الأمم المتحدة تطلق أضخم نداء إنساني بـ51.5 مليار دولار
أطلقت الأمم المتحدة، الخميس، نداءً لا سابق له لجمع 51.5 مليار دولار من الجهات الدولية المانحة بهدف التعامل مع المستويات المتصاعدة من البؤس في العديد من بلدان العالم، ومنها عربياً كل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسوريا، والصومال، والسودان واليمن، بالإضافة إلى النداءات الإنسانية العاجلة لبلدان أخرى مثل لبنان. وتفاقمت الأزمات الإنسانية عبر العالم جزئياً بسبب غزو روسيا لأوكرانيا. واقترن ذلك مع الاضطراب في شحنات الأغذية والأسمدة الناجم أيضاً عن الكوارث المرتبطة بالمناخ، بالتزامن مع خطر يلوح في الأفق بحدوث ركود اقتصادي عالمي؛ مما قد يوصل إلى التحذير الوارد في نداء الأمم المتحدة من «أكبر أزمة غذاء عالمية في التاريخ الحديث».
وأعلنت الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة من كل من نيويورك وجنيف وعدد آخر من العواصم، أن عام 2023 سيشهد رقماً قياسياً آخر لمتطلبات الإغاثة الإنسانية؛ إذ يحتاج 339 مليون شخص (أكثر من عدد سكان الولايات المتحدة) إلى المساعدة في 69 دولة، بزيادة قدرها 65 مليون شخص مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وتبلغ التكلفة التقديرية للاستجابة الإنسانية خلال العام المقبل 51.5 مليار دولار أميركي، بزيادة قدرها 25 في المائة مقارنة ببداية عام 2022.
ووصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارتن غريفيث، العدد بأنه «هائل، وهو عدد محبط»، مؤكداً أن الحاجات العالمية تفوق قدرة وكالات الإغاثة على تلبيتها. وأوضح، أن أوكرانيا تتصدر قائمة حاجات التمويل لدولة واحدة حتى عام 2023.
وأوضح آسفاً، أن الاحتياجات الإنسانية التي بلغت «ذروة» في أعقاب جائحة «كوفيد – 19» لم تتضاءل منذ ذلك الحين. وقال، إن «الجفاف والفيضانات القاتلة تسببت في دمار (…) من باكستان إلى القرن الأفريقي، والحرب في أوكرانيا حولت جزءاً من أوروبا إلى ساحة معركة». وأضاف، أن «أكثر من مائة مليون شخص نزحوا في العالم»، مشيراً إلى أن كل هذا «يضاف إلى الدمار الذي ألحقه الوباء بالأكثر فقراً في العالم».
وقدمت وكالات الأمم المتحدة مساعدات لأكثر من 13 مليون شخص في أوكرانيا هذا العام وتسعى للحصول على 5.7 مليار دولار في 2023 لمواصلة تدفق المساعدات إلى داخل البلاد ونحو خمسة ملايين لاجئ أوكراني فرّوا من الحرب إلى دول أخرى في أوروبا للتعامل مع الأزمة الإنسانية التي سبّبتها الحرب. وأعلنت الأمم المتحدة، أنها قدمت أكبر برنامج مساعدات نقدية على الإطلاق، حيث قدمت 1.7 مليار دولار لما مجموعه أكثر من ستة ملايين شخص، بزيادة 11 ألف شخص عن العام السابق.
وكذلك، قال غريفيث، إن «الحاجات الإنسانية كبيرة بشكل صادم، وستمتد أحداث هذا العام الشديدة إلى 2023»، مضيفاً، أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن 222 مليون شخص على الأقل في 53 دولة سيواجهون نقصاً حاداً في الغذاء بحلول نهاية هذا العام. وكشف غريفيث، عن أن خمس دول تكافح المجاعة بالفعل، ويواجه 45 مليون شخص في 37 دولة خطر المجاعة. ولفت إلى أن «الجفاف والفيضانات القاتلة تنهك المجتمعات من باكستان إلى القرن الأفريقي». وأكد، أن «الحرب في أوكرانيا حولت جزءاً من أوروبا ساحة معركة». وكشف، عن أن «أكثر من مائة مليون شخص صاروا مشرّدين في كل أنحاء العالم»، منبهاً إلى أن «كل هذا علاوة على الأثر المدمر الذي خلفه وباء (كوفيد – 19) على أفقر دول العالم». واعتبر، أن «هذا النداء يعدّ شريان حياة للأشخاص الذين على حافة الهاوية. أما بالنسبة إلى المجتمع الدولي، فهو استراتيجية للوفاء بتعهد عدم ترك أي شخص خلف الركب».
وعكس غريفيث القلق الذي يساور وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية بسبب الفجوة المتسعة بين الحاجات الإنسانية والتمويل المتاح، ملاحظاً أنه في السنوات السابقة، جمعت الأمم المتحدة عادة نحو 60 إلى 65 في المائة من التمويل الذي تطلبه. وفي عام 2022، انخفض إلى أقل من النصف. وكانت الأمم المتحدة قد وجهت نداءً من أجل 41 مليار دولار للإغاثة الإنسانية في بداية العام، ولكن بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، رفعت نداءها إلى 51 مليار دولار وتلقت 24 مليار دولار.
وترسم اللمحة العامة عن العمل الإنساني العالمي لعام 2023، التي أطلقتها الأمم المتحدة «صورة صارخة لما ينتظرنا»، بحسب غريفيث، الذي أكد أن الصحة العامة «تتعرض لضغوط بسبب فيروس كورونا وجدري القرود والأمراض المنقولة وتفشي الإيبولا والكوليرا».
وقام العاملون في المجال الإنساني بمفاوضات مكثفة للوصول إلى المجتمعات المحتاجة، كان آخرها في العاصمة الهايتية، بورت أو برنس، لتوصيل المياه وحصص الطعام، إلى جانب تجديد مبادرة حبوب البحر الأسود، لضمان استمرار تدفق السلع الغذائية من أوكرانيا إلى الأسواق العالمية.
ويشمل التقرير لمحة عن العمل الإنساني وخطط الاستجابة الإنسانية الخاصة لكل من: أفغانستان، وبوركينا فاسو، وبوروندي، والكاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وكولومبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والسلفادور، وإثيوبيا، وغواتيمالا، وهايتي، وهندوراس، ومالي، وموزمبيق، وميانمار، والنيجر، ونيجيريا، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والصومال، وجنوب السودان، والسودان، وسوريا، وأوكرانيا، وفنزويلا واليمن. ويتضمن نداءات إنسانية عاجلة وخططاً أخرى لكل من: كينيا، ولبنان، ومدغشقر وباكستان.
كما أضافت الخطط الإقليمية المشتركة بين الوكالات في بلدان المجاورة للأزمات في أفغانستان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والقرن الأفريقي، واليمن والروهينجا (في ميانمار) ، وجنوب السودان، وسوريا، وأوكرانيا وفنزويلا.