الأخبارالسودانحوارات

الصحفي والاعلامي رمضان محجوب في حوار :فرد من المليشيا صوب سلاحه نحو ابني مهددا بالتصفية

الصحفي والاعلامي رمضان محجوب في حوار :فرد من المليشيا صوب سلاحه نحو ابني مهددا بالتصفية

 

*لمحنا حرس حميدتي الخاص في إحدى الارتكازات*

*الجزيرة الآن تحتضر ومواطنها يعاني معاناة غير عادية*

*احدث هذا الخبر بالنسبة لي مشكلة امنية كبيرة*

*اتهمونا افراد من الجيش بأننا دعامة بسبب…*

*في خضم الصراع الدامي الذي يعصف ببلادنا تتجلى قصص المعاناة والصمود في أبهى صورها من بين تلك القصص تبرز رحلة الإعلامي والصحفي الشجاع الذي تعرض للاعتقال على أيدي قوات الدعم السريع الاستاذ رمضان محجوب ،وبعد أيام من الاحتجاز القاسي كتب له

النجاة ليواجه تحديات أخرى في رحلته نحو الأمان اليوم نلتقي به في حوار خاص لنغوص في تفاصيل تلك الرحلة الشاقة ، سنسمع منه عن لحظات الخوف التي مرت عليه، وعن الأمل الذي ظل يشع في قلبه رغم الظلام، وعن الصحافة التي لم يتخلى عنها حتى في أحلك الظروف، والأمل الذي ظل يتمسك به رغم كل شيء فإلى مضابط الحوار*

حاوره: محجوب ابوالقاسم-احمد قاسم

*بداية حدثنا عن الأجواء التي عايشتها في الايام الأولى للحرب؟*
في اليوم الاول للحرب يوم الخامس عشر من شهر ابريل حوالي الساعة التاسعة صباحا ونحن جلوس امام المنزل تفاجأنا باحد الجيران ينبهنا إلى مراجعة التلفزيون بان

هناك اشتباكات بين الجيش والدعم السريع بالفعل تابعنا الاحداث عبر الاخبار وتوقعنا انها ستكون اشتباكات عرضية تستمر ساعات ثم تتوقف لكن بعد استمرارها يوم يومين اصبح صعب التوقع بمتى ستنتهي، في منطقتنا الصفوة عشنا ايام عصيبة نسبة لان كثير من عناصر

الدعم السريع استوطنوا في هذه المنطقة ويملكون عقارات فيها وكنا نشاهد قصف الطيران من بعيد لمعسكرات الدعم السريع مع صوت المضادات وصوت المدفعية وكنا نسمع هذه الاصوات من الخرطوم

والصالحة وام درمان عشنا اكثر من اربعة شهور على ذلك الحال بعدها بدأنا في التفكير في الخروج

*ما قصة اعتقالك في الصفوة بأم درمان قبل عام من قبل مليشيا الدعم السريع الإرهابية؟؟*
حدثت هذه الواقعة شهر سبعة من العام الماضي عندما تم اقتيادي من داخل المنزل ومعي الصحفي محمد عبدلله يعقوب جارنا في الحي كان جلوس بعد صلاة المغرب

وسبق ذلك اليوم قصف طيران لمواقع الدعم السريع بعدها قام الدعم السريع بشن حملة اعتقالات واسعة داخل المنطقة وكنت من ضمن المعتقلين تم الاعتقال بواسطة فردين من عناصر الدعم السريع احدهما ضابط

والآخر فرد استخبارات سألوني في تلك اللحظة عن صاحب المنزل فقلت لهم انا صاحب المنزل رمضان محجوب ، فقام الضابط بسؤال فرد الاستخبارات هل هذا هو ؟!

فرد فرد الاستخبارات بالايجاب (نعم) في هذه اللحظة جاء محمد عبدلله يعقوب متسائلا :ماذا هناك. فقالوا له تعال معانا نحن نريدك ايضا ، وتم اقتياد عمنا الذي كان متواجدا معنا في نفس المنزل فتم اقتيادنا امامهم

كالانعام مسافة طويلة حوالي اثنين كيلو هم يقودون دراجاتهم ونحن نسير امامهم وفي طريقنا كان يتم اعتقال كل من يجدونه جالس امام منزله في الشارع حتى وصلنا القسم قبل وصولنا للقسم ألتقانا ابني وسألهم ماذا تريدون من أبي؟!

فتوجه نحوه احد افراد الدعم السريع وصوب سلاحه نحو ابني مهددا بالتصفية فقلت له قبل ان تصفيه صفيني انا اولا.
تجاوزنا الموضوع ورجع ابني بعد وصولنا القسم تعرضنا لأساءات بألفاظ عنصرية مهددين بتصفيتنا وطلبوا منا

من له انتماء بالجيش يتقدم ولم يتقدم اي احد من المعتقلين وتحروا معنا حتى الساعة التاسعة مساء وكان وقتها لم يتبق احد بالمعتقل غيرنا انا ومحمد يعقوب.

*كيف تم إطلاق سراحكم؟*
-تم إطلاق سراحي بعد ان ابلغ ابني عبدالخالق احد معارفنا بالحي يدعى (ميم) قام بالتحرك فورا إلى القسم وابلغ عناصر الدعم السريع إن العم رمضان ليس له علاقة

بالجيش وهو لديه بقالة في الحي يعمل بها وتم إطلاق سراحي بضمانتهم ومسؤوليتهم وتم إطلاق سراح محمد يعقوب معي بعد تعهدات متى ما تم استدعائنا .

*بعد الاعتقال كيف كان الخروج من ام درمان ؟*
قررنا الخروج بعد حالة المراقبة المشددة من قبل استخبارات الدعم السريع حول منزلنا واحيانا إطلاق رصاص لترهيبنا وبعد تفاكر مع ابني قررنا الخروج معا

بعد صلاة الفجر قبل استيقاظ احد من النوم فوجدنا مواصلات حتى مدني لكن عن طريق الدويم ثم المناقل ،عند وصولنا إلى منطقة قندهار كنا متوقعين في اي لحظة ان يتم القصف بالطيران للمنطقة لان الوضع كان متوترا

خرجنا بعدها من قندهار وبدءنا الدخول في ارتكازات كان يتم التدقيق مع الشباب اكثر ولم نكن نحمل اي اوراق ثبوتية لكن عندما وصلنا اخر ارتكاز في منطقة الصالحة كان التدقيق مشدد فتم سؤالنا عن هويتنا فأخرجت

بطاقتي الصحفية لاول مرة فارتبك الجنود عندما قراؤ المهنة فقاموا باخذ بطاقتي وذهبوا بها إلى الضابط الذي جاء الي وكان على ما يبدو انه عاش في الشمالية فترة طويلة فقام بالحديث معي حديث ودي وتكلم معي

ببعض العبارات النوبية وسألني الى اين ذاهبون فقلت له مسافرون إلى اسرتي في مدني واثناء حديثنا لمحنا حرس حميدتي الخاص اسمه (احمد)والذي راجت المعلومات إنه قتل المهم غادرنا ووصلنا الدويم ومن الدويم إلى مدني بعد رحلة استمرت 22ساعة.

*عايشت الايام الأولى لدخول المتمردين لولاية الجزيرة حدثنا عن الأجواء التي سبقت سقوط مدني والجزيرة؟*
الايام الأولى لسقوط الجزيرة يوم الأحد تقريبا بعد الاحتفال بصد القوات المسلحة للدعم السريع يوم السبت على وجه التحديد يوم الأحد مباشرة حوالي الساعة

الثالثة تفاجأنا بالناس خرجوا في شكل مرعب وهم يغادرون مدني بعضهم كان يسير على قدميه حتى وصلوا سنار والمناقل حتى الآن مواطن الجزيرة غير قادر على استيعاب ما حدث ،كيف لهم أنهم كانوا يحتفلون قبل يوم

بهزيمة التمرد ثم يتفاجأون في اليوم الثاني بأن التمرد داخل مدني وانتشارهم في كافة القرى وكأنهم كانو موجودين داخل القرى قبل إعلان سقوط مدني ، حتى الآن مواطني الجزيرة في حالة زهول كيف انتشر هولاء المتمردين في كل القرى وكيف دخلوا ؟!

كانت لحظات عصيبة ستكون راسخة في ذاكرة سكان الجزيرة ،بعدها حدثت الانتهاكات بصورة لا يتصورها العقل.

*أمضيت أكثر من ثمانية أشهر في مناطق تحتلها مليشيا الدعم السريع الإرهابية.. صف لنا تلك الفترة برؤية المراقب الإعلامي؟*

تلك الثمانية اشهر كانت من أسوأ الأيام التي عشتها في حياتي البؤس، والكآبة والعنف والرعب ، القرى التي كانت من حولنا أكثر من 85قرية حول مدني تم تهجيرها وتم اخلائها من المواطنيين بسبب العنف وبسبب الانتهاكات سوى بالقتل أو بالاغتصاب هذه القرى لا يوجد بها حتى

هذه اللحظة أحد حتى الحيوانات والطيور هجرتها مازالت الابواب مشرعة خالية من الاثاث خالية من كل شئ ، مواطني الجزيرة الآن أغلبهم أما نازح أو لاجئ أو لم يتمكن من الخروج لأسباب اقتصادية ،الآن في مناطق الجزيرة كثرت حالات الوفاة لكبار السن والمرضى لعدم

توفر الدواء والغذاء حتى هذه اللحظة في القرية التي كنت اسكن بها لوحدها فقط أكثر من (61) حالة وفاة كلها بسبب الإهمال الطبي لأن اغلب الأدوية التي يتم نهبها من القرى الآمنة وتوزيعها على المواطنين هي أدوية غير منقذة للحياة حتى من ناحية السلع أصبحت اسعارها

غالية نسبة للضرائب التي يفرضها عناصر المليشيا على التجار هذه كلها تبعات يعيشها المواطن غير التبعات الأمنية والرعب الذي يعيشه المواطن من الاعتقالات التعسفية والتصفيات التي تتم حوادث عاصرناها وشاهدناها الجزيرة الآن تحتضر ومواطنها يعاني معاناة غير عادية.

*كيف كانت تسير حياة المواطنين في تلك المناطق المحتلة؟*
كما أسلفت الحياة في الجزيرة شبه متوقفة والمواطن يعاني الأمرين يعاني من انعدام الدواء ونقص الغذاء وانفراط الامن ونقص الأدوية المواطنون يعانون من الملاريا وفقر الدم ويعانون من الأمراض المزمنة ، هناك

بعض الأسر نزحت ثم عادت مرة أخرى لعدم قدرتها على العيش في الولايات الآمنة لكن لا ماء ولا كهرباء في مدني قرابة الاربعة اشهر المواطنون بستجلبون المياه من البحر وجوز الماء الآن(4)الف حسب قربك من البحر،الاسواق

اصبحت بعيدة ووسيلة النقل المتوفرة الآن الكارو بعض المواطنيين اصبحوا يخشون الخروج خاصة الشباب عادة ما يتم اعتقالهم بتهمة الانتماء للاستخبارات الجيش واحيانا المطالبة بإطلاق سراحهم مقابل فدية مالية.

*راج في الاسافير خبر عن اعتقالك ونجلك من قبل مليشيا الدعم السريع الإرهابية ومطالبتهم بفدية مليارية.. ما القصة؟*

ماراج في الأسافير وقتها عن اعتقالي لم يكن بصورة دقيقة ماحدث التباس في الامر الحقيقة هي إن احد اعيان المنطقة قريب كيكل وكان وقتها لدي محل تجاري فكان لدي جاري يأخذ مني بضاعة كل فترة ويسدد بعد ان تصله تحويلات مالية من الخارج حتى وصلت

مديونيته الى الثلاثة مليار هنا اخذ الطرف الآخر الذي كنت اخذ منه البضاعة في مطالبتي بالسداد فاوضحت له حقيقة الامر ولكنه لم يتفهم ذلك فشرع في فتح شكوى ضدى لدى الدعم السريع الذي قام باعتقالي على ضوء البلاغ واعطوني مهلة (٢٤) ساعة لسداد المبلغ للشاكي

فقمت بإرسال رسالة للاهل في دنقلا وللزملاء لاخبرهم بحقيقة الامر فحدث ألتباس هنا وظن الزملاء إن المبلغ فدية واحدث هذا الخبر بالنسبة لي مشكلة امنية كبيرة مع عناصر الدعم السريع لكن بعد يومين تم إرسال المبلغ من قبل الاهل بدنقلا هذا هو كل ما حدث في حقيقة الامر.

*تابع العديد من متابعيك في الفيس بوك رحلة نزوحك الثانية من مدينة مدني حتى مسقط رأسك مدينة دنقلا.. حدثنا عن تلك الرحلة؟*

–كانت رحلة طويلة جدا بدأت بخروجي باعجوبة من مدينة ود مدني فجر الثلاثاء الخامس من اغسطس الساعة الثالثة صباحا مرينا من خلالها بعدد اكثر من (30)ارتكاز للدعم السريع من منطقة غرب الجزيرة التي كنت متواجدا بها حتى منطقة الحديبة اخر ارتكاز للدعم

السريع تعرضنا لكثير من المضايقات والعنف اللفظي وكثير من الاذى والحمدلله كانت عناية الله معنا ، تقديرات سائق البص كانت ان نخرج بطريق اقل ارتكازات حتى نستطيع قطع اكبر مسافة وفعلا خرجنا بصحراء البطانة اثناء سيرنا شاءت الاقدار إن البص يتعطل في

الطريق بسبب الامطار بسبب هذا العطل عانينا كثيرا وانقطعنا عن العالم بسبب انعدام اي وسيلة للاتصالات لكن بحمدلله اليوم الخامس تمكنا من التحرك و الوصول إلى منطقة تسمى حريرة تقع بعد الفاو كان مساء الجمعة وتحركنا نحو القضارف صبيحة يوم السبت وصلنا

القضارف الساعة خمسة من فجر الثلاثاء،كذلك تعرضنا لاسئلة استفزازية جدا من قبل الجيش حول بقاءنا طوال هذه الفترة في مناطق الدعم السريع ما يعني اننا ايضا دعامة فحاولنا إن نشرح لهم بان بقائنا كان بسبب الحاجة وبسبب الظروف المادية والاجتماعية وغيرها من هنا

اوجه رسالة إن ليس كل من كان في مناطق الدعم السريع باعتباره ينتمي إلى الدعم السريع، بعدها مكثنا اربعة ايام وتحركنا بعدها نحو كسلا ومكثنا ايضا اربعة ايام في كسلا وتوجهنا إلى عطبرة ومن عطبرة توجهنا نحو دنقلا

حيث وصلنا إليها بعد (18) يوم من التحرك من الجزيرة وهذه فرصة لاشكر كل الزملاء كل من وقفوا معي ياسر عطار وطلال ابراهيم وطارق عثمان وواصلة عباس وعبدالرؤوف طه وغيرهم من لم تسعني الذاكرة على ذكرهم .

*هل تغيرت نظرتك للمهنة بعد هذه التجربة؟ وهل تفكر في مواصلة عملك كصحفي؟*

هذه التجربة التي مررت بها ذادت ايماني وزادت يقيني بحبي وولائي لهذه المهنة اكثر من قبل حيث ظللت متشبث بهذه المهنة اكثر من قبل ساظل صحفيا وساموت صحفيا بالعكس توصلت لحقيقة إن اي عمل آخر غير

الصحافة لا تصلح له ولا اجيده كأنما خلقت لاكون صحفيا وهذه التجربة بمثابة حافز لي بان اواصل عملي كصحفي وكصاحب رسالة هي عين المواطن في كل شئ نتمنى ان يوفقنا الله في اداء هذه الرسالة لنكون عونا للمواطن
*رسالتك للصحافيين عامةثم للذين يمرون بتجارب مشابهة؟

رسالتي للصحفيين عامة وللذين يمرون بتجارب مشابهة اقول لهم الصحافة هي درب محفوف بالشوك وتعلمنا إن الصحافة إذا لم تعطيها لن تعطيك ولا نريد من الصحافة غير إرضاء الضمير المهني ، رسالتي للزملاء امضوا في

هذا الطريق وكونوا مع الحق والتجرد عن كل انتماء قبلي وانتماء سياسي ومن كل انتماء جهوي وان يكون انتمائنا للوطن والمواطن بكل ضمير إذا لم نقف جميعنا في مسافة واحدة بين المسؤول والمواطن سنخسر كثيرا لا بد ان نكون عين الحكومة على المواطن ولسان المواطن

للحكومة نطالب بحقوق المواطن ونجعل المسؤول عندما يخطئ في حق المواطن ان يعود ويصوب خطاه واقول للصحفيين الذين مروا بهذه التجربة انتم اصحاب رسالة

وصاحب الرسالة لا بد ان تكون له فواتير واجبة السداد من ضمن هذه الفواتير ان تكون على صحتك على اسرتك في نفسك وروحك . هذه فواتير واجبة السداد من اجل الوطن ومن اجل المواطن ونسال الله ان يعم السلام الوطن وان نعود افضل مما كنا.

 

المصدر: صحيفة المقرن الإلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى