الأخبارتحقيقات

القلق الإبداعي.. كيف تتغلب على ضغط عدم وجود شيء جديد لتقوله؟

القلق الإبداعي.. كيف تتغلب على ضغط عدم وجود شيء جديد لتقوله؟

تتطلب الحياة المعاصرة الحصول على أفكار مبتكرة ورائدة سواء في عالم المال والأعمال، أو في الحياة الخاصة. وأصبح رواد الأعمال تحديدا وأي موظف بشكل عام يحتاج هذه الأفكار الإبداعية بشكل يومي ولذلك يتساءل الكثيرون، ماذا سيحدث عندما لا يأتي هذا الإلهام بالأفكار المبدعة؟

قال الكاتب إنريكي ثامورانو، في تقرير نشرته صحيفة “الكونفدنسيال” الإسبانية، إن جميع المهن في الآونة الأخيرة أصبحت تكتسب سمات إبداعية بدرجات متفاوتة.

بمعنى آخر، لم يعد الإبداع يقتصر على أعمال الفنانين، أو الكتاب، أو المسوقين، أو عباقرة فن الاستعراض، وإنما أصبح قابلا للتنفيذ في جميع المهن تقريبا.

وهو ما حذّر منه بالفعل المفكّر جيل ليبوفيتسكي في منتصف القرن الماضي، عندما أوضح أن جمالية العالم تؤدي إلى نوع من “الرأسمالية الإبداعية”، حيث يندمج الإنتاج الصناعي والثقافي مع بعضهما بعضا.

فلقد انتهى زمن الوظائف العملية التي سمحت لموظّفيها بأداء عملهم والعودة إلى منازلهم للراحة من دون أن يضطر بقية العالم إلى تقييم أعمالهم أو الحكم عليها.

في الوقت الراهن، أصبح على الموظف الاستمرار بإنتاج محتوى جمالي للوصول إلى العملاء المحتملين أو المستهلكين أو الطلاب أو القراء، سواء كان مهندسا معماريا أو مدرسا أو مزارعا أو صحفيا.

وأصبح الإنستغرام بمثابة منصة إلكترونية عبر الإنترنت يمكن من خلالها تقدير ميزات الرأسمالية الإبداعية، فهو لا يدر الأموال على العمال والفنانين المبدعين فحسب، وإنما يتيح أيضا عرض المنتجات المتنوعة. علاوة على ذلك، أصبح الإنستغرام وسيلة من أجل إبراز تفاصيل حياتنا الشخصية واليومية ومحاولة جذب المتابعين من أجل المزيد من علامات الإعجاب.

وصل الأمر إلى أن رائد الأعمال قد يحصل على فرص أقل مقارنة بمنافسيه؛ وذلك إذا لم تكن حياتك مثيرة وجذابة، أو لم تكن لديك جحافل من المتابعين الذين لا يترددون في الضغط على زر “أعجبني”.

في الواقع، أدت شبكات التواصل الاجتماعي إلى ترسيخ سمات الرأسمالية الإبداعية، التي بدأت بالفعل في الظهور منذ نهاية القرن الماضي. علاوة على ذلك، قلّلت شبكات التواصل الاجتماعي بشكل أكبر من الفصل الجسدي والعقلي بين وقت الفراغ ووقت العمل.

ولذلك في الوقت الراهن، يبحث كل رائد أعمال أو أي شخص عادي عن فرصة أو عن وظيفة عبر الإنترنت، كما يبحثون كذلك عن شريك حياة أو أصدقاء.

الشعور بالقلق إزاء الإبداع

يعتبر الباحث في جامعة جورجتاون بواشنطن، إيان ليونز، من أوائل العلماء الذين تحدثوا عن مصطلح “القلق الإبداعي”.

وأكد ليونز على فرضية أن الشخص الذي يتمتع بروح إبداعية، والذي يتميز بالميل نحو الارتجال والحدس، ويشعر بالتحرر المعرفي والفكري، يكون أكثر حصولا على الفرص من الشخص الذي يتمتع بروح منطقية وتحليلية الذي يبدو للوهلة الأولى أكثر صعوبة من غيره.

اكتشف ليونز من خلال بعض التجارب، أنه على الرغم من ارتفاع قلق بعض الأشخاص بشأن عدم القدرة على حل مشكلة منطقية أو رياضية، فإنهم يعانون أيضا من ضغط كبير لتوليد بعض الأفكار الإبداعية وتطويرها. وبهذا المعنى، وجد الباحث أن القلق الذي ينشأ أمام عُسر الحصول على أفكار إبداعية جديدة يبعد الشخص عن تحقيق أهدافه أو الحصول على مستويات أدائه الأمثل، في حين أنه من السهل التوصل إلى إيجاد حلول للمشاكل التي تتطلب استخدام الجوانب العقلية والمنطقية.

في هذا الشأن، شرع أحد طلاب ليونز، يُدعى ريتشارد داكر، في الذهاب إلى أبعد من ذلك؛ إذ حاول إظهار ما إذا كان الخوف من عدم معرفة كيفية التوصل إلى فكرة مبتكرة أو إبداعية يمكن أن يحد من القدرة على التفكير بطريقة إبداعية ومبتكرة.

بعد ذلك، طلب ريتشارد من مجموعة من المشاركين الإجابة على بعض المواقف التي يمكن أن تولد التوتر وتجميعها في مجموعتين: الأولى، تشير إلى المزيد من الصفات الإبداعية، أي الحاجة إلى إيجاد حل مبتكر لمشكلة ما ووضع طريقة فريدة لفعل شيء ما، والتفكير في أمر ما من منظور جديد أو مجرد الاضطرار إلى الارتجال.

أما المجموعة الثانية، فتتعلق بالقدرات المنطقية أو الرياضية الأخرى، أي الاضطرار إلى حل مشكلة بالطريقة نفسها التي تعلمت القيام بها في لحظة معينة، واتباع طريقة ثابتة لإنجاز مهمة ما بدقة أو الاضطرار إلى التفكير في شيء وفقا لنظام ثابت واتباع سلسلة من التعليمات بعناية.

لم يجد داكر علاقة بين هذه المهام والمهام الأكثر منهجية، مما يعني أن القلق من أن تكون مبدعا يعدّ نوعا فريدا إلى حد ما من الإحساس الذي ينجم عن مواقف محددة وملموسة، بدلا من حقيقة الشعور بالإكراه أو الضغط لابتكار أفكار إبداعية.

التغلب على مشكلة قلة الأفكار الإبداعية

لا توجد خدعة فعالة تماما فيما يتعلق بما هو مجرّد وشخصي مثل الخيال أو الارتجال؛ لذلك، إذا كنت تعاني حقا من نقص في الأفكار ووجدت نفسك عاجزا عن فعل ذلك تماما، فأفضل ما يمكنك فعله هو الاسترخاء والحفاظ على ذهن متفتح في نهاية اليوم حتى تسمح لنفسك بالتفكير والإبداع.

وكلما زاد توترك بشأن قبول عدم وجود أفكار لديك، ازداد الأمر سوءا، بالإضافة إلى ذلك، ستكون مجبرا على مقاومة الإحباط حتى تتعلّم كيفية تجنب فترات الخمول التي من الممكن أن تشعر بها، حيث إنه لا ينبغي لك السماح بمثل هذه المشاعر إذا كانت وظيفتك تتطلّب منك أن تكون مبدعا، نظرا لأن الأوقات والمواعيد النهائية للتسليم غالبا ما ستتحكّم في احتياجاتك.

المصدر : مواقع إلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى