(التضخم) .. الإرتفاع عالمياً والانخفاض سودانياً
تقرير | سنهوري عيسى
واصل معدل التضخم انخفاضه للشهر السابع على التوالي، ليبلغ في شهر أكتوبر الماضي نحو (102%) كأدنى مستوي له في أكثر من عامين، بينما ظلت معدلات التضخم مرتفعة عالمياً، كما ظلت أسعار
السلع مرتفعة محليا رغم انخفاض ، مع استمرار في الركود بالاسواق وضعف قدرة المواطن علي شراء احتياجاته ، خاصة وأن الانخفاض المستمر لمعدل التضخم لم يؤثر علي اسعار السلع التى مازالت
مرتفعة في مستويات عالية تفوق قدرة المواطنين علي الشراء.
ويري خبراء اقتصاديون، أن انخفاض التضخم لايعني انخفاض الأسعار للمواطنين ، وارجعوا استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات رغم
انخفاض التضخم الي دخول الإقتصاد الوطني مرحلة الركود الاقتصادي والكساد الذي يخيم على الأسواق، وضعف الطلب على شراء السلع والخدمات وضعف قدرة المواطنين علي شراء احتياجاتهم.
ويري الخبراء أن الانخفاض المستمر في معدل التضخم ، انعكس ببطء علي وتيرة ارتفاع أسعار السلع والخدمات والتى مازالت مرتفعة مستويات عالية.
وتوقع الخبراء حدوث ارتفاع في معدل التضخم خلال شهري نوفمبر وديسمبر بعد تطبيق زيادة في أسعار المحروقات خلال الأسبوع الماضي والتى تؤثر علي قطاعات الإنتاج والنقل.
وكان الجهاز المركزي للإحصاء قد أعلن في بيان الأحد، عن تراجع التضخم السنوي في البلاد إلى ( 102.6% ) في أكتوبر الماضي مقارنة بنحو (107 %) في سبتمبر الماضي ، بينما لا يزال التضخم مؤلفا من ثلاث خانات، واسعار السلع مرتفعة للمستهلك.
التضخم مرتفعا عالميا ومنخفض سودانيا
ونوه محمد نور كركساوي الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية لقوي الحرية والتغيير( تيار الوسط)، الي أن التضخم مرتفع عالمياً بينما يواصل انخفاضه سودانيا، مشيرا إلي معدلات التضخم تشهد ارتفاعا كبيرا في كل دول العالم ، بينما تنخفض في السودان.
واضاف كركساوي: العالم تضخمه زايد ونحن تضخمنا ناقص، والسودان خاتنه جوة مجموعة ال low income يعني أثره الاقتصادي الإحصائي ذاته صفري داخل مجموعته ناهيك عن مستوى العالم.
وتسأل كركساوي.. كيف واصل معدل التضخم السنوي تراجعه خلال أكتوبر الماضي، للشهر السابع على التوالي، مسجلا أدنى مستوياته في أكثر من عامين ولا يزال التضخم مؤلفا من ثلاث خانات….؟
خلو التقرير من الانفاق الحكومي
وأشار كركساوي الي أن تقرير الجهاز المركزي للإحصاء حول معدل التضخم لم يذكر ، الإنفاق الحكومي كأداة لإعادة التوزان للاقتصاد بعد أي نكبة يتعرض ليها الاقتصاد من وباء، حرب، …..إلخ
واضاف: دولتنا تنفق دون حساب على الأمن والتزامات السلآم وغيره ، دون إيرادات تذكر غير بند الضرائب المباشرة وغير المباشرة مما يسبب عجزا فى الميزان الكلى فى ظل شح موارد العملات الصعبة وغياب
المنح والقروض، وفي هذه الحالة تلجأ الحكومة للاستدانة من النظام المصرفى وبالتالى ينعكس بمؤشرات سالبة على سعر الصرف ، وإرتفاع الأسعار ، ونسبة التضخم وزيادة معدلات البطالة.
اسباب انخفاض التضخم
ويري كركساوي، ان أسباب الانخفاض المستمر فى نسب التضخم تمكن في تقليص المواطن للانفاق العام على السلع والخدمات
الضرورية وغير الضرورية فمثلا تخفيض عدد الوجبات من ثلاث إلى إثنين وأحيانا واحدة خلال اليوم مع انخفاض فى نوعيتها ومكوناتها ، والعلاج اصبح بالمحاية، وبالتالى تحولت معظم طبقات المجتمع إلى فقراء
وذابت الطبقة الوسطى وارتفعت معدلات الفقر والفاقة.
واضاف: من أسباب الانخفاض ايضا هذه الأيام انتشار ظاهرة الكسر فى ظل الركود التضخمى وضغوط الدائنين، كما تعود الأسباب إلى الجهاز المركزى للإحصاء وكيفية اختياره لمكونات سلة السلع والخدمات.
خطأ قياس التضخم
وانتقد دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي ، الطريقة التي يتبعها الجهاز المركزي للإحصاء، في قياس معدل التضخم، ووصفوها بأنه لبست شاملة لكل أسعار السلع والخدمات بولايات السودان ، بجانب قدم
إحصائية مسح ميزان الأسرة من السلع والخدمات، حيث تبني تقارير جهاز الإحصاء المركزي علي آخر مسح أجري قبل (15) سنة لميزان
الأسرة، بينما تقر المعايير الدولية والاقتصادية اجراء مسح ميزان الأسرة كل خمس سنوات لتحديث ميزان الأسرة من السلع والخدمات لضمان استيعاب المتغيرات.
توقعات بارتفاع التضخم
وتوقع دكتور محمد الناير ، حدوث ارتفاع في معدل التضخم خلال شهري نوفمبر وديسمبر نتيجة لزيادة أسعار المحروقات خلال الأسبوع
الماضي، والتى ستؤثر سلباً على قطاعات الإنتاج والنقل وارتفاع تكاليف إنتاج السلع وتعرفة نقل البضائع مما يؤدي إلي زيادة الأسعار وزيادة معدل التضخم مجددا.
أسباب عدم انخفاض السلع
وعزا دكتور محمد الناير، عدم تأثير انخفاض التضخم علي أسعار السلع والخدمات وانخفاضها الي وصول الاقتصاد السوداني مرحلة الركود التضخمي، وضعف قدرة المواطنين علي شراء احتياجاتهم الأساسية، وضعف الطلب مقارنة بزيادة عرض السلع والخدمات والتى مازالت مرتفعة في مستويات عالية تفوق قدرة المواطنين علي الشراء.
بطء وتيرة ارتفاع الأسعار
وأكد دكتور محمد الناير، أن الانخفاض المستمر في معدل التضخم انعكس على بطء وتيرة ارتفاع أسعار السلع والخدمات ، حيث حدث
انخفاض في اسعار السلع والخدمات خاصة السيارات والعقارات وبعض السلع الأخرى ولكن بوتيرة بطيئة انخفاض طفيف في الأسعار.
انكماش الاقتصاد
وفي السياق ذاته يري د.هيثم محمد فتحي الخبير الاقتصادي، أن تفسير سبب انخفاض التضخم لايهم بشكل كبير، إلا أن ما يهم أكثر هو
أن هذا الانخفاض هو انعكاس لتفاقم التراجع في معدلات النمو الاقتصادي وبقاء الاقتصاد في حالة انكماش لفترة أطول، الأمر الذي سيرفع معدلات البطالة أكثر.
واضاف: في الدول التي تستهدف معدلات تضخم محددة يكون الهدف من ذلك هو لتجنب تكاليف التضخم المرتفعة عن هذا المستوى، وفي الوقت نفسه تجنب مصاعب الانكماش، بمعنى تسجيل معدلات تضخم سالبة.
تداعيات انخفاض التضخم
ونوه دكتور هيثم الي أنه عندما يكون التضخم منخفضًا ومستقرًا، ستتمتع الشركات بثقة أكبر وستكون أكثر عرضة للاستثمار، مما يؤدي إلى زيادة القدرة الإنتاجية وتمكين معدلات أعلى من النمو الاقتصادي في المستقبل.
واضاف: أن ما يحدث أن الأسعار تعتبر مرتفعة بالأساس إلى جانب ضغط على الهوامش الاحتكارية عند التجار الذين يحاولون عدم رفع الأسعار
لضمان السيولة والحركة التجارية، ولذلك لابد من رفع الدخل للعاملين من خلال الاستثمارات وتسهيلات أكبر،
لان نسبة البطالة ترتفع وتكاليف الإعاشة أيضا مرتفعة.
اقتصاد منهك
ويري هيثم محمد فتحي، أن الاقتصاد السوداني منهك جراء العديد من الأسباب .
واضاف: لابد من دفع العجلة الاقتصادية اعتماداً على الإنتاج بالدرجة
الأولى والذي هو كفيل بامتصاص حالة التضخم القائمة، وزيادة الإنتاج تعني زيادة الاستثمار وزيادة كتلة الرواتب.
ونوه دكتور هيثم محمد فتحي الي أنه في فترة من الفترات قاربت معدلات التضخم ارقام قياسية والبطالة وصلت إلي (30%) لكن الأمور
عادت مرة أخرى بحسب ما تحدثت به الجهات الرسمية، ولكن ومع ذلك فإن معدلات التضخم الصحية هي( 2 أو 3 % ) وهي المعدلات المطلوبة من أجل تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية.
السودان أعلي ارتفاع في التضخم
واكد دكتور هيثم محمد فتحي، ان السودان ما زال في المراكز الأولى في تصنيف دول العالم من حيث معدلات التضخم الأعلى، وهذا كله يدفع للقول أن الأوضاع في السودان مقلقه نسبة إلى مستويات المعيشة المكلفة جدا.
توقعات بارتفاع الأسعار
ومضى دكتور هيثم الي القول أن الاقتصاد السوداني غير قادر على إنتاج ما يكفي الحاجة، ويعاني من خلل في الإنتاج وعدم نمو في قطاعات اقتصادية، بجانب انعدام موارد الدولة وزيادة نفقاتها دفعتها إلى
طباعة النقود ورفع الدعم، كما رفعت تكاليف الإنتاج وبذلك سيساهم في ارتفاع الأسعار، كما حصل في المحروقات وزيادة الضرائب على المواطنين. وعليه ستشهد السوق المحلية حالة من استمرار ارتفاع الأسعار.
الخروج من الأزمة
وأكد دكتور هيثم محمد فتح، أن الخروج من هذه الأزمة هو أمر سياسي واقتصادي ، وليس اقتصادي بحت، أي إن الواقع في البلاد لن يتغير إذا ما حدث استقرار سياسي لاستبدال المنهجية الحالية.
انخفاض معدل ارتفاع الأسعار
وفي السياق ذاته تري وفاق صلاح مبروك سيدة الأعمال والأمين العام لاتحاد الغرف التجارية السابق، أن انخفاض التضخم لن يعني أن السلع ستنخفض أسعارها، ولكن أن معدل ارتفاع الأسعار سيقل عن مثيله في الشهر الذي سبقه، لكنها (الأسعار) ستواصل الارتفاع.
وذكرت وفاق، أن معدل التضخم يقيس المستوى العام للأسعار وليس سلعة بعينها، لذا فقد ترتفع أسعار سلعة معينة بنسبة كبيرة، بينما يكون معدل التضخم أقل كثيرًا، ولذا فقد يكون المستوى العام للأسعار ارتفع بنسبة طفيفة غير أن سلعة بعينها مؤثرة ترتفع بنسبة كبيرة بما يؤثر على نظرة المستهلكين لحقيقة تحسن معدلات التضخم.
تأثير الدوائر
ونوهت وفاق صلاح الي أن هناك نظرية في الاقتصاد تعرف بتأثير الدوائر، ويتم تشبيه الأمر بإلقاء حجر في مياه راكدة لتليه موجات متعاقبة تتسع تدريجيًا، ويكون المركز نقطة إلقاء الحجر.
واضافت : الأمر ذاته ينطبق على التضخم فقد يلقى حجر بانخفاض التضخم، غير أن آثاره لا تظهر على الأسواق بشكل مباشر وربما لأشهر، ويتضح هذا الأمر بصورة أكبر إذا كان الانخفاض في التضخم
راجعا لتراجع أسعار المواد الأولية والمواد الوسيطة المستخدمة في الانتاج، فالمنتجون للسلع النهائية لا يحسبون تكلفة السلع وفقًا
لأسعارها الجديدة (المنخفضة) حتى ينتهوا من استهلاك ما لديهم من مخزون اشتروه بأسعار مرتفعة نسبيًا، بما يؤخر وصول تراجع التضخم للمستهلكين.
وأكدت وفاق صلاح، أن انخفاض معدلات التضخم لا يعني بالضرورة أن تتراجع أسعار السلع التي تشتريها، ليبقى السؤال دائمًا حول معدلات النمو وتناسبها مع معدلات التضخم (الصحية) من عدمه.
انخفاض التضخم لا يعني انخفاض الأسعار
وفي السياق ذاته يري سليمان هاشم الخبير المصرفي، أن انخفاض التضخم لايعني انخفاض الاسعار ، بل تراجع معدل الزيادة عن الفترات السابقة.
واضاف سليمان هاشم: تراجع الزيادة في معدل التضخم التضخم اسبابها تكمن في تراجع الطلب لعدم القدرة علي الشراء لمعظم المواطنين (افراد الشعب السوداني).