
الشيخ محمد حاج حمد الجعلي شيخ كدباس في حوار هام
نرفض العلمانية إذا كانت تلغي الدين في حياة الناس
الاستخدام العشوائي لمصطلح العلمانية يعكس جهلاً بالإسلام
قطعة الخبز أصبحت 25 جنيهاً والمواطن يفتقر للعلاج والكساء والدواء

حوار/ عبد الرازق الحارث
الشيخ محمد حاج حمد الجعلي شيخ السجادة القادرية بكدباس من الدعاة والمصلحين الدينيين الذين يحملون رايات التغيير نحو غدِ أفضل للوطن والمواطن- وقال شيخ كدباس الجعلي في حواره إنه يرفض طرح العلمانية إذا كانت تلغي الدين من حياة الناس بيد أن ذلك يفتح الباب أمام دعاة الفتنة الدينية، وطرح رؤى وأفكاراً في الحوار التالي :
ـ لماذا يرفض شيخ كدباس طرح العلمانية؟
الطريقة التي تطرح بها العلمانية تعني الرفض الكامل للدين في الحياة – وبما ان الشيء بالشيء يذكر فالدكتور منصور خالد المستشار السياسي للحركة الشعبية والمفكر والملهم لزعيمها جون قرنق قال في كتابه الفجر الكاذب صفحة (14) يقول الدكتور منصور خالد (ونقول للأمانة بأن العجز الفكري لم يكن عجز الإسلاميين وحدهم وإنما شاركهم فيه الذين يتحدثون عن العلمانية) وهم الآخرون كما يقول دكتور منصور خالد يحولون الألفاظ من واقعها التاريخي .. فالعلمانية لا تلغي الدين في حياة الناس وإنما تضع حداً فاصلًا بين الدين والدولة في كل شيء – المؤسسات والأحكام والقانون والتربية، بيد أن الاسلام دين لا كالأديان فهو دين معاش فالإسلام دين يحث الناس على العمل لدنياهم كأنهم يعيشون أبدا ويدعوهم للعمل لآخرتهم كأنهم يموتون غدا بمعنى امتثال العمل الدنيوي والذي لا مندوحه عنه لقيم سامية وجزاء في الآخرة وهذه رسالة التوحيد.
ـ وماذا يعنى ذلك؟
يعني ذلك كما يقول الدكتور منصور خالد في نفس الكتاب صفحة (15) إن الاستخدام العشوائي لمصطلحات كالعلمانية إما أن يتم عن جهل بمعانيها أو يعكس جهلًا بجوهر الإسلام – فالإسلام كما يقول الدكتور منصور خالد دين لا كل الأديان لسبب طبيعته في التجديد العصري.
هذه هي أحاديث قادة الفكر في الحركة الشعبية فمن أين جاءت دعاوى العلمانية برفض الدين في الحياة مثل ما ينادي به الحلو وغيره؟!

ـ وما هي رؤيتك للحل؟
المخرج كما قلت عبر فتح الآفاق نحو التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات فالشعب هو الذي يقرر، مثل هذه القضايا لابد أن تشارك كل المدارس والاتجاهات الفقهية والثقافات المتعددة التي تعكس الواقع السوداني.
ـ دعاة العلمانية يخافون من تكرار تجربة المؤتمر الوطني؟
الإسلام دين يمتد لأربعة عشر قرناً وهو نموذج للأخلاق والعدالة والعفو والصفح واحترام كرامة الإنسان، والإسلام كما قال النبي الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام (الناس شركاء في الماء والكلأ والنار)، وهو دعوة لإحياء النفس الإنسانية واحترامها – المؤتمر الوطني حزب أسقطه الشعب عبر ثورة ديسمبر المجيدة – والثورة قادها أبناء مسلمين يطالبون بتطبيق جوهر الدين الإسلامي الذي يدعو للحرية والسلام والعدالة – السلام سيكون مستحيلاً والديموقراطية غائب ، والسلام مستحيلاً ودعاة العلمانية يطالبون بإبعاد الدين عن الحياة فالدين هو القوة المحركة للشعوب واحذر من استفزاز المسلمين في دينهم عبر الطرح العشوائي لدعاة العلمانية الجدد.
كلنا نرفض نهج المؤتمر الوطني وطرح الإنقاذيين للدين في إدارة الدولة واستخدام الدين كأداة سياسية للوصول لتحقيق أغراض دنيوية سياسية – وذلك لا يعني إبعاد الدين عن حياة الناس والواقع المعاش للأمانة فإن زعيم الحزب الشيوعي الراحل عبد الخالق محجوب دعا في مؤتمر الحزب الشيوعي عام 1968م إلى ضرورة احترام الدين ولديه ورقة قدمها في المؤتمر تعبر عن وعي كامل بعد حادثة معهد المعلمين وإحراق دور الحزب الشيوعي .
ـ ما هي نظرتك للوضع الراهن؟
هنالك تعقيدات ومشكلات في إدارة الدولة والخبز الذي خرج الناس من أجل عدم رفعه إلى ثلاثة جنيهات، وقطعة الخبز اصبحت الآن بـ (25) جنيهًا وفى بعض مناطق البلاد (3) عيشات بمبلغ (100) جنيه – والمواد البترولية ارتفعت اسعارها وهنالك زيادات قادمة – أرى أن هنالك وميض نار تحت الرماد وأخشى أن يفتح الباب عبر الأزمة الاقتصادية للمغامرين – وهنالك فشل في ملف العلاج والتعليم وبدلاً من أن ينشغل الحكام الجدد بتوفير الخبز والغاز والمواد البترولية للناس أصبحوا يتحدثون عن العلمانية ورفض الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية في ادارة الدولة – وأطروحات العلمانية أشبه بجدل فلاسفة بيزنطة الذين كانوا يتجادلون حول (هل البيض من الدجاجة ام الدجاجة من البيض).
شعبنا السوداني في حاجة للكساء والدواء والتعليم والصحة والغذاء أكثر من حاجته للصراع التاريخي بين اليمين واليسار.
ـ ما هو المخرج من الأزمة الحالية؟
بتقصير ظل الحكومة الحالية التي تواجه بتعقيدات في الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية وعدم التمديد لفترة قادمة والترتيب لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف ورقابة دولية.
والديموقراطية والسلام والعدالة هي نواة السودان القادم ما يغلق الأبواب أمام أعاصير الحرب القبلية والدعوات العنصرية.
نريد سوداناً ديموقراطياً تحترم فيه كرامة الإنسان ويتمتع فيها بخدمات المياه والكهرباء والتعليم والصحة والكساء والعلاج والغذاء وتحترم فيه الأديان السماوية.
ـ كلمة أخيرة؟
فشل المؤتمر الوطني في تطبيق الدين في الحياة العامة لا يعني فشل الدين في معالجة قضايا العصر لأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان عبر القيم التي يجسدها رجال الدين الإسلامي الذين يطبقون الإسلام في أنفسهم وسلوكهم وأخلاقهم ويقتدي بهم الناس.