مقالات

الركابي حسن يعقوب يكتب: تحرير مدني رسائل في بريد هؤلاء

الركابي حسن يعقوب يكتب:
تحرير مدني رسائل في بريد هؤلاء

الحمد لله على فضله ونعمته ونصره وفتحه ومدده، له الفضل كله وله الحمد كله وإليه يرجع الأمر كله..

الحمد لله القائل في محكم تنزيله (وما النصر إلا من عند الله).

وهو الذي وعد عباده بالنصر والغلبة حيث قال عز من قائل (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون).

عادت أرض المحنّة حاضرة ولاية الجزيرة إلى حضن الوطن بعد أن دنستها حوافر شياطين الإنس عبدة الدرهم والدولار ميليشيا آل دقلو لأكثر من عام…

عاثوا فيها فساداََ ونشروا فيها الموت والخراب والدمار، قتلوا الأبرياء واغتصبوا النساء وأذلوا الشيوخ ونهبوا الأموال والممتلكات، وأتلفوا الزرع وأهلكوا الحرث والنسل.

ما تركوا كبيرة أو فسوقاََ أو عصياناََ إلا ارتكبوه، كلما دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.

عادت مدني إلى  حضن الوطن  الدافئ بفضل الله تعالى ثم بصبر ومصابرة ومرابطة وجهاد أسود القوات المسلحة والقوات المشتركة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين الذين نفروا خفافاََ وثقالاََ شيباََ وشباباََ تلبية لنداء الدين وداعي الوطن، لم يبطئن منهم أحد، بل واجهوا عدوهم وعدو الله مقبلين غير مدبرين يتسابقون إلى الظفر بإحدى الحسنيين، نصر أو شهادة.

وعدوا أهل السودان بالنصر وهم موقنون بأن الله ناصرهم، صدقوا مع الله فصدقهم الله وعده، فحسوهم بإذنه، وثبت الله أقدامهم فلم تزل بعد ثبوتها، وأيدهم بنصره ومكنهم من عدوهم فريقاََ يقتلون ويأسرون فريقاََ.

ولم يكن هذا النصر مباغتاََ ولا مصادفة، وإنما لاحت بشرياته وبانت علاماته وراياته قبل ذلك بأشهر، وظهر ذلك في الإستعداد والترتيب، والتنظيم والتدبير للمعركة.

استعانت قيادة الجيش بالكتمان وتلفحت بالصمت النبيل وهي تعد العدة والعتاد والقوة، حتى ظن الناس بهم الظنونا، وأشاع المرجفون في المدينة أن ثمة صفقة قد انعقدت، وأن الجزيرة قد بيعت بليل بهيم، وأن ثمنها قد قبض، وأن.. وأن من الترهات والأكاذيب.

صدق البعض من الخبثاء الفرية، وأذاعوها بين الناس، لكن الراسخون في حب الوطن والموقنون بنصر الله ما اهتزت أرجلهم وما تزحزح يقينهم، بل ظنوا بأنفسهم خيراً وازدادوا تمسكاََ بقيادتهم ولسان حالهم يقول (ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم).

ثم جاءت البشرى بالفتح والنصر كفلق الصبح، وذلك حينما حطت مروحية الفريق أول شمس الدين كباشي منتصف الأسبوع الماضي على أرض الجزيرة الطيبة وفي الخطوط الأمامية لجبهة القتال وسط قوات الجيش والقوات الأخرى متفقداََ صفوفها يبوّئ جنودها مقاعد للقتال ويطمئن على خطط الهجوم وخطط الدفاع ويصرف لهم التعليمات والأوامر الأخيرة قبل الانقضاض على العدو.

ولقد أشاعت زيارته الارتياح والطمأنينة في نفوس المواطنين على امتداد الوطن العزيز، إذ أنهم اعتادوا منه أن يكون تفقده للقوات في جبهة القتال إيذاناََ لها بالهجوم.. وقد كان..

ما هي إلا أياماََ معدودات وتقدمت جحافل الجيش والمشتركة والمستنفرين والقوات النظامية بثبات تلتهم جِراء ميليشيا الجنجويد أمامها كما تلتهم النار الهشيم فحررت كل القرى في الطريق إلى مدني، وكان مسك الختام دخولها مدني عنوة واقتداراََ وجدارة والشمس في كبد السماء فحررتها من ربقة الميليشيا الإرهابية وطهرتها من رجس شياطين آل دقلو وتركتهم ما بين قتيل وجريح وطريد وأسير وفار.

إن الفرحة والبهجة والسرور الذي عبرت عنه جماهير الشعب السوداني في الداخل والخارج، وخروجها بهذه الطريقة العفوية وفي وقت واحد لهو أكبر استفتاء وأوضح دليل على أن هذا الشعب العملاق قد أخذ أمره واختار أن يكون ظهيراََ للقوات المسلحة، مسانداََ لها ضد ميليشيا آل دقلو الإرهابية وجناحها السياسي (المكسور) (تقدم) المتحول عن (قحت).

خروج الجماهير بهذه الأعداد الغفيرة لتعبر عن فرحتها بانتصار الجيش وهزيمة الميليشيا ومَواليها في (تقدم) لهو رسالة شديدة الوضوح في بريد عدد من الجهات المحلية والإقليمية والدولية.

هي رسالة للعملاء المحليين مفادها أنكم خسئتم وخسرتم دينكم ودنياكم ومُواطَنتكم ولن تعيشوا إلا منبوذين محتقرين أذلاء، وأن ما قبضتموه من مال لقاء عمالتكم قد ذهب وبقي العار وصمة في جبينكم ترثه ذرياتكم، ولن تقوم لكم قائمة بعد اليوم.

ورسالة أخرى في بريد العملاء الاقليميين، الذين باعوا أنفسهم وأهليهم ودولهم ومواقفهم بثمن بخس دراهم معدودة ليكيدوا للسودان ويدمروه ولم يثنيهم عن ذلك سابق معروف أو فضل أسداه لهم السودان من قبل بلا مقابل فتنكروا له ظناََ منهم أن أمره قد انتهى، وبعضهم دفعه الخوف والطمع إلى معاداة السودان، وبعضهم آثر الفرجة ولاذ بالمقولة البغيضة أن الحرب بين جنرالين، وبعضهم تمسكوا بفتوى مهترئة بأن ما يجري في السودان فتنة بين فريقين من المؤمنين و أن القاتل والمقتول فيها في النار..!!

والرسالة الثالثة التي أرسلها تحرير مدني، كانت في بريد ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي صم أذنيه وأغلق عينيه عما ظل يقع من انتهاكات وجرائم من قبل الميليشيا الإرهابية، وبعضه تولى كبر تقوية ودعم وإسناد الميليشيا عن طريق مواليهم وجواريهم وإمائهم الاقليميين، هي رسالة مفادها أن السودان قد تعلم من الدرس وحول

المحنة إلى منحة بفضل الله ثم بصبر شعبه وتلاحمه مع قيادته وجيشه واستعصامه بالله وبوعد الله الذي ما نصر باطلاََ على حق أبداََ، هي رسالة تحمل في طياتها حقيقة مفادها أن ليس بالقوة المادية يتحقق النصر، وأن المال لا يشتري عزم الرجال، وأن العتاد والسلاح وحده لا يصنع الرجال وأن المرتزقة أحط منزلة وقدراََ من البغايا ، وأن المقاتل مدفوع الأجر هو جيفة تمشي على ساقين..

والرسالة الأخيرة لتحرير مدني هي في بريد (الرعاة) الإقليميين ، تقول لهم أن الحرب التي أشعلتموها وأردتم بها إحراق السودان وتدميره وإذلال أهله، قد زادت أهل السودان قوة ومنعة وعزة ، واكتسب جيشها خبرة ودربة وقوي ساعده وتعلم فنوناََ جديدة في القتال وابتكر تكتيكات في حرب المدن ما سبقه عليها من أحد من العالمين، وقدم دروساََ مجانية لجيوش العالم شرقاََ وغرباََ، شمالاََ وجنوباََ في فنون الحرب والقتال والثبات والاستبسال..

وأن ما غنمه من سلاح وعتاد أرسلتموه إلى الميليشيا ما لا يقدر بثمن، وأنه لا أحد منكم يستطيع قهر الشعب السوداني، وأن ما أردتم أن تأخذوه بالقوة كان يمكن أن تأخذوه بعلاقات الود والأخوة والدم والدين وفي إطار علاقات ثنائية طيبة، ووفق تبادل منافع تحكمه الأعراف الدولية، لكنكم أنفقتم أموالكم لتستبيحوا أرض السودان وموارد شعبه بالقوة فأخطأتم العنوان وردكم الله بغيظكم لم تنالوا خيراً.

ولتعلموا أنه طال الزمن أو قصر فإن سهمكم سيرتد إليكم وستذوقون وبال أمركم وتكون عاقبة أمركم خُسرا وتشربون من ذات الكأس يوماً ما هو في علم الله لا أحد يعلم متى يحدث وكيف يكون ولكنه آتٍ لا محالة..
فكما تدين تدان..

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى