مقالات

الدكتور مصطفى محمد محمد صالح يكتب: قوة الإيحاء

الدكتور مصطفى محمد محمد صالح يكتب:

قوة الإيحاء
خلق الله سبحانه وتعالى الحكيم الخبير الكون والإنسان والحياة، ووضع لكل شىء فى الوجود نواميس وقوانين ونظام معين، لتسير عليه وفق مراده ، ولايستطيع شىء فى الوجود أن يخرج عن إرادته ، وفى إطار هذا المعنى ذكر سيد قطب- رحمه الله تعالى: أن الوجود ليس متروكا لقوانين الآلية صماء عمياء، فهناك دائما وراء السنن الإرادة المدبرة ، وطلاقة قدرة الله. من درسها بعمق، وأجتهد فى اكتشاف أسرارها، وأخذ بها فإنها تعطيه ثمارها وتعينه أثناء سيره في معترك الحياه ، سواء كان مسلم أو غير مسلم..
قال تعالى في محكم التنزيل: في سوره الاسراء الايه ( 20) : ((كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وماكان عطاء ربك محظورا). صدق الله العظيم.
وفى هذا السياق يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله : إن الله سبحانه وتعالى له عطاء ان عطاء ربوبيه فى أنه رب العالمين وهو الذى خلقهم واستدعاهم للوجود ولذلك فإنه يعطى عطاء ربوبيه للمؤمن به والكافر وهذا فى الدنيا يد الله الممدة بالأسباب فى الأرض تعطى المسلم وغير المسلم فلكل من أخذ بالأسباب أعطته الأسباب.
أما عطاء الألوهية فهو لمن آمن بأن الله هو وأحد لاشريك له وهو يكون فى الآخرة حيث تنتهى دنيا الأسباب ويصبح كل شىء من المسبب مباشرة، ولعل من أهم وأبرز تلك النواميس استخدام منطق وقوة الايحاء.. عليه فإن الأسئلة المطروحة للبحث والفكر والدراسة هي : ما الايحاء؟ وما أنواعه؟ وما أهميتها ثناء سير الإنسان فى طريق النهضة ؟ . ثانيا:: قصة تحمل فى طياتها الفكرة : كان لسقراط جارا طبيبا، اعتراض للملك أن منح سقراط لقب الطبيب الأول فى المملكة، وكان يري نفسه أفضل منه بكثير، وأنه جدير بهذا اللقب ، قال للملك : أعمل لنا اختبار يسقينى السم وأسقيه، ومن يعالج نفسه يكون هو الشخص الذي يستحق لقب الطبيب الأول ، وافق الملك على إجراء هذا الاختبار، وأن يكون بعد أربعون يوما ، وشرع الطيب فورا في تحضير السم ، أما سقراط فقد جلب ثلاث رجال اشداء، وأمرهم أن يضربوا الماء بقوة خلال فترة الأربعين يوما، ليسمع جاره الطبيب ذلك، وفى اليوم المحدد للاختبار حضر الطبيب وسقراط ،فقام سقراط بشرب السم الذى أعده الطبيب، اصفر لون، و أصابه الحمى، وبعد ساعة أستطع أن يعالج نفسه ويصبح فى أمن وسلام، وقام الطبيب بشرب السم الذى أعده سقراط، وماهى إلا لحظات إلا قوع الطبيب صريعا، عندها قال سقراط للملك: لم اسقيه سم، بل ماء عذب زلازل، وقم بشربه، لقد قتل سقراط الطبيب بقوة الايحاء لقد اسمعه صوت الموت لمده أربعين يوما ،عند بابه وماكان يدق غير الماء ، والحقيقة ان سقراط قتل الطبيب بقوة الوهم . ثالثا: أهم الدروس المستفادة من القصة : من خلال هذا القصة نستنتج أهم الدلالات والمعاني الآتية : 1 /الايحاء فى اللغه العربيه : هى كيفيه معينه لتأثير النفسي فى تفكير الآخرين بأستخدام أساليب وأدوات مصطنعة تؤدى إلى تهويم . 2/ الايحاء الذاتى :
فكرة داخليه يكررها المرء ويرددها لإقناع نفسه، ويمكن أن يكون الايحاء الذاتى غير حقيقى ، مثال لذلك روى عن جحا انه قال: للأولاد الذين يضايقونه أن هناك وليمة كبيرة فى المكان الفلانى، فركض الأولاد إلى هناك، وعندما فكر بما قال وجد انه ربما يكون هناك فعلا وليمة فركض خلفهم، وكما يقولون : يكذب الكذبة ويصدقها. 3/ يعريف الايحاء بأنه: القدرة الذهنية على إستخدام أساليب متعددة – لغوية ملفوظة أو غير ملفوظة – لغه الجسد- وتوظيف ادوات تعبيرية للتأثير على أفكار وتصورات الآخرين من أجل تحقيق هدف معين. 4/ أنواع الايحاء : يقسم العلماء الايحاء إلى : أ ) إلايحاء ايجابى : تصور ذهنى يعزز المقدرات و العوامل الإيجابية الشخصية ، ويعمل على تنميتها وتطويرها ودفعها نحو التمييز، وقد يكون مصدرها داخليا أو خارجيا . ب) إلايحاء السلبى : تصور ذهنى يؤثر سلبا على المقدرات الشخصية ، ويؤدى إلى خلخلت وهدم الخصائص والسمات الجوهرية للشخصية فتقيد حركته، وتثبط همته عن تحقيق الأهداف والتمييز . 5 /يمكن استخدام الايحاء فى مختلف المجالات وعلى وجه الخصوص فى مجال التربية والتعليم و والدعوة، و الإعلام والترويج وتربية الأطفال.. وغيرها. رابعا الخلاصة : يعتبر الايحاء أحد أهم الوسائل الإدراكية المهمة ، والذى إذا تم فهمه واستيعابه بالصوره الصحيحة ، فإنه بلاشك سوف يحدث فرق كبير في تعاملنا مع الآخرين بصفة عامة، وفى مجال الدعوة لطرح أفكار مبدأ الإسلام العظيم على وجه الخصوص ، بل يمكن القول: بأنه سوف يحدث التغيير الإيجابي المطلوب أثناء السير فى طريق النهضة والارتقاء .
و فى الختام: إذا انتصرت بداخلك فلن يهزمك أحد ، واذا انهزمت بداخلك فلن ينصرك أحد . نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يعز الإسلام والمسلمين ويرفع راية الدين ويرحم علماء المسلمين المهمة والذى إذا تم فهمه واستيعابه بالصوره الصحيحه، فإنه بلاشك سوف يحدث فرق كبير في تعاملنا مع الآخرين بصفه عامه، وفى مجال الدعوة لطرح أفكار مبدأ الإسلام العظيم على وجه الخصوص ، بل يمكن القول: بأنه سوف يحدث التغيير الإيجابي المطلوب أثناء السير فى طريق النهضة والارتقاء. .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى