الدكتور : مصطفى محمد محمد صالح يكتب : مفاهيم الانضباط في محاسبة الحكام
خواطر فكرية
بقلم الدكتور/ مصطفى محمد محمد صالح
مفاهيم الانضباط في محاسبة الحكام
تسعي الأمه الحيه، صاحبة الرسالة ، أثناء سيرها في معترك الحياه، الي السعي الجاد، والعمل الدؤوب المخلص ، من أجل تحقيق غاياتها ، ورسالتها في الوجود ، ولا يكون ذلك الا من خلال عقيده صحيحه تعتنقها ، ونظام و مفاهيم تضبط أعمالهاوتصرفاتها ، وتقوي مسارتها، وتمنعها من أي انحرف عن مبداءها . إذن ماهي الامه، وما المفاهيم الأساسية التي تضبط وتحكم بقاء الأمة حيه؟ وما الهدف من مفاهيم الانضباط؟ وما مفهوم محاسبه الحكام؟ وعلاقته بمفاهيم الانضباط في الأمة؟ اولا تعرف الامه : بأنها مجموعه من الناس تربطهم عقيده واحده. لذا نقول الامه الاسلاميه لانطباق مفهوم كلمة أمه لفظيا عليها . تمتلك الامه الاسلاميه عقيده عقلية صحيحه ، قائمة علي أساس لا اله الا الله محمد رسول الله ؛ أي لا معبود بحق إلا الله، وأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله، واجب الأتباع ، والتأسي به في كل ماجاء به من عند الله تعالى العليم، الحكيم الخبير بأمر الخلائق، وما يصلح شأنهم في الدنيا والآخرة. قال تعالى في محكم التنزيل ” الأ يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ” صدق الله العظيم. ثانيا مفاهيم الانضباط : هي مجموعه من الأفكار الاساسيه التى تحكم وتضبط البناء والاطار الفلسفي والفكري والسلوكي لأمه أثناء سيره في طريق النهضة حتي تظل أمه حيه متماسكة البنيان قويه الأركان ولعل من أبرزها وأهم محاسبه الحكام. ثالثا: مفهوم محاسبه الحكام: ويقصد به كل الأعمال التي يقوم بها احد ،أو مجموعه من الرعية في تقديم النصح والإرشاد وتبيان الحق للحكام في كل مستويات السلطه و المسؤولية عن أعمالهم التي يقومون بها عند رعايتهم لشؤون ومصالح الرعية .
وإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان حريصا كل الحرص، على تعليم وترسيخ قيمه محاسبه الحكام والولاه في الامه، وكان يسمع لشكوي الناس، ولايؤذي أحد من رعيته علي قول الحق ولو كانت الشكوى عليه، فعندما جلبت الغنائم الي المدينه، وكان من ضمنها اقمشه ، فقام بتوزيعها علي الناس بالتساوي، وفي أحد الأيام قام خطيبا في الناس، فقام رجل من الرعية وقال : يأمير المؤمنين لاسمع لك ولاطاعه؟ فسأله عمر : ولما ذاك قال الرجل: لأنك أخذت أكثر منا من القماش ، سكت عمر ثم قال : لأبنه عبدالله بأن يتحدث الي الناس، قال عبد الله: أن أبي وزع القماش بين الناس بالتساوي، وأخذ نصيبه مثلهم ، ولان جسمه كبير، ويحتاج الي نصيب أكبر من القماش، ونصيبه غير كافي ،لهذه فإني هديته نصيبي ، قال الرجل؛ لأن السمع والطاعة. طبعا مثل هذا الكلام لو قاله إنسان لأحد حكام هذا الزمان لاختفي من خارطه الوجود أو كما يقولون لذهب وراء الشمس . بهذا الموقف الرائع، يقدم عمر القائد الانموذج الصادق في كيفيه التعامل مع الرعية، وتطبيق مفهوم محاسبه الحكام، ويعلم الامه؛ علي أن الحكم لله وإن البشر سواء وان الأمر بالقسط والعدل بين الناس واجب فرضه الله،على الحاكم والمحكوم، وعلي القوي والضعيف . روي الترمذي عن قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : ياأيها الناس :إ نكم تقرؤون هذه الايه، وتتأولونها علي غير تأويلها “ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا أهتديتم ” وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “أن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا علي يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب “رواه أصحاب السنن. بل إن ترك باب التناصح سبب أسباب العذب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” والذي نفسي بيدها لتأمرن بالمعروف ،ولتنهون عن المنكر، او ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم “رواه أحمد .عليه فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب فرضه الله سبحانه وتعالى علي الامه ومن أبرز صورها محاسبه الحكام وتقديم النصح لهم. رابعا المتطلبات الاساسيه لمحاسبة الحكام : 1 /يجب التعامل مع موضوع محاسبه الحكام باعتباره واجب شرعي، وديني، من قبل الحاكم والمحكوم 2 / يجب العلم والمعرفة التامة بالموضوع محل المحاسبه. 3 / ضرورة مراعاة السياق الزمان والمكان عند تقديم موضوع المحاسبه. 4 / البعد التام عن الجوانب الشخصيه أي بمعنى عدم شخصنه الموضوع . 5 / يجب أن يتحلى الحاكم بالصبر وسعه الصدر في تعامله مع الرعية ،ولا يلجأ إلى أساليب البطش والتعذيب . 6 / يجب أن يكون القصد من هذا العمل ابتغاء مرضاة لله ولاشيء غير ذلك . نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يعز الإسلام والمسلمين ويرفع راية الدين،ويعود مبدأ الإسلام العظيم الي واقع الحياة في الدوله والمجتمع وفي كل شؤون الحياه.