الضحك مسألة مهمة.. وحس الدعابة مهارة أساسية في الحياة يجب تعلمها
أظهرت الدراسات أن روح الدعابة يمكن أن تُحسّن صحتك العقلية والجسدية، إلى جانب تعزيز جاذبيتك، ومهاراتك القيادية.
وفي تقرير نشره موقع “بيغ ثينك” (bigthink) الأميركي، قال الكاتب “مات ديفيس” إن الدعابة تلامس كل جانب من جوانب الحياة تقريبا، وليس هناك شك في أنها تعد مهارة حياتية يحتاجها الجميع، لكن كيف نحددها؟ وهل يمكن تدريسها؟
ما فوائد الفكاهة؟
أشار الكاتب إلى أنه ربما يكون التمتع بحس الدعابة أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها من أجل صحتك، فيمكن اعتبار التمتع بروح الدعابة -بشكل تقريبي- جهاز المناعة الخاص بعقلك.
وبيّن أن الأشخاص المعرّضون لخطر الإصابة بالاكتئاب معرضون للمرور بنوبات اكتئاب عند تعرضهم لنوع من المحفزات السلبية. ومع ذلك؛ فإن إعادة صياغة حدث سلبي في ضوء روح الدعابة تكون نوعا من المرشح العاطفي، وتمنع المحفزات السلبية من إثارة نوبة اكتئاب.
والفكاهة لا تحمي فقط من الاكتئاب، بل إنها تحسّن نوعية حياة الناس بشكل عام. ففي الواقع؛ وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتمتعون بحس دعابة عالٍ يتمتعون بتقدير أفضل للذات وتأثير أكثر إيجابية وكفاءة ذاتية أكبر وتحكم أكبر في القلق وأداء أفضل في التفاعلات الاجتماعية.
ووفقا للكاتب؛ فإنه بالإضافة إلى العمل كجهاز مناعي للعقل، أظهرت الأبحاث أن الفكاهة يمكن أن تعزز جهاز المناعة في الجسم.
وبالإضافة إلى تحسين صحتك؛ يمكن أن يؤدي الضحك إلى زيادة الإبداع والأداة الإنتاجية أيضا، كما أن الضحك يثير القشرة الحزامية الأمامية، وهي منطقة من الدماغ مرتبطة بالانتباه واتخاذ القرار.
ما أنواع الفكاهة؟
ليست كل أنواع الفكاهة متساوية. ففي نفس الدراسة؛ حدد الباحثون 4 أنواع من الفكاهة:
- الفكاهة المصممة لتقوية الروابط الاجتماعية.
- الفكاهة المعزِّزة للذات.
- الفكاهة العدوانية، مثل الاستهزاء بالآخرين.
- روح الدعابة المدمرة للذات، التي تستنكر الذات.
لذلك، عند تنمية روح الدعابة لديك، من المهم أن تسعى جاهدا للوصول إلى النوع المناسب.
هل يمكن تعلم الفكاهة؟
يؤكد الكاتب على أن فوائد حس الدعابة عميقة للغاية لدرجة أن الجامعات مثل ستانفورد تقدم دورات في الأعمال حول الفكاهة في مكان العمل، وذلك من أجل تعليم الطلاب كيفية “تحقيق أهداف العمل، وبناء منظمات أكثر فاعلية وابتكارا، وتنمية روابط أقوى، وتسجيل ذكريات أكثر ديمومة”، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد؛ حيث يعتقد الأساتذة أن الفكاهة لها القدرة على “إحداث تغيير إيجابي في العالم وتوسيع نطاقه”.
وأفاد الكاتب بأنه كل إنسان يتمتع بحس دعابة فطري، لكن لا يتمتع جميعهم بحس دعابة جيد؛ حيث إن التعرف على نظريات الفكاهة، على الرغم من كونها مثيرة للاهتمام وثاقبة، لا يضمن تحسن حس الدعابة لدى الفرد بأي درجة يمكن قياسها، وسيكون من المحزن معرفة المزيد عن الفوائد العديدة للفكاهة فقط لاكتشاف أنها نتاج علم الوراثة بالكامل.
كيف تمارس الفكاهة والمرح؟
تطرقت مجلة “لا فيدا لوثيدا” (lavidalucida) الإسبانية إلى أنه في بعض الأحيان، يمكن للفكاهة أن تولد وضعا متوترا ومحرجا لدى الأشخاص الذين لا يشعرون بالسعادة في حياتهم. لكن يمكن لهم ممارسة الفكاهة من القيام بما يلي:
سرد نكات مضحكة: إذا كنت تجيد سرد النكات فأظهر مهاراتك في كل مرة تصبح فيها الأمور متوترة للغاية، يمكنك أن تمزح على نفسك أو وضعك أو أي شيء آخر. فقط عليك أن تحافظ على إيجابيتك.
غيّر لهجتك: إذا أصبحت الأمور أكثر جدية في محادثة ما حول شيء غير مهم، يجب عليك تغيير لهجتك وأن تتحدث عن المسألة بطريقة إيجابية. يمكن أن يساعدك ذلك على تحويل الحالة المزاجية السيئة إلى شيء أكثر إنتاجية.
تحدث عن الأشياء السعيدة: عندما تتاح لك الفرصة لبدء محادثة مع أشخاص غير سعداء في حياتهم، تحدث عن شيء إيجابي يجعلك سعيدا، لأنه يمكن لذلك أن يمنع الشخص الآخر من الشكوى.
الضحك مسألة جدية
“يجب أن تضحك قبل أن تكون سعيدا، مخافة أن تموت دون أن تضحك”، هذا ما كتبه الفرنسي الشهير جان دي لا برويير في كتابه “الطبائع”، وهو ما عبر عنه كذلك شنايدر أمّان عضو المجلس الفدرالي الذي ذاع صيته بفضل ما يتمتع به من روح دعابة لافتة حين قال “الضحك مفيد لصحتك”.
بهذه الكلمات استهل الكاتب فيرونيك دريفوس باجانو تقريره في صحيفة “لوتان” (letemps) السويسرية داعيا قرّاءه لإلقاء نظرة على هذه التجربة الرائعة التي قام بها فرانسوا رابليه -أحد الكتاب الفرنسيين في عصر النهضة وكان أيضا طبيبا- يجعل مرضاه يضحكون للتخفيف عنهم، وفي سبيل هذا الهدف ألّف روايتين من أشهر رواياته في سبيل تخفيف معاناة مرضاه.
الوظائف العلاجية للضحك
يؤكد الكاتب أن مختلف علوم الطب تؤكد بقوة على وظائف الضحك العلاجية، سواء بالنسبة للأطفال المرضى أو لعلاج أمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية.
وفسر الكاتب بأن النشاط البدني للضحك يعد محررا للنفس، ويحفز إفراز الإندورفين وتدليك الأضلاع والحجاب الحاجز، وتزويد الدم بالأكسجين، وتقليل الإجهاد، وزيادة المناعة، وتقوية عضلات البطن. كما يزيد من التفاؤل ويعزز الاندماج الاجتماعي.
من جانبه، قال مالكوم دي شازال (1902-1981) إن “الضحك هو أفضل مطهّر للكبد”، مؤكدا أنه يجنبنا الكثير من المرارة.
التحلي بخفة الروح ليس بالأمر الهين
يستشهد الكاتب بقول فيلسوف القرن الـ18 نيكولا شامفور “الأيام التي لا نضحك فيها هي أيام أهدرناها”. ويستدرك قائلا إنه من باب المفارقات أن الضحك في ظروف معينة يتطلب الكثير من الشجاعة. التحول من الجدية إلى التحلي بخفة الروح ليس بالأمر الهين. لكن الأمر يستحق ذلك إذا كنت تتمتع بما يكفي من القوة لتجاوز مأساة الواقع الذي يحيط بنا وقراءته بطريقة أخرى.