الأخبار

العلاج بالسينما.. قائمة أفلام يرشحها الأطباء النفسيون

وسام السيد

العلاج بالسينما.. قائمة أفلام يرشحها الأطباء النفسيون

اختار المتخصصون مجموعة من الأفلام التي يمكنها أن تشكل بداية الطريق لعلاج نفسي سينمائي يؤدي إلى استكشاف الذات والسير في طريق التحرر من الضغوط والأزمات النفسية.

لا يقتصر دور الفن على الترفيه والتوعية ودفع المجتمعات إلى التطور والارتقاء، ولكنه يقدم على مستوى الفرد علاجا مجانيا لأعمق وأدق المشكلات النفسية وأكثرها انتشارا، خاصة الضغوط الحياتية التي تتراكم يوميا.

كانت البداية مع “المسرح” الذي أشار إليه أرسطو بوصفه يقدم “التطهير” للمشاهد من خلال نهاية الصراع داخل العمل الدرامي بتحقق العدالة وحصول كل طرف على جزائه الذي يستحقه.

عندما يعاني البطل في مأساته التراجيدية على خشبة المسرح، نندمج تماما معه في قصته، لكننا في الوقت نفسه نسافر عبر ذواتنا إلى حكاياتنا الشخصية التي تلامس حكاية البطل أو تتقاطع معها بطريقة ما.

كيف تصبح السينما علاجا؟

السينما هي الامتداد المعاصر للمسرح الأرسطي، سواء على المستوى الترفيهي كفن، أو في استخدامها من قبل المعالجين الذين يستخدمون الاستعارات والرموز والصور لمساعدة من هم بحاجة إلى علاج أو دعم على استكشاف الأفكار والمشاعر.

وقد يستعمل بعض المعالجين تحليل الأحلام واستكشافها أو العودة إلى الماضي لتفكيك الأفكار اللاواعية، لفتح بوابة أو جسر يصل بين الوعي واللاوعي.

ترجع تلك الطريقة إلى العصور اليونانية القديمة، وهي اتجاه راسخ في الطب الصيني وتقاليد الهنود الحمر.

وتقدم تلك الطريقة في العصر الحديث تحت اسم “الدراما النفسية” بوصفها شكلا تجريبيا من العلاج النفسي يجعل المريض يستكشف مشكلاته ومشاعره وأفكاره عن طريق مراقبة الدراما والشخصيات ليكتسب منظورا أكثر اتساعا حول النزاعات والمشكلات في بيئة آمنة وموثوق بها.

وطوّر الطبيب النفسي جاكوب مورينو الدراما النفسية في أوائل القرن العشرين وعقد الجلسة الأولى عام 1921، وجاءت هذه الفكرة من إدراكه أهمية نهج العلاج الجمعي.

وأُسس مستشفى “بيكون” الذي ضم مسرحا علاجيا في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، حيث يمكن ممارسة الدراما النفسية كجزء من العلاج، وفي عام 1942 أسست الجمعية الأميركية للعلاج النفسي الجمعي والدراما النفسية.

طرق علاج مختلفة

تجمع السينما بين طرق علاج مختلفة؛ فهي تشبه استكشاف الحقيقة من خلال نهج درامي يرتكز على الإبداع والعفوية، ويجمع بين الاستجابات العاطفية والمعرفية والسلوكية لمن يخضعون للعلاج ومساعدتهم على فهم أدوارهم في الحياة بمنظور جديد، بالإضافة إلى فهم طرق تفاعلهم مع الآخرين والتحديات والمعوقات التي تقيد التغيير في حياتهم، كما تتيح مشاهدة الأفلام للشخص رؤية نفسه يتحرك بعيدا عن نفسه عن طريق المشاهدة؛ ومن بعدها مناقشة المشاهد مع المعالج.

يمكن أن نفعل ذلك بمفردنا عندما نشاهد فيلما يلامسنا ويلامس أفكارنا ومشكلاتنا ويقودنا إلى تجربة مجموعة واسعة من المشاعر دون أن نخوض التجربة فعلا. نشعر بالحزن أو الخوف أو الإلهام، وتفتح الأفلام عيوننا على حلول جديدة لصعوبات قديمة، أو تقدم الأمل أو القدوة، أو تعيد صياغة المشكلات لتضعها أمام أعيننا تماما بنظرة جديدة.

السينما بيئة آمنة للعلاج

توفر أوقات مشاهدة الأفلام بيئة آمنة للتفكير في المشكلات الشخصية دون أسئلة مباشرة من معالج أو حتى من صديق، خاصة مع الشخص الذي يجد صعوبة في التواصل أو التعبير عن مشاعره أمام صديق أو طبيب، كما تمنحه الفرصة للبحث داخل نفسه بهدوء ودون تحيز أو محاولة لتحسين الصورة، لأن صناعة الأفلام تدور في الأساس حول علم النفس، وكاتب السيناريو الجيد لكي يخلق شخصيات جديرة باهتمام المشاهدين عليه أن يراقب البشر ويعرف مشاعرهم ودوافعهم، ليجد المشاهد نفسه يعيش تجربة الأبطال بطريقة غير مباشرة .

نظرا لأن هذه القصص ليست قصصنا الشخصية، وهؤلاء الأبطال ليسوا نحن، تكون لدينا مسافة كافية للنظر بموضوعية إلى المشاعر والأحداث مقارنة بالوقت الذي نكون فيه في خضم مشكلاتنا؛ من هنا تصبح لدى كل شخص عائلة كاملة من أبطال الأفلام الذين عاشوا تجارب تشبه تجاربه أو تلامسه.

أفلام يرشحها الأطباء النفسيون

اختار المتخصصون مجموعة من الأفلام التي يمكنها أن تشكل بداية الطريق لعلاج نفسي سينمائي يؤدي إلى استكشاف الذات والسير في طريق التحرر من الضغوط والأزمات النفسية، ومن بينها:

 “قلبا وقالبا” (Inside Out)

هو فيلم رسوم متحركة يوضح الأفكار المستمرة الدائرة في عقل البطلة الصغيرة، بعد ابتعادها عن حياتها المعتادة وانتقالها إلى مدينة جديدة. ويؤكد الفيلم تقبل مشاعرنا وعواطفنا وتفكيكها من أجل السيطرة عليها وتحويلها إلى مشاعر جيدة، بدلا من قمعها دون فهم.

 “غود ويل هانتنغ” (Good Will Hunting)

يدور الفيلم حول شاب فقير يعمل في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، ويكتشف عن طريق الصدفة موهبته الكبرى في الرياضيات، لكنه بحاجة إلى مساعدة الطبيب النفسي لإيجاد هدفه واتجاهه في الحياة، وبسبب وجود عوامل حياتية مشتركة جمعت بينهما حالت بينهما وبين تحقيق أحلامهما.

على مدار الفيلم يستكشف الطبيب ذكاء الشاب الكبير ويعمل على إعادة تأهيله، رغم رفض الشاب الخضوع للعلاج.

 إناس عاديون (Ordinary People)

يدور الفيلم حول تيموثي هوتون وهو شاب مريض يمر ببعض المشكلات العقلية والنفسية المتعلقة بأسرته، إذ توفي شقيقه في حادث، وأصيب بصدمة، حاول بعدها الانتحار، لينتهي به الأمر في مستشفى للأمراض النفسية، الذي بقي فيه 4 أشهر.

بعد عودة الفتى إلى منزله تبدأ مشكلاته مع أمه، التي تبدو زوجة وربة منزل جيدة، لكنها لا تستطيع إعطاء الحب والدعم الكافي للفتى.

تركز الجلسات النفسية على صورة الفتى الذاتية عن نفسه، وكيف يمكن تحسينها، وهي فكرة جوهرية يمكن أن تلامس مشاعر كثيرين وأفكارهم.

المصدر : الجزيرة + وكالات

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى