
الشيخ محمد حاج حمد الجعلي شيخ السجادة القادرية بكدباس مبادرة توحيد الحزب الاتحادي الديمقراطي بعنوان مبادرة كدباس

مبادرة كدباس لتوحيد الحزب الاتحادي الديمقراطي هدفها الأسمى هو تجاوز حالة الانقسام والتشرذم للحزب الذي كان ميلاد الاستقلال على يد قادته التاريخيين إسماعيل الأزهري ويحيى الفضلي ومبارك زروق وثلة من القياديات التاريخية السياسية التي كونت مؤتمر الخريجين الذي كان النواة الأولى لانطلاقة العمل الوطني حتى تحررت بلادنا ورفعت علم الاستقلال يخفق فوق سارية القصر الجمهوري بعد أن رحل المستعمر وأطل فجر الحرية.
والحزب الاتحادي الديمقراطي هو الحزب الذي حدثت فيه الشراكة السياسية لكل قطاعات المجتمع حيث رفع الشيخ أحمد الجعلي الأذان في قصر الحاكم العام عام 1948م .وتصدى الزعيم الديني على الميرغني لمحاولات أعداء الحزب لإشعال نار الفتنة ما بين المكون الديني والسياسي ووضع يده في أيادي زعماء الحزب حتى قال الزعيم الأزهري إن الاستقلال لم يكن يتحقق لولا ذلك الأسد الرابض في حلة خوجلي. ولا ننسى دعم الشريف يوسف الهندي لمؤتمر الخريجين بدار الخريجين في قلب الخرطوم لإدارة نشاطهم السياسي و 1000 جنيه إسترليني.
والموقف القوى للشيخ عبد الباقي بن الشيخ حمد النيل (أزرق طيبة) وكل مشائخ الطرق الصوفية بالسودان ضد الاستعمار، وعلى ذلك فإن الحزب الاتحادي الديمقراطي هو تاريخ السودان الطارف والتليد وذاكرة الأمة الحية، وإعادة توحيد الحزب تعني العودة للجذور التاريخية للأمة السودانية التي توحدت خلف قيادتها السياسية والدينية ورموزها الاجتماعية والفكرية والثقافية.
وكان ميلاد أول حكومة وطنية في تاريخ السودان بالانتخابات الحرة المباشرة عبر صناديق الاقتراع. وما يحدث اليوم في السودان يتطلب إعادة توحيد الحزب الاتحادي وفقاُ لمتطلبات المرحلة، فكل سوداني غيور على وطنه يدرك أن بلادنا في هذه الظروف الدقيقة تتطلب العودة للأصل الذي توحدت عليه الأمة السودانية بتعددها العرقي والإثني والديني الأمر الذي قاد لتجاوز الخلافات والصراعات السياسية وتجاوز عهد الظلام الدامس بعد خروج المستعمر مع إطلالة الصباح بفجر الحرية والديموقراطية، ولعل هنالك سؤال يجب الإجابة عليه – لماذا يتوحد الاتحاديون؟
أولاً : إن الوضع السياسي الراهن بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع قادلانقسام حاد في المجتمع السوداني، وبروز أزمة سياسية أشبه ببرميل البارود الذي يمكن أن يشتعل إذا تحركت أصابع في الظلام بأعواد الكبريت مثل الصراعات القبلية التي حدثت مؤخراً.
وتوحيد الحزب الاتحادي في ظل هذه الظروف سيكون داعماً للمحافظة على تراب الوطن وريحة التراب السوداني الذي حماه الأجداد والأسلاف بدمائهم وأرواحهم وأنفسهم. والاتحاديون آباء الاستقلال ورموز الحرية وقادة مشاعلها لذا وجب عليهم المحافظة على السودان أرضاً وشعباً.
ثانياً: الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد من جراء سياسات الفساد والاستبداد للنظام السابق تتطلب توحيد الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي له تجارب سياسية متراكمة الأمر الذي يعينه على إشعال ضوء في نفق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي أدت إلى تواصل صفوف الخبز والغاز والمحروقات البترولية (جازولين – بنزين) وارتفاع معدلات الفقر وتدهور الزراعة وتوقف ماكينات المصانع .
ثالثاً: الاتحاديون لهم المقدرة على قيادة التحول السلمي الديمقراطي من خلال الإرث التاريخي للحزب الذي ما هادن ديكتاتوراً والتاريخ يشهد أن زعيمه الخالد الشريف حسين الهندي جاء محمولاً على نعش في صندوق عبر ثلاثة مطارات دون أن يتراجع عن مبادئ الحزب. والتاريخ يشهد للزعيم الأزهري أنه مات في السجن دون أن يتنازل عن المبادئ، فالحرية نور ونار من أراد نورها فليصطلِ بنارها، وعلى ذلك فإن الحزب بإرثه النضالي الكبير للآباء المؤسسين والمواقف المشهودة لقياداته السياسية والشباب والطلاب الذين كانوا النار المقدسة لفجر الحرية والديمقراطية حتى انهد السجن وانزوى السجان وأصبح الصبح فلا السجن ولا
السجان باق.الدور القوي لشباب وطلاب ونساء الحزب الاتحادي الديمقراطي يتطلب أن يواصلوا المسيرة حتى توحيد الحزب في كيان واحد تحت قيادة واعية ورشيدة.
رابعاً: الناظر لتجربة انتخابات عام 1986م يتضح له أن الحزب الاتحادي الديمقراطي تجرع السم من داء الانقسام وفقد أغلب دوائره الانتخابية التاريخية والدلالة على ذلك أن دائرة الشيخ الراحل أبوسبيب كان فيها الصراع ما بين ثلاثة من القيادات الكبيرة للحزب الاتحادي الديمقراطي الأمر الذي أدى لفقدان الحزب لكل الدوائر بسبب الانقسام وعدم التنسيق وغياب الوحدة الاتحادية وهو ما دفع خصوم الحزب لفرملة الإصلاحات الاقتصادية التي طرحها الوزير الاتحادي أبوحريرة – ورفض حزب الأمة لأحد مرشحي الحزب الاتحادي.
خامساً: إن طرح مبادرة كدباس بين كل الأحزاب والتيارات الاتحادية قراءةصحيحة للتاريخ الاتحادي وهنالك مقولة للحاج مضوي أحد القيادات التاريخية للحزب (إن الاتحاديين مثل الحصان الرابح في المضمار يتوحدون كلما اشتد الظلام الدامس للوطن ليكونوا فجر الخلاص) ، وهم قادرون على التوحد والوحدة رغم الانقسام والصراع السياسي .
سادساً: إن توحد الأحزاب والتيارات السياسية للاتحاديين ضروري لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإكمال طريق الثورة التي رواها الشعب السوداني بالدم والدموع والشهداء والجرحى والمفقودين حتى أطل فجرالخلاص.
والحوار هو طريقنا للوصول للوحدة المنشودة، وكدباس مفتوحة أمام الاتحاديين للحوار والنقاش وتجاوز الخلافات والوصول للوحدة التي ستكون هي المفتاح نحو عقد المؤتمر العام للحزب الموحد الذي سيختار قياداته للمرحلة القادمة ويرتب أوراق الحزب نحو الانتخابات القادمة والتي إذا دخلها الحزب موحدا بكل تياراته وأجنحته بقياداتهاالسياسية ورموزه الدينية والطلاب والشباب والمرأة فإن التجربة الانتخابية ستكون ناجحة تعبر بسفينة الوطنإلى بر الأمان وأن يحققوا أحلام الشعب السوداني في الحرية والسلاموالعدالة التي هي جوهر الدين وقيم وأعراف المجتمع السوداني .
ووحدة الحزب الاتحادي الديمقراطي ستكون هي المثال والنموذج أمام الأحزاب والقوى السياسية الأخرى للوحدة وتجاوز حالة الانقسام ما يقود إلى سلامة الانتخابات ونزاهة العملية الديمقراطية وإكمال السلام والتنمية والإعمار.
الشيخ محمد حاج حمد الجعلي
شيخ السجادة القادرية بكدباس