المساعدات الأمريكية) .. هل تدعم الاقتصاد السوداني .. أم أجندة اخري ….؟

(المساعدات الأمريكية) .. هل تدعم الاقتصاد السوداني .. أم أجندة اخري ….؟
تقرير: العهد اونلاين
تكشف تجارب الأنظمة السياسية السودانية التى حكمت السودان منذ الاستقلال وحتى الان، عن نكوص المجتمع الدولي والمانحين وامريكا والاتحاد الأوروبي في الوفاء بتعهداتهم ودعمهم للسودان ، بدليل عدم وفاء أمريكا والغرب والمانحين بتعهداتهم لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل بنفاشا والتى تعهدوا بتقديم ( 4,5 ) مليار دولار لانفاذها في مؤتمر المانحين بأوسلو ليتحمل طرفا الاتفاق عبء تنفيذه حتى افضي الى انفصال الجنوب في يوليو من العام 2011م، وتكرار سيناريو الوعود الكاذبة والتعهدات مع حكومة الفترة الانتقالية برئاسة دكتور عبدالله حمدوك، بتقديم الدعم والمنح والقروض والمساعدات واعفاء الديون عبر ما سمي بشركاء وأصدقاء السودان والذين عقدوا عدة مؤتمرات لدعم الإنتقال الديموقراطي في السودان ببرلين وواشنطن والخرطوم والرياض وباريس ثم العاصمة السعودية الرياض للمرة الثانية دون تقديم واضح للاقتصاد الوطني الذي أصبح على حافة الهاوية بسبب تطبيق وصفات صندوق النقد الدولي وتقاعس المانحين الدوليين والبنك الدولي عن تقديم أو دعم الشعب السوداني الذي اكتوي بنيران الإصلاح الاقتصادي ووصفة صندوق النقد الدولي وأصبح غير قادر على شراء احتياجاته الأساسية وزادت معدلات التضخم والفقر والبطالة والجريمة المنظمة وتدهورت قيمة الجنيه السوداني وفقد قوته الشرائية وقيمته التبادلية أمام العملات الأجنبية.
والان بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر علي تعليق أمريكا والغرب والمانحين لمساعداتهم للسودان بدأت الإدارة الأمريكية في تسريب أجندتها من إعادة استئناف المساعدات الأمريكية للسودان عبر بعض المواقع الأمريكية.
وذكر موقع (ديفكيس الأمريكي)، أن الولايات المتحدة الأمريكية من المقرر أن تستأنف مساعداتها للسودان البالغة (700 ) مليون دولار والتى سبق وأن تمت اجازتها من قبل الكونغرس الأمريكي، لتتم برمجة إنفاقها خلال هذا العام.
وذكر الموقع حسب صحيفة (البوم التالي) الصادرة الاحد بالخرطوم، أن وكالة التنمية الأمريكية ستفعل استئناف دعمها بطريقة تتجاوز من خلالها الجيش في السودان، كما ستقوم ببرمجة صرف( 108 ) مليون دولار لدعم منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء السودان من خلال توفير التعليم والتدريب التركيزي لتحسين قدراتها واعدادها في الانتقال الديموقراطي، فضلا عن تمويل وسائل النقل لنقل المجموعات المحلية إلي الخرطوم، حتى يتمكنوا من المشاركة في الحوار المستمر بما في ذلك الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الانتقال السياسي بالسودان.
وكشف الموقع الأمريكي، أن الدعم يشمل تمويل أعمال حقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات ، وتعزيز وسائل الإعلام المستقلة ، بجانب برامج سبل كسب العيش ذات الصلة بالزراعة.
أجندة الدعم الأمريكي
ويري خبراء اقتصاديون أن الدعم الأمريكي والدولي تحركه الأجندة وليست لدعم الاقتصاد الوطني او الشعب السوداني، وأكد الخبراء أن الدعم الأمريكي المباشر أو عبر مساندة أمريكا للقرارات الصادرة من مؤسسات التمويل الدولية سواء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ليست خالية من الأجندة الخفية والمعلنة وكذلك العقوبات الأمريكية تستخدم ضد الدول لتحقيق الأجندة الأمريكية ، والسودان ليست استثناء، وانما مثله مثل بقية الدول التي تستخدم معها الإدارة الأمريكية سياسة العصا والجزرة.
ويؤكد دكتور محمد خير حسن محمد خير عميد كلية الاقتصاد الأسبق بجامعة أمدرمان الإسلامية، ان أمريكا تربط دعمها ومساعداتها للدول ومواقفها في مؤسسات التمويل الدولية دون استثناء، بتحقيق مصالحها واجنداتها في الدول والسودان احدي تلك الدول التي تستخدم فيها امريكا سياسة (العصا والجزرة ) لتحقيق مصالحها واجنداتها، وليست كالصين مثلا.
كشف الأجندة الخفية
واضاف دكتور محمد خير: امريكا تراعي في دعمها ومواقفها في المؤسسات الدولية والمالية تحقيق مصالحها، ولذلك قد تري ، أن دعمها للسودان وإيقافه لتحقيق مصالحها واجنداتها، بحيث تستخدم الدعم لتحقيق مصالحها، وإيقافه أيضا لتحقيق مصالحها بأن تلزم السودان ببعض المعايير التي تتحدث عنها الآن عبر المبعوث الأمريكي للقرن الافريقي، بالعودة إلى العملية السياسية والوصول إلى الانتقال الديموقراطي بالسودان ، وهيكلة القوات المسلحة، ومن هنا تظهر بوضوح الأجندة الأمريكية في إيقاف الدعم أو استئنافه التى تراعي المصالح الأمريكية في السودان وغير المعنلة بهيكلة الجيش، ولذلك بأي حال من الأحوال الدعم الأمريكي غير خال من الأجندة، كما أن حكومة الفترة الانتقالية برئاسة دكتور عبدالله حمدوك، كان معظم وزرائها من أصحاب الجنسيات الأجنبية، وهذا يثير المخاوف من انتهاك السيادة الوطنية في اتخاذ القرارات الوطنية
دعم مطالب الثورة
لكن استاذ محمد نور كركساوي الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية لتيار الوسط، يري أن الموقف الامريكى والدول الأوروبية كان واضحاً منذ قيام الثورة وبعد ان تم توقيع الوثيقة الدستورية فى ٢٠١٩ و ٢٠٢٠ وهو دعم مطالب جماهير ثورة ديسمبر المجيدة والمختصرة فى حرية ، سلام ، عدالة
و الكل يعلم موقفها من المساعدة فى رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، هذا بالإضافة إلى موقفها من دفع القروض التجسيرية حتى يسهل على السودان الحصول على المنح ، القروض، واعفاء الديون التى تحقق جزء كبير منها خلال العامين الماضيين ، منحة ٨٣٠ مليون دولار لدعم برنامج ثمرات ، وأخرى لدعم السلام وغيره بحدود( 1.2 ) مليار تقريبا خلال الفترة الانتقالية وتقديم المنح العينية فى مجال التدريب التقنى وتطوير مشروع مكننة الدولة ..الخ هذا وقد كانت دوما تساهم وتشجع القائمين على امر إدارة الدولة بالحرص على الوصول بالفترة الانتقالية الى غاياتها وهى مرحلة قيام الانتخابات فى موعدها حسب الوثيقة الدستورية والدليل على ذلك فتح سفارتها ونقل مقر السفير من القاهرة الى الخرطوم وإرسالها فريق لدعم العلاقات الجديدة.
دعم الشعب السوداني
واضاف: ولكن بعد احداث الخامس والعشرين من اكتوبر ٢٠٢١ قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد جميع المساعدات ومن بينها ٧٠٠ مليون دولار مصدقة للدعم الاجتماعى المتمثل فى برنامج ثمرات، وذلك تضامنا مع مطالب الشعب بعودة الأوضاع على ما كانت عليه وحين استمرت المسيرات الاحتجاجية بصورة اربكت أداء الدولة السياسى والاقتصادى وارتفع سقف مطالبات المتظاهرين للقوات النظامية بالابتعاد عن العمل السياسى والعودة الى ثكناتها وتمترس كل طرف خلف موقفه اقترحت امريكا وأصدقائها من الإقليم والعالم الاخر تكوين مبادرة من اربعة دول اقليمية تقوم بالوساطة واشراك المجتمع الدولي الذى ارسل مبعوثه للتوسط بين كافة الأطراف والمساعدة فى تقريب وجهات نظر الفرقاء حتى يتفقوا على رؤية وبرنامج موحد لحل الازمة السياسية الراهنة.
واضاف كركساوي : بما ان جميع الأطراف او معظمها قد رحبت بهذا المقترح وتعاونوا مع المندوب فوكلر فى اداء مهمته، لذا فالولايات المتحدة الأمريكية تريد ان تبنى علاقة وطيدة مع شعب السودان خصوصا مع جماهير ثورة ديسمبر التى تريد الحرية والديقراطية وبناء الدولة المدنية لانها قد صرحت مرارا (بوش ، اوباما وبايدن) بان المصالح الأمريكية لا تنمو الا فى ظل الأنظمة الديمقراطية المستقرة ، المتعددة ذات البرلمان الحر المستقل لان القرار يمر عبر الاغلبية ذات العقول المتنوعة، وبما ان مبلغ المنحة٧٠٠ مليون دولار كان مخصصا اصلا لدعم البرامج الإجتماعية واهمها كان انذاك برنامج ثمرات ولكن يبدو ان هذا البرنامج لم يبدأ مرة اخرى بعد ان توقف منذ احداث ٢٥ اكتوبر الماضى وحتى الآن، لذلك ربما تفكر امريكا ان تعيد برمجته فى اطار الدعم الاجتماعي والأنشطة المتعددة ذات الصلة بتوجهات الناس خاصة الطبقات الفقيرة او ذوى الاحتياجات الخاصة ، برامج الشباب والمرأة.
مساعدات طارئة
وفي السياق يري دكتور هيثم محمد فتحي الباحث الاقتصادي،
ان تعهدات الولايات المتحدة بتقديم الدعم للسودان من خلال وكالة المعونة الأمريكية تهدف إلى دعم السودان في مواجهة تحديات المرحلة الانتقالية ، والانتقال إلى المسار الديمقراطي بما يحقق التنمية والرخاء للبلاد، عبر المساعدات الطارئة بمبلغ 700 مليون وهي مخصصة لدعم السودان اقتصاديا خاصة أن الوكالة الأمريكية أكدت ان المعونة الانسانية للسودان لن تتوقف
فالوضع في السودان معقد، ويحتاج لتكاتف القوى الدولية والإقليمية للخروج بالسودان من منزلقات العنف أو التفكك والانقسامات الداخلية
خاصة مع حجم التحديات التى يواجهها الاقتصاد السوداني فى ظل موارد مالية أجنبية محدودة وتوقف شبه كامل لمشاريع تنموية.