
الدعاء للمحاصرين في غزة والفاشر وكادقلي… واجب إيماني في زمن الشدة
الخرطوم| العهد أونلاين
في ظل المحن والابتلاءات التي تعصف بالأمة الإسلامية، يبرز الدعاء كأحد أعظم أسباب التثبيت والنصرة، ووسيلة فعّالة يتقرب بها العبد إلى الله جلّ وعلا، فيُظهر فقره وافتقاره، ويستنزل به الرحمة، ويطلب به الفرج والعافية والنصر.
ومن بين أكثر الأماكن حاجة للدعاء اليوم، تلك المناطق التي تعاني من الحصار والدمار والظلم المركّب، كمدينة غزة الصامدة في وجه الاحتلال، والفاشر وكادقلي المنكوبتين في السودان، حيث الحرب تفتك بالناس، والجوع ينهش أجساد الأطفال والضعفاء، في مشهد إنساني تقشعر له الأبدان وتبكي له القلوب.
الدعاء سلاح المؤمن
قال النبي ﷺ: “الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض” (رواه الحاكم). فحين تُغلق الأبواب في وجه البشر، يبقى باب الله مفتوحًا لا يُغلق، يسمع دعاء المضطر، ويستجيب لنداء المكلومين.
وفي مثل هذه الأزمات التي يعيشها إخواننا في غزة، والفاشر، وكادقلي، فإن الدعاء لهم لا يُعد ترفًا عاطفيًا، بل هو واجب شرعي وإنساني، يدل على صِدق الأخوة الإيمانية، فقد قال النبي ﷺ:
“مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” (متفق عليه).
فضل الدعاء بظهر الغيب
قال الله تعالى:
“وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ” [الحشر:10]،
وهذا يدل على أن الدعاء للمسلمين عامة، وخاصة المنكوبين منهم، هو من صفات المؤمنين.
وقد جاء في الحديث:
“ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل” (رواه مسلم).
فكيف إذا كان دعاؤك لأناس لا يملكون قوت يومهم؟ يُقتَّلون ويُشرَّدون بلا ذنب، يُحاصرون بلا دواء ولا ماء؟ أليسوا أولى الناس بالدعاء؟
دعاء لفك الحصار وكسر الظلم
إن الدعاء للمحاصرين في غزة، حيث القصف والمجازر، ولأهلنا في الفاشر وكادقلي، حيث النزوح والجوع وانهيار الخدمات، هو صرخة إيمانية في وجه العالم الصامت، ووسيلة نطلب بها من الله أن يرفع البلاء عنهم، وأن يُبدلهم من بعد الخوف أمنًا، ومن بعد الجوع شبعًا، ومن بعد القهر عزةً ونصرًا.
الدعاء لا يُستهان به
في الوقت الذي قد يرى البعض أن الدعاء بلا جدوى في ظل واقعٍ مليء بالسلاح والنار، يجب أن نتذكر أن الدعاء قد يغيّر الأقدار، ويكتب نصرًا غير متوقع، ويقلب الموازين بقوة الله، فهو عبادة لا تحتاج إلى مال أو سلاح، بل قلب صادق ولسان متضرع.
ختامًا
أهلنا في غزة، والفاشر، وكادقلي، لا يحتاجون فقط إلى دعم سياسي أو إغاثي، بل يحتاجون أيضًا إلى قلوب حية تلهج بالدعاء، وسواعد مرفوعة تستنصر لهم، وألسنة صادقة تلهج بالرجاء في ظلمة الحصار.
فليكن لنا ورد دعاء دائم، نسأل فيه الله أن يفرج الكرب، وينصر المستضعفين، ويكسر الظالمين، ويمد أهلنا بالصبر والثبات واليقين، وأن يُبدلهم من بعد العسر يسرا، ومن بعد الفقر غنى، ومن بعد الخوف أمناً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.