المسؤول السابق في البيت الابيض والمبعوث الأمريكي السابق للسودان ، كاميرون هدسون في حوار
حوار: محمد مهدي مصطفي
اعتبر المسؤول السابق بالبيت الأبيض والمبعوث الأمريكي الخاص السابق للسودان كاميرون هدسون، إن المكون العسكري في السودان مهتم بالحفاظ على مصالحه أكثر من الانخراط في حوار موثوق مع المدنيين، موضحاً إن العسكريون يائسون جداً من إمكانية الظهور بمظهر شرعي و(غير منعزلي) لدرجة أنهم مستعدون للبحث عن شراكات وتمويل من دول أخرى منبوذة.
وقال هدسون كبير الباحثين في المجلس الأطلسي، في حوار خاص مع (السوداني الدولية) إن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق محمد حمدان دقلو إلى العاصمة الروسية موسكو في هذا التوقيت ستؤدي لمزيد من العزلة لقادة السودان وتؤكد حث العسكريين عن مصالحهم أكثر من الحوار مع المدنيين.
ونوه هيدسون إلى أن إدارة الرئيس بايدن لا تمارس ضغوطاً على المكون العسكري كونها تريد إتاحة الفرصة للعمل الدبلوماسي عوضاً عن تطبيق العقوبات التي يمكن أن تطال أفراد في المؤسسة العسكرية. مشيراً في ذات الإطار إلى أن الولايات المتحدة أعلنت عن دعمها المباشر للحراك الديموقراطي والحراك السياسي في الشارع. وأن استراتيجية المجتمع الدولي تتمثل في انتقال “متحكم به” للسلطة من العسكري إلى المدنيين. إلى الحوار
* بداية سيد هيدسون، ما هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية من زيارة الوفد السوداني “العسكري” لروسيا في هذا الوقت، وما هي انعكاساتها؟
رغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعرب رسميًا عن وجهة نظرها بشأن زيارة الفريق محمد حمدان دقلو لروسيا، ومع ذلك لا يمكن تجاهل توقيت هذه الزيارة، كما لا يمكن أيضًا تجاهل تأييد القادة العسكريين للعمل الروسي غير القانوني في أوكرانيا.
إن الاستنتاج الوحيد الذي يمكنك استخلاصه هو أن قادة السودان يائسون جدًا من ظهورهم بهذا المظهر غير الشرعي لدرجة أنهم على استعداد للبحث عن شراكات وتمويل من دول أخرى منبوذة.
وهذه الزيادة ستؤدي إلى مزيد من العزلة لقادة السودان وتوضح مرة أخرى أن الجيش يهتم بالحفاظ على مصالحه أكثر من الانخراط في حوار موثوق مع القادة المدنيين الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى الإطاحة بهم.
* كيف تفسر تهديد مجلس الشيوخ الأمريكي بفرض عقوبات على أفراد في المؤسسة العسكرية دون أن يطبق ذلك فعلياً؟
من الواضح أن إدارة الرئيس جو بايدن خلصت إلى أنها تريد إتاحة الوقت للدبلوماسية للعمل وحتي يشعر المجلس العسكري بالضغط والعزلة والاقتصاد المنهار الذي جلبوه هم أنفسهم.
دعم أمريكي مباشر:
* كيف تدعم الولايات المتحدة الأمريكية السودان اقتصاديًا بعد قرارات الانقلاب الأخيرة في أكتوبر الماضي؟
بالرغم من قرار تجميد 700 مليون دولار من المساعدات الأمريكية ، فمن الأهمية بمكان أن تجد واشنطن طرقًا لتوجيه المساعدة المالية مباشرة إلى الشعب السوداني بطريقة تمكنها من تجاوز الجيش. وهذا يمثل تحديًا لأن الجيش وحلفائه لديهم مخالب في كل جزء من مفاصل الاقتصاد السوداني تقريبًا. وأعلنت الولايات المتحدة عن مساعدة مباشرة كبيرة للحركة المؤيدة للديمقراطية للمساعدة في استمرار تظاهراتهم وتنظيمهم. ولكن بعد ذلك سيحتاجون إلى زيادة المساعدة الإنسانية لتشمل القمح والأدوية والوقود والسلع الأساسية الأخرى التي لن تتمكن الحكومة قريبًا من استيرادها بسبب الاقتصاد الفاشل.
* إذن كيف ينظر أو يقيم المجتمع الغربي والولايات المتحدة مبادرة رئيس بعثة الأمم المتحدة (فولكر) ؟
لقد أيدت الولايات المتحدة والجهات الدولية الفاعلة الأخرى مبادرة السيد فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة يونيتامس لعدة أسباب. أولها أن (يونيتامس) لديها تفويض من مجلس الأمن الدولي للمساعدة في دعم وتسهيل هذا النوع من الحوار.
وثانيًا ، لأنه لا توجد لديهم بدائل أخرى لعملية (يونيتامس). أعتقد أن الجميع يدركون أن العملية ليست مثالية، لكنهم يرون أيضًا مخاطر في وجود عمليات متنافسة وبالتالي هم على استعداد لدعم هذه العملية.
*وهل يمكن للولايات المتحدة أن تمارس المزيد من الضغوط على المكون العسكري لتسليم السلطة للمدنيين؟
لا يبدو لي أن الولايات المتحدة مهتمة بإجبار الجيش على تسليم السلطة للمدنيين في أي وقت قريب. يبدو أنهم ينظرون إلى الجيش على أنه لاعب شرعي في العملية السياسية وكجهة لا يمكن تنحيتها جانبًا. وهم يرون أن الجيش يستمر في لعب دور دستوري خلال فترة انتقالية، ويبدو أن استراتيجيتهم تتمثل في استخدام المفاوضات السياسية والاتفاقيات القانونية الخاضعة للإشراف الدولي لخلق الظروف بمرور الوقت التي تتآكل فيها القوة العسكرية بحيث ينتقل ميزان القوى السياسي والاقتصادي إلى المدنيين. وهم يسمون هذا “انتقال متحكم به” على عكس الثورة، الأمر الذي يخيف المجتمع الدولي لأن لديهم سيطرة أقل على النتيجة هناك.
* إذن ما هو السبيل لإعادة الديمقراطية إلى المسار الصحيح؟
لا توجد إجابة سهلة لهذا السؤال ، لأنه لا يوجد نظام ديموقراطي في السودان يمكن أن نعود إليه، نحن نتحدث عن تفكيك دكتاتورية عسكرية كانت موجودة بشكل ما خلال الثلاثين عاماً الماضية واستبدالها بنظام ديمقراطي لم يكن موجودًا بشكل كامل. ولا توجد استراتيجية لتحقيق ذلك، ولكن أعتقد أن ما نحتاج إليه أولاً إلى التركيز عليه هو إضعاف وتغيير دور الجيش في السودان بشكل أساسي. وما لم يحدث ذلك وإلى أن يحدث ذلك، فإن الحديث عما سيأتي بعد ذلك يبدو سابقًا لأوانه.
* وكيف تنظر الولايات المتحدة إلى السودان، بعد استقالة رئيس الوزراء الدكتور حمدوك؟
كانت السياسة الأمريكية في السودان تتمحور إلى حد كبير حول رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك وبدون وجوده أو من يخلفه هناك، فإن السياسة الأمريكية والدولية تنحرف على غير هدى. سيتعين على الولايات المتحدة أن تتعلم أن تحتضن حركة المظاهرات وأن تجد عناصر داخلها وداخل الأحزاب السياسية لتقوم بدعمها. ولسوء الحظ، أعتقد أن الكثيرين في المجتمع الدولي قد تأثروا بحملات التضليل العسكرية التي تركزت حول عدم أهلية السياسيين وقدرتهم على القيادة. ويجب عدم الخلط بين المخطئين هنا ومن المسؤول عن أعمال القتل وانتهاكات حقوق الإنسان. إنهم ليسوا السياسيين ولم يكونوا كذلك أبدًا. لذلك لا يمكننا تحميلهم المسؤولية بالتساوي عن إخفاقات الحكم. كل المسؤولية يجب أن تقع على عاتق الجيش
المصدر : السوداني الدولية