السجن أو الموت أو الفوز.. هل يكرر الرئيس البرازيلي بولسونارو سيناريو ترامب إذا خسر الانتخابات؟
بولسونارو يرى ثلاثة بدائل لمستقبله: السجن، أو الموت، أو الفوز في الانتخابات الرئاسية، ويشير إلى أن فرصة السجن مستبعدة؛ لأن ” لا أحد على وجه الأرض يستطيع تخويفه”
“الله وحده يستطيع إبعادي عن كرسي الرئاسة”.. عبارة نُسبت إلى الرئيس البرازيلي اليميني جايير بولسونارو، وكانت من بين إشارات عدة مقلقة أرسلها بأنه قد يرفض التخلي عن السلطة في حال خسر الانتخابات أمام منافسه الرئيس السابق اليساري لولا دا سيلفا.
ومع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة والكونغرس وحكام الولايات المقررة في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، يراكم بولسونارو -وهو ضابط سابق بالجيش- التصريحات المشحونة بالتشكيك في إمكانية حدوث انتقال سلمي للسلطة، في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي تحقيق دا سيلفا (76 عاما) تقدما مهما.
وقال بولسونارو (67 عاما) -في تصريح سابق- إنه يرى 3 بدائل لمستقبله: السجن أو الموت أو الفوز بالانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن فرصة السجن مستبعدة لأنه “لا أحد على وجه الأرض” يستطيع تخويفه.
ويدفع ذلك محللين برازيليين إلى الاعتقاد بأن مرشح الحزب الليبرالي قد يسير على نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب حين رفض الاعتراف بخسارته انتخابات عام 2020، إذ تحدث عن تلاعب بالأصوات متهما الديمقراطيين بسرقة الفوز منه، دون أن يقدم دليلا على ذلك.
ودفع ذلك أنصار ترامب لاقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021 سعيا لمنع أعضائه من التصديق على نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز الرئيس الحالي جو بايدن، في واقعة اعتُبرت الأخطر في مسيرة الديمقراطية الأميركية.
وحين انتخب ترامب رئيسا قال بولسونارو “أنا من المعجبين بمشروع ترامب لأنه يريد أميركا عظيمة وأنا أريد برازيل عظيمة” وقد لقب بعدة ألقاب بينها “ترامب المناطق المدارية”.
وهناك نقاط مشتركة بين بولسونارو وترامب، فسياسيا يصنفان ضمن الشُّعبويين، وأيديولوجيا هما محسوبان على اليمين المحافظ ويستخدمان شعاراته الدينية للتعبئة الجماهيرية، وكلاهما اعتمد في مواجهة شبح الهزيمة إستراتيجية التشكيك في النظام الانتخابي.
إشارات مقلقة
الأشهر الماضية، تواترت التصريحات المثيرة للقلق للرئيس، وأثارت تكهنات بأنه قد لا يتخلى عن السلطة بسهولة، وهو ما من شأنه أن يدخل دوامة الاضطرابات في أكبر بلد بأميركا اللاتينية، والبالغ عدد سكانه 216 مليونا.
أواخر يوليو/تموز الماضي، قال بولسونارو -الذي أمضى 15 عاما في المؤسسة العسكرية- إن الجيش يقف إلى جانبه.
ويحاول بولسونارو إقناع الجيش بتأييد انتقاداته لنظام التصويت الإلكتروني المعتمد منذ 1996، وقد أثار حديثه عن دعم الجيش له مخاوف من أنه قد لا يتنازل إذا هُزم بانتخابات الرئاسة أو يحاول التشجيع على انقلاب عسكري.
وكان بولسونارو قد هاجم مرارا قضاة المحكمة الانتخابية العليا، وقال إن نظام التصويت الإلكتروني يسمح بالتزوير، ولكن ادعاءاته قوبلت بالرفض، ليس فقط من المسؤولين الحكوميين، وإنما أيضا من قادة في حزبه.
وتقول غارديان (The Guardian) البريطانية إنه على الرغم من أن بولسونارو يحظى بدعم كثيرين في الجيش، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت القيادة العسكرية قد تقدم على تخريب العملية الديمقراطية.
وتنقل الصحيفة -عن الباحث بابلو نونيس- إنه يتوفر حاليا في البرازيل شروط إنتاج وضع مشابه لما حدث بالولايات المتحدة بعد رفض ترامب الاعتراف بنتيجة الانتخابات الرئاسية.
ويضيف نونيس أنه على الرغم من أن العنف كامن في الواقع البرازيلي، إلا أنه تصاعد من خلال استخدام بولسونارو خطابا عنيفا كوسيلة لحل النزاعات السياسية.
والأسبوع الماضي، دعا بولسونارو -خلال لقاء مع قادة المزارعين- إلى اقتناء السلاح، ووفقا لمعهد سو دا باز (Sou da Paz) فقد ارتفعت تراخيص الأسلحة النارية السنتين الأوليين من حكمه بنسبة 65%. ونقلت غارديان عن الباحث بجامعة ريو دي جانيرو فيليبي بوربا أنه ربما يكون بصدد إعداد أنصاره للتحرك في حال خسروا الانتخابات.
ومن المفارقات أن الرئيس الحالي -الذي يتهمه خصومه بتبني خطاب عنيف- كان ضحية لعملية طعن تعرض لها في سبتمبر/أيلول 2018 قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة، ولا يزال يعاني من آثارها حتى الآن.
وينفي بولسونارو اتهامات خصمومه له بتأجيج العنف والتخطيط للانقلاب على نتائج الانتخابات، كما يرفض تصنيفه ضمن اليمين المتطرف.
شبح العنف
وانطلقت الحملة الانتخابية رسميا أمس تمهيدا لاقتراع الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الذي دعي إليه أكثر من 156 مليون ناخب، وسط مخاوف من حدوث أعمال عنف في ظل حالة من الاستقطاب السياسي الشديد.
وكان من المفترض أن يبدأ مرشح حزب العمال (دا سيلفا) حملته صباح الثلاثاء في مصنع بساو باولو، ولكن تم إلغاء الاجتماع بعدما رصد الفريق الأمني مخاطر محتملة، وفقا وسائل الإعلام البرازيلية.
وطلبت حملة لولا دا سيلفا تشديد حمايته لمواجهة التهديدات المحتملة له، ولهذا السبب يرتدي سترة واقية من الرصاص، بحسب صحيفة غارديان.
أمّا بولسونارو فتوجه إلى بلدة جويز دي فورا (جنوب شرق البلاد) حيث تعرض لمحاولة اغتياله طعنًا قبل 4 أعوام، حيث ألقى خطابًا على مسرح مبني على التقاطع نفسه الذي حصلت فيه عملية الطعن يوم 6 أيلول/سبتمبر 2018.
وقال بولسونارو مخاطبا أنصاره تحت شعار “الله، الوطن، العائلة والحرية” “المدينة التي ولدت فيها من جديد”. وهتف مؤيدو الزعيم اليميني المتطرف الذين كانوا يرتدون قمصانا بألوان علم البرازيل “لولا، أيها اللص، مكانك في السجن”.
والأسابيع القليلة الماضية، وفي خضم مظاهرات من الطرفين، هاجم مؤيدون لبولسونارو تجمعين لأنصار دا سيلفا، وقتلوا بالرصاص مسؤولا في حزب العمال بمدينة فوز دي إيغواشو بولاية بارازا على الحدود مع الأرجنتين، وفق صحيفة غارديان البرازيلية.
وبحسب وكالة بلومبيرغ (Bloomberg) فإن تفجر العنف خلال الانتخابات قد يؤدي إلى تدخل الجيش، مع عدم تصور إمكانية حدوث انقسام بالمؤسسة الأمنية.
ويقول المحلل السياسي أدريانو لورينو من معهد “بروسبيكتيفا” للاستشارات لوكالة الصحافة الفرنسية “بولسونارو يريد تقديم نفسه على أنه مختار من الله نجا من محاولة الاغتيال” معتبرا أن هذه الانتخابات تعد “الأكثر استقطابا منذ إعادة الديمقراطية” بعد فترة الاستبداد العسكري بين عامي 1964 و1985.
وفي ما يتعلق بالانتخابات نفسها، أفاد أحدث استطلاع للرأي أجره معهد “آيبيك” (IPEC) تقدم الرئيس اليساري السابق بنسبة 44% من نوايا التصويت بالدورة الأولى، مقابل 32% للرئيس الحالي (بولسونارو).
وكانت استطلاعات سابقة منحت دا سيلفا تقدما أكبر، بيد أن محللين برازيليين يعتقدون أن الفارق سيضيق مع اقتراب موعد التصويت.
ويقول محللون إن دا سيلفا لديه شعبية أكثر لدى فئة الشباب من بولسونارو، مما يعطيه فرصة أكبر للفوز بالانتخابات. وكان الرئيس السابق الذي تولى السلطة بين عامي 2003 و2010 واجه اتهامات بالفساد وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما، قضى منها 1.5 عام تقريبا، قبل أن تلغي المحكمة العليا الحكم الصادر بحقه.