الفاضل محمد محمد خير يكتب:إلى الرئيس البرهان وكل أركان حربه ومعاونيه

الفاضل محمد محمد خير يكتب:إلى الرئيس البرهان وكل أركان حربه ومعاونيه
إن دماء الشهداء أمانة في أعناقنا جميعًا، جيشًا وشعبًا، وخيانتها جريمة لا تغتفر. إذا لم نحقق العدالة الكاملة والشاملة، دون استثناء أو تمييز، فنحن نخون هذه الدماء الزكية التي روت أرض الوطن. العدالة هي الأساس، وهي صمام الأمان الوحيد لضمان عدم تكرار المآسي. كل من
أسهم في خراب السودان، أيًا كان موقعه أو انتماؤه—من الجيش أو الإدارات الأهلية أو الأحزاب أو غيرهم—يجب أن يواجه محاكمة عادلة تنصف الضحايا وتعيد الحق لأصحابه.
نحن نخون دماء الشهداء إذا لم نؤسس جيشًا وطنيًا موحدًا، جيشًا لا ولاء له إلا للوطن، بعيدًا عن الأهواء السياسية والانتماءات الضيقة. نخونهم إذا لم نتجاوز أخطاء الماضي وننهض بجيشنا ليكون درع السودان الحصين، وأمننا ليكون سيفه البتار، وشعبنا ليكون سنده الواعي والمدرك لحقوقه وواجباته.
نخون الشهداء إذا لم نضع حجر الأساس لدولة المؤسسات، دولة يحكمها القانون لا الأفراد، تُبنى على العدل والمساواة، لا المحاباة والمجاملات. نخونهم إذا لم نعد الحقوق لأهلها، نمسح الدموع، نرفع الظلم، ونعوّض المظلومين. الوطن ليس ملكًا لأحد، بل هو حق مشترك بين جميع أبنائه، ولا يليق بنا أن نخذل من ضحوا لأجله.
نحن نخون دماء الشهداء إذا لم تكن لنا دبلوماسية قوية وواضحة، تضع السودان فوق كل اعتبار، وتعيد له مكانته المستحقة بين الأمم. نخونهم إذا لم نصنع قرارنا الوطني بأيدينا، بعيدًا عن التبعية والارتهان لمصالح الآخرين.
نحن نخونهم إذا لم نؤسس مراكز دراسات واستراتيجيات يقودها علماء وخبراء سودانيون، يضعون رؤية واضحة لمستقبل البلاد. نحن بحاجة إلى عقول تخطط، وأيادٍ تبني، ونفوس تؤمن بأن السودان يستحق الأفضل. نخونهم إذا لم نوثق هذا الخراب الذي حل بالبلاد توثيقًا محايدًا، ليكون درسًا للأجيال القادمة، حتى لا يتكرر العبث بمصير الوطن.
نحن نخون الشهداء إذا تجاهلنا أسرهم، أسر من قدموا أرواحهم لنحيا نحن بكرامة. واجبنا أن نكفل لهم حياةً تليق بتضحياتهم، وأن نثبت لهم أن دماء أبنائهم لم تذهب هدرًا.
نحن نخونهم إذا لم نحارب الفساد بقبضة من حديد. هذا الفساد الذي نهب ثروات السودان وأذل شعبه يجب أن يكون هدفنا الأول في معركة البناء. نخونهم إذا لم نجعل من تطهير البلاد من المفسدين معركة وطنية لا مساومة فيها، لأن الفساد كان ولا يزال أصل الداء وسبب كل هذا الخراب.
وأكثر من ذلك، نخونهم إذا لم نضع السودان على طريق النهوض الحقيقي، إذا لم نوفر لكل مواطن أمنًا وتعليمًا وصحةً وحياةً كريمة. إذا لم نعمل على رفع المعاناة عن كاهل هذا الشعب، ونعيد له حقه في وطن مستقر وآمن، فنحن شركاء في الجريمة.
كل يوم يمر دون أن نؤدي واجبنا تجاه هذا الوطن، وكل لحظة نتردد فيها عن اتخاذ القرار الصحيح، هي خيانة جديدة لدماء الشهداء. عليهم السلام في رحاب ربهم، وعلى أعناقنا عهد الوفاء لهم، عهد بناء سودان يليق بهم، سودان لا يُباع ولا يُشترى، سودان يسوده العدل وتُحترم فيه كرامة الإنسان.
الفاضل محمد محمد خير
ناظر القراريش