الركابي حسن يعقوب يكتب: خطة الكفيل الخائبة

الركابي حسن يعقوب يكتب: خطة الكفيل الخائبة
في خضم الحرب الشرسة التي يشنها الحلف المؤلف من قوى إقليمية وأخرى دولية على السودان منذ منتصف أبريل 2023 وتتصاعد وتيرتها حتى بلغت سدرة منتهاها وهي معركة الفاشر التي حشد لها هذا الحلف كل ما إستطاع من قوة وعتاد ومعلومات وشراء ذمم ومواقف بعض الأطراف هنا وهناك لكسبها بأي ثمن لأنها ببساطة هي المعركة الفاصلة وآخر فصل من فصول المؤامرة (الإقليم-دولية) إذا صح التعبير وهي آخر بارقة أمل لنجاح المؤامرة التي ظلت طوال ثلاثون شهراََ تتلقى الصفعات ويتعاقب عليها الفشل تلو الفشل.
والحقيقة التي يجب أن يعيها السودانيون التي تحاول قوى المؤامرة مداراتها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاََ هي أن هذا الحلف مع بلوغه معركة الفاشر الفاصلة قد وصل ذروة ضعفه وإنهاكه وأن (القوة الصلبة) لأداته وهي ميليشيا الدعم السريع الإرهابية قد إنكسرت تماماََ بفعل ضربات الجيش والمقاومة الشعبية في الشهور العشر الأولى من الحرب، تلتها في التبدد والإنحسار (القوة الرخوة) التي حلت محل القوة الصلبة، وهي الأخرى قد تم سحقها أوائل العام الحالي وهاهي (القوة الهشة) للميليشيا التي حُشر لها الجنود المرتزقة من دول الجوار ومن خلف البحر الكاريبي من كولومبيا، مرتزقة تم حشدهم على عجل وآخرين تم
تجنيدهم وتدريبهم على إطلاق النار وعلى أعمال العنف والاغتصاب والاعدامات الميدانية وكل صور الانتهاكات ضد المدنيين العزل وكبار السن والنساء والأطفال، وهذه القوة الهشة هي آخر ما في جعبة الكفيل من سهام فقد نفدت جعبته تماماََ، وهذا ما سيسهل مهمة الجيش والمقاومة الشعبية للقضاء المبرم على الميليشيا الإرهابية، في غضون ما تبقى من هذا العام بإذن الله الذي ما نصر باطلاََ على حق أبداََ.
خطة الكفيل تقضي بأن تمارس ميليشيا الدعم السريع الإرهابية أقصى صور الانتهاكات في الفاشر لخلق وضع إنساني مزري من أجل دفع المجتمع الدولي إلى إتخاذ خطوات إجرائية أممية نحو التدخل تحت مظلة الفصل السابع ويعتقد الكفيل أن هذا السيناريو إذا حدث سيتيح له تمرير أجندته عبره.
وهي مجرد أحلام وخطة أقل ما توصف به أنها وهمية من نسج خيال مريض ساذج وعقل تفكيره رغبوي أدمن الفشل ومحاولات القفز فوق الواقع والوصول إلى النتائج قبل المقدمات.
هذا السيناريو بعيد المنال في الوقت الراهن الذي تشهد فيه الساحة الدولية حراكاََ متسارعاََ، سيترك أثراََ بالغ التأثير عليها ويحدث تحولات عميقة وجذرية
في التحالفات الإقليمية والدولية
ويعيد رسم (أطلس) العلاقات الدولية برمته والذي بدأت خطوطه تُرسم بالفعل بما رشح من نتائج (قمة بوسان) بين ترامب والرئيس الصيني شي.
وأولى ملامح هذا الحراك وعنوانه العريض هو الإقتصاد، وحين يتصدر الإقتصاد أجندة الكبار فذلك يعني في وجهه الآخر استبدال الصراع بالتعاون، والآيدولوجيا بالمصالح، والحرب بالسلم، ومن ثم فإن الصغار والمستأجَرين والعاملين لدى الكبار بالوكالة ليس أمامهم إلا الإنصياع وتغيير وجهتهم تبعاََ للوجهة الجديدة لسادتهم الكبار فهم لا يملكون لأنفسهم ضراََ ولا نفعاََ.
على الحكومة أن تقرأ جيداََ ما يجري على مسرح السياسة الدولية من تغيرات وإن هي فعلت ذلك بطريقة صحيحة فستجد أن كل المؤشرات تقول أن هذه التغيرات هي في صالح السودان وبالتالي عليها أن تختار المربع الصحيح مربع القوى الصاعدة بقوة للانتقال إليه والوقوف فيه، وإن كان من الأمانة القول أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة ما يزال رقماََ لم يخبو بريقه وتأثيره بعد، إلا أن الشرق الذي تتصدره الصين صاحبة الفيتو في مجلس الأمن الدولي والعملاق الإقتصادي والتكنولوجي والصناعي والتجاري ومن معها من بقية دول الشرق في القارة الآسيوية وروسيا القوة النووية بموقعها الجيواستراتيجي والعضو الدائم بمجلس الأمن الدولي، أصبح الآن في مقدوره أن يقف نداََ قوياََ في وجه الغرب الذي ظلت علاقة السودان معه منذ الإستقلال تقوم على الاستغلال والابتزاز والإيذاء وبيع الوهم، وحان الوقت للانعتاق من ربقة وأغلال الغرب التي أدمت يدي هذا البلد الذي يمكن وصفه بأنه يمتلك كل شيء ولا ينقصه شيء.
المطلوب من الجيش والمقاومة الشعبية الإستمرار في الحملة على ميليشيا الدعم السريع الإرهابية بقوة، وعدم الالتفات البتة إلى الوراء، وألا يعيروا الصراخ والتباكي والنداءات الكذوبة إلى الهدنة أو وقف إطلاق النار، صموا آذانكم عنها فما هي إلا مُكاءاََ وتصدية ومحاولة لمنح الميليشيا الإرهابية فرصة ثانية لتجميع مزيد من الأوباش وشذاذ الآفاق والمجرمين، وجلب مزيد من الأسلحة المحرمة دولياََ ومنظومات الدفاع والمسيرات والمؤن وحبوب الكبتاقون المخدرة التي تأتي ضمن (التعيينات) لزيادة نشاط وفاعلية أفراد الميليشيا الإرهابية والقتال بكفاءة والجرأة في ارتكاب المجازر والتنكيل بالمواطنين.
وعلى الجهات المعنية بالتخطيط الاستراتيجي، وتلك المسؤولة عن حماية الأمن القومي من خلال جمع المعلومات الاستخبارية، وأولئك المعنيون بصنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية أن يعملوا عبر تكامل أدوارهم على إعادة صياغة توجهات السياسة الخارجية للسودان في إطار التحديات الأمنية الراهنة وعلى ضوء المتغيرات على الساحة الدولية بما يحقق حماية الأمن القومي، وبما يخدم مصالح السودان ويعيد إليه مكانته المرموقة قبل أن تجور عليه قوى العدوان من الطامعين في ثرواته ومقدراته من الطارئين على التاريخ والحضارة.
 
 


 




