الركابي حسن يعقوب يكتب: مبادرة إيد على إيد.. بداية تعافي الوطن

الركابي حسن يعقوب يكتب: مبادرة إيد على إيد.. بداية تعافي الوطن
حيا الله الدكتور مزمل أبو القاسم والذين معه في لجنة مبادرة الرئيس البرهان (إيد على إيد ) لدعم وإسناد أسر شهداء معركة الكرامة ،وضحايا الحرب والنازحين والأسرى والمفقودين واللاجئين..
فقد استحقوا الثناء والتقدير والإشادة على هذه السابقة الإنسانية الفريدة من كل قطاعات الشعب السوداني والتي جاءت على لسان الرئيس البرهان أصالة عن نفسه ونيابة عن الشعب السوداني في كل شبر من مساحة هذا الوطن الفسيح، وفي كل جزء من أجزاءه الرحبة.
المبادرة الإنسانية نزلت برداََ وسلاماََ على كل فئات الشعب السوداني وليس فقط على أسر الشهداء والضحايا المتضررين بصورة مباشرة ، فأفراد الشعب السوداني في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى..
والمبادرة نموذجاََ فريداََ في الوفاء والعرفان لأولئك الذين قدموا أرواحهم وبذلوا دماءهم رخيصة – وهي غالية – فداءاََ للوطن ودفاعاََ عن إنسانه وأرضه وإرثه وحضارته وشرفه وتاريخه ضد عدو غاشم أهوج اجتمعت فيه كل الرذائل والسوءات، عدو لا علاقة ولا وشيجة تربطه بالقيم والأعراف الإنسانية ، ولا آصرة إنتماء حقيقي تربطه بتراب هذا الوطن الطاهر، عدو غريب الوجه واليد واللسان شيمته الغدر .
إنها بادرة التعافي بدأت تدب في الجسد الذي إنتحل وأنهكه التعب، وعلامات الشفاء وهي تسري في أوصال هذا الوطن العزيز رغم فداحة المحنة ورغم عمق الجراح ، ورغم ثقل ووطأة المأساة ورغم شدة المعاناة ، ومرارة التجربة، لكن حتماََ سيكتمل التعافي وينهض الوطن مرة أخرى صحيحاََ ويعود أقوى مما كان عليه قبل الغدر والعدوان، والمثل الشعبي يقول “العافية درجات” ..
سيذكر التاريخ أن هذا الشعب العظيم وهو يواجه أقسى مؤامرة حيكت ضده وضد وجوده ، من قبل قوى الشر المحلية و الإقليمية والدولية من شياطين الإنس من كل لون وجنس، ومن ذوي القربى ، الذين رضوا بأن يكونوا عوناََ للعدو على أهليهم ، لقاء دراهم معدودة باعوا بها ضمائرهم ، ومن جوار لا يرعى حقوق الجوار ، ومن إخوة في الدين انسلخوا منه فأتبعهم الشيطان فكانوا من الغاوين.
نعم سيذكر التاريخ والحالة هكذا أن الشعب السوداني لم ينتظر أن يطعمه المجتمع الدولي من جوع، أو يؤمّنه من خوف ، ولم يلطم الخدود أو يشق الجيوب وينوح على حاله ولم يشكو بثه وحزنه للمنظمات الإقليمية والدولية لتغيثه، ولم يلحف في السؤال وطلب المساعدات ، بل أعف نفسه وسارع إلى الاعتماد على الذات ليكفي نفسه مذلة السؤال ، سؤال من كانوا شركاء في المؤامرة، ومن تسببوا في معاناته..
إنها عزة النفس التي يحبها الله، والتراحم الذي أحبه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، فهو جزء أصيل من مكارم الأخلاق التي بُعث صلى الله عليه وسلم ليتممها.
إنه السودان يا سادة و الذي ظل ومنذ اليوم الأول من الحرب يقدم دروساََ مجانية لكل شعوب العالم في الصبر والعزيمة والثبات والبسالة والشجاعة وقوة الشكيمة والتعاون والتعاضد والتكافل .
شعب إستطاع أن يصد أكبر مؤامرة في التاريخ وينتصر على كل قوى البغي والعدوان ، شعب أراد له أعداؤه أن ينهار ويتفرق أيدي سبأ ، فكانت النتيجة على غير ما خططت له أيدي أعدائه الآثمة ، لم ينهار، ولم يتفرق ، بل إزداد وحدة وتماسكاََ وتعاضداََ وكان ذلك مثار دهشة وذهول و إعجاب الأصدقاء ، ومدعاة للشعور بالخزي وبالخيبة والخسران من الأعداء ..
كان يوم تدشين المبادرة بالأمس يوماً من أيام السودان التي سيخلدها التاريخ، وكان خطاب الرئيس البرهان في هذه المناسبة تاريخياََ بكل ما يحمله هذا الوصف من معانٍ، وجاءت كلماته الرصينة القوية الواضحة الموجزة من وحي المناسبة الجليلة ، كان خطاباََ وطنياََ خالصاََ شفى صدر كل سوداني وطني غيور على هذا البلد، خطاب ضمدت كلماته وحروفه الجراح وواسى به القائد
شعبه ، قدم فيه التعازي لكل الضحايا والمكلومين ، لم يفرق بين أحد منهم ،وجدد فيه ما ظل يؤكده دوماََ في كل مناسبة ألا تصالح ولا مهادنة مع المعتدين ، وأنه لن يهدأ للقيادة بال حتى تقضي على آخر ميليشيا مجرم ، وتقتص لكل من تضرر، وتُجازي كل من دعم وساند الميليشيا الإرهابية بالفعل والقول أشخاصاََ كانوا أو جهات سياسية أو دول.
إنها بشائر النصر بدأت تلوح في الأفق القريب، ونسمات التعافي بدأت تهب ، وقد أحسن الرئيس البرهان حين رد أمر النصر إلى الله، فهو القائل (وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم).
صدق البرهان حين قال بثقة “إن الله معنا”. فالله لا ينصر الباطل على الحق مهما علا صوته وكبر حشده فهو زاهق لا محالة.
وأكثر ما أشاع الاطمئنان في الأنفس قوله إن معركة الكرامة هي معركة الشعب السوداني كله ، وليست معركة الجيش السوداني وحده.
إن نصرة المظلوم رغم ضعفه وهلاك الطغاة الظالمين رغم قوتهم وعتادهم هي واحدة من سنن الله في خلقه وفي سور القرآن العظيم وآياته الكريمة قصص قصها لنا الله سبحانه وتعالى لنعتبر بها، قصص هلاك الطغاة المتجبرين والقتلة والمفسدين على أيدي من ظنوا أنهم ضعفاء.
إن نار الحرب التي أوقدتها القوى الأجنبية ضدنا لتركيعنا سيمتد شررها وألسنة لهبها إلى هذه القوى لتحترق بها و “البولع النار يتدفى بيها”.
إنه وعد الله الذي لا يخلف الميعاد، وسنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
الله ناصرنا ولا ناصر لهم..
الله مولانا ولا مولى لهم..
رفعت الأقلام وجفت الصحف..