مقالات

 الركابي حسن يعقوب يكتب : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة..

 الركابي حسن يعقوب يكتب : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة..

 

رغم أهوال ومآسي وفظائع الحرب التي ابتدرها تحالف ميليشيا آل دقلو مع قوى الحرية والتغيير سابقاً و تقدم حالياََ والتي تدور رحاها الآن في بلادنا العزيزة ورغم ما خلفته من تداعيات سالبة اقتصادياََ واجتماعياََ ورغم إزهاقها لأنفس عزيزة، وما أحدثته من خراب ودمار طال

مؤسسات الدولة ومواردها الأساسية، رغم كل تلك المحن وغيرها من تداعيات غير منظورة في الوقت الراهن، إلا أنها في وجهها الآخر، لها إيجابيات عديدة أبرزها أنها كشفت ما كان مخفياََ وميزت الخبيث من الطيب والمفسد

من المصلح والوطني من العميل والصادق من الكاذب، والجهوي من القومي، وأخرجت أضغاناََ كانت حبيسة الصدور، هذا على الصعيد المجتمعي، وعلى الصعيد السياسي فقد تمايزت الصفوف وتكشفت المواقف،

مواقف القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فظهر منها الصالح المحب للوطن القابض على الجمر صبراََ وفداءاََ ، وتبين منها الطالح البائع للوطن المتماهي مع أعدائه، المرتزق قابض الدرهم والدولار.

لم تعد هناك منطقة رمادية يأوي إليها المنافقون والمذبذبين فطول أمد الحرب وفظائع ميليشيا آل دقلو الإرهابية من نهب وسلب وسطو واغتصاب وإذلال وتخريب وتعذيب ضيقت مساحة المنطقة الرمادية ولم تدع في أعين الناس أي غشاوة تلبس عليهم التمييز ما

بين الحق والباطل، وانقسم الناس فئتين فقط لا ثالث لهما، فئة مع الحق مصطفة في صفه، وأخرى في صف الباطل، بعضهم في الخارج، وأكثرهم في الداخل.
هذه هي الصورة الآن وهذا هو المشهد الراهن الذي يراه الجميع كرؤية الشمس في رابعة النهار.

ولما لم تزل المعركة دائرة والعدو يواصل مجازره واستئساده على المدنيين والأهالي العزل في القرى و الأرياف تنكيلاََ بهم وسلباََ لحقوقهم وممتلكاتهم وانتهاكاََ لحرماتهم وأعراضهم ، فإن الحق والشرع والعقل والضمير

الإنساني يقول ألا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ينبغي ألا يسمع الناس إلا صوت الذخائر والدانات والمدافع وهي تدك معاقل وملاذات الميليشيا دكاََ دكاََ تقتلهم بدداََ ولا تغادر منهم أحداً..

البلاد الآن في تحدي وجودي ينبغي أن تعبأ كل مواردها المادية والبشرية لمجابهة هؤلاء الأوباش المعتدين للقضاء عليهم قضاءاََ مبرماََ واستئصالهم من تربة هذا البلد الطيب أهله الطاهرة أرضه وتخليص الناس منهم ومن شرورهم..

الوقت الآن ليس وقت تصفية حسابات من طرح وقسمة وضرب وتفريق بين الناس، والإنشغال بالمغانم، فالوقت الآن وقت للجمع فقط جمع الكلمة وجمع الصف وتوحيد الراية..

ففي معركة (أحد) حين إنشغلت ثلة من الرماة – وقد رأوا بشائر النصر كفلق الصبح – بالمغانم ونسوا (التعليمات المستديمة) التي صرفها لهم النبي صلى الله عليه وسلم بعدم مبارحة الجبل، فحدث ما حدث للمسلمين على

النحو المعروف.. إنها السّنَن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فما أشبه الليلة بالبارحة، فلنعتبر ونتعظ بوقائع السيرة وأحداث التاريخ..

هذه الحرب الوجودية التي فرضت على الشعب السوداني هي حرب لا سابقة لها في شراستها وطول أمدها وعدتها وعتادها في تاريخ السودان الحديث، لذلك فإن نتائجها لن تكون مألوفة ولا معتادة.. معركة الكرامة ليست كبقية المعارك إنها الطوفان الذي سيغرق أهل الباطل ويستخلف أهل الحق..

لكن البعض يستعجل فيقفز فوق الواقع الماثل ويمسك بورقة وقلم ليرسم لنفسه موطئاََ افتراضياََ في حقبة ما بعد الحرب، والبعض يسر في نفسه وبلسان حاله يقول (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)..

يحدث هذا والعدو يمارس رذائله تقتيلاََ وتهجيراََ وترويعاََ، يحدث هذا والأمم تتكالب علينا وتحيك المؤامرات ضدنا ما يفرغون من مؤامرة فيصرفها الله إلا ويحيكون أخرى.. حيناََ ببث الشائعات والأكاذيب، وحيناََ ببذر الفتنة وحيناََ

بذريعة حماية المدنيين وحيناََ بتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين وهم أبعد من الإنسانية بعد المشرقين..
ينبغي على الجميع أن يعتصموا بحبل الله ثم بحبل الوطن ويرفعوا شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة..

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى