السودان ..(ايقاف طباعة النقود) .. هل سيكبح جماح التضخم ….؟
خبراء يطالبون الحكومة بمراجعة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
(ايقاف طباعة النقود) .. هل سيكبح جماح التضخم ….؟
تقرير: سنهوري عيسى
شهدت معدلات التضخم قفزة قياسية فاقت مستويات ارتفاعها أبان تطبيق سياسية التحرير الاقتصادي في تسعينات القرن الماضي والتى بلغت قتئذً نحو (166%) ، بينما بلغت الآن وبعد تطبيق سياسة الاصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه السوداني نحو (422%) وفقا لتقرير الجهاز المركزي للاحصاء الصادر في اغسطس الماضي وسط توقعات الخبراء باستمرار ارتفاع معدلات التضخم ، بينما يري توقع رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك في حديثه لقناة (بلومبيرغ الشرق) ان يسهم قرار الحكومة بايقاف طباعة النقود في خفض معدل التضخم بنهاية العام الحالي.
وكانت الحكومة قد اعلنت في بداية العام الحالي انها ستعمل على خفض معدل التضخم الى (95%) بنهاية العام 2021م ، ولكن معدل التغيير للسلع والخدمات ظل في اذدياد مستمر، وسجل معدل التضخم في نهاية يوليو الماضي رقما قياسيا بلغ (422%) .
وعزا حمدوك اسباب ارتفاع التضخم الى سياسات التمويل بالعجز وطباعة العملة، وتوقع أن يسهم قرار ايقاف طباعة النقود منذ فبراير الماضي في خفض معدل التضخم بنهاية العام الحالي.
وقلل خبراء اقتصاديون من انخفاض التضخم بنهاية العام جراء ايقاف طباعة النقود، وأكدوا في تعليقهم على حديث رئيس الوزراء بشان انخفاض التضخم بعد ايقاف طباعة العملة، ان هنالك اسباب عديدة لارتفاع التضخم وانه لن ينخفض التضخم لعامل واحد او بمجرد ايقاف طباعة النقود بدليل استمرار ارتفاع التضخم منذ فبراير وحتى نهاية يوليو الماضي ليبلغ نحو (422%) .
تجاوز الحدود الآمنة لطباعة النقود
وطالب عادل خلف الله عضو اللجنة الاقتصادية بقوي الحرية والتغيير، بضرورة ان تكشف حكومة الفترة الانتقالية برئاسة د.عبدالله حمدوك بوضوح وشفافية عن حجم النقود التي طبعتها قبل ايقاف الطباعة، وكم بلغ حجم التمويل بالعجز والاستدانة من بنك السودان المركزي، وكم بلغ حجم المبلغ الذى سمح لهم صندوق النقد الدولي بطباعته بتجاوز نسبة الطباعة الأمنة المقدرة بنسبة (15%) من حجم ايرادات موازنة العام الحالي وتابع : ( طباعة النقود اذا تجاوزت الحدود الآمنة تؤثر سلبا على الاقتصاد، وتزيد معدلات التضخم، اما اذا تمت طباعة النقود مقابل انتاج سلع فما سيكون عندها اثر تضخمي) .
استمرار ارتفاع التضخم
وأكد عادل خلف الله، أن معدلات التضخم ظلت في ارتفاع مستمر منذ بداية العام الحالي (2021م) حيث ارتفعت من يناير الى فبراير بـ(20) نقطة ، وبين يونيو ويوليو بـ(24) نقطة، وسيتواصل ارتفاع التضخم في ظل السياسات الاقتصادية الحالية ولن يتأثر بايقاف طباعة النقود خاصة وان الحكومة تعاني من مشكلة اساسية تكمن في نقص الايرادات، كما ان الحكومة سارعت الى تطبيق حزمة الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي بالتزامن مع حزمة الاجراءات التوسعية القاسية التي تمت في زمن قياسي وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي نفسه .
أسباب ارتفاع التضخم
وأرجع عادل خلف الله اسباب ارتفاع التضخم الى ما وصفه بعجز البنك المركزي في التحكم في حجم الكتلة النقدية والتي تدار نسبة (90%) منها خارج الجهاز المصرفي، وتوظف في المضاربات في سعر الدولار بالسوق الموازي، وسوق العربات بتـ(الكرين)، وسوق العقارات، فضلا عن استمرار احتكار السلع والمضاربة فيها، كما أن سياسات التحرير الاقتصادي التي التزمت الحكومة بتطبيقها بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي تتم في غياب الاطار النظري للتطبيق، وليست هنالك مقارنة بين التحرير والواقع، فهنالك احتكار للسلع لن يؤدي الى الوصول الى النتائج النظرية لتطبيق التحرير، واضاف: مازال هنالك انعدام واحتكار للسلع ومضاربات فيها وفقدان للتنافسية، ومازالت مؤسسات تابعة لمؤسسات حكومية تعمل خارج اطار ولاية وزارة المالية وولاية بنك السودان المركزي) .
مراجعة الاتفاق مع صندوق النقد
وطالب عادل خلف الله الحكومة بإعادة النظر في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد ان اثبت فشله في الاصلاح الاقتصادي، مؤكدا ان تجاوز الوضع الاقتصادي الراهن يكمن في مراجعة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وسيطرة الحكومة على قطاعي المعادن والذهب بانشاء بورصات للذهب، واحياء التعاونيات واحكام ولاية وزارة المالية على المال العام ، وولاية بنك السودان المركزي على النقد الاجنبي، وخفض الاستهلاكي والانفاق الحكومي بتطبيق سياسات تقشفية وخفض الصرف السيادي وايقاف التوسع في الوظائف السيادية من مستشارين بمجلس السيادة والوزراء بخلق وظائف جديدة لا تتناسب مع حجم ايرادات الدولة خاصة وان هنالك عجز في ايرادات الدولة، كما ان زيادة ايرادات الدولة يتطلب ارادة سياسية وتدخل قوة فاعلة لمنع المضاربات في السلع والدولار والسيارات والعقارات واعادة النظر في هيكلة الضرائب ومراجعة الضرائب على قطاع الاتصالات بحيث تحصل منه ضرائب ارباح اعمال بدلا عن ضرائب مبيعات، فضلا عن امتلاك الدولة لقطاع الاتصالات أسوة بما يحدث في دول العالم من حولنا.
كلام غير صحيح
وفى السياق وصف د.عز الدين ابراهيم الخبير الاقتصادي حديث رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك ان قرار الحكومة بايقاف طباعة النقود سيخفض معدل التضخم بنهاية العام الحالي، بانه (كلام غير صحيح) ، مؤكدا في هذا الصدد ان ايقاف طباعة العملة لوحده لن يؤدي الى خفض التضخم، واضاف: هنالك عوامل عديدة تؤدي الى ارتفاع التضخم من بينها التوسع في استدانة الحكومة من بنك السودان المركزي، وتوسع القطاع الخاص في الاستدانة من البنوك ، وزيادة الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي، وسوء ادارة النقود داخل الجهاز المصرفي سواء النقود الورقية او الودائع المصرفية خاصة وان هنالك توسع كبير لاقتراض القطاع الخاص من البنوك وتابع : ( ايقاف طباعة النقود فيه خطورة كبيرة وربما يعيد الاقتصاد الى دائرة شح السيولة والنقود و الصفوف بالبنوك بحثا عن النقود ، ولذلك لابد من التحكم في نمو الودائع التي تنتج عن اقتراض القطاع الخاص من البنوك، واستدانة الحكومة من البنك المركزي والالتزام بطباعة العملة في الحدود الآمنة المقدرة بنسبة (15%) من الايرادات المتوقعة للميزانية ، فإيقاف طباعة النقود ليس كافياً لخفض التضخم في ظل نمو الودائع ولتوسع في اقتراض الحكومة والقطاع الخاص من البنك المركزي والبنوك التجارية).