الأخبارالرياضة العالميةالرياضية

التسلل والهدف الذهبي والفار.. كيف تطورت كرة القدم خلال 100 عام؟

التسلل والهدف الذهبي والفار.. كيف تطورت كرة القدم خلال 100 عام؟

عندما سجل المهاجم الألماني “أوليفر بيرهوف” الهدف الثاني لمنتخب بلاده في الدور النهائي لكأس أمم أوروبا 1996 أمام منتخب التشيك، لم يكن يتوقع مهاجم ميلان الإيطالي في ذلك الوقت أن هدفه سيدخله تاريخ كرة القدم، ليس بوصفه أول لاعب بديل يسجل ثنائية في نهائي المسابقة، وإنما لأنه أول لاعب في العالم يسجل “الهدف الذهبي” في مسابقة رسمية كبرى بعد اعتماد الاتحاد الدولي لكرة القدم تلك القاعدة رسميا في مباريات خروج المغلوب بمختلف المسابقات المنضوية تحت فيفا آنذاك.

كانت قاعدة “الهدف الذهبي” من القوانين الكثيرة التي أدخلها مجلس الاتحاد الدولي لكرة القد، على اللعبة، والتي جرى العمل ببعضها بشكل نهائي، في حين تم التوقف عن اعتماد بعض القوانين وإلغائها بعد سنوات من إقرارها.

ومنذ نشأتها، في شكلها الحديث أوائل القرن الـ20، وعقب تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في العام 1904، شهدت كرة القدم الكثير من التغييرات في قوانين اللعب على غرار التسلل أو ضربة الجزاء أو عدد التغييرات لكل فريق أو المخالفات التي تستوجب ضربات الجزاء والأخطاء التي تنجر عن ارتكابها الورقة الحمراء وغيرها من القواعد المنظمة للعبة الشعبية الأولى.

التسلل

قبل عام 1863 كانت لعبة كرة القدم تلعب دون نظام أو قانون، وكانت المباراة تدوم ساعتين أو 3 ساعات، في حين كان بعض اللاعبين يأخذون قسطا من الراحة، بل هناك من يدخن سيجارة عندما تكون الكرة بعيدة عنه بحسب ما رود في كتاب “كرة القدم بين الشمس والظل” للكاتب الأوروغواياني “أدريانو غالياني”، كما كانت تشبه لعبة الرغبي ويسمح فيها لكل اللاعبين باللعب بالقدم واليد، قبل أن يجري تحديدها بقواعد خاصة ساهمت في أن تصبح اللعبة الشعبية الأولى في العالم.

وإذا كان قانون الإعلان عن ضربة جزاء والعمل بتلك القاعدة يعود إلى العام 1890، في إحدى المباريات في إنجلترا، فإن قانون التسلل يعد من القوانين التي بدأت بها كرة القدم، بل إن مصادر عدة كشفت أنه جرى اعتماده في عام 1848 ولكنه شهد تطورا بدوره، وأضيفت إليه بعض الدعائم التكنولوجية باعتبار أن عديد حالات التسلل أحدثت جدلا واسعا وأثبتت الصور التلفزيونية فيما بعد أن عددا من الأهداف الحاسمة ألغيت دون وجه حق وحرم أصحابها من إحراز ألقاب مستحقة والعكس صحيح.

والتسلل هو أحد المواد الهامة في قانون كرة القدم وخصصت له المادة رقم 11، وينص على احتساب تسلل على اللاعب إذا تلقى الكرة من زميله في الفريق، وكان في لحظة تمرير الكرة إليه أقرب إلى خط المرمى من الكرة وثاني مدافع من الفريق المنافس (علما أن حارس المرمى يعد أحد المدافعين إذا كان ضمن الاثنين)، لكن التسلل لا يتم احتسابه إذ تلقى المهاجم الكرة من لاعب الفريق المنافس أو من ركلة ركنية أو رمية تماس أو ضربة مرمى.

وتكشف مختلف الأبحاث والمؤلفات التي تناولت تاريخ الكرة أن التسلل كان قانونا معقدا في البداية، وفشل الكثير من اللاعبين تماما مثل الحكام في التعامل معه، لكنه أصبح فيما بعد أحد أهم القوانين التي تنظم اللعبة.

صورة التسلل لليفربول
ظهر قانون التسلل منذ نشأة كرة القدم لكنه شهد تغييرات مستمرة بهدف التقليص من الأخطاء (مواقع التواصل الاجتماعي)

وأقر الفيفا عدة إجراءات لمساعدة الحكام على دقة قرارات الإعلان عن التسلل ومن بينها تقنية التكنولوجيا شبه الآلية التي تساعد على التحديد بدقة لحظة تمرير الكرة إلى الأمام، ورسم خطوط تظهر موقع اللاعب المتقدم الذي يستلم الكرة، لتوضيح ما إذا كانت هناك حالة تسلل أم لا.

وتلغي التقنية الجديدة التي أعدها الفيفا لاستخدامها في مونديال قطر 2022 مسؤولية حكم الفيديو المساعد عن صناعة الخطوط فيما يتعلق بتقييم الحالات الخاصة بالتسلل، إذ يظهر النظام الجديد خطوطا ويصدر صوتا تحذيريا إذا ما كانت اللقطة تشير لوضع التسلل.

الهدف الذهبي والهدف الفضي

بدأ العمل بقاعدة الهدف الذهبي لأول مرة بشكل تجريبي في مباراة أوروغواي وأستراليا في ربع نهائي كأس العالم للشباب 1993، لكن اعتمادها رسميا كان في عام 1996، بعد أن تم الاتفاق بين “فيفا” والاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” على تطبيق القاعدة الجديدة في كأس الأمم الأوروبية التي أقيمت آنذاك في إنجلترا.

وأهدت قاعدة الهدف الذهبي ألمانيا لقب أمم أوروبا في النهائي أمام التشيك، حيث كان أوليفر بيرهوف أول لاعب يسجل هدفا ذهبيا منذ اعتماده، وذلك بعد 5 دقائق من انطلاق الشوط الإضافي الأول.

وفي بطولة أمم أوروبا 2000 كرر مهاجم منتخب فرنسا ديفيد تريزيغيه الإنجاز ذاته عندما سجل بدوره هدفا ذهبيا في المباراة النهائية في شباك إيطاليا، وقبله، في مونديال فرنسا 1998، سجل زميله لوران بلان هدفا في شباك الباراغواي في الدور الثاني.

Football - International Freindly , France v Algeria , Stade de France , 6/10/01
ديفيد تريزيغيه أهدى فرنسا لقب بطولة أوروبا للأمم 2000 بفضل الهدف الذهبي في المباراة النهائية أمام إيطاليا

وتواصل الاعتماد على الهدف الذهبي الذي سمي أيضا الهدف القاتل أو “هدف الموت المفاجئ حتى سنة 2004، ففي مارس/ آذار من ذلك العام أقر الاتحاد الدولي، في ضوء انتقادات شديدة، بعدم نزاهة تلك القاعدة التي ظلمت عديد المنتخبات والأندية وحرمتها من فرصة العودة في المباراة، وقرر إلغاء قاعدة الهدف الذهبي نهائيا.

لكن الاتحاد الأوروبي تبنى بمفرده قاعدة جديدة وهي الهدف الفضي، أي أن المباراة تتواصل حتى في حال تسجيل أحد الفريقين هدفا في الأشواط الإضافية ولكن لشوط واحد، أي أنه في حال سجل الفريق هدفا في الشوط الإضافي الأول يتم استكمال المباراة حتى نهاية ذلك الشوط، قبل أن يتم إلغاء تلك القاعدة أيضا بعد سنة واحدة.

“الفار”.. هل أنهى جدل أخطاء التحكيم؟

وتواصلت مساعي الاتحاد الدولي لكرة القدم لتطوير اللعبة من خلال إقرار عديد القوانين والإجراءات الجديدة من بينها مثلا العقوبات، حيث تم منح الحكام المساعدين صلاحيات أوسع في اتخاذ القرارات بعد أن كان دورهم يقتصر على حالات التسلل والركنية والتماس، كما أصبح التعامل مع حالات التدخل من الخلف على الخصم يساوي الورقة الحمراء في وجه اللاعب المذنب.

وفي 1958، خلال نسخة مونديال السويد، تم إقرار تعويض لاعب واحد خلال المباراة، وفي مونديال 1976 سمح لكل فريق بتغييرين مع إمكانية تغيير حارس المرمى عند الإصابة قبل السماح بـ3 تغييرات باعتبار الحارس، وفي 2020 أصبح بإمكان كل فريق إجراء 5 تغييرات وذلك بسبب تأثيرات فيروس كورونا.

أما الأوراق الحمراء والصفراء في كرة القدم فلم تكن تستعمل، بل كان الحكم يخاطب اللاعبين شفويا بكلمة إنذار أو طرد، ونتيجة لاختلاف اللغة وعدم فهم اللاعبين لكلام الحكام تم الاعتماد في العام 1968 في الألعاب الأولمبية تحديدا لأول مرة على الورقات الصفراء والحمراء وإشهارها للمرة الأولى، قبل أن يتبناها الاتحاد الدولي وكل الاتحادات الكروية في العالم.

وفي عام 1992 أدخل الاتحاد الدولي تعديلا على التمريرة الخلفية بحيث لم يعد يسمح لحارس المرمى أن يلمس الكرة بيده عند تلقيها من زميله، وكان ذلك القرار نتيجة لما شهدته كأس العالم 1990 من إضاعة للوقت ومن لعب ممل وسلبي.

وتزامن اعتماد القاعدة الجديدة مع ارتباك بعض حراس المرمى، ففي عام 2001، كانت لقطة الهدف الذي سجله بايرن ميونخ في شباك هامبورغ من ركلة حرة غير مباشرة، إثر مسك الحارس للكرة بيده في آخر دقيقة من المباراة، حاسمة في فوز البايرن بلقب الدوري آنذاك.

وفي 2016، أقر الاتحاد الدولي تقنية حكم الفيديو المساعد، أو حكم غرفة “الفار”، وهو حكم يتولى مراقبة اللقطات الغامضة في بعض الحالات دون غيرها، مثل الأهداف وركلات الجزاء والبطاقات الحمراء المباشرة وأخطاء تحديد هوية اللاعب المعاقب، ثم تقع الإشارة إلى الحكم للعودة إلى غرفة “الفار” والتثبت من اللقطة، وطبقت رسميا لأول مرة في بطولات كأس العالم بمونديال روسيا 2018.

وتسمح التقنية الجديدة للحكم بإيقاف المباراة والتوجه لمراجعة الحالة من خلال شاشة “الفار” للتثبت من اللقطة على شاشة مخصصة للغرض وموجودة قرب خط التماس، قبل أن يعلن عن قراره النهائي إما بتأكيد القرار المعلن عنه في البداية أو بالإعلان عن قرار مخالف.

Champions League - Group G - FC Copenhagen v Manchester City
تقنية حكم الفيديو (الفار) أثارت الكثير من الجدل في الأوساط الكروية منذ البدء في اعتمادها رسميا في 2018 (رويترز)

ويمكن للحكم عدم التوجه للشاشة والاكتفاء بالتخاطب عبر السماعة مع حكام غرفة الفيديو لربح الوقت وتفادي الإيقافات المتكررة للمباراة إذا اقتنع برأي حكم الفار.

يشار إلى أن تقنية حكم الفيديو المساعد أثارت جدلا واسعا بعد سنوات قليلة من اعتمادها بين مؤيد لجدواها ومعارض لاستخدامها، بدعوى أنها لم تنه أخطاء التحكيم الفادحة في كرة القدم وقتلت متعة اللعبة بكثرة التوقفات.

وفي 2021، أقر فيفا 11 تعديلا جديدا في قانون كرة القدم، لبدء تطبيقها في جميع المسابقات، من بينها الأخذ في الاعتبار أن الكتف ليس جزءا من الذراع عند احتساب مخالفات لمسة اليد، فضلا عن مراجعة قواعد أخرى تتعلق بالعقوبات المستوجبة على اللاعبين والسماح لهم بالخروج من أي مكان من الملعب عند تغييرهم لتفادي إضاعة الوقت، وغيرها من القوانين الجديدة التي كانت تهدف أساسا لتطوير اللعبة وزيادة شعبيتها وجعلها أكثر متعة ومواكبة للتطور الذي يشهده العالم في مختلف الأصعدة.

المصدر : الجزيرة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى