الأخبارتقارير

السودان ..السماح للقطاع الخاص بإنتاج وتوزيع الكهرباء .. هل سينهي برنامج القطوعات…؟

خبراء يتخوفون من زيادة التعرفة
السماح للقطاع الخاص بإنتاج وتوزيع الكهرباء .. هل سينهي برنامج القطوعات…؟
تقرير: سنهوري عيسى
تذداد معاناة السودانيين يومياً مع استمرار برنامج قطوعات الكهرباء بكافة ولايات السودان علي مستوي الريف والحضر، وبالقطاع السكني والصناعي والزراعي والتجاري بعد أن اصبح برنامجا القطوعات (ثابتا وراتبا ومحفوظا) بعدد ساعاته الطويلة في الفترتين الصباحية والمسائية ، مما دفع الكثيرين لبرمجة نشاطهم حسب برنامج قطوعات الكهرباء الامر الذى انعكس سلبا على قطاعات الانتاج الحقيقي بالزراعة والصناعة والثروة الحيوانية والقطاع الخدمات بارتفاع تكاليف انتاج السلع والخدمات الى جانب ارتفاع قيمة ايجار العقارات والشقق المفروشة التي تتوفر بها مولدات كهرباء تعمل طوال اليوم.
ورغم تطبيق تعرفة جديدة لشراء الكهرباء بزيادة 433 %، لكل القطاعات، السكني والتجاري والزراعي والحكومي، إلا ان برنامج قطوعات الكهرباء مازال مستمر يومياً في ظل النقص في إنتاج الكهرباء ، حيث تبلغ حاجة السودان الاستهلاكية من الكهرباء 3020 ميغاواط، ينتج منها 2220 ميغاواط محليا، وفقا لإحصائيات حكومية ، بينما يستورد السودان 200 ميغاواط من إثيوبيا و78 ميغاواط عبر الربط الكهربائي مع مصر، ليبقى العجز في حدود 522 ميغاواط.
بارقة أمل


وفى ظل الوضع القاتم بقطاع الطاقة واستمرار قطوعات الكهرباء يوميا صباح ومساء ، أعلن وزير الطاقة والنفط جادين علي العبيد، عن إدخال تعديلات علي قانون الكهرباء تسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في إنتاج الكهرباء بشروط من بينها تقديم خدمة ممتازة تراقبها الدولة.
وكشف الوزير خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لورشة علمية بعنوان (الطاقة والتنمية المستدامة في السودان) التي نظمتها جامعة الزعيم الازهري، عن اتجاه لإدخال القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء.
وذكر الوزير، أن التعديلات في قانون الكهرباء أقرت دخول شركات أخرى منافسة لنظيراتها الحكومية مشفوعة بجهاز رقابي حكومي لمراقبة وصول وشراء الخدمة بجانب مراقبة الأجهزة والمعدات المستوردة شريطة أن تكون ذات كفاءة عالية فضلا عن مراقبة استهلاك الكهرباء.
واوضح إن انتاج السودان من الكهرباء يبلغ 3 آلاف ميقاواط بتكلفة سنوية تبلغ 2 مليار دولار يتم صرف 60% منها على الوقود مقابل 20% للإسبيرات والصيانة، بينما يتم صرف مبقى النسبة على الخدمات.
البداية بالشركة التركية
وكانت بداية دخول القطاع الخاص في انتاج وتوزيع الكهرباء في عهد نظام الرئيس السابق عمر البشير بالاتفاق مع شركة تركية لإنتاج الكهرباء بالبحر الاحمر وجنوب دارفور.
وفي 2018، رست بارجة تتبع شركة “كارباورشيب” التركية في البحر الأحمر قبالة شواطئ السودان لتزويده بالطاقة الكهربائية، ضمن اتفاق مشترك بين الطرفين، بينما حافظت حكومة الفترة الانتقالية على الاتفاق مع الشركة التركية بدفع مستحقاتها ومتأخراتها ، كما اتفقت الخرطوم وأنقرة على زيادة حجم التوليد الكهربائي من البارجة التركية من 150 ميغاواط إلى 250 ميغاواط.
فرص انتهاء القطوعات
وبعد حديث وزير الطاقة عن السماح للقطاع الخاص بإنتاج وتوزيع الكهرباء .. برز ثمة سؤال هل سينهي برنامج القطوعات.. أم ستتواصل الازمة؟ .. ويري خبراء ومختصون، أن السماح للقطاع الخاص بإنتاج وتوزيع الكهرباء لن يحل مشكلة الكهرباء او ينهي برنامج القطوعات، وإنما سيساهم في تخفيف المعاناة من ناحية، ومن ناحية اخري ربما يزيد المعاناة بارتفاع تكلفة توليد الكهرباء بواسطة القطاع الخاص.
ويري الخبراء إن الكهرباء بالسودان تعاني من مشكلة سوء الإدارة والتخطيط والتنظيم والتحكم، بجانب ارتفاع تكلفة التوليد الحراري وعدم توفر موارد كافية لاستيراد الوقود وقطع الغيار، وعدم وجود استراتيجية ورؤية في التعامل مع مصادر الطاقة الرئيسة، مثل الماء والوقود والغاز، بجانب الاستغناء عن كوادر فنية مؤهلة بحجة إزالة التمكين وانتمائهم إلى للنظام السابق، مما أفقد قطاع الكهرباء كوادر بشرية ذات خبرة بالقطاع، فضلا عن أن مشكلة الكهرباء في السودان مزدوجة يختلط فيها سوء الإدارة مع شح الموارد ، فيما أرجع وزير الطاقة الأزمة بقطاع الكهرباء، الي عدم توفر الوقود الكافي للمحطات الحرارية بسبب شح موارد النقد الأجنبي للبلاد مع حاجة المحطات إلى قطع غيار وصيانة عجزت المالية عن الإيفاء بها خلال الفترة الماضية، بينما اكدت المصادر، أن معالجة المشكلة جذريا تحتاج إلى خمس سنوات اذا توفرت الموارد اللازمة.
ضعف مقدرة القطاع الخاص
ويرى د.احمد التجاني صالح الخبير الاقتصادي، ان القطاع الخاص ، غير قادر على انتاج الكهرباء ، فهو قطاع ضعيف ويعتمد على التمويل من البنوك ، كما أن البنوك السودانية رؤوس اموالها ضعيفة وغير قادرة على تمويل مشاريع التنمية الكبرى وخاصة انتاج وتوزيع الكهرباء الذى يحتاج الى مبالغ ضخمة وفترة سداد طويلة او متوسطة المدي.
واضاف : القطاع الخاص الاجنبي قادر على الدخول في مجال الكهرباء وسبق ان دخلت الشركة التركية لإنتاج الكهرباء ببورت سودان ونيالا في عهد النظام السابق ومازالت تعمل الآن، ولكن تعاني في الحصول على مستحقاتها المالية، ولذلك لابد من وجود رؤية محدد لدي الحكومة حول كيفية دخول القطاع الخاص السوداني والاجنبي في مجال الكهرباء انتاجا وتوزيعا ومقدما للخدمات حتى لا يكون دخول القطاع الخاص مدخلا لزيادة تعرفة الكهرباء وزيادة معاناة المواطنين وشكواهم من تجربة دخول القطاع الخاص في انتاج الكهرباء.
مساهمة في تقليل القطوعات


وأكد د.احمد التجاني، أن دخول القطاع الخاص في انتاج وتوزيع الكهرباء لن ينهي مشكلة القطوعات او الازمة الحالية وإنما سيساهم في تقليل نسبة القطوعات، خاصة اذا دخل القطاع الخاص في مجال انتاج الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية او تم التوسع في تجربة الشركة التركية لإنتاج الكهرباء ، واردف : ( لازم يتم تحدد مجالات دخول القطاع الخاص بقطاع الكهرباء حتى لا تذداد شكاوي الناس من نتائج دخول القطاع الخاص في مجال الكهرباء ورفع اسعارها).
استمرار القطوعات
وعضد د.عزالدين ابراهيم الخبير الاقتصادي، من القول بأن دخول القطاع الخاص في انتاج وتوزيع الكهرباء لن ينهي مشكلة القطوعات او الازمة الحالية ، مبينا في هذا الصدد ان القطاع الخاص سيواجه نفس المشكلة التي تواجهها الحكومة الآن والمتمثلة في انعدام الوقود والفيرنس وارتفاع الدولار وشح النقد الاجنبي وارتفاع تكلفة الانتاج في ظل استمرار الدعم لقطاع الكهرباء وان تسعيرة او تعرفة الكهرباء ضعيفة مقارنة بتكلفة الانتاج فضلا عن ان الفجوة كبيرة بين حجم التوليد الكهرباء والمطلوب من الكهرباء الان بالقطاع السكني والصناعي والزراعي والتجاري، الى جانب ان المستفيدين من الكهرباء الان حوالي (40%) من سكان السودان بكافة ولايات، بينما هنالك (60%) من السكان خارج نطاق شبكة الكهرباء وبالتالي هنالك طلب كبير على الكهرباء بينما تكلفة الانتاج والتوزيع كبيرة جدا مقارنة بتعرفة الكهرباء.
وأكد د.عزالدين، أن دخول القطاع الخاص في انتاج وتوزيع الكهرباء سيساهم في حل جزء من المشكلة خاصة وان للحكومة دور كبير في مشكلة الكهرباء باحتكارها للقطاع رغم تحويل هيئة الكهرباء الى خمس شركات خلال فترة النظام السابق بغرض فتح الباب امام دخول القطاع الخاص في مجال انتاج وتوزيع الكهرباء ، ولكن لم يدخل القطاع الخاص السوداني، وانما دخل القطاع الخاص الاجنبي ممثل في الشركة التركية التي تنتج الكهرباء الان بالبحر الاحمر وجنوب دارفور ولكنها تعاني من تأخير الحكومة لسداد مستحقاتها.
حزمة حلول
وطالب د.عزالدين ابراهيم، الحكومة بتبني حزمة لحلول لمشكلة قطوعات الكهرباء بالتركيز على الاستمرار في زيادة انتاج التوليد المائي والحراري وزيادة حجم الكهرباء المستوردة من مصر واثيوبيا وتوسيع مجال التعامل مع القطاع الخاص الاجنبي الوطني سواء مع الشركة التركية او غيرها ، بالإضافة الى تشجيع دخول القطاع الخاص للاستثمار في مجال انتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية او الرياح او الطاقات النظيفة الاخرى لتزويد القطاع السكني والخدمي خاصة المستشفيات والجامعات بالطاقة الشمسية .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى