الدولة التي نريد

الدولة التي نريد
بقلم/ إشتياق الكناني
الحالة السودانية ان سمينها حالة منذ الأستقلال ظلت تتخبط بين حكومات عسكرية وحكومات تتدعي الديمقراطية وتتلبس ثوبها ,الا اننا لم نصل يومآ للدولة التي نريدها وتمثلنا بجميع اختلافاتنا الاثنية والعرقية والطائفية ,فما الذي يمنع ان نختار دولة مدنية تحكم بها دولة المواطنة ودولة القانون .
الدولة المدنية التي تأتي في تعريفها انها دولة التي تحمي جميع أعضاء المجتمع وتحافط عليهم بغض النظر عن اختلاف انتماءاتهم الدينية والقومية والفكرية , ان اتحاد وتعاون الافراد الذين يعيشون في مجتمع واحد هي طبيعة خالصة يمتاز بها الفرد السوداني علي امتداد محيط تواجده , من الذي يمنع ان يتمتع بها في وطنه ؟
النظام الذي يسير المجتمع وفق لنظم قانونية تطبق وفق قضاء عادل ومستغل يحمي الفرد او اي شخص فيها من التعرض لانتهاك اي حق من حقوقه من طرف آخر او شخص آخر وفق اساسيات ونظم قانونية تضعها سلطة الدولة التي تحمي تلك الحقوق ,اذن سلطة الدولة هي سلطة عليا يلجأ فيها الافراد للمطالبة بحقوقهم .
حتي يكون لك تلك الدولة يجب ان تدرك ان عدم مزج الدين بالسياسة ليس يعني بان الدولة المدنية ضد الدين وانما الدين عامل مهم فيها اذ يشكل الدين في بناء الطاقة للتقدم والأنجاز في اساسية العمل والعبادة في حياة الفرد ولكن لا يمكنك ان تستخدم الدين في الأهداف السياسيه.
تأسس الدولة المدنية بناء علي نظام قائم علي قبول الآخر والتسامح والسلام والمساواة في الواجبات والحقوق والديمقراطية نفسها تقوم علي عدم احتكار الدولة غصبآ من قبل فرد او عائلة او نخبة او طائفة وهذا ما جعل من الدولة السودانية تفشل فيما سبق اذ كان الآحتكار بند اساسي في كل الحكومات التي مضت .
منذ ثلاثين عامآ والهرم الذي تقوم به حياة الآنسان في السودان في إنهيار تام ,اذ يتكون مثلث الهرم المكون من الصحة والتعليم والعمل في فجوة شاسعة في الابتعاد عن القيام بمهامه الحقيقية ,ترتفع متطلبات وينهار دخل الفرد وتتسع الفجوة اكثر بغياب متطلبات حياته من بيئة صحية وتعليمية ,فالتعليم بناء الفكر والتفكير والصحة بقوام البدن ’ ولكن عندم انهارت الصحة والتعليم أصبح خيار توفرها من خلال القطاع الخاص او العلاج في الخارج ومع انهيار الجنية السوداني وعائد الفرد وحتي علي ميزانية الدولة التي كانت تصرفهم في التعليم والصحة ومدي التخبط والفشل الذريع والمريب الذي غرق فيه التعليم والصحة , لم تكن الحلول غير زيادة في الفشل الذريع والتخبط المريع مما نتج منه ردة حضارية وتراجع عمراني وتخلف إنساني فيكفينا من العشوائية والارتجال ما عنيناه ولازلنا منذ ثلاثين عامآ ان ينتهي وفق اسس المسؤولية وخدمة الأنسان و المجتمع .
تهيئة سبل توفير فرص العمل وتامين العيش الكريم مع توفر بيئة حريات حقيقية تتقبل الراي والراي الآخر وتوفر الأستقرار النفسي والأمني لجميع المواطنيين
ماذا يحتاج الأنسان السوداني من دولته المدنية او الديمقراطية ؟
يريد دولة تحميه واجهزة دولة تقوم بخدمته بمهنية وكفاءة وتسهر علي راحته وتقديم خدماته وتلبي طلباته ,لان هذه وظيفتها التي عينها المواطن من اجلها.
ونجد المواطنة في الاسلام في (سيرة ابن هشام ) حيث نصت علي ان اليهود امة والمسلمين امة وامة المسلمين المقصود بها (امة العقيدة)وامه اليهود هي (امة السياسة او المواطنة )بالتعبير الحديث اي شركاء في نظام سياسي واحد يخول لهم حقوق متساوية .
وقوله تعالي (من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الأرض فكانما قتل الناس جمبعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا )المائدة “32”بمني ان الانسان يمثل البشرية كلها ,فالاعتداء عليه اعتداء عليها جميعا ونفعه نفع لها جميعا .
وكذلك دولة المواطنة التي تقوم علي سيادة القانون كحل أمثل لسلام مستدام , ونشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الأنسان وترسيخ مبدأ المساواة التامة في المواطنة ,بما يعنيه ذلك من عدم التميز في الحقوق والواجبات ,وعدم التميز علي القومية او الجنس او الدين او المعتقد والمساواة بين الرجل والمراة في الحقوق والواجبات امام القانون باستثناء التمييز الأيجابي في صالح المراة بهدف التمكين الامثل للمراة .
بالاضافة علي التنمية الأقتصادية والثقافية والاجتماعية للبلد
مشكلة السودان الآن الحركات المسلحة التي لم تنضم لمسيرة الدولة المدنية وهي اهم التحديات التي تواجه حكومة حمدوك يجب التشبيك معها وادخالها من اجل نبذ العنف وبناء السلام الذي يحمي انهيار المنظومة المجتمعية التي تقوم بها أسس الدولة التي نريد .
يجب ان يتم الوفاق العام لجميع الاطراف حتي تتقدم الدولة وتبدأ في التنمية الآساسية في كل الاراضي السودانية ولعل تعثر المفاوضات بين الجبهة الثورية وحركة العدل والمساواة الذي يؤثر في سير الدولة السياسية اذ يعلم الجميع بان الصراع في الاساس هو صراع حول سلطة سياسية , اذن يجب التوافق معهم وخاصة ان الحكومة تدخل في تكونها السياسي بعد تكوين المجلس السيادي بين قوي مدنية وعسكرية ومجلس وزراء بدات الترشيحات هنا وهناك لتكوين المستوي التنفيذي للسلطة الذي يجب ان يضم الحركات الملسحة المنضمين تحت راية الجبهة الثورية التي تحفظت علي موقفها من الوثيقة السياسية وهم (تحرير السودان ,الحركة الشعبية ,العدل والمساواة ) نريد ممثلين لهم في المستوي التنفيذي في السلطة , علي ان يبقي المجلس التشريعي في دوره الرقابي الذي يضم ممثلين من قوي الحرية والتغيير .
حان الوقت لتوافق الجميع من اجل دولة السلام والمساواة دولة القانون لايجاد صيغة سياسية للوصول الي تفاهم مشترك وحقيقي حول مشكلات البلد ووقف صوت الحرب من خلال هيكلة النسق السياسي وبناء جاد للدولة ,الهدف منه خلق جو سياسي تسود فيه قيم ومبادئ المجتمع الديمقراطي , واخراج البلد من الجور الي فسحة العدل يجب ان يتم بمجموعة من التدابير والاجراءات بشكل جماعي وجعل هذا الانتفال , انتقالا سلسا يقوض آليات إعادة تجديد أنظمة الاستبداد وتمطيطها عبر الزمان والمكان .
نحن نحتاج حكومة ذات شفافية ومصارحة للشعب بما تقوم به او تعمل عليه ,فالنقد الذاتي (من داخل كل طرف)هو الضامن علي قيام الدولة بدورها ومع ادراك مكامن النقص والخلاف وغياب دور علي آخر وهكذا .
للتوافق السياسي آلية مهمة في ادارة المراحل الانتقالية تمهيدآ لاوضاع سياسية واجتماعية اكثر استقرارآ وتشكيل الحكومة واهمية الوفاق السياسي يوزن السلطة السياسية للحكومة اذ تأتي في تنوع شامل جميع الاطراف في بناء السلطة و السعي الي نسج علاقات سياسية تؤدي في محصلتها الي ادارة الدولة من خلال أكبر قدر من الأجماع السياسي والأجتماعي , ولاشك أن إغراءات السلطة وما يرتبط بها من المصالح والمنافع يدفع المكونات السياسية الساعية إلي تحصيل أكبر قدر من المكاسب من خلال إعادة بناء الدولة والتموقع من جديد في مفاصلها ,الي اعطاء مساحات أكبر للاعتبارات المصلحية والبراغماتية التي تخلق بيئة تنافسية تقلل من تأثير المعطي الايديولوجي في بناء الشراكة حول السلطة وتقاسم الأدوار السياسية .
التوافق وصفة نجاح سياسيا واقتصاديا واجتماعيا نتمني تكون خيار أهم في الدولة التي نريد .