مقاومة ومُقارعة الحكومة ومُحاولة إعادة الأمور لنصابها وتقف ضد الخطوات التي اتخذها البرهان، وقال إنَّ الإجراءات التي اُتّخذت كان مُبرّرها خطاب التشاكس والتكالب على السلطة دون النظر إلى المُهدِّدات الاقتصادية والأمنية, وإن الانقسامات شكّلت إنذارا خطرا يهدد البلاد.
المصدر : الصيحة